دراسات اجتماعية وثقافية

د.عامر حسن فياض: الارهاب والتحول الديمقراطي – " محاورات من اجل منع انتشار الارهاب ومكافحته "

مقــــدمة

ان منع انتشار الارهاب ومكافحته تحتاج الى فهم . وهذا الفهم يستكمل بتشخيص وتفكيك ومعالجة . اي بتشخيص الارهاب بوصفه آفة ، ثم التفكيك للارهاب ليتوزع ما بين منع انتشار الارهاب من جهة ومكافحته من جهة اخرى . اما المعالجة فتتم بتدابير ثلاثية الابعاد (تدابير وطنية واقليمية ودولية ).

ان هذا الفهم يقتضي محاورة او ربما محاورات تحتضن اسئلة معصومة واجوبة غير معصومة . اسئلة معصومة لانها موضع اتفاق لا اجتهاد يسمح بعدم طرحها مثل :

ما الارهاب ؟ وما هي اسبابه ودوافعه ؟ وما هي نتائجه ؟ وكيف يتم التعامل مع المتاجرين به وبممارسته والمحرضين عليه والحاضنين له والساكتين عنه ؟ وما هي التدابير الوطنية والاقليمية والدولية لمنع انتشار الارهاب ومكافحته ؟

تلك الاسئلة المعصومة ، تحتاج الى اجوبة غير معصومة ، كما قلنا ، انها اجوبة غير معصومة لانها اجوبة نختلف عليها ، وهناك اجتهادات تسمح بالاجابه على بعضها او جميعها من عدمها . وفي كل الاحول فأن الاجابات ينبغي ان تتضمن فهم لما يأتي ( تفاهة الارهاب – تدابير منع انتشار الارهاب – عمليات مكافحة الارهاب – تهجير الارهاب – ترويض الارهاب – مغازلة الارهاب – معاقبة الارهاب – النظافة من الارهاب )

ان عناوين المحاورات التسعة في هذه الورقة حتى لو كانت بعيدة من حيث الشكل عن العنوان الرئيسي (الارهاب والتحول الديمقراطي) فأنها ستكون ذات مضامين تتصل بالارهاب واشياء ليست اخرى .. من حيث اربع محاورات تتصل بالبعد الاقليمي والدولي لمنع انتشار الارهاب ومكافحته وخمس محاورات تتصل بالبعد المحلي لمنع انتشار الارهاب ومكافحته .

المحاورة الاولى : الدولة وما قبل الدولة

منذ عالمنا القديم وصولا الى عالمنا المعاصر وما بينهما توقفت المسببات الرئيسية للصراعات الدموية عند السبب الطبقي (الصراعات الطبقية) والسبب القومي (التعارضات القومية)والسبب الديني (الحروب الدينية والمذهبية) . وتلك المسببات لم تنتهي بعد ، بيد انها تحضر بدون قصد احيانا ، وتستحضر ، بقصد اكثر الاحيان ، في عراق اليوم لا لتكون سببا او اسبابا حقيقية للتعارضات والازمات والصراعات بقدر ما تكون غطاءاً او تعمية لحقيقة ما يحصل في هذه البلاد .. فالذي يحصل حقيقة في بلادنا هو صراع ما بين مشروع الدولة ومشروع ما قبل الدولة.

والمعلوم للعقلاء فقط ان دعاة مشروع الدولة موزعين ما بين رموز وشخصيات وقوى داخلة في العملية السياسية وخارجها . اما مشروع دعاة ما قبل الدولة فأنهم موزعين ايضا ما بين رموز وشخصيات وقوى داخلة في العملية السياسية وخارجها.

وعلى هذا الاساس فأن ما يحصل لابد وان يفهم على انه صراع ما بين مشروع عراق الدولة من جهة ومشروع عراق ما قبل الدولة من جهة اخرى . اما ما ينبغي فعله بعد هذا الفهم فأنه يتمثل بضرورة التلاقي ما بين اطراف مشروع العراق الدولة . تلك الاطراف المبعثرة والمتبعثرة داخل وخارج العملية السياسية . اما اطراف مشروع عراق ما قبل الدولة فأن اطرافه متماسكة .وخطابه موحد بغض النظر عن مواقع هذه الاطراف سواء كانوا داخل العملية السياسية او خارجها هذا التماسك وذاك التوحد مغذى تغذية دسمة ومستدامة من الخارج المتمثل بالمخطط العالمي لتخريب الدولة الوطنية في المنطقة العربية . والاخير كان مشروعا وما يزال يشتغل في العراق واشتغل في سوريا وما يزال واشتغل في مصر وما يزال عبر اطرافه المتمثلة بـ :

–       النفعية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية . تلك النفعية التي اخذت تميز بشكل مضحك ما بين ارهاب مقبول وارهاب غير مقبول لينتهي هذا التميز الى الرغبة في تحقيق الهدف المتمثل بتخريب الدولة الوطنية و جيوشها في المنطقة .

–       التوسعية الصهيونية التي تمثلها اسرائيل المستفيد الاول والاخير من خراب الدول الوطنية وجيوشها في المنطقة .

–       التنظيم الدولي الارهابي التكفيري المتمثل سياسيا بالاخوان المسلمين وفكريا بالحركة الوهابية وعسكريا بتنظيم القاعدة ومشتقاتها .

هذا المشروع العالمي يريد للمنطقة ان تخلو من الدول الوطنية وتعج بولايات الشر التافهة المسيرة برجال العصور المظلمة و المحكومة بسياسات تستدعي عالما قديما ربيعه الارهاب وصيفه العفونة وخريفه الجهل وشتائه القذارة .

بأختصار شديد ان الاطروحة التي تحكم الصراع في العراق اليوم هي اطروحة صراع الدولة وما قبل الدولة ، والسجال بينهما سيظل قائما على مستوى العقل وعلى مستوى الفعل ايضا ً .

المحاورة الثانية : انها مبادرة لمغازلة الوحوش !

تعاني بلدان المنطقة العربية ومنها العراق من ظروف تؤدي الى انتشار الارهاب والاتجار بمحاربته . فهل ان منع انتشار الارهاب ومكافحته يحتاج الى مبادرة ام الى معاقبة ؟

لا جدال في ان الارهاب يعد من اشد الاخطار التي تهدد السلام والامن الوطني والاقليمي والدولي . وعليه وفي 8 ايلول عام 2006 اتخذت الجمعية العامة للامم المتحدة القرار رقم (60/288) بعنوان (استراتيجية الامم المتحدة العالمية لمكافحة الارهاب ) جاء فيه ما يفيد عدم التسليم لاية ذريعة او تبرير لاعمال الارهاب عندما يقول ” الصراعات الطويلة الامد التي لم تحل بعد ، وتجريد ضحايا الارهاب من انسانيتهم والتمييز على اساس الانتماء الديني والقومي . والاستبعاد السياسي والتهميش الاجتماعي والاقتصادي والافتقار الى الحكم الرشيد ، ولكن علينا التسليم بأنه لايمكن ان تشكل اي من هذه الظروف ذريعة او تبريراً لاعمال الارهاب “.

واذا كان من المهم الانتباه الى حقيقة عدم ايجاد العذر لكل من يمارس الاعمال الارهابية فأن من الاهم الالتفات الى اتخاذ التدابير الوطنية والاقليمية والدولية التي تمنع انتشار الارهاب وابرزها :-

–       الالتزام بالقضاء على الفقر وبطالة الشباب وتعزيز النمو الاقتصادي المتواصل وتحقيق التنمية المستدامة والرفاه للجميع .

–       تلبية جميع احتياجات ضحايا الارهاب واسرهم ، وتيسير اعادة حياتهم الى مجراها الطبيعي ، وتشجيع المجتمع المدني على المشاركة في حملات وطنية وعالمية لمكافحة الارهاب وادانته .

–       حظر الاعمال الارهابية او التحريض عليها او تيسيرها او المشاركة فيها ، او تمويلها او التشجيع عليها او التهاون ازاءها ، واتخاذ تدابير عملية مناسبة تكفل عدم اقامة منشأت او معسكرات تدريب ارهابية او لتدبير او تنظيم اعمال ارهابية ترتكب ضد مواطنيها او ضد الدول الاخرى .

–        محاكمة ومحاسبة اي شخص يدعم او يسهل او يشارك او يشرع في المشاركة في تمويل اعمال ارهابية او التخطيط لها او تدبيرها او ارتكابها ، او يوفر ملاذاً امناً ، وحرمان ذلك الشخص من الملاذ الآمن وتقديمه الى العدالة بناء على مبدأ تسليم الاشخاص من المطلوبين او محاكمتهم .

–       كفالة القبض على مرتكبي الاعمال الارهابية ومحاكمتهم او تسليمهم وفقاً للاحكام ذات الصلة من القانون الوطني والدولي .

–       تعزيز التنسيق والتعاون وطنياً واقليمياً ودولياً في مجال تبادل المعلومات الدقيقة المتعلقة بمنع انتشار الارهاب ومكافحته في الوقت المناسب .

–       ضرورة مكافحة الجرائم التي قد تكون ذات صلة بالارهاب ومن بينها الاتجار بالمخدرات بجميع جوانبه والاتجار غير المشروع بالاسلحة .

أن هؤلاء الساسة (الكارهون لعراقيتهم) يتمثلون او يمتثلون لكبيرهم الامريكي الذي علمهم السحر ويجهلون او يتجاهلون (ان السحر سينقلب يوماً على الساحر) ويعلمون او لا يعلمون بأن (من يزرع الريح يحصد الزوابع) هؤلاء الساسة يجربون الاتجار بالارهاب عندما يقدَمون ، بغير قصد مرة وبقصد مرات ، اغطية للارهاب والارهابيين يسمونها (مبادرات) لا لمنع انتشار الارهاب ومكافحته بل للغزل والمغازلة مع ممارسيه وداعميه وحاضنيه والمحرضين عليه والساكتين عنه !!!

والعجيب الغريب من هؤلاء انهم يهددون بمقاطعة البرلمان ( اي بالتنصل عن تأدية واجباتهم التشريعية والرقابية اذا ما لم يتم قبول المبادرة لمغازلة الارهاب والارهابيين) !!!

بعد كلما تقدم هل منع انتشار الارهاب ومكافحته يحتاج الى مبادرة ام معاقبة ؟ وهل ان الارهاب في العراق يمثل (ازمة) تحتاج الى مبادرة ام يمثل جريمة تحتاج الى مكافحة ؟

ايها الساسة ان الارهاب تفاهة ينبغي زوالها ، وانه قذارة ينبغي كنسها وانه وحشية لا يعقل مغازلتها !

المحاورة الثالثة : صناعة الامريكان وتجارة الاخوان

 

عام 1953 عقد مؤتمر خاص في جامعة برتستون الامريكية كان يهدف منه محاولة استقلاب جماعة الاخوان المسلمين لصالح الولايات المتحدة الامريكية في التصدي لخطر المد الشيوعي على الشرق الاوسط .

ومنذ عام 1979 مرت العلاقة بين الاخوان والامريكان باربعة مراحل هي :-

–       مرحلة الاستكشاف حيث طلبت الولايات المتحدة الامريكية من المرشد العام لجماعة الاخوان في مصر (عمر التلمساني) ان يتدخل لدى الحكومة الايرانية للافراج عن الرهائن الامريكان عام 1979 ، وقام التلمساني بذلك ، وعلى اثرها توسط الرئيس الامريكي كارتر لدى الرئيس المصري  السادات للافراج عن معتقلي الجماعة في السجون المصرية .

–       مرحلة الحوار المستتر :الذي بدء بزيارات سكرتير السفارة الامريكية في القاهرة (فرانسيس ريتشارد) لمقر الاخوان والحوار مع د. عصام العريان نائب الاخوان المسلمين في مجلس الشعب المصري للاعوام 1987-1990.

–       مرحلة الحراك الاسلامي المعتدل:  الذي بدأ عام 2005 عندما فاز الاخوان بنسبة 20% من مقاعد مجلس الشعب المصري (88 نائب) ، حيث رفضت الولايات المتحدة وصف الاخوان بالعنف وطالبت مجموعة الازمات الدولية الامريكية بألغاء قانون الطوارىء في مصر وضرورة وضع اسس تشريعية لمشاركة الاخوان كحزب سياسي معترف به ، ودعوة الاخوان للحوار مع الحكومة ومع المجتمع المدني ومع المسيحيين وطالبتهم بدعم الاصلاح السياسي الذي اعلنه الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك.

–       مرحلة الظهور والنشاط العلني : حيث اجرت وزارة الخارجية الامريكية تحت ادارة هيلاري كلينتون في تموز عام 2011 مجموعة لقاءات مع جماعة الاخوان المسلمين حول الزام الاخوان باللعبة الديمقراطية ونبذ العنف واحترام حقوق الانسان ومشاركة المرأة في الحياة العامة والالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية والاعتراف بالدور الامريكي المركزي في المنطقة .

ان التعاطي الايجابي الامريكي مع الاسلام الاخواني جاء نتيجة دوافع معلنة واخرى مبطنة نجملها بما يأتي :-

  • امتصاص  طاقات الغضب الكامنة في المنطقة تجاه الولايات المتحدة الامريكية وتجاه النظم السياسية العربية التي تدور في الفلك الامريكي .
  • دخول احزاب الاسلام السياسي الى السلطة يمثل فرصة لتسليط الضوء على قدراتها وامكاناتها الضعيفة وبالتالي ستكون فرصة لاظهار ضعفها وعدم قدرتها على تحمل المسؤولية امام اعين الجميع . وهذه الرؤية نابعة من افتراض ان لا شيئ افضل من اظهار فشل الاسلام السياسي الاخواني في صورة غير جذابة ، غير ظهورها في تجربة فاشلة في السلطة . وهذه الفكرة تبناها (جيرهام فوللر)مؤلف كتاب ( مستقبل الاسلام السياسي ) وثبتت صحتها في الحكم الفاشل لمحمد مرسي .
  • ان قيادة مركبة الحكم في عدة بلدان من افغانستان وفلسطين وما قبل الاخير وليس اخيرا في مصر يمكن ان يكون دليلا للادارة الامريكية للنيل من الحركات الاسلامية باعتبار وصولهم الى الحكم سيكون ايذانا بخسارة قضيتهم وفقدان مصداقيتهم لتثبت ضعف حركات الاسلام السياسي الاخواني .
  • ان المساعدة الامريكية لايصال حركات اسلامية اخوانية الى السلطة تأتي لتظهر ضعف قدراتها القيادية والسياسية ، والتي لن تكون بالضرورة مؤيدة للولايات المتحدة ، ولكن على الاقل ستكون وفق الرأي الامريكي سلمية ومستنيرة .
  • كما ان المساعدة لوصولهم الى السلطة يدفعهم ، وفق الرأي الامريكي ، الى التخلي عن النهج العنفي الراديكالي في المنطلقات والتفكير والتحول نحو الوسطية والاعتدال في النهج ، كما ان هذه المساعدة توفر فرصة لترويض هذه الجماعة ودفعها الى الاعتدال في نهجها وتوجهاتها .

وفق كل ما تقدم  يتبين ان التعاطي الامريكاني الايجابي الداعم لجماعة الاخوان ، كتنظيم دولي ، جاء لاغراض كشف ضعفهم وعوراتهم في الحكم وادارة الشأن العام من جهة وترويضهم للتخلي عن العنف منهجاً وسلوكاً من جهة اخرى، ولاغراض تجنب شرورهم العنيفة وبالتالي عقم الرحم الولاد للجماعات الارهابية بمسمياتها المختلفة .. وفوق وأهم من كل ذلك هناك منفعة عند الامريكي ( الصناعي) من الاخواني ( التاجر) بوصف الاخير لا يمثل اشطر التجار فحسب بل يمثل ايضا اول اعداء الصناعة والصناعيين .

المحاورة الرابعة : عن ( الفرصة الهشة ) وما بعدها

تحالفان تقابلا ما قبل مؤتمر جنيف 2 وخلاله وبعده هما التحالف (الروسي الصيني الايراني) من جهة والتحالف (الامريكي الاوربي الاسرائيلي التركي السعودي القطري) من جهة اخرى . وعلى الرغم من ان التحالف الثاني (اكبر) فضائيا من التحالف الاول ، فأن الاول (اقوى) ارضيا من الثاني .

ومن دون الخوض في تفاصيل معادلة الاكبر والاقوى فمن الطبيعي ان تبدأ جلسات مؤتمر (الفرصة الهشة) ، على حد التوصيف المتسرع لـ(بان كي مون) الامين العام للامم المتحدة الراعية لمؤتمر جنيف 2 حول الازمة السورية ، من الطبيعي ان تبدأ الجلسة الاولى استعراض المطالب بسقوف عالية من قبل كل الاطراف التي حضرت مدينة شارلي شابلن السويسرية (مونترو) . ونتوقع في جلسات التفاوض اللاحقة والمباشرة ان هذه السقوف سوف تنزع للنزول والانخفاض اذا ما توافرت الارادات الحقيقية المتبادلة والنوايا الصادقة المتبادلة والاستعدادات الشجاعة للتنازلات المتبادلة من اجل الوصول الى تسوية الازمة وليس حلها نهائيا .. لان السياسة لاتعرف الحلول النهائية بقدر ما تعرف ،فقط ، التسويات في اغلب الاحيان وبقدر ما تعرف الحلول الوسط في اقل الاحيان واحسنها !

واذا اردنا ان نرصد ايجابيات وسلبيات ونناقش افكار وملاحظات عن مؤتمر جنيف 2 وما بعده فهي كثيرة نتوقف عند اهمها :-

اولا: اقتناع الجميع بعدم جدوى الحل العسكري المسلح للازمة واستبداله بالتسوية السياسية السلمية .

ثانيا : جلوس وفد حكومة الدولة السورية والوفد المعارض لها ، لاول مرة على طاولة تفاوض مباشر حول نقطة خلاف اساسية تتمثل بأختلاف قراءة بيان جنيف واحد الذي سيظل مجرد بيان سياسي وليس قانون ملزم يشير الى ضرورة نقل السلطة وليس انتقال السلطة الى هيئة حكم دون الالزام بحضور او رحيل شخصيات معلومة او شخصية موصوفة .

ثالثاً: ادراك الجميع ان الازمة السورية بـ (استمرارها) هي ازمة ذات ابعاد محلية واقليمية ودولية تحتاج الى (جنيف 2 ) سويسري ، وانها لـ(تسويتها ) ستحتاج الى (جنيف 3) سوري . اما الحل الوسط للازمة فأنه ربما سيحتاج الى بضع ( جنيفات) سورية مستدامة ان لم نقل سرمدية .

رابعا: توافق الجميع على ضرورة منع انتشار الارهاب ومكافحته ، ولايكفي بهذا الصدد الاصغاء الى الضجيج الامريكي والغربي حول ضرورة منع انتشار الارهاب ومكافحته على طريقة التميز بين ارهاب (مقبول) وارهاب غير مقبول !! وارهاب ثابت وارهاب متنقل !! لان الارهاب واحد وغير مقبول سواء كان ثابت او متنقل ينبغي منع انتشاره ومكافحته .

خامساً: خطأ سحب دعوة الجمهورية الاسلامية الايرانية للحضور في مؤتمر جنيف 2 رغم ان ايران هي (الغائب) الحاضر في هذه الازمة من خلال علاقة التداخل الايراني السوري على ارض الشام ومحيطها الاقليم . بمعنى ان ايران ستكون حاضرة لان التسوية ينبغي ان تكون ، بالنتيجة ، تسوية سورية سورية بأمتياز ، وان الحضور الايراني في سوريا يمثل حقيقة متداخلة وليس متدخلة في شؤون سوريا والمنطقة الامر الذي سيؤدي بالتالي ، الى التوسل بأيران للمشاركة في المؤتمر .
سادساً : اذا كانت ايران هي (الغائب) الحاضر في المؤتمر فأن المملكة العربية السعودية وكذلك تركيا وقطر وممثل الجامعة العربية وكل دعاة تحرير القدس المزعومين هم ممثلين للحاضر (الغائب) الاسرائيلي من خلال تحاشيهم وتناسيهم لدوره في صناعة الازمة السورية وكوارثها على الشعب السوري وشعوب المنطقة وفوائده من استمرارها وكل ذلك يعد حضوراً سلبياً حقيقياً لاسرائيل في المؤتمر.

سابعاً :  اذا كان الموقف الامريكي من الازمة السورية موقفاً غامضا مرتبكاً متردداً ، كالعادة ، في كل مواقفه من قضايا المنطقة في ظل ادارة الرئيس اوباما ، فأن الموقف الروسي الصيني ومعه الايراني ثم العراقي من الازمة السورية كان وما يزال وربما سيبقى موقفا يتمتع بخاصيتي الثبات والوضوح .

ثامناً: ان الموقف العراقي من الازمة السورية يؤكد على لسان وزير خارجية جمهورية العراق بأن للعراق مصلحة حقيقية في انهاء الصراع بالحل السياسي السلمي بين السوريين ، وان مصلحة العراق الحقيقية هذه تأتي من تحذيره وحذره ، منذ بداية الازمة السورية ، من ان استمرارها يعني انتشار الارهاب في المنطقة وهذا ما حصل فعلا … وتأتي من تحذيره من انفلات سياسة التدخلات الاجنبية في بلدان المنطقة وهذا ما حصل فعلا … وتأتي من تحذيره من تداعيات عسكرة بلدان المنطقة واستنزاف ميزانيات شعوبها لاغراض التسلح وتمويل الارهاب واشعال الفتن الطائفية والاحتراب الاهلي وهذا ما يحصل فعلا .

تاسعاً: ان وفد (ثلث) المعارضة السورية في جنيف 2 يشترط (رحيل الاسد) لتحقيق اهداف (الثورة) لسوريا الديمقراطية الجديدة . وان وفد حكومة دولة سوريا يريد الحفاظ على (وحدة) سوريا و (أمن)شعبها بمنع انتشار الارهاب ومكافحته ، كما يرى ان اي حديث عن رحيل الاسد هو (خط احمر) على رأي المعلم (وزير خارجية الدولة السورية ) .

وصحيح القول ، الذي تعلمناه من ادبيات الثورات وتجاربها يؤكد ان الثورة حقيقة ينبغي الا يقلق ولا يخشى ولا يخاف العقلاء منها ، تقابلها وتقترن بها ومعها ، بالضرورة ، حقيقة اخرى هي حقيقة قلق وخشية وخوف العقلاء على مستقبل الثورة . بمعنى ان القلق والخشية والخوف ليس من الثورة بل عليها .

اما صحيح القول الذي تعلمناه من الدراسات والبحوث ذات الصلة بمنع انتشار الارهاب ومكافحته فأن هذا المنع وتلك المكافحة هي هدف انساني نبيل يحتاج الى جهد وطني لدولة مؤسسات قوية تعتمد الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والتداول السلمي للسلطة من جهة .. ويحتاج الى جهد دولي (اقليمي وعالمي) حقيقي غير مزيف امريكياً لملاحقة الممارس للارهاب ومموله والحاضن له والمحرض عليه والساكت عليه من جهة ثانية … ويحتاج الى جهد وطني ودولي (منفرد او معا) من اجل تجفيف منابع الارهاب اينما كان ، تلك المنابع المتمثلة بالفقر والامية والبطالة والفساد والاتجار غير المشروع بالسلاح والمخدرات .

اما عن حدوته (الخط الاحمر) اي الحديث عن تنحي او رحيل الاسد فليس من حق ثلث المعارضة الحاضرة ولا الثلثين غير الحاضرين الى جنيف 2 عبور هذا الخط الاحمر بمعنى (فرض) التنحي او الرحيل ، وكذلك لا قدرة لوفد حكومة دولة سوريا ولا للاسد نفسه عبور هذا الخط الاحمر بمعنى (رفض) التنحي او الرحيل  … ولكن هناك من له الحق والقدرة معا على عبور الخط الاحمر (بمعنى فرضه او رفضه) الا وهو الشعب السوري عبر صناديق الانتخابات او الاستفتاءات الشفافة الحرة النزيهة .

ختاماً ان جنيف واحد السويسري عام 2011 لم يعد الممهد لجنيف اثنين السويسري عام 2014 ، وان الاخير ربما سيكون الممهد لـ (جنيفات) قادمة ليست سويسرية بل سورية .

المحاورة الخامسة : أريت مزرعة البصل

في عالمنا المعاصر اضحت الديمقراطية ( فكرة ونظام) منظومة مجتمعية ذات مستويات قابلة للقياس . فهنالك اكثر من تصنيف لمعايير قياس مستوى الديمقراطية في اي بلد. ومن ابرزها على سبيل المثال لا الحصر تصنيف ( بوليتي 4) وتصنيف الوكالة الامريكية لتطويــــــر الديمقراطية وتصنيف منظمــــــــة ( بيت الحرية) الامريكية وغيرها كثير .

وهذه التصنيفات احتضنت مجموعة من المعايير لقياس الديمقراطية جميعها تتصل بـ ( الحريات السياسية – حقوق الاقليات – التعددية الحزبية والنقابية – حرية التعبير وحق التجمع والتظاهر – وجود معارضة من عدمها – دور العسكر في الحياة السياسية – الدستور المدني – تطبيق القانون – احترام حقوق الانسان – التداول السلمي للسلطة – المشاركة السياسية – الانتخابات ..الخ) .

وفي مجتمعات بلدان الشرق الاوسط العربية بشكل خاص وعلى اثر حركات التحول والتغيير ، التي لا نخشى منها كحقائق بل نخشى على مستقبل هذه الحقائق ، تحولت تلك المجتمعات الى برك من الدم فضاعت المعايير القياسية للديمقراطية لتصبح الارقام القياسية السلبية وليس المعايير القياسية الايجابية هي العلامات الفارقة للتغيرات والتحولات فيها .

وتبرز من بين العلامات الفارقة القياسية لمرحلة ما بعد التغيرات والتحولات في تلك المجتمعات وجود حكام اللحى بدلا عن حكام الشوارب ! وحكام التكفير والتفجير بدلا عن حكام التهجير والتدمير ! بينما الديمقراطية في معاييرها القياسية تتطلب حكام التفكير والتعمير !

كما نتلمس في مجتمعات برك الدم العربية هذه انتقالا من الحقوق والحريات المعدومة او شبه المعدومة او المقيدة ما قبل التحول الى الحقوق والحريات المتوحشة ما بعد التحول وفي الحالتين فأن جوهر الديمقراطية المتمثل بالحقوق والحريات المضمونة بدستور مدني والمنظمة بقوانين وضعية والممكنة بمؤسسات كان وسيكون غائبا !!

ونشهد في مجتمعات البقع الدموية العربية الداكنة هذه ازدواجية النظرة الى الارهاب واعادة تصنيفه الى ارهاب مقبول وارهاب غير مقبول ، بينما الديمقراطية لا تعرف سوى مناهضة الارهاب جملة وتفصيلا وهو ارهاب واحد لا يقبل القسمة على اثنين ولا يصنف الى صنفين!!!

وفي هذه المجتمعات المتحولة التي تحمل الاوصاف آنفة الذكر تم توظيف الآليات الانتخابية لصعود اعداء الديمقراطية الى سدات الحكم والسلطة لتصبح هذه الاليات آلية حق يراد بها باطل !!!!

ومن العلامات الفارقة القياسية لمرحلة ما بعد التحول ان كل واحد من بلدان عشق الدم هذه تريد اقامة ” ديمقراطية” مصحوبة بمغادرة الدولة الوطنية او الابقاء على كيانها السياسي او الخروج به الى كيانات سياسية ، اي يريد المتحولين اقامة ” ديمقراطية” بلا ديمقراطيين .بينما لا يمكن ان تؤكد لنا التجربة الانسانية تاريخيا قيام ديمقراطية بلا دولة وطنية . فالدولة قد تنشأ بلا ديمقراطية ، بيد ان الديمقراطية لا يمكن ان تقوم بلا دولة … دولة لها هيبة وقوة متأتية من كونها دولة يحكمها القانون المنبثق عن سلطة تشريعية منتخبة ويدير مؤسساتها الدستورية رجال الدولة لا رجال سياسة فقط !!!!!

اما المشاركة السياسية بوصفها جوهر من جواهر الديمقراطية فأنها في تلك المجتمعات الشرق اوسطية العربية تحولت من علاقة تعامل سياسي تنافسي بين شركاء الى علاقة تحدي و نصب اشراك متبادلة بينهم على منوال علاقات التحدي والتشفي والتطير بين الزوجات المتعددات لزوج واحد ( علاقة الشرايـج   ) !!!!!!

وفي هذه المجتمعات كانت التعددية غير منسجمة لانها منصهرة في (كل واحد) بالقوة لتصبح ، بعد التحول ، تعددية غير منسجمة  ايضا ولكن ليس بالقوة بل بالتوزيع والمحاصصة على اكثر من (كل) لاثبات قول الشاعر (قومي روؤس كلهم أريت مزرعة البصل ؟) !!!!!!! .

المحاورة السادسة : برقع المكونات

تأريخياً امتاز العراق بتركيبة سكانية متعددة القوميات والاديان والطوائف والمذاهب والعشائر فضلاً عن هويات اجتماعية وثقافية اخرى فضلا عن هويات اجتماعية وثقافية اخرى . وهذا التنوع من شأنه ان يكون تنوعا منسجماً وعامل نعمة لبناء قاعدة صلبة في عراق موحد اذا ما توافر نظام سياسي يقوم على مبادئ وسلوكيات عاقلة وتشريعات ومؤسسات ضامنة لحق التنوع والاعتراف بالاخر ، وعلى المشاركة بأدارة الشأن العام على اساس المواطنة دون تمييز ، وعلى المساواة التامة امام القانون . اما في حالة غياب هذه الضرورات كلا او جزءا سيكون هذا التنوع غير منسجم وسببا من اسباب تمزيق العراق وعاملا من عوامل اضعافه بأستمرار .

ومنذ احتلال العراق عام 2003 تم وضع الوطن بين سندان الماضي الردئ (عراق دولة البعثنة) ومطرقة الاتي الصعب التحقيق ( عراق الديمقراطية المدنية) وما بين هذا السندان وتلك المطرقة غرق العراق في خيارين الاول خيار نظام المحاصصة المكوناتي الذ يراد فيه وبه تقدم فعل التدمير على فعل التعمير . والثاني خيار الارهاب السلفي الاسود الذي يراد فيه وبه ان يرتفع صوت التكفير على صوت التفكير . وقد نسى او تناسى هذا اللاوطني (المحتل والمحاصصي والارهابي) ان هناك خيار ثالث وطني يتمثل بخيار أقامة نظام دولة مدنية ديمقراطية على قاعدة المواطنة والعدالة الاجتماعية يرفض المشاريع اللاوطنية (مشاريع المحتل والمحاصصي والارهابي) وهو الخيار الذي يراد به وفيه ان يتقدم فعل التعمير على فعل التدمير ويرتفع به وفيه صوت التفكير على صوت التكفير .

بيد ان العراق الذي غادر (دولة البعثنة) الدكتاتوري وتخلص من محتل ويسعى الى دحر الارهابي ظل مبتلى ببلوى المحاصصة المغلفة دستوريا ببرقع (المكونات)، ويتوهم من يعتقد انه برقع بريء . وهذه المفردة غير البريئة وردت  اربع مرات في الدستور العراقي لعام 2005 وهي :-

المرة الاولى : استخدمت مفردة (المكونات) من اجل مكونة الجيش العراقي اي تكريس المحاصصة في جيش المكونات في العراق وليس جيش ابناء شعب العراق (المادة 9 – اولا – أ :- تتكون في العراق القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز او اقصاء … الخ) .

المرة الثانية : استخدمت مفردة (المكونات) من اجل مكونة شعار وعلم ونشيد العراق اي تكريس المحاصصة في شعار وعلم ونشيد العراق (المادة 12 – اولا:- ينظم بقانون ، علم العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز الى مكونات الشعب العراقي ) .

المرة الثالثة : استخدمت مفردة (المكونات) من اجل مكونة الحقوق السياسية للقوميات اي تكريس المحاصصة في الحقوق السياسية بدلاً عن مواطنية الحقوق السياسية للافراد ضمن التنوعات بمختلف اشكالها وضروبها (المادة 125 يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية (والسياسية) والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان والكلدان والاشوريين وسائر المكونات الاخرى وينظم ذلك بقانون) .

المرة الرابعة :- استخدمت مفردة (المكونات) من اجل مكونة تعديل الدستور اي المحاصصة في تعديل الدستور (المادة 142 – اولا :- يشكل مجلس النواب ، بداية عمله، لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي ، مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب خلال مدة لا تتجاوز اربعة اشهر يتضمن توصيه بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها ) .

ان دسترة المحاصصة تحت غطاء المكونات نقلت العراق من (دولة البعثنة) الرديئة الى (دولة المكونة) الخطيرة انسياقاً مع مودة شاعت كالعدوى في المنطقة العربية الا وهي مودة (اخونة الدولة) و (دعشنة الدولة) فـ (دولة المكونة) هذه تكمن مخاطرها انها ستكون محشاة تماماً برجال سياسية وفارغة تقريباً من رجال دولة .. ورجل السياسية قد يعرف الحسم غير انه لا يعرف التسوية ، كما انه قد يعرف المواجهة ولكنه لا يعرف التعامل وقد يعرف القطيعة بالزعل ولكنه لا يعرف التواصل بالحوار وقد يعرف الحكم بالمطلق لكنه لا يعرف الحكم بالنسبي .

واذا كان كل رجل دولة هو رجل سياسة فالعكس غير صحيح فليس كل رجل سياسة هو رجل دولة لان الاخير يعرف جيداً كيف يستبدل الحسم بالتسوية ويستبدل المواجهة بالتعامل ويستبدل القطيعة بالتواصل ويستبدل المطلق بالنسبي  .

المحاورة السابعة : سياستنا بين ضرورة التعريف وخطورة التخريف

تذهب الكتب وكتابها الى ان اصل الخرافة اسطورة . فالعقل الانساني اعتمد ، قبل ان يعرف الخرافات، التفسيرات الاسطورية للاشياء والظواهر والاحداث ، وان الخرافات هي تفسيرات لشيئ او أشياء سبقتها تفسيرات اسطورية لهذا الشيئ او لتلك الاشياء ، وعندما اعتمد العقل الانساني التفسيرات العلمية لهذا الشيئ ذاته او لتلك الاشياء ذاتها يحل التفسير العلمي بديلاً عن التفسير الاسطوري فتنتهي الاسطورة الى غير رجعة . اما العقول التي لا تستبدل هذا التفسير العلمي بذاك التفسير الاسطوري وتظل متمسكة به بعناد فأن هذا التفسير الاسطوري يصبح تفسيراً خرافياً فتمارس هذه العقول المعاندة وظيفة التخريف بدلاً عن وظيفة التفكير .

وما سنكتبه هنا يتصل بطرح القليل من اسئلة جبل التعريفات وسط الكثير من اجوبة تلة التخريفات في اغلب سياستنا وعند معظم ساستنا . انها اسئلة واجوبة تخص مفردات مثل الاستبداد والحرية والاحتلال والارهاب والمؤسسات والثورات وغيرها .

ولنبدأ بتعريف السياسة فما هي السياسة الاحسن في العراق ؟ انها السياسة الاقل سوءاً . وهذا التعريف ينطبق على تعريف السياسة الاحسن . اما عن العلاقة السياسية فأن العلاقة ، بشكل عام ، تعرف بالتواصل والتفاعل كيما لا تفسر بوصفها قطيعة فيصبح تعريفها تخريفاً . وهذا يذكرنا بطبيعة العلاقة السياسية مابين الساسة الكبار والصغار على السواء في العراق حيث ان علاقاتهم السياسية موصوفة بالخلافات لا بالاختلافات ، ومعروفة بالتناحر والتنابذ لا بالمنافسة والتنافس ، ومشهورة بالمحاصصة والتواقف لا بالتعددية والتوافق ، وممهورة بالمواجهة والتواجه لا بالمعاملة والتعامل .

يعرف (صدام) بالحاكم الذي لا ننساه لا لاننا نحبه بل لاننا لا ننسى ضحايا .. والصدامي هو النازي الذي لم يتوان عن تركيز كل بقايا قوته وقوى غيره في سبيل تدمير العراق على اكمل وجه ، من اجل اثبات (صحة) نبوئته الوهمية القائلة ” دمار العراق في حال هزيمتي ” .

وتعرف الحرية بأنها التحرر من الخوف ، وفي العراق فأن الحريات كانت معدومة بالمرة واصبحت منفلته بتوحش . وهذا التوحش يتصل اول ما يتصل بالاحتلال الذي ينبغي ان يعرف بأنه ( احد مخلفات الاستبداد والرحم الولاد للارهاب ) كما ان الاحتلال لصيق دولة الولايات المتحدة الامريكية التي توصف بالدولة التي تدعي (كذباً) مكافحة الارهاب وتعمل (صدقاً) على انتشاره .

وعن الارهاب فأن التعريفات تختلط بالتخريفات ، بأمتياز ، عندما نتلمس طرفي الصراع في العراق اللذان هما جبهة قوى فرض قانون القوة بوحدتها غير الدائمة وبتشرذمها المضمون مستقبلاً . تقابلها جبهة قوى فرض قوة القانون ببعثرتها غير الدائمة ووحدتها المضمونة مستقبلاً  عند تخلي بعض ساستنا عن التفكير بخرافات طرح مبادرات (مغازلة الوحوش) لحل (أزمة) الارهاب !

والارهاب بقدر كونه جريمة (ممتازة) فأن التجارة الرائجة اليوم في المنطقة العربية هي تجارة الاتجار بالارهاب بهدف نشره وممارسته . فالاموال تغدق بالهبل لممارسته ودعمه وتمويله واحتضانه والتحريض عليه والسكوت عنه . وفي كل مفصل من مفاصل هذه التجارة وذلك الاتجار بالارهاب هناك جماعات كبيرة تتوزع ما بين تجار ارهاب كبار وصغار وما بينهما ووسطاء اتجار بالارهاب كبار و صغار وما بينهما وباعة ومشترين ومستخدمين في عمليات التجارة والاتجار بالارهاب . بمعنى ادق هناك دورة لرسملة الارهاب تبدأ بصرف اموال ثم سفك دماء ثم جني ارباح وهكذا دواليك دورة متواصلة تقف ورائها جبهة قوى متورطة بالشر وهي دورة لا تقطع ولا تنقطع الا من قبل جبهة غير متورطة بالشر وطنيا واقليميا  ودوليا .

اما عن المؤسسات السياسية في العراق فيصعب علينا تعريفها بينما يسهل علينا توصيفها من خلال افعالها لا من خلال ما ينبغي عليها ان تفعل فالدستور مؤسسة قواعد يلتزم بها البعض لان الدستور لم يعدل بعد ولا يلتزم بها عند البعض الاخر لانه لم يعدل وفي الحالتين وعند الطرفين يعد (الدستور خطر) وحقيقة الامر ان (الدستور في خطر) .

وعن مجلس النواب تلك المؤسسة التي ينبغي ان تنشغل بوظائفها الدستورية السياسية والتشريعية والرقابية نراها مؤسسة منشغلة بالافراط في التباطؤ والتنافر ومهتمة بالتفريط بالزمن . اما مجلس الوزراء فأنه المؤسسة الوحيدة تقريباً حتى الان تعمل من دون نظام داخلي مطلوب دستورياً. وعن المفوضية العليا للانتخابات فنتمنى ان يكون عملها مستقلاً بعد ان كان تشكيلها غير مستقل ، كيما تستحق ان نسميها المفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات . اما عن الاحزاب السياسية فأنها تعرف بدلالة ان غيابها او عدم تنظيمها بقانون يعني حضور فوضوي للتعددية الحزبية وان الانتخابات التي تمثل الدعامة الاساسية للديمقراطية سوف لا تكون لوحدها ودون وجود احزاب سياسية منظمة بقانون بديلاّ عن الديمقراطية فكل ديمقراطية بحاجة الى انتخابات ولكن ليس كل انتخابات تؤدي الى ديمقراطية .

واخيراً اذا لم يصبح عندنا التعريف وليس التخريف سيد التفكير فالخشية كل الخشية من (صرخات الجياع ومؤامرات الفقراء والمحتاجين) وهذه (الصرخات) وتلك (المؤامرات) هي التعريف الذي اتفق عليه العقلاء للثورات .

المحاورة الثامنة : سرور و شرور

تؤكد التجارب الانسانية عبر  العصور ان السرور اقترن ، بالغالب ، بالمفاجئة ، وتعلقت الشرور ، بالغالب ايضا ، بالصدمة .. فأين نضع القرارات وبعض الدعوات المتصلة بتحويل بعض الاقضية العراقية الى محافظات ؟

من بين الحكم القصار التي تتردد على السنة العوام كلام يقول ” الناس بالناس والقرعة تمشط بالراس”

وما قبل الحقيقة نقول ان هناك من تعامل مع هذه القرارات وتلك الدعوات بوصفها مفاجأت سارة ! يقابلهم من تعامل معهما بوصفهما صدمات شريرة !

وان المفاجأة السارة او الصدمة الشريرة في مثل هذه القرارات وتلك الدعوات تؤكد صحة ماسبق القول ، بحق ، ان معظم النخب السياسية في العراق تفتقر الى رجال الدولة ، وهي نخب ، بالنتيجة ، لا تعير اهتماماً ولا اهمية للاولويات في العمل السياسي فعندها الانشغال الذي ينبغي ان يكون اول يصبح اخر الانشغالات والعكس صحيح لديها ايضا ! .. وعندها يصبح الاستحقاق الجهوي الضيق سابق ومفضل على الاستحقاق الوطني  الواسع والعكس صحيح لديها ايضا !.. وعندها .. ولديها ما يشيب الرضيع !!

وفي الحقيقة نقول ان مثل تلك القرارات وكذلك الدعوات لتحويل الاقضية الى محافظات تصبح قرارات ضرورة ودعوات مقرورة عندما لا تتعارض مع الدستور والقوانين من جهة و تنبثق عن حاجات موزعة ما بين :-

  1. حاجة ادارية فنية ذات هدف تنظمي ملح التحقيق من خلال تحول بعض الاقضية الى محافظات .
  2. حاجة خدمة وهدف مجتمعي يتصل بأن هذا القضاء او ذاك يحتاج الى خدمات وميزانيات تعادل خدمات وميزانيات محافظة من المحافظات استنادا الى أن عدد نفوس سكان وحجم مساحة القضاء يضاهيان نفوس ومساحة محافظة .
  3. حاجة سياسية ذات هدف يعزز الشرعية يتمثل بأنجاز متطلبات دستورية ذات صلة بالموضوع ومن ثم بتلبية رضا وقبول الناس في القضاء وليس في المحافظة التابع لها هذا القضاء . وهذا الرضا والقبول لا يتوافر بمجرد خروج تظاهرة في هذا القضاء بل يتوافر عند رضا وقبول ومطالبة الممثلين المنتخبين في مجلس القضاء الذي لم ينتخب بعد ! بسبب ممارسة الانتخابات في العراق فقط على مستوى العراق الاتحادي (مجلس النواب) وعلى مستوى المحافظات (مجلس المحافظات ) فقط .

وعند عدم توافر الحاجات الثلاثة آنفة الذكر ودون الغطاء الدستوري والقانوني تبقى كل القرارات وجميع الدعوات لتحويل اقضية الى محافظات عبارة عن حجج وتبريرات وتوظيفات سلبية سياسية جهوية قد تؤدي الى تعزيز المحاصصة الطائفية  و الدينية  و التعصبية القومية ولا يمكن ان ترتقي الى ربع حاجة ادارية او مجتمعية او ديمقراطية بل يراد منها وبها مفاجأت شريرة وصدمات غير سارة لبلاد يريد اعداءها البرانيين والجوانيين لاقاليمها ومحافظاتها واقضيتها ونواحيها ان تتقاتل بدلا من ان تتفاعل وتتعاون ، كما يريدون لعبادها ان يظلوا رعايا في جيتوات ولا يصبحوا مواطنين في دولة اتحادية ديمقراطية .

المحاورة التاسعة : مفاتيح السياسية الخارجية الرشيدة

كيف يصبح العراق فاعل وليس مفعول به في محيطه الاقليمي والدولي ؟

ضمن جدلية الداخل والخارج او اطروحة الجواني والبراني التي صاغها (رفاعة الطهطاوي) لا يمكن ان نتلمس سياسة خارجية رشيدة لاي بلد من بلدان الارض دون ان يكون رحمها معافى . وهذا التعافي سيتوافر عندما يصبح العراق دولة وليس كيانا سياسا في محيطه الداخلي اولا وفي محيطه الاقليمي والدولي ثانيا .

بمعنى ادق ان السياسة الخارجية الرشيدة تولد من رحم نظام حكم يقوم على ما يأتي :

–        الشرعية المتولدة عن رضا وقبول المحكومين عن الحكام وهذا الرضا والقبول يرتكز على ركنين هما ركن الانتخابات المتواصلة وركن المنجز المستدام .

–        نظام حكم قادر على سد العوز التشريعي ومعالجة العوق المؤسساتي ومغادرة العجز في الاداء الخدمي الحكومي ومكافحة العبث بالامن والمال العام .

–        دسترة الحقوق لضمانها ، وقوننة الحقوق لتنظيمها ، ومأسسة الحقوق لتمكن وتمكين العباد على ممارستها .

–        العمل على تحويل افراد البلاد من رعايا او اتباع الى مواطنين ، وتحويل جماعات البلاد من مؤسسات اهلية تقليدية الى مؤسسات مجتمع مدني وتحويل لطة البلاد من سلطة كيان او كيانات الى سلطة دولة المواطنة المدنية العصرية .

–        تخلي نظام الحكم عن شخصنة المؤسسات وتنصيب الاشخاص وصولا الى مأسسة المناصب وتنصيب المؤسسات .

–        تحول مجلس النواب من مسرح ضجيج وتسويف للوقت الى منتج تشريعات ومراقب وزارات .

–        تخلص النخب السياسية في البلاد من وهم (خطر الدستور) للوصول الى حقيقة (ان الدستور في خطر) … ومن مرض (العناد) السياسي الى خصلة (التنافس) السياسي فيما بينهم . وضرورة تخلصهم من نشر الغبار وشكواهم من عدم الرؤية (التي قالها نابليون بونابرت عن السياسيين) الى نشر ماينفع البلاد والعباد .. وضرورة تخلصهم من عادة الاستقواء بالاجنبي  السيئة الى سياسة الاستقواء ببعضهم البعض الحميدة .

–        توحد الخطاب السياسي الخارجي العراقي والاكتفاء بناطق رسمي واحد للسياسة الخارجية العراقية ، ولتعمل وزارة الخارجية ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب معا وفق معادلة ( كسب الاصدقاء وتحييد الخصوم والاعداء ) من اجل العراق . على ان يعود الاخرين ( وزراء ونواب ومحافظين وغيرهم من المسؤولين) للانشغال بأعمالهم والتفرغ لتأدية مهماتهم وواجباتهم المنصوص عليها في الدستور والقوانين والانظمة والتعليمات .

عندها ستكون السياسة الخارجية محسوبة لدولة اسمها العراق لا لكيان سياسي اسمه العراق . . وعندها ايضا سيتحول عملاق البيئة الدولية والاقليمية المتحكمة في توجهات السياسة الداخلية والخارجية العراقية الى قزم .. والاهم من كل ذلك سوف نسميها حقا سياسة خارجية رشيدة  لنظام ديمقراطي فيدرالي ننشده للعراق .

الخـــــاتمة

تنظوي عمليات مناصرة ودعم الارهاب وممارسته تحت عنوان (مشروع ما قبل الدولة) وهو اليوم مشروع متماسك وفي الغد سيكون مشروعا غير مضمون التوحد .بالمقابل تنظوي عمليات مكافحة الارهاب وتدابير منع انتشاره تحت عنوان (مشروع الدولة) وهو اليوم مشروعا مبعثرا وفي الغد سيكون مشروعا مضمون التوحد .

ان البلدان التي تعاني من آفة الارهاب تحتاج الى قوة دول افرادها مواطنين وجماعاتها مؤسسات مجتمع مدني وسلطتها سلطة شعب منتخبة وحكم رشيد لتصبح دول قوية ذات ارادة وطنية انسانية قادرة على تطهير بلدانها ومحيطها الاقليمي والعالمي من الارهاب .. وكل دولة من هذه الدول تحتاج ايضا الى مواصلة التحولات الديمقراطية لتظل قادرة على تأدية مهمة نظافة وتنظيف بلدانها من الارهاب .. وتحتاج كذلك الى تقديم منجزات لرفاه عبادها وتعمير اوطانها .

ان الارهاب صناعة الموت .. وصناع الموت وحوش والوحوش ينبغي الا تغازل ولا يمكن ترويضها ، ولكن ينبغي مواجهتها ويمكن معاقبتها بمبادرة تدابير دولتية وطنية واقليمية وعالمية عسكرية اولاً وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية اولاً واخيراً .

اذا افترضنا ان للارهاب رحم فهو متعفن بالقذارة متخم بالامراض . اما مواليده فهي مشوهة في احسن الاحوال . وهذا الرحم الآفة ومواليده الآفات هو ارهاب واحد . ومصاديق واحديته لا تعد ولا تحصى .. اما الكذبة التي لا تنطلي على العاقل فتفيد بأن الغرب صانع الارهاب والمتاجر به ابتدع لنا تسميات عجيبة غريبة مثل : الارهاب المقبول ! والارهاب غير المقبول .. الارهاب المعتدل ! والارهاب المتطرف .. والارهاب المساند ! والارهاب المعارض .. وربما سينحت الغرب بدع اخرى على هذه الشاكلة الكذبة .

ان (رسملة) الارهاب تحتضن مجمل مفردات التجارة وبعض مفردات الصناعة . تجاريا يقال حيثما وحينما تحل التجارة ترحل المحبة وتحضر الكراهية . ففي الارهاب استيراد وتصدير الارهابيين وفيه تبيض وتمويل اموال وتهريبها .. بمعنى ادق ان (رسملة) الارهاب تتضمن صناعة ارهاب وتصنيع ارهابيين في معامل امريكية ، كما تتضمن تجارة ارهاب واتجار بالارهابيين بماركات اوربية (فرنسية وانجليزية) . وهؤلاء الامريكان واولئك الفرنسيين والانجليز يبتزون ممولين وتجار كبار في الحكومات السعودية والقطرية والتركية . والممولين والوسطاء والتجار الكبار يستأجرون تجار اصغر من عديمي الوطنية الكارهين لاوطانهم المنظوين فكريا تحت لواء التكفيرية الوهابية ، وتنظيمياً تحت لوء التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ومشتقاته في المنطقة ( العدالة والتنمية – العدالة والبناء- النهضة والعدالة … وغيرها ) ، وعسكرياً تحت لواء القاعدة ومشتقاتها ( النصرة – داعش – الجبهة الاسلامية … وغيرها  ) .. والجميع صناع وتجار (كبار وصغار) ومستخدمين يعتاشون على (بركة) رسملة الارهاب من اجل ان تكون الحياة بلا معنى .. بلا خير .. بلا سلام .. بل فرح .. اي لتكون الحياة بلا حياة .

*)  عميد كلية العلوم السياسية / جامعة النهرين

يسمح بالاقتباس وبأعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر: شبكة الاقتصاديين العراقيين 10/8/2014

http://iraqieconomists.net/ar/

انقر هنا لتنزيل ملف بي دي أف

كل المقالات المنشورة على الموقع لاتعبر بالضرورة عن رأي هيئة تحرير شبكة الاقتصاديين العراقيين وانما عن كاتبها الذي يتحمل المسؤلية العلمية والقانوني

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. Avatar
    محمد سعيد العضب:

    تعليق حول دراسة د. عامر حسن فياض الموسومة” الارهاب والتحول الديمقراطي”
    بحث شامل طاف بنا في معارج وطرق ملتويه وعبر معالجات واطروحات كثيره تحتاج الي التوقف والتأمل تجاوزت قضايا الارهاب (اصوله اسبابه استخداماته ) حينما حاولت تناول مناقشه موضوع شائك تمحورفي مستلزمات تأسيس نموذج الدولة الديمقراطية المثلي واخلاقيات ساستها وقادتها ودورهم في تعضيد وترسيخ مثل هذه الدولة المستهدفة ( ان وجدت طموحات واراده حقه لبنائها من قبل النخب الحاكمة و بعد فهم صحيح لهذا النمط من الدول ) او جعلها مجرد سلطه حكم مستبده لتحقيق مأرب خاصه وشخصيه ,
    هذا ما اطلق عليه الباحث التصورات لما قبل الدولة خلال العقد الاخير ومنذ الاحتلال الاميركي ولغايه يومنا الحاضر او حسب التعبير الواقعي للممارسة الحاصلة اخفاق تام في اداره دفه الحكم وبناء اركان دوله مستقرة اي لا نزال تعيش في ضياع او متاهة وغياب التصورات والإدارة الحقيقة في كيفيه اعاده تأهيل وبناء دوله جديده تتجاوز كافه المآسي والخيبات التي مرت بالبلاد عبر حكم صدام والعقد الاخير .
    من هنا لابد ان يطرح تساؤل حق بما يتعلق بأوضاع محدده وهي ” العراق” ضمن تصور وطني حقيقي , وما يمر به من مخاضات ونفق مسدود منذ عام 2003 ولغايه يومنا الحاضر, وما جاء به الاحتلال , وتأويلات معاهده العلميه وبيوتات صنع الفكر فيه حول التصورات النظريه في بناء الدولة الجديدة بالعراق من دون التعمق الواقعي بالمجتمع وطموحاته الوطنيه واستقلاله وتقرير مصيره ,حينما مكنت قوي لا هوتيه واثنيه متعصبة في السيطرة علي السلطة وتسيير حكم البلاد من ناحيه, كما تم طبخ دستور واستفتاء عليه وممارسه اساليب “دمقراطيه الانتخابات “في اوضاع غير ناضجه اجتماعيا من ناحيه اخري.
    .ففي ظل هذه الاوضاع الاستثنائية اخفق ليس فقط بناء دوله وموسسات فاعله ,بل
    . ظلت ورقه “الارهاب ” ودعمت ببعض القوانين باعتبارها ملاذ ا امنا في ممارسه الاستبداد والتهميش المجتمعي والمناطقي, سواء في غرب البلاد او وسط اوحتي جنوبه , كما تحولت الي وسيله هامه لتعضيد النظام الجديد ,الذي ابتدعه الاحتلال والاستمرار في لعبه ” وهم الديمقراطية ” وضمن سياقات نظريه ودعائية بحته , حيث ظل العراق بعيدا عن الممارسة الديمقراطية الاقتصادية والاجتماعية الحقه .
    اخيرا ادخل البلد في متاهة جديده بوعي او بدونه , وهو الغزو الداعشي
    مع ذلك ظلت جموع غفيره من السكان لحد الان لا نعلم حقا من هي هذه القوي ومن يسيرها
    وكيف تمكنت بقدره قادر وغفله من الزمن احتلال ربع سوريا وثلث اراضي
    العراق مع ترافق ذلك في تصعيد العدوان الاسرائيلي علي غزه ورفع شعارات الدولة الإسلامية
    مقابل اصرار اسرائيل علي تأسيس دوله يهودية واضفاء الشريعة الدولية عليها.انها بلاشك خلط في الاوراق وتضيع دور القوي المخططه والمدبره والمسيره لهذه العمليات وتصوير المساله في يومنا الحاضر انها مجرد صراع او نزاعات اديان وطوائف ا وثقافات ,كله لا علاقه له بتاتا بصراعات المصالح الراسماليه الاقتصاديه العليا والاستحواذ علي خيرات العالم لمصلحه النخب العالميه ..
    تساؤلات تطرح تتجاوز نظريه المؤامرة … فهل هناك دواعش افتعلت لتحقيق اهداف سياسيه سواء من قبل قوي قاهره وفاعلة في لعبه الحكم والنخب المسيطره بالعراق منذ الاحتلال المدعومة اساسا من قبل الولايات المتحدة الأميركية وايران وتركيه والسعودية , او ربما ايضا اسرائيل, كله من اجل تفتيت البلد وتغيبه عن خارطة العالم ولا هداف حزبيه ضيقه من نخب متسلطة او مطامح وغايات استراتيجية خارجيه, غيره تظل كافه الادعاءات الأخرى( تأسيس دوله ديمقراطية ) مجرد اقاويل موهومة من اجل تضيع الحقائق وابقاء الجهالة سمه مميزه ومستديمة بين صفوف الشعب الذي اصبح همه الوحيد البقاء والديمومة وحمايه ذاته من الإبادة والتنكيل الجماعي المفروض عليه لا سباب غير معلومة
    علاوة علي ذك تجنب الباحث التطرق لجمع النخب الفاعلة فكريا وعمليا في المسيرة المرسومة للبلد من قبل الاحتلال ومدي ايمانهما الحق ببناء دوله ديمقراطية حقه تؤمن بالتنمية والتحديث وحسم مشكلات الفقر والتخلف خصوصا القضايا الهامه التي اكد عليها ,التي تعتبر السبب الحقيقي لمولد الارهاب واحتضانه وهي اخفاق السياسيت والممارسات الاقتصادية ( التي ركزت اساسا علي ترهيل اجهزه الدوله والقوات الامنيه والدفاع من خلال البذخ والفساد الاداري والمالي من ناحيه وعدم
    الالتزام الفعلي بالقضاء علي الفقر والبطاله خصوصا بين صفوف الشياب وتعزيز النمو الاقتصادي المتواصل وتخليق التنمية المستدامة والرفاه للجميع من ناحيه اخري .
    عليه يطرح سؤال حق …هل شعار الارهاب اصبح ” ازمه” تواجه بناء الدولة
    الجديدة ام تحول الي وسيله حكم وسيطرة بعد فشل النظام القانوني الدولي من تحديد او تعريف ابعاده وتبعاته… فهل انه جريمة خاصه او عامه هل فرديه ام وسيله سلطوية ؟ا
    بالتأكيد لعبت وتلعب المصالح الغربية والامتداد الصهيوني والتعاضد الارهابي الدولي المؤسس علي الصراعات الطائفية الموهومة خصوصا بين الشيعة والسنه في بلدان العالم الاسلامي في العمل ليس فقط تغييب و انكار التركيز علي المهمات الا ساسيه والحيوية التي تعاني منها شعوب المنطقة, بل تم الهاء هذه الشعوب في قضايا ثانويه, كله من اجل استنزاف قدراتها وامكاناتها وتم تسويق مشكله الارهاب الاسلامي من ناحيه , طموحات ” الجهلة ” الي تأسيس دوله الخلافة ” المزعومة ” من ناحيه اخري.
    عموما تبقي كثره من المفاهيم والتعابير اللغوية المستخدمة في هذا البحث القيم نحتاج الي تحديد وتعريف ليتمكن القارئ والمتابع من استيعاب المضممن الحقيقي لما استهدفه الباحث والخروج من التأويل والتفسيرات المجهولة

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: