النفط والغاز والطاقة

لؤي الخطيب: كيف تمول سوق النفط السوداء انشطة تنظيم داعش؟

يسيطر تنظيم داعش على عدد محدود من الحقول النفطية الهامشية في شمال العراق، إلاّ ان انتاج هذه الحقول يكفي لتحقيق اكتفاء ذاتي للجماعة.

قبل شهر مضى، وردت تقارير عن سيطرة تنظيم داعش على موارد نفطية تقدر بمليون دولار يوميا. اما الآن، ومع التوسع في السيطرة على حقول النفط وطرق التهريب، فإن من المعتقد ان هذه الموارد تضاعفت الى مليوني دولار يوميا.

وبهذه الحسابات، تتحصل الجماعة على ما يقدر بـ730 مليون دولار سنويا، وهو ما يكفي كي تستمر بعملياتها في العراق.

ومما يؤكد اهمية الموضوع ان تنظيم داعش مستمر بالقتال من اجل احتلال مصفى بيجي، الذي لا يزال تحت الحصار. لكن إذا ما تمكن التنظيم من الاستيلاء على المصفى، فإن من العسير عليه ان يتمكن من إدارة المصفى من دون كادر تقني متخصص.

ويصح القول ان من بين العوامل المهمة لتحقيق الاستقرار في الاسواق العالمية، ان تنظيم داعش ليس موجودا في جنوب العراق حيث يوجد معظم نفط البلد. لكن الاستيلاء على موارد النفط في جنوب العراق سيمكن الجماعة المتطرفة من التأثير بقوة في الاسواق العالمية.

ان هذه المنطقة لا تزال بعيدة عن خطوط التماس في العراق، فضلا عن كونها ذات اغلبية سكانية شيعية، الأمر الذي يمثل صعوبة بالغة للمليشيات السنية المتطرفة لو ارادت احتلال تلك المناطق.

لكن على حدود دولة داعش، ما الذي يفعله التنظيم بالنفط الذي يتحصل عليه؟

يقوم التنظيم المتطرف بتهريب النفط الخام والمتاجرة به مقابل أموال نقدية ومشتقات نفطية مكررة، لكن بيع الخام يكون على وفق أسعار مخفضة. كما ان للتنظيم مصافيه البدائية في سورية. ان النفط المكرر يعاد نقله الى تنظيم داعش من جديد كي يقوم الاخير ببيعه محليا في سورية والعراق. كما ان التنظيم يعمد الى استخدام النفط في حربه.

فضلا عن ذلك، فإن تنظيم داعش يتحكم بطرق التهريب ونقل النفط الخام بواسطة الشاحنات الى الاردن وتركيا عبر الموصل وأسواق سورية المحلية، فضلا عن كردستان العراق، حيث يتم تكرير معظم ذلك النفط محليا.

من جانبها، أدارت تركيا ظهرها لهذه الانشطة واستمرت بما كانت تقوم به حتى تكاثفت الضغوط الغربية عليها لتحارب السوق السوداء، التي كانت مفتوحة في جنوب البلد.

لذلك، فأن نفط داعش سيبقى محدودا في تلك الاسواق السوداء، فيما ستنحسر فرص الجماعة المتطرفة الرامية لتأسيس شبكة معقدة من خطوط الانابيب. فشبكات التوزيع الثابتة معقدة، وتتطلب استثمارات، فضلا عن ان من السهل استهدافها من جانب قوات الجيش العراقي والبيشمركة الكردية.

لكن، ما الهدف النهائي لتنظيم داعش، وما الذي يمكن للنفط ان يلعبه في ذلك؟

في الوقت الراهن، يحاول تنظيم داعش الوصول الى حالة الاكتفاء الذاتي والمقدرة الرأسمالية ضمن ما يعرف بالمثلث السني الواقع غرب وشمال العراق، حيث ان الانتاج النفطي يمثل جزءا من ذلك.

انهم يريدون تحقيق ذلك الاكتفاء الذاتي وتوسيع رقعة سيطرتهم وتجنيد جهاديين اكثر مع التركيز على المتطرفين من حملة الجوازات الغربية، فضلا عن توسيع قاعدة عملياتهم كي يتمكنوا في النهاية من توجيه ضربات ضد الدول الغربية.

في هذا السياق، اعلن تنظيم داعش عن تأسيس دولة الخلافة في المناطق التي يسطر عليها ضمن العراق وسورية بغية تحويلها الى مجمع لاجتذاب المتطرفين. وهؤلاء يسعون للسيطرة على شبه الجزيرة العربية كنقطة انطلاق لشن هجماتهم عالميا.

ولو تحقق هذا فعلا، فسوف يكون بمقدور التنظيم الارهابي التحكم بالمنطقة التي تضم 60% من احتياطيات مصادر الطاقة التقليدية في العالم، فضلا عن كونها تنتج ما يقدر بـ40% من النفط والغاز العالمي الاجمالي.

باختصار، على المدى القصير، إن تأثير داعش سيبقى محدودا في نطاقه الادنى ما دام انتاج العراق يتركز في جنوب البلد.

لكن في الوقت ذاته، فإن هناك احتياطيات ضخمة وموارد كبيرة في مناطق وسط وشمال العراق، التي يمكن لتنظيم داعش أن يصل اليها، والتي يمكن لها تصل الى مليون برميل في اليوم مقارنة بالإنتاج الحالي البالغ 30000 برميل في اليوم فقط، وذلك إذا ما تمكن مقاتلوه من الاستيلاء على كركوك والمناطق المحيطة بها، التي تعد مناطق غنية بالموارد.

لو تمكن التنظيم الارهابي من التحكم بهذه الموارد، فأن الاموال ستتدفق على امبراطوريتهم الارهابية وبشكل يفوق التصور. لكن لغاية الآن، فإن تبادلات تنظيم داعش التجارية لا تزال محصورة بمشترين محليين في الاردن وتركيا وسورية وإيران وعبر شبكة وسطاء وناقلين أهليين.

إلا أن حالة الفوضى التي عصفت بالعراق، واحتمال تفككه، سيكون لها تأثير بالغ، لاسيما في عرقلة فرص الاستثمار في البلد.

بالمقابل، إن الوضع الحالي قد يمنع العراق من الوصول الى هدفه الكبير للعام 2020 المتمثل بانتاج 9 ملايين برميل يوميا، وهو ما يقدر بـ3 اضعاف انتاج البلد الحالي، الذي يفترض به أن يجعل العراق مسؤولا عن تلبية 10% من الطلب العالمي على الطاقة.

* مدير معهد العراق للطاقة.

**)  ترجمة الهادر المعموري لـ”العالم”.

المصدر: جريدة العالم البغدادية، 21/8/2014

http://www.alaalem.com/index.php?news=كيف تمول سوق النفط السوداء انشطة تنظيم داعش؟ &aa=news&id22=19853
 

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: