اقليم كردستان العراقالنفط والغاز والطاقة

حمزة الجواهري: أصبح للميزانية الاتحادية استحقاق في نفط كوردستان

من الطريف هو أن المتحدثين بإسم الإقليم وحتى الآخرين المستهدفين بسياسات الإقليم للاستحواذ على حقوق الآخرين مازالوا يعيدون “”عبارة استحقاق الإقليم من الميزانية العامة للبلد””، إذ يبدو أنهم مازلوا لا يعلمون أن الأمر قد أصبح معكوسا،  وذلك بعد الإعلان الجديد لتصدير الإقليم من النفط الخام.

فقد صرح وزير الموارد الطبيعية في الإقليم أن تصديره من النفط عبر الخط التركي قد وصل إلى300 ألف برميل يوميا، كما وأن السيد الوزير قد وعدنا بأنه سيصدر ما مقداره500 ألف برميل يوميا في شباط القادم. وأن تقرير وزارة الموارد الطبيعية للإقليم للعام2013 قد بين بشكل لا يقبل الشك أن المصافي الصغيرة في كردستان تكرر92 ألف برميل يوميا، وأن مصفاة خورمالة التي افتتحت خلال العام الجاري تكرر100 ألف برميل يوميا، وهكذا أصبح المجموع الكلي لما ينتجه الإقليم في بداية العام القادم2015 هو692 برميل يوميا، أي ما يقرب من700 ألف برميل يوميا في بداية العام القادم، وهناك زيادات خلال العام قد تصل إلى100ألف برميل يوميا تضاف لما تقدم، ولكننا سنعتمد الرقم700 ألف برميل للتقريب بوضع المقاربة الحسابية.

وكما نعرف أن إنتاج المنطقة الجنوبية من النفط هو بحدود3 مليون برميل يوميا متضمنا المصدّر والمكرر في مصافي الجنوب، هذا باستثناء ما تنتجه حقول الشمال المتوقفة عن الإنتاج بسبب الأوضاع الحالية، ولا أحد يعرف على وجه التحديد متى ستعود السيطرة عليها كاملة، ومتى سيعود الإنتاج منها، ومع ذلك، سنأخذها بالحسبان على أنها منتجة حاليا، هي والمصافى في بيجي وكركوك، أي أن الإنتاج الإجمالي من العراق عدا كوردستان بحدود3.4 وإن ما يستغل في المصافي العراقية عموما لا يتعدى ال600 ألف برميل حتى بعد عودة مصافي الشمال للعمل من جديد.

وهكذا لو أعدنا الحسابات من جديد، نجد أن ما ينتجه الإقليم هو أكثر من17% من المجموع الكلي، أي أن الإقليم يأخذ حصته من النفط وأكثر من ذلك، وعليه إعادة مبلغ قد يصل إلى5% من عائدات النفط الذي ينتجه للحكومة الاتحادية كمستحقات للميزانية السيادية.

قد يعترض البعض على هذه المقاربة الرقمية بالقول أن عائدات برميل النفط المنتج من الإقليم أقل من عائداته بالنسبة للحكومة الاتحادية، نعم هذا صحيح جدا، لأن عقود المشاركة بالإنتاج التي اعتمدها الإقليم تمنح الشركات ما نسبته20% تقريبا كونها تمنح الشركات نسبة بالنفط تقدر بأكثر من14% ونسبة من الغاز بنسبة16%، وعند تحويل الغاز للمكافئ النفطي، نجد أن النسبة التي يمنحها الإقليم تكون بهذه الحدود تقريبا لتفاوت نسبة الغاز للنفط المنتج من كل حقل، في حين أن ما يحصل عليه المستثمر في حقول الجنوب وفق عقود الخدمة التي اعتمدتها الحكومة الاتحادية لا تتعدى دولارين في أسوأ الأحوال، دون أن يكون للمستثمر حقا بالغاز المنتج، حيث يسلم الغاز للحكومة الاتحادية بعد معالجته بالكامل ما عدا تلك الكميات التي يستغلها المستثمر بالعمليات النفطية وهي قليلة جدا.

في الحقيقة إن اعتماد هذا النوع من العقود هو مسؤولية الحكومة في الإقليم، فهي التي أختارت هذا النوع رغم اعتراض الحكومة الاتحادية عليها، بل ورغم اعتراضها على كل ما انتهجه الإقليم من سياسات نفطية جملة وتفصيلا، إذ أن الحكومة الاتحادية لحد الآن مازالت تعتبر أن كل ما فعله الإقليم بخصوص النفط والغاز غير شرعي ولا يتوافق مع الدستور، لذا عليهم تحمل تبعات ما أقدموا عليه من سياسات وتعاقدات.

في الواقع ما تقدم لا يعني تنازل الحكومة الاتحادية عن موقفها من شرعية السياسات والممارسات التي ينتهجها الإقليم بما يتعلق الأمر بالنفط والغاز التي تتعارض مع ما ورد بالدستور جملة وتفصيلا، لأن السكوت عنها يعني الموافقة الضمنية على هذه السياسات ما لم يتم تعديل الفقرات الدستورية التي تتعلق بهذا الموضوع، وهي كثيرة.

وهكذا نجد أن الآية قد انقلبت، فأصبح هناك استحقاق للميزانية السيادية  يقدر ب5% من عائدات اللإقليم النفطية، محسوبا على أساس سعر البرميل عالميا، وليس على أساس صافي العائدات النفطية، وهذا ما يجب أن تدفعه حكومة الإقليم للحكومة الاتحادية، وليس العكس كما كان يحدث قبل الإعلان الرسمي الأخير لوزير الموارد الطبيعية.

لابد من الحديث قليلا عن إنتاج الإقليم من المشتقات النفطية، فقد أصبح للإقليم مصافي تعمل بطاقة اجمالية بحدود192 ألف برميل يوميا وذلك بعد افتتاح مصفى خورمالة هذا العام، لذا لم تظهر أرقاما عن هذا المصفى في التقرير السنوي لوزارة الموارد الطبيعية في الإقليم للعام2013، حيث تضمن التقرير أرقام المصافي الصغيرة فقط والمنتشرة هناك، حيث قدر التقرير طاقتها بحدود92 ألف برميل يوميا، ومع ذلك بقي الإقليم يطالب الحكومة الاتحادية بحصة من المشتقات المنتجة في باقي المصافي العراقية وكذلك المشتقات المستوردة بالأسعار العالمية لسد النقص!

ومن الجدير بالذكر أن مصفى خورمالة يأخذ النفط الخام من قبة خورمالة التي تعتبر جزء من حقل كركوك العملاق، وأن هذه القبة والحقل بأكمله يجب أن يكون تحت تصرف الحكومة الاتحادية وفق ما نص عليه الدستور في المادة112 منه، لكن الإقليم سيطر عليه بقوة السلاح كما واستحوذ على المعدات التي اشترتها وزارة النفط الاتحادية لتوسعة الإنتاج من هذه القبة، وأصبح الآن ينتج النفط منها بما يقرب من150 ألف برميل يوميا، وهناك برنامج لزيادة الإنتاج وصولا إلى250 ألف برميل يوميا، كما ولدى الإقليم محاولات للسيطرة على قبة أفانا في الحقل نفسه، ومحاولات أخرى لربط الأنبوب الرئيسي من حقل كركوك وباي حسن بأنبوب كوردستان الذاهب إلى تركيا.

عودة لموضوع المشتقات، إن ما ينتجه الإقليم من مشتقات يفيض عن حاجته قبل استلام حصته من الحكومة الاتحادية، لأن نسبة ال192 ألف برميل يوميا مما ينتجه العراق من المشتقات متضمنا انتاج الإقليم هو24% تقريبا، لذا فقد تعاقد الإقليم مع محافظتي نيونوى وصلاح الدين هذا العام لتزويدها بالمشتقات النفطية وفق الأسعار العالمية وليس الأسعار المدعمة من قبل الحكومة الاتحادية، لأنه يستحوذ على كميات كبيرة جدا من المشتقات تزيد بكثير عن حاجته، ومع ذلك بقي مصرا على أخذ حصة من منتجات مصافي الجنوب، وحتى المستورد لسد النقص بالحاجة للمشتقات في الداخل العراقي!

خلاصة القول أن على الإقليم تقديم مشتقات للحكومة الاتحادية لسد بعض النقص كما يتوجب عليه تقديم حصة من عائداته الإجمالية من تصدير النفط والتي تقدر ب5% تقريبا كمستحقات للميزانية السيادية، وليس له أي حق بالحصول على أموال من الميزانية الاتحادية للعام2015، بل العكس كما اسلفنا، ومن يساهم بمنح الإقليم أموالا من الميزانية القادمة كمن يسلب حقوقا من الشعب في المناطق خارج الإقليم ويسلمها لغيرهم، وأن المطلوب من الحكومة الجديدة والبرلمان أن يأخذوا هذا الأمر بالحسبان دون تفريط بحقوق الناس تحت أي ذريعة كانت، فليتوافق المختلفون فيما بينهم ما شاؤا، ولكن ليس على حسابنا.

(*) مهندس وخبير نفطي عراقي

 

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. صباح قدوري
    صباح قدوري:

    الخبير النفطي العزيز الاستاذ حمزة الجواهري الموقر
    الزملاء الاعزاء
    تحية صادقة
    اقيم جهود الاستاذ حمزة في مقاله. لدي بعض الاستفسارات بخصوص الموضوع ، وكالاتي:
    ١- هل ا ن كميات النفط المرسلة والمبيوعة كلها تم عبر الانبوب الجديد الذي انجز قبل فترة بين الاقليم وتركيا، ام ان قسم منها تم عبر الانبوب القديم بين حقل كركوك وميناء الجهان. ، وخاصة بعد سيطرة قوات البيشمركة عليه ، منذ تموز /يوليو٢١٠٤، على اثر انسحاب القوات العراقية الحكومية منها ، تحت تاثير ضربات المسلحين وعصابات ( داعش)هناك بعض معلومات التي تسربت مؤخرا ، بان جنود اتراك اكتشفوا انبوب نفط اخر ( ثالث )في حدود التركية والاقليم بطول نصف كيلو متر داخل اراضيها؟
    ٢- هل اثمان مبيعات هذه الكميات من النفط موجودة في حساب احد مصاريف التركية، باسم (خلق) ؟،هل ان تركيا تقر بذلك؟ ، وهل تم هذا الاجراء بدون رجوع الطرف التركي الى الحكومة الاتحادية في بغداد؟ وماهي مسؤولية تركيا تجاه هذا الاجراء؟.
    ٣- هل تم في لقاءات الجانب التركي والعراقي ، وخاصة الزيارات الاخيرة من رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي التطرق الى هذه االمسالة بجدية ، وتحديد موقف واضح من الجانب العراقي باتخاذ الاجراءت الاصولية الدولية اللازمة بهذا الخصوص ؟.
    ٤-هل تم بيع كميات من هذا النفط الى ايران عبر الناقلات والصهاريج والشاحنات ؟، وكيف تم استلام مبالغها من قبل حكومة الاقليم؟.
    ٥- هذه التفاصيل غير معروفة لحد الان بشكل دقيق، لدى المهتمين بشان النفطي العراقي ، ولا لدى المواطنين في اقليم كردستان وعلى عموم العراق. هناك تعتيم تام بذلك، ناهك حتى الجهات الحكومية في مجلس وزراء الاقليم وبرلمان كردستان والعراق ليس لهم علم بذلك وعن مجمل ملف النفط . المعلومات محصورة فقط بين آشتي هاورامي وزير الموارد الطبيعية ونيجرفان برزاني رئيس وزراء الاقليم
    ٦- ماهي اجراءات وزارة النفط الجديدة بوزيرها الجديد عادل عبد المهدي بخصوص خلافات الغير محلولة لحد الان بين الاقليم ووزارة النفط، بشان الملف النفطي؟
    تقبلوا فائق الشكر والاحترام والتقدير
    صباح قدوري

اترك رداً على صباح قدوري إلغاء الرد

%d مدونون معجبون بهذه: