أبحاث نظرية في الفكر والتاريخ الإقتصادي

د. سناء عبد القادر مصطفى: الأزمات الاقتصادية العالمية بين النظرية وتطبيقات السياسات الاقتصادية

Download PDF
الملخص
تسعى هذه المقالة البحثية لمناقشة وشرح الأسباب المختلفة والمتناقضة التي طرحها العلماء والخبراء الاقتصاديون وأدت الى انفجار أحدث أزمة اقتصادية عالمية في محاولة لتحديد ما تسبب حقاً في أكبر اضطراب اقتصادي في النظام الرأسمالي في العقود الماضية. ويستند هذا المقال على استعراض شامل لمصادر الأدب الاقتصادي والقاء نظرة تحليلية على جذور وأسباب الأزمة الاقتصادية الحالية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية والدول الاسكندنافية. كما تناقش المقالة أبرز العوامل التي أدت الى تغذية هذه الكارثة.
الغرض من هذه الدراسة هو فحص وتمحيص أسباب وعواقب الأزمات الاقتصادية والمالية التي ضربت الدول الاسكندنافية في وقت مبكر من تسعينيات القرن الماضي واستخراج الدروس والعبر الرئيسة من هذه الأزمة. وينصب التركيز على سجل الاقتصاد الكلي للدول الاسكندنافية (النرويج والسويد والدنمارك وفنلندا وايسلندا) المتضررة من الركود الاقتصادي العميق والفريد من نوعه. ويرجع ذلك جزئيا الى عمليات التكامل الاقتصادي التي أطلقتها هذه الدول على المدى البعيد التي سوف تثبت للعالم أنها أكثر أهمية مع مرور الزمن من التأثيرات القصيرة الأجل وإن لم تكن مثيرة مثل دورة الازدهار والكساد التي أعقبت التحرر الاقتصادي من آثار الأزمة الاقتصادية.
الكلمات الرئيسة: الأزمة الاقتصادية، السياسة النقدية، الرهن العقاري العالي المخاطر، الأزمة المالية، فقاعة الاسكان، العقد الضائع، الانفتاح المالي، الدول الاسكندنافية، وكالات الاقتراض المالي، أزمة الديون السيادية، بنك نورديا.
المقدمة
وتعتبر الأزمة الاقتصادية الحالية التي بدأت في منتصف العام 2008 هي الأسوأ من بين الأزمات الاقتصادية منذ الكساد العظيم سنة 1931 للأجيال الأصغر سناً التي اعتادت على أزمات ركود خفيفة لمرحلة جديدة من العولمة ويعتقدون أن بؤس الكساد العظيم هو حتى الآن ليس أكثر من اسطورة قديمة. ومع ذلك فإن انهيار اثنين من صناديق التحوط لبير ستيرنز Bear Stearns Hedge Funds في صيف العام 2007 وتعرضه لبداية ما يعرف بأزمة الرهن العقاري واعادة تقديم العالم الى حقبة من اخفاقات البنوك في أزمة ائتمان مفتعلة وتسريح أعداد غفيرة من العمال. ويجري كل هذا في عالم معولم جديد من الاقتصاديات المترابطة فيما بينها بشكل وثيق، حتى أن ويلات ربات البيوت الأمريكية يمكن أن يراها الناس من بكين الى ريو دي جانيرو لأن الأزمة قد أثرت في كل جزء من العالم تقريبا وانعكس هذا في تغطية واسعة في وسائل الاعلام الدولية لها. ولاحظت صحيفة انترناشيونال هيرالد تربيون International Herald Tribune في بداية الأزمة أن شركات الصلب الصينية قد انتابتها الرعشة وأصيب عمال المناجم الهندية بالانفلونزا، كما أشارت صحيفة هندوستان تايمز Hindustan Times بأنه على الولايات المتحدة والصين ترويض هذه الهزات في الاقتصاد العالمي بعمل مشترك حتى أن مجلة ييل غلوبال Yale Global اقترحت البحث عن حل ناجع وفعال في جميع أنحاء العالم. وتقدم المجلة تقريراً خاصاً يحتوي على معلومات اساسية عن لماذا بدأت الأزمة؟ وكيف أثرت على الصناعات والمستهلكين في جميع أنحاء العالم؟ وما هي الحلول التي اقترحت من قبل الخبراء والهيئات التنظيمية في مختلف البلدان؟
إن أزمة الديون السيادية الجارية في أوروبا تهدد وجود اليورو في الوقت الحاضر لأنها كشفت العيوب الرئيسة في تصميم الإطار المالي لمنطقة اليورو. وأثار ذلك نقاش حاد انعكس في سيل مستمر من المقترحات بشأن القواعد والمؤسسات المناسبة لوضع السياسات المالية في الاتحاد الأوروبي. ولم يظهر النقاش علامة ايجابية على وجود اجماع حول الحلول اللازمة لحل الأزمة(1).
إن أحد أسباب عدم وجود اجماع لحل الأزمة هو أن منطقة اليورو تمثل نوع جديد من الاتحادات النقدية، وهذا هو أول اتحاد نقدي يتم فيه تحديد السياسة النقدية على مستوىً مركزي في حين يتم تنفيذ السياسة المالية على مستوىً فرعي بين الدول الأعضاء. وهكذا فإن مهنة الاقتصاد تفتقر الى تجارب فعلية وليست نظرية تجريبية تسترشد بها في سياساتها. كما يعكس النقاش وجهات نظر بلدان مختلفة من خبراء الاقتصاد وصناع القرار في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا التي تتميز بأوضاع مالية قوية وفائض في الحساب الجاري وتملك وجهات نظر أخرى تختلف عن وجهات نظر اقتصاديو وواضعو سياسات البلدان المدينة مثل اليونان وايطاليا ذات الأرصدة المالية الضعيفة. ففي ورقة العمل التي قدمها الاقتصادي بوردو وآخرون سنة 2011 نجد أنه باللجوء الى تاريخ الفيدرالية المالية في البحث عن اجابة لهذا السؤال: ماهي الدروس والعبر المستفادة من الماضي للتدابير المالية في منطقة اليورو؟ باختصار نحن نسأل، ماهي التدابير المالية في الدول الاتحادية التي من شأنها أن تساعد على تجنب القوى الجاذبة والتي تهدد استقرار منطقة اليورو؟ وتم ذلك بواسطة كشف سجلات خمس دول: الأرجنتين والبرازيل وكندا وألمانيا والولايات المتحدة. أن الدول الاتحادية الخمسة موضوع دراستنا هي اتحاد نقدي واتحاد مالي في نفس الوقت مبني على أساس الفيدرالية المالية. ويعني الاتحاد النقدي أنه لديهم عملة واحدة مشتركة وبنك مركزي واحد يدير السياسة المالية للاتحاد، وهذه السلطة المركزية الوحيدة هي المسؤولة عن السياسة المالية الواسعة للاتحاد. ومع ذلك فإن هذه الاتحادات المالية منظمة بحيث تتمتع بكيانات شبه مركزية (اقليم أو دولة) واستقلال سياسي كبير لتقرر التشريعات، بما في ذلك الضرائب والنفقات الحكومية على مستوى وطني واحد ضمن اتحاد مالي الى جانب وجود سوق مشتركة تتميز بالتجارة الحرة وحرية التنقل لعنصري العمل ورأس المال.
ويملك هيكل ادارة منطقة اليورو أوجه تشابه مهمة مع الدولة الاتحادية، إذ تم اعداده كاتحاد نقدي مع البنك المركزي الأوروبي وكبنك مركزي في منطقة اليورو. ومع ذلك فإن الميزانية المركزية وميزانية الاتحاد الأوروبي هي أصغر بكثير من حجم ميزانية حكومة مركزية في بلد اتحادي نموذجي يعكس حقيقة أن القوة السياسية للمركز هي أيضا أضعف بكثير في منطقة اليورو.
1. الخلفية التاريخية للأزمة الاقتصادية العالمية
من المهم أن نلقي نظرة على النظريات الماركسية حول الأزمات الاقتصادية، إذ كانت جميع أزمات الركود الرئيسة المتكررة في الاقتصاد العالمي على وتيرة العشرون والخمسون سنة يطلق عليها اسم دورة الأعمال موضوع لدراسات منذ زمن الاقتصادي السويسري جان تشارلز ليونارد دي سيسموندي (Jean Charles Leonard de Sismondi 1773–1842) الذي أمدنا بأول نظرية حول الأزمة في نقد افتراض الاقتصاد السياسي الكلاسيكي بتوازن العرض والطلب. وأصبح تطوير نظرية الأزمة الاقتصادية مفهوم محوري متكرر طوال عمل كارل ماركس Karl Marx. استعار ماركس قانون ميل معدل الربح الى الانخفاض من جون ستيوارت ميل John Stuart Mill في مناقشته لانخفاض الربح الى الحد الأدنى(Principles of Political Economy Book IV Chapter IV). ففي النظام الرأسمالي يستلم العامل أجوراً أقل مما يبذل من جهد في العمل وأقل من قيمة السلع التي أنتجها. ويذهب هذا الربح لتغطية الاستثمار الأولي في الأعمال الانتاجية. وحينما ينظرالمرء في المدى الطويل الى النشاط االاقتصادي المشترك لجميع الأعمال الانتاجية الناجحة فمن الواضح أن جزء قليل من المال (في شكل أجور) يذهب عادة الى مجموعة صغيرة من الناس (العمال) الذي يتيح لهم شراء جزء من هذه السلع المنتجة وليس كل هذه السلع التي تم انتاجها. وعلاوة على ذلك فإن التوسع في الأعمال الانتاجية في سياق التنافس على الأسواق يؤدي الى وفرة السلع وانخفاض عام في اسعارها، مما يؤدى الى تفاقم ميل معدل الربح الى الانخفاض.
ويعتمد جدوى هذه النظرية على عاملين رئيسيين: أولهما، درجة الأرباح التي تخضع لضريبة الحكومة وعودتها الى الناس في شكل رفاهية ومزايا للأسرة والانفاق على الصحة والتعليم وثانيهما، نسبة السكان الذين يعملون أكثرمن رجال الأعمال والمستثمرين. وبالنظر الى النفقات الرأسمالية غير الاعتيادية المطلوبة من أجل دخول شركات جديدة الى قطاعات اقتصادية حديثة مثل شركات الطيران والنقل الجوي والصناعات العسكرية أو الصناعات الكيمياوية هو أمر صعب بسبب تركزها في أيدي قليلة جدا.
تستمر البحوث التجريبية والاقتصاد القياسي خاصة في نظرية النظم العالمية والجدل الدائر حول نيكولاي كوندراتييف Nikolai Kondratiev وما يسمى بخمسون سنة من موجات كوندراتييف Kondratiev waves. ويعتبر أندريه غوندر فرانك Andre Gunder Frank وايمانوئيل فالرشتاين Immanuel Wallerstein من الشخصيات الرئيسة في نظرية النظم العالمية واللذان حذرا باستمرار من افلاس الاقتصاد العالمي الذي يواجه الآن مشكلة مالية كبيرة. كما أن علماء النظام العالمي وكوندراتييف وباحثي الدورات الاقتصادية يدركون أن خبراء اجماع واشنطن Washington Consensus يعملون من أجل أن لا يفهم اقتصاديو العالم المخاطر والأخطار التي تواجه الدول الصناعية الكبرى في نهاية الدورة الاقتصادية الطويلة الأمد التي بدات بعد أزمة النفط في العام 1972.
2.1. نظرية هيمان مينسكي Hyman Minsky’s Theory
واقترح هيمان فيليب مينسكي بأن شرح ما بعد الكينزية للأزمات الاقتصادية هي أكثر انطباقاًعلى اقتصاد مغلق. وقد وضع نظرية مفادها أن الهشاشة المالية هي سمة نموذجية لأي اقتصاد رأسمالي، وهي هشاشة عالية تؤدي الى ارتفاع خطر الأزمة المالية. ومن أجل تسهيل وتيسير تحليله يعرف مينسكي ثلاثة مناهج لشركات التمويل التي يمكن أن تختارها وفقا لاحتمال المخاطر. انها الاحتياطي المالي، وتمويل المضاربة، وتمويل كارلو بونزي. ويؤدي تمويل بونزي الى هشاشة أكثر للاحتياطي المالي لأن تدفقات الدخل تواجه توقع الوفاء بالالتزامات المالية في كل فترة زمنية بما في ذلك الدين الأصلي والفائدة على القروض. فلتمويل المضاربة يجب على الشركة أن تمرر وتطوي الدين لأن تدفقات الدخل المتوقعة هي لتغطية كلفة الفوائد وليس لدفع الدين الأصلي. وأما تمويل كارلو بونزي ، فان تدفقات الدخل المتوقع سوف لن تغطي حتى تكلفة الفائدة وبالتالي فعلى الشركة أن تقترض أكثر أو تبيع أصولها من أجل خدمة ديونها. ويكمن الأمل إما في ارتفاع قيمة الأصول أو زيادة الدخل ما يكفي لسداد الفوائد والين الأصلي.
وتتحرك مستويات الهشاشة المالية جنبا الى جنب مع دورة الأعمال. وبعد فترة الركود تكون الكثير من الشركات قد فقدت التمويل وتختار مبدأ الحيطة والحذر(الوقاية من الخسارة) لأنه الأكثر أماناً. ومع تطور الاقتصاد والأ رباح المتوقعة الإرتفاع ، تميل الشركات الى الاعتقاد بأنها يمكن أن تسمح لنفسها أن تضطلع بتمويل المضاربة. ففي هذه الحالة فانهم يعرفون أن الأرباح لن تغطي دائماً كل اهتمامهم. ومع ذلك تعتقد الشركات بأن الأرباح سترتفع وسوف تتمكن من سداد القروض في نهاية المطاف دون اية متاعب ويؤدي المزيد من القروض الى زيادة في الاستثمارات والتطور بشكل أكبر. يبدأ المقرضين بالاعتقاد بأنهم سوف يسترجعون كل المال الذي أقرضوه وبالتالي فهم على استعداد لإقراض الشركات الاستثمارية دون ضمانات في نجاح استثماراتهم. في حين يعرف المقرضون أنه سيكون لهذه الشركات مشاكل في سداد القروض ومع ذلك فانهم يعتقدون ان هذه الشركات ستعيد التمويل من أماكن أخرى مع ارتفاع الأرباح المتوقعة. ها هو جوهر تمويل كارلو بونزي. وبهذه الطريقة يكون الاقتصاد قد اضطلع بتمويل محفوف بمخاطر أكثر. والآن هو عبارة عن مسألة وقت قبل أن تتخلف كبريات شركات التمويل عن ايفاء الدين. وهنا يفهم المقرضون الخطر الحقيقي في الاقتصاد ووقف منح الائتمان بكل سهولة. ويصبح من المستحيل اعادة التمويل للعديد والمزيد من الشركات الاقتراضية. واذا لم تدخل اموال جديدة الى الاقتصاد للسماح بعملية اعادة التمويل فسوف تبدأ أزمة اقتصادية جديدة. وخلال فترة الركود فستبدأ الشركات بتوخي الحيطة والحذر (الوقاية من الخسارة) ويتم اغلاق الدورة الاقتصادية.
3.1. تنسيق طرق الاقتصاد الرياضي
وقد أكدت المناهج الرياضية لنمذجة الأزمات المالية التي غالبا ما يكون هناك تفاعل ايجابي بين قرارات المشاركين في السوق وردود فعل ايجابية والذي يعني أنه قد تكون هناك تغييرات جذرية في قيم الأصول في استجابتها للتغيرات الصغيرة في الأسس الاقتصادية. ونأخذ على سبيل المثال بعض نماذج من أزمات العملة بما في ذلك نموذج بول كروغمان Paul Krugman (الاقتصاد الدولي، 2014) المتضمن اصلاح سعر صرف مستقر لفترة طويلة من الزمن، ولكن سوف تنهار فجأة في سيل من مبيعات العملة ردا على تدهور كاف من تمويل الحكومة أو ظروف اقتصادية كامنة(2).
وطبقا لبعض النظريات وردود الفعل الايجابية التي تعني بأن الاقتصاد يمكن أن يكون أكثر توازناً وقد يكون هناك توازن في المشاركين في السوق اللذين يستثمرون بكثافة في أسواق الأصول المالية لأنهم يتوقعون أن تكون الأصول ذات قيمة، ولكن قد يكون هناك توازن عندما يهرب المشاركون من أسواق الأصول لأنهم يتوقعون أن يلوذ الآخرين على الفرارأيضا. هذا هو نوع من جدل نموذج دياموند وديبفيغ Diamond and Dybvigs model لإدارة البنوك. الذي يقوم فيه المدخرون بسحب أموالهم من البنك لأنهم يتوقعون أن يقوم الآخرون بسحبها أيضا. وبالمثل في نموذج Obstfeld لأزمة العملة حينما تكون الظروف الاقتصادية ليست هي بالسيئة ولا بالجيدة لأنه يوجد هناك نوعين من النتائج المحتملة : حينما يقرر المضاربين أو لا يقررون مهاجمة العملة اعتمادا على ما يتوقع المضاربين الآخرين القيام به.
2. النماذج الجماعية والنماذج التعليمية
لقد تطورت مجموعة متنوعة من النماذج التي ترتفع أو تنخفض فيها قيم الأصول بشكل لولبي مفرط حيث يتعلم فيها المستثمرون من بعضهم البعض. ويكون في هذه النماذج شراء الأصول من قبل عدد قليل من العملاء الذين يشجعون الآخرين على الشراء أيضا. وهذا ليس بسبب القيمة الحقيقية للأصول حينما يشتري المستثمرون الكثير منها (والذي يسمى “بالتكامل الاستراتيجي”)، ولكن لأنهم بدأوا يصدقون بأن القيمة الحقيقة للأصول عالية وحينما يلاحظون قيام الآخرين بالشراء أيضاً.
ومن المفترض في النماذج الجماعية أن يكون المستثمرون عقلانيون تماما ولكن لديهم معلومات جزئية فقط حول الوضع الاقتصادي في البلد. ويقوم فيها عدد قليل من المستثمرين بشراء بعض أنواع الأصول وهذا ما يبين أنهم يملكون بعض المعلومات الإيجابية عنها، مما يزيد من الحافز الرشيد عند الآخرين لشراء الأصول أيضاً. وحتى لو كان هذا قراراً عقلانياً تماما فانه قد يؤدي أحياناً الى ارتفاع قيم الأصول عن طريق الخطأ نظرا لأن أول المستثمرين قد أخطأوا عن طريق الصدفة بشراء هذه الأصول (3).
وفي نماذج “التعلم التكيفي” أو التوقعات التكيفية” يفترض أن تكون عقلانية المستثمرين ناقصة مستندة في ذلك على تجربتهم الأخيرة. ففي مثل هذه النماذج اذا كان سعر الأصول يرتفع لفترة من الوقت فان المستثمرين يمكن أن يبدؤا بالاعتقاد بأنه سيستمر بالارتفاع دائماً ومما يزيد من ميلهم الى الشراء وبالتالي الى ارتفاع السعر الى أبعد من ذلك. وبالمثل فبملاحظة انخفاض السعر بشكل طفيف ، فإنه قد يؤدي الى دوامة هبوطه اللولبي. ولذلك فان تقلبات كثيرة يمكن أن تحدث في أسعار الأصول في نماذج من هذا النوع. وكثيرا ما تقوم وكالات الأسواق المالية لهذه النماذج بحمل المستثمرين بالتصرف على أساس “التكيف التعليمي” و”تكيف التوقعات”(4).
3. الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية العالمية
إن الأزمة الاقتصادية في السنوات الأخيرة من الألفية الثانية هي الأزمة الاقتصادية الجارية ويقول العديد من الاقتصاديين إنها أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم خلال سنوات 1929-1931. فقد أغلقت العديد من الشركات الهامة أبوابها بسببها وفقد الكثير من الناس أعمالهم. وهذا يعني أن الناس سيفقدون قوتهم الشرائية وهو أمر سيء جدا للاقتصاد الوطني.
توجد أسباب كثيرة جعلت الاقتصادين يفكرون بها، فأغلبهم يعتقدون أن الأزمة بدأت في الولايات المتحدة، فمنذ العام 1997 وحتى 2006 اشترى الناس منازل غالية جدا على الرغم من أنه لم يكن لديهم ما يكفي من المال. ولكن لأن الأموال قدمت الى الولايات المتحدة من دول أخرى ، لذلك كان من السهل الحصول على ائتمان جيد. وقد استخدم الناس هذا الائتمان للحصول على قروض لشراء منازل غالية الثمن. وهذا ما خلق فقاعة الاسكان التي جعلت اسعار المنازل ترتفع أكثر. ولأن الشركات المقرضة لديها أموال كثيرة جعلت من السهل الحصول على قرض حتى ولو كان المقترض لا يملك تاريخ إئتماني جيد. وتسمى هذه القروض بقروض الرهن العقاري.
وخلال هذا الوقت قام كثير من أصحاب المنازل بإعادة تمويل منازلهم، وهذا يعني أن نسبة الفائدة على قروضهم العقارية تم تغييرها ولذلك فهم حصلوا على فائدة منخفضة. وتمكن أصحاب المنازل بعد اعادة تمويلها من الحصول على قروض عقارية أخرى لانفاقها على اغراضهم الشخصية. وقامت شركات الاقراض بتغيير قروضهم من فائدة منخفضة في البداية ولكن يمكن زيادتها لاحقا، وهذا ما يسمى بتعديل نسبة التمويل العقاري. قامت الشركات بذلك من أجل اقناع المزيد من الناس بالحصول على قروض. أدى هذا الى أن يأخذ الكثير من الناس الذين لديهم قروض رهن عقاري قروض عقارية أخرى بنسب معدلة آملين أن أسعار منازلهم الجيدة ستساعدهم على اعادة التمويل في وقت لاحق.
وبينما لا تزال اسعار المنازل مرتفعة، استثمرت الكثير من الشركات الأمريكية والأوروبية بما في ذلك البنوك أموالها في قروض الرهن العقاري. أعطت هذه الاستثمارات المزيد من الأموال لشركات الاقراض، الذين استخدموه لإعطاء المزيد من القروض العقارية عالية المخاطر. ومن شأن هذه الاستثمارات طرح الكثير من المال طالما كانت أسعار المنازل عالية. ومع ذلك قامت شركات الاسكان ببناء الكثير من المنازل، وهذا ما تسبب في انخفاض أسعار المساكن في بداية صيف العام 2006. وحينما حدث هذا، كان كثير من الناس يدفعون أموالاً أكثر من قيمة منازلهم. وهذا ما يسمى بالأسهم السلبية. وبحلول شهر آذار/مارس سنة 2008 كان حوالي 8.8 مليون من مالكي المنازل في الولايات المتحدة يملكون أسهم سلبية أو صفر من الأسهم. وتسبب هذا في زيادة عدد المنازل الذي صدر بحقها حبس الرهن عليها ويعني ذلك أن عدد كبير من الناس فقدوا منازلهم. وخلال العام 2007 فعلى الأرجح أن 1.3 مليون منزل في الولايات المتحدة قد صدر بحقها حبس الرهن. وفي نفس الوقت واصل عدد المنازل المعروضة للبيع في الزيادة، الأمر الذي جعل الأسعار تنخفض. اصطدم اصحاب المنازل ذات قروض الرهن العقاري بحقيقة مفادها أن منازلهم أصبحت ذات قيمة أقل مما كانت عليه حينما تم شراؤها. وهذا يعني أن القروض كانت تستحق المزيد من المال أكثر من قيمة المنازل. وهو في نفس الوقت يعني أن شركات الاقراض لم تكن قادرة على كسب المال من هذه المنازل.
وتسبب انهيار فقاعة الاسكان في انخفاض قيمة الاستثمارات وفقدان الشركات التي استثمرت في قروض الرهن العقاري حوالي 512 $مليار. وكانت شركتي سيتي گروب (Citygroup) وميريل لنش (Merrill Lynch) من الشركات التي فقدت أكبر قدر من المال. وان أكثر من نصف الأموال (260 مليار$ ) فقدتها الشركات الأمريكية.
1.3. الجوانب الأخرى للأزمة الاقتصادية العالمية
تعتبر الأزمة الاقتصادية لعام 2008 من قبل العديد من الاقتصاديين هي أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، اذ بدأت أزمة مالية ثم تحولت الى أزمة اقتصادية أدت الى الانهيار التام لمؤسسات مالية كبيرة وانقاذ بنوك بدعم من الحكومات الوطنية وركود في اسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم. وفي العديد من المجالات عانى سوق الاسكان ايضا من هذه الأزمة الذي أدى الى عمليات الاخلاء وحبس الرهن وانتشار البطالة لفترات زمنية طويلة. لعبت الأزمة دورا هاما في فشل الشركات الرئيسة وتراجع في ثروة المستهلك المقدرة بعدة تريليونات دولار والتباطؤ في النشاط الاقتصادي الذي أدى الى الركود العالمي في الفترة 2008-2012 والمساهمة في أزمة الديون السيادية الأوروبية. وتظهر المرحلة النشطة للأزمة الاقتصادية كأزمة سيولة بدأت في السابع من شهر آب/أغسطس 2007 حينما أنهيت مؤسسة BNP Paribas سحب الأموال من ثلاثة صناديق إحتياطية وبذلك ”اكتملت عملية تبخر السيولة النقدية”.
وتسبب انفجار فقاعة الاسكان في الولايات المتحدة التي بلغت ذروتها في سنة 2006 الى هبوط قيم السندات المالية المرتبطة بأسعار العقارات وإلحاق أضرار بالمؤسسات المالية على مستوى العالم. إذ انفجرت الأزمة الاقتصادية من خلال التفاعل المعقد بين السياسات الحكومية التي تشجع ملكية المنازل وتوفير سهولة الحصول على قروض الرهن العقاري للمقترضين والمغالاة في الرهن العقاري الثانوي المستند على اساس النظرية القائلة بأن أسعار المساكن سوف تستمر في الارتفاع وممارسات تجارية مشكوك فيها باسم كل من المشترين والبائعين وهياكل الأجور والتعويضات التي تعطي الأولوية لتدفق الصفقات القصيرة الأجل القادرة على خلق قيمة طويلة الأجل وعدم وجود حيازات لرؤوس أموال كافية من البنوك وشركات التأمين لدعم الالتزامات المالية التي تم اعطائها. تظهر الى السطح أسئلة كثيرة بخصوص القدرة المصرفية على الايفاء بجميع الديون التي تنقص عند توفر الائتمان وتدمر ثقة المستثمرين التي تؤثر على أسواق الأسهم العالمية حيث عانت السندات المالية خسائر كبيرة خلال العام 2008 وفي وقت مبكر من سنة 2009. وكذلك انخفضت التجارة الدولية مع تشديد الائتمان خلال هذه الفترة. وقد استجابت الحكومات والبنوك المركزية مع التحفيز المالي غير المسبوق والتوسع في السياسة النقدية وانقاذ المؤسسات المالية. أصدر الكونغرس الأمريكي قانون الانعاش واعادة الاستثمار في سنة 2009. ورد الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة باتخاذ اجراءات تقشف، اذ خفض الانفاق وارتفعت الضرائب دون زيادة في الصادرات التي انخفضت بدورها وهذا ما أدى الى ركود مزدوج.
واوحي بأنه هناك اسباب كثيرة للأزمة المالية ذات أهمية متفاوتة تم تحديدها من قبل الخبراء، إذ أكد تقرير السناتور ليفين كوبورن (Levin-Coburn Report) بأن الأزمة كانت نتيجة “مخاطر عالية لعمليات مالية معقدة لم يكشف عنها بسبب صراعات المصالح وفشل المنظمين ووكالات التصنيف الائتماني والسوق في حد ذاتها هي لكبح تجاوزات وول ستريت Waal Street)). ان الغاء قانون جلاس ستيجال Glass-Steagall لسنة 1999 بشكل فعال أزال الفصل بين بنوك الاستثمار وبنوك الايداع في الولايات المتحدة. وجادل النقاد أن وكالات التصنيف الائتماني والمستثمرين فشلوا في تحديد سعر المخاطرة بدقة والتي تنطوي عليها العمليات المالية المرتبطة بالرهن العقاري وكذلك الحكومات التي لم تستطيع ضبط االممارسات التنظيمية الرامية الى التصدي للأسواق المالية في القرن الواحد والعشرين. وقد ركز البحث في أسباب الأزمة المالية على دور هوامش أسعار الفائدة(5).
وفي شهر كانون الأول/ديسمبر 2008 قام كل من غوردون بروان (رئيس وزراء المملكة المتحدة سابقا) وأنجيلا ميركل (مستشارة ألمانيا الاتحادية) ونيكولاي ساركوزي (رئيس وزراء فرنسا سابقا) بزيارة الى دول الخليج العربي- المملكة العربية السعودية وقطر والامارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وعمان بشأن تأسيس صندوق دعم مالي لمساعدة دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية والحرب على العراق. وكان من نتائج هذه الزيارة هو شراء دول الخليج أسلحة وطائرات حربية مختلفة المنشأ من الدول المذكورة أعلاه والولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ 123 مليار دولار أمريكي(6، 7).
اعتمدت في أعقاب الأزمة المالية سياسات مالية ونقدية ملطفة للتخفيف من صدمة الاقتصاد الوطني. ففي شهر تموز/يوليو 2010 تم سن اصلاحات دود فرانك (Dodd-Frank regulatory reforms) التنظيمية للتقليل من فرصة تكرار الصدمة (قانون دود فرانك لإصلاح وول ستريت وحماية المستهلك). وقد اشار الرئيس باراك أوباما الى وقع ردود فعل هذه الاصلاحات في القانون الاتحادي الصادر في 21 تموز/يوليو 2010 كرد فعل على الكساد الكبير، إذ انها جلبت أهم تغييرات التنظيم المالي في الولايات المتحدة منذ الاصلاح التنظيمي الذي أعقب الكساد الكبير 1929-1931 وكذلك اجراء تغييرات في البيئة التنظيمية المالية الأمريكية التي تؤثرعلى جميع وكالات الرقابة المالية الاتحادية وعلى كل جزء من صناعة الخدمات المالية في البلاد.
2.3 . الكلفة الحقيقية للحرب على العراق – سبب مهم للأزمة الاقتصادية
من الأسباب المهمة للأزمة المالية التي أصبحت فيما بعد أزمة اقتصادية هي الحرب على العراق في العام 2003 ، فالإستشهاد بكتاب الكلفة الحقيقية للحرب على العراق لجوزيف ستيغليتز وليندا بيلميس الصادر في العام 2010 يوصلنا الى المعلومات التالية : ”إن تقديرات كلفة حرب الولايات المتحدة على العراق كانت ثلاثة تريليونات دولار أمريكي. وقد فاق هذا الثمن تقديرات ادارة بوش الابن السابقة من 50 الى 60 بليون $. ولكن اليوم وبعد أن انتهت المهمات القتالية في العراق يبدو أن 3 تريليونات $ (التي تمثل كل من النفقات الحكومية وتأثير الحرب على الاقتصاد الأمريكي في الخارج) تقدير منخفض أيضاً. فعلى سبيل المثال فإن كلفة تشخيص وعلاج وتعويض المحاربين المعوقين أعلى مما كان متوقعاً” (7). وعلاوة على ذلك أصبح واضحا للعيان أن تقديرات ستيغليتز وبيلميس(Stiglitz and Bilmes) لم تأخذ بالحسبان التكاليف التي يمكن ان تكون الأكثر واقعية والتي يسميها الاقتصاديون تكاليف الفرصة البديلة. وعلى سبيل المثال، فإن العديد من الناس يتساءلون بصوت عال: وحتى في غياب غزو العراق لبقينا عالقين في افغانستان!؟ ويمكن أن نسأل: اذا لم يكن للحرب في العراق تأثير على ارتفاع أسعار النفط بهذه السرعة؟ هل سيكون الدين الفيدرالي عالي جدا؟ وهل يمكن أن تكون الأزمة الاقتصادية شديدة بهذه الدرجة؟
إن الجواب على كل هذه الأسئلة الأربعة هو على الأرجح لا. الدرس المركزي للاقتصاد هو أن الموارد بما فيها رأس المال شحيحة وما خصص لمسرح واحد من العمليات – العراق لم تكن متاحة في أي مكان آخر. وحينما ذهبت الولايات المتحدة الى الحرب في العراق، كان سعر البرميل الواحد من النفط أقل مما هو متوقع في الأسواق – 25 دولار $ فقط وكان من المتوقع أن تبقى أسعار العقود الآجلة على هذا المستوى. ومع بداية الحرب بدأت الأسعار في الارتفاع لتصل الى 145 $ للبرميل الواحد بحلول سنة 2008. ونحن نعتقد أن الحرب وتأثيرها على الشرق الأوسط أكبر مورد للنفط في العالم كانت من العوامل الرئيسة في ارتفاع سعر النفط. ولم يتوقف انتاج النفط العراقي فقط ولكن جلبت الحرب عدم الاستقرار الى الشرق الأوسط وتثبيط عزائم الاستثمار في المنطقة بأجمعها.
“في حساب 3 تريليونات التي قدرت قبل عامين صبينا اللوم على الحرب التي كانت السبب في ارتفاع سعر البرميل الواحد من النفط بمقدار 5 دولارات. ونحن نعتقد الآن أن هذه التقديرات أكثر واقعية من تأثير الحرب على الأسعار التي يعمل بها والتي هي على الأقل 10 دولارات للبرميل الواحد. وهذا من شأنه أن يضيف 250 ملياردولار إلى التكاليف المباشرة على تقديراتنا الأصلية لثمن الحرب على العراق. ولكن كلفة هذه الزيادة لا تقف عند هذا الحد فقد كان لارتفاع أسعار النفط أثر مدمر على الاقتصاد”(8).
3.3. الدين الاتحادي
ليس هناك شك في أن الحرب على العراق أضافت عبئاً الى الدين الفدرالي فعلياً. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ الأمريكي التي خفضت فيها الحكومة الضرائب ومن ثم ذهبت الى الحرب. والنتيجة هي حرب ممولة بالكامل عن طريق الاقتراض. ارتفعت ديون الولايات المتحدة من 6.4 تريليون دولار في آذار/مارس 2003 الى 10 تريليونات دولار في سنة 2008 (قبل الأزمة المالية). وما يقل عن ربع هذه الزيادة تعزى مباشرة الى الحرب على العراق. وهذا لا يشمل الدفعات المستقبلية للرعاية الصحية والعجز في المدفوعات للمحاربين القدماء والتي سوف تضيف نصف تريليون دولار الى الدين. وكنتيجة لحربين مكلفتين بتمويل من الديون كانت المنزلة المالية للولايات المتحدة في وضع كئيب حتى قبل الأزمة المالية وتفاقم تلك المشاكل عقدت الانكماش (9).
كانت الأزمة المالية العالمية هي نتيجة جزئية للحرب على الأقل. ويعني ارتفاع أسعار النفط بأن النقود المنفقة على شراء النفط من الخارج لا تكون قد انفقت في الداخل. وفي الوقت نفسه فالإنفاق الحربي سيكون اقل تأثيرا على الحياة العامة من اية دفعة اقتصادية أو غيرها من أشكال الانفاق. كان الدفع الى المتعاقدين الأجانب العاملين في العراق أقل حافزا فعالا على المدى القصير (وليس بالمقارنة مع الانفاق على التعليم والبنى التحتية أو التكنولوجيا) ولا على أساس النمو والتطور الاقتصادي في المدى الطويل. وبدلاً من ذلك فان السياسة النقدية المتساهلة والأنظمة المتراخية أدت بالاقتصاد أن يهبط تدريجيا باتجاه فقاعة الاسكان والأزمة المالية.
ومن الصعوبة بمكان التحدث عن شىء معقد وخصوصا الأزمة المالية العالمية التي مهدت لها كثير من العوامل المساعدة. ولعل الأزمة كانت ستحدث في أي حال من الأحوال، ولكن من المؤكد مع كثير من الانفاق الداخلي وبدون الحاجة لمثل هذا الانخفاض في أسعار الفائدة ومثل هذا التنظيم الهش للحفاظ على الاقتصاد الذي يسير باتجاه المجهول. فالفقاعة التي كان من المفروض أن تكون صغيرة وكان سيكون لها عواقب انفجار أقل حدة اذا لم تكن الحرب قد ساهمت مباشرة في السياسة النقدية والأنظمة المالية الكارثية.
ولم تساهم الحرب على العراق في شدة الأزمة المالية فقط، على الرغم من انها حافظت على ان تكون الاستجابة لها على نحو فعال. فزيادة المديونية تعني أن الحكومة الأمريكية كانت تملك وقتا قليلا للمناورة من اي وقت مضى. فالمخاوف من الحرب وتضخم الديون والعجز المالي كلها تقيد من الحافز وتعوق القدرة على معالجة الركود. ومع ارتفاع معدل البطالة بعناد فإن البلد يحتاج الى الحافز الثاني، ولكن تصاعد الدين الحكومي يعني انخفاض الدعم للحافز الثاني. والنتيجة هي أن الركود سيكون أطول والمخرجات قليلة والبطالة مرتفعة والعجز أكبر مما لو تم في غياب الحرب.
ويذكرنا التاريخ بأن الحرب محاولة محفوفة بالمخاطر ومع ذلك يبدو واضحا أنه من دون هذه الحرب ليس من شأنه فقط أن تكون مكانة الولايات المتحدة في العالم أعلى واقتصادها سيكون أقوى، فالسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن أن تتعلم الولايات المتحدة من هذا الخطأ المكلف؟ كما يؤكدان على ذلك ستيغليتز وبيلميز.
4. الاقتصاد الكلي والسياسة المالية
عمل بول كروغمان الكثير لإحياء فخ السيولة liquidity trap كموضوع في الاقتصاد. وأوصى بمتابعة السياسة المالية العدوانية والسياسة النقدية غير التقليدية لمواجهة عشرة سنوات ضائعة (العقد الضائع حسب تعبير كروغمان) من التطور الاقتصادي في اليابان في تسعينيات القرن الماضي بحجة أن البلاد غرقت في فخ السيولة الكينزية. واستمر النقاش حول فخ السيولة وماهي السياسات المفضلة كعنوان مهم في الأدبيات الاقتصادية في ذلك الوقت.
ناقش كروغمان في “عودة اقتصاد الكساد” أن اليابان كانت في فخ السيولة في أواخر تسعينيات القرن الماضي وحينذاك لم يتمكن البنك المركزي من خفض سعر الفائدة للتخلص من الركود الاقتصادي ¬الذي يشكل جوهر اقتراح كروغمان لمعالجة السياسة العامة في اليابان من الوقوع في فخ السيولة وحلقة التضخم. وبرهن اقتراب اكثر نحو الهدف المعتاد لسياسة الاستقرار الحديثة الكافية لاتخاذ اجراءات مناسبة لا تؤثر على تخصيص الموارد الاقتصادية. ظهر هذا الاقتراح لأول مرة في بيان نشر على موقعه في شبكة الانترنيت الأكاديمية. ولكن اسيء فهمه أيضا من قبل البعض على تكرار النصيحة السابقة له حين صرح بأن أفضل أمل لليابان يكمن في تحوله الى طريقة ضغط الأعمال التجارية على النحو الموصى به من قبل ميلتون فريدمان (Milton Friedman) وجون ماكين (John Makin) وغيرهما (12).
ومنذ ان قارن كروغمان بشكل متواز بين عقد اليابان الضائع وركود أواخر سنة 2000 فإنه برهن على أن السياسة المالية التوسعية ضرورية مثل معظم الاقتصادات الصناعية الغارقة في فخ السيولة ، ردا على الاقتصاديين الذين يشيرون الى أن الاقتصاد الياباني تعافى على الرغم من عدم متابعة سياسته من قبل البرنامج الخاص بالين الياباني. ويؤكد كروغمان بان الطفرة في الصادرات هي التى ساعدت اليابان في الخروج من الركود الاقتصادي في أواخر تسعينيات القرن الماضي بدلا من الاصلاحات في النظام المالي.
كان كروغمان أحد أبرز المدافعين عن انبعاث الكينزية في 2008-2009 لدرجة ان المعلق الاقتصادي نوح سميث (Noah Smith) نعتها باسم “تمرد كروغمان”. وفي حزيران/يونيو 2012 أصدر كروغمان وريتشارد لايارد (Richard Layard) بيان بعنوان “رأي اقتصادي” يدعون فيه الى زيادة استخدام سياسة الحوافز المالية للحد من البطالة وتعزيز النمو. تلقى البيان اكثر من أربع آلاف توقيع خلال يومين من اطلاق حملة جمع التواقيع بما في ذلك أبرز الاقتصاديين وجذبت الكثير من الردود الايجابية والانتقادية.
5. كيف تجنبت الدول الاسكندنافية الأزمة الاقتصادية؟
علق بيتير ليفرنغ (Peter Levring) على كروغمان في مقالة “أزمة الديون الاسكندنافية في انتظار أن تحلها ألغاز كروغمان” الصادرة في شهر كانون الثاني/يناير 2014 بأن اسكندنافيا التي جذبت المستثمرين خلال أزمة الديون السيادية في أوروبا ستأتي الآن تحت الرقابة الدولية بسبب القلق من ان الرقم القياسي لمستويات الديون الأسرية من الدنمارك الى السويد سيدعم من قبل اوروبا (13). وقال الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد بول كروغمان في مقابلة صحفية في التاسع من شهر كانون الثاني العام 2014 في كوبنهاغن “أنت تسأل إذا كانت هذه الأزمة تنتظر الظرف الملائم لحدوثها”. لقد قامت الدول الاسكندنافية بحل الأزمة عن طريق جذب المستثمرين خلال أزمة الديون السيادية في أوروبا تحت الاعتماد الدولي وهذا مثير للأعصاب. فالسويد والدنمارك تتبجحان بأعباء الديون العامة التي هي أقل من نصف المعدل في منطقة اليور، في حين بلغ صندوق الثروة السيادية في النرويج 820 بليون دولار أمريكي$ ، هذا يعني أن الحكومة النرويجية لا يوجد ليها ديون. ولكن في كل الدول الثلاث (النرويج والسويد والدنمارك) قاموا بتخفيض تصنيف مجموعة AAA (American Arbitration Association) لتكاليف الاقتراض بسبب تغذية اقتراض المستهلكين دون الانهماك في مجادلة صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تشكل تهديدا للاستقرار. قال كروغمان : “أنت تعتقد أنه اذا نجوت من الأزمة المالية دون أضرار كبيرة فأنت بخير!ّ ولكنك لا، لن تنجو منها”.
وفي الدنمارك حيث المستهلكين مدينون لدائنيهم بنسبة 321%من الدخول القابلة للصرف، وهذا يعد رقما قياسيا عالميا حسب تصريح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (Organization for Economic Cooperation and Development – OECD) في شهر تشرين الثاني /نوفمبر 2014 والتي تتخذ من باريس مقرا لها. يتطلب هذا وجود سياسة فاعلة للقدرة على الدفع. وفي السويد تقترب الديون التي هي من هذا المستوى الى نحو 180% وهو المستوى الذي تقول عنه الحكومة والبنك المركزي بانهما لا يسمحان له بالارتفاع فوق ذلك. كافح البنك المركزي النرويجي لإيجاد مزيج من السياسات التي تتناول عبء الديون الخاصة بنسبة 200%. في حين أن العديد من الدول الغربية لا تزال تعاني من الأزمة الاقتصادية الآخذة في الاتساع، فإن اسكندنافيا مرت فيها عاصفة الأزمة المالية العالمية بشكل جيد ومدهش.
والحقيقة أن الدول الاسكندنافية لديها نظم ضريبية مرهقة ومزايا رعاية اجتماعية سخية تتناقض مع الحكمة الاقتصادية المتبعة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حيث يجري التراجع عن دور الدولة حيثما أمكن استجابة للأزمة العالمية. ويقول هيلكه بيديرسون (Helge Pedersen) الخبير الاقتصادي في بنك نورديا (Nordea Bank) بأن الدنمارك وفنلندا والنرويج والسويد ينتمون الى النادي الحصري للبلدان ذات التصنيف العالي من قبل وكالات التصنيف الائتماني الكبيرة وتتمتع بميزة الملاذ الآمن في الأسواق المالية(14).
بدأ اقتصاديو وحكومات الاقتصادات الأخرى الأقل حظاً يسألون كيف تمكنت الاقتصادات الاسكندنافية من تفادي الاضطراب الاقتصادي بنجاح؟ الجواب هو أن بعض الدول الاسكندنافية تلقت التلقيح المبكر ضد هذا النوع من الازدهار والكساد التي خرجت بموجبه الاقتصادات الكبرى والتي لا تزال تتخبط منذ انهيار فقاعة المساكن في الولايات المتحدة والأزمة المالية التي تبعتها. إذ قال رئيس الاقتصاديين في بنك نورديا النرويجي شتاينر يول (Steinar Juel) “شهدت النرويج والسويد وفنلندا في بداية تسعينيات القرن الماضي أزمة مصرفية حينما انفجرت فقاعة الاسكان بنفس الطريقة التي تعاني منها الآن الاقتصادات الغربية الأخرى”. وأن “السويد وفنلندا نفذتا في وقت لاحق سياسات جيدة في البنوك مع ضوابط سياسة مالية جديدة”.
ومع ذلك ليس من الدقة ان تتكتل جميع الاقتصادات الاسكندنافية تحت افتراض أن جميعها متساوية في القوة او تخضع بالتساوي لنفس الضغوط. فالاقتصاد النرويجي على سبيل المثال، قوي بسبب دعم الصناعة النفطية التي استفادت بشكل كبير من الارتفاع العالمي لأسعار النفط. وقال الاقتصادي اريك بروس (Eric Bruce) من بنك نورديا “تظهر في الاقتصاد النرويجي بعض علامات ضعف ومع ذلك فنحن لا نرى سببا لتغيير نظرتنا المتفائلة لمضى الاقتصاد قدماً”. واردف قائلاً: “من المتوقع أن يكون النمو عاليا في النرويج ولكن هجرة العمالة ستؤدي الى ارتفاع التكاليف. فزيادة الأجور ستكون أعلى بكثير مما في البلدان المجاورة، ولكنها ليست عالية بحيث تدفع التضخم فوق المستوى المستهدف”. وتعزز قوة الأجور وزيادة الاستخدام الى جانب انخفاض التضخم القوة الشرائية الاستهلاكية في النرويج، وكانت النتيجة أن زيادة الاستهلاك في النصف الأول من 2013 كان مرتفعا مقارنة مع 2012 الذي كان فيه أضعف من المتوقع. ومع مستوى عال من الادخار وسوق عمل مدعوم يرى الاقتصاديون ومراقبو السوق بأن زيادة الاستهلاك استمرت في 2014 وعلى الرغم من أن كثير من أسواق التصدير النرويجية تتأرجح في استيعابها للمنتجات فإن الشركات النرويجية مستمرة في التوسع عالمياً.
وتضغط شركات اسكندنافية أخرى في التوسع قدما في الخارج. فشركة أريكسون (Ericsson) السويدية – أكبر شركة لصناعة معدات شبكات النقل الهاتفية تعمل مع شركة الاتصالات الهاتفية الايرانية لتوسيع شبكتها. وتزيد أريكسون استثماراتها في ايران في وقت توقفت فيه كثير من الشركات الغربية ممارسة أعمالها التجارية بسبب العقوبات الدولية(15). ولكن بسبب قلة احتياطي النفط النرويجي ستستمر السويد في مواجهة أوقاتا صعبة في المستقبل وهذا ما أدى بوزير المالية السويدي أندرس بورغ (Anders Borg) الى التصريح بأن السويد يمكن أن تخفض تقديرات النمو في سنة 2014 بسبب التأثير السلبي لأزمة الديون الأوروبية على صادرات بلاده. ووفقاً لخبراء اقتصاديين كان من المدهش أن تصمد السويد في مواجهة الاضطراب العالمي ويتعزز فيها بشكل كبير النمو الاستهلاكي والاقتصاد المنزلي مستقرعموماً. فبمستوى التضخم المنخفض وارتفاع الأجور تحافظ الأسر على قدرتها الشرائية كما يقول توربيورن إساكسون (Torbjorn Isaksson) الخبير الاقتصادي في بنك نورديا، وكان من المتوقع أن يرتفع الدخل الحقيقي في السويد بنسبة 2% في العام 2014 . ويتنبأ الاقتصاديون بأن نمو الانفاق الاستهلاكي لدعم الاقتصاد الدنماركي سيرتفع بمعدل 0.7% في 2014 و1.9 % في 2015. واجهت فنلندا تباطؤ في نمو الانفاق الاستهلاكي مع تناقص النشاط الاقتصادي في جميع المجالات بعد الربع الأول من العام 2014. ومع ذلك توقع بنك نورديا بأن الاقتصاد الفنلندي سيعود الى النمو تدريجياً.
ليس هناك من هو على يقين بأن الدول الاسكندنافية ستواصل الصمود في وجه العاصفة المالية العالمية، ولكن يبقى الاقتصاديون على ثقة من أن النظم الاجتماعية ستكون بمثابة عامل استقرار، ويقول المدير العام لبنك نورديا شتاينر يول (Steinar Juel) “حينما تواجه الشركات صعوبات وتسرح قسم من عمالها فإن الحكومة ستقدم لهم المساعدات المالية للعيش وتساعدهم في ايجاد وظائف أخرى لهم. وهذا يركز على أن يحافظ الاقتصاد الوطنى على مستوى معين من النمو”.
أن تعزيز الشبكات الاجتماعية يمكن أن يكون الدواء الصعب على بعض الاقتصادات الغربية ابتلاعه، ولكن ينبغي أن نتذكر أن العديد من أنظمة الضمان الاجتماعي الموجودة في الاقتصادات غير الاسكندنافية وضعت في مكان المواجهة المباشرة للأزمات الاقتصادية في القرن الماضي.
الخلاصة
تمثل الأزمة الحالية مجموعة أهم الأحداث الاقتصادية دولياً منذ منتصف سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي التي خلقت نظام اقتصادي تفكك نتيجة لهذا العقد المضطرب. وما يستبدل الأزمة سيعتمد ليس على الظروف الموضوعية فقط ولكن على قدرة اليسار في طرح قدرته الخاصة بالاقتصادعلى أساس الحاجة وليس الربح كبديل لتراكم الموارد المالية في السنوات العشرين الماضية.
تضيف تجربة دول الشمال من التكامل المالي والأزمة المالية في تسعينيات القرن الماضي الى فهمنا طبيعة أسباب وعواقب الأزمات المالية. وباختصار فإنه يدل على النمط العام الذي يحمل للبلدان الثلاثة التي يظهر فيها نمط الازدهار والكساد. ينبغي أن لا يكون هناك شك في أن الانفتاح المالي لفنلندا والنرويج والسويد كان الدافع الرئيس لبداية سلسلة من الأحداث التي أدت بهذه الاقتصادات الى الاكتئاب. وفي نهاية المطاف أدت الأزمة الى تغييرات كبيرة وإعادة الهيكلة التي حولت الشماليين الذين يعانون من الأزمة الى الاقتصادات الأسرع نموا في أوروبا. وآثار التكامل المالي على المدى الطويل ليست مثيرة مثل الـتأثيرات القصيرة الأجل، ولكنها قد تكون أكثر أهمية مع مرور الوقت.
يزودنا تاريخ الاتحادات المالية بعدد من الشروط اللازمة للاتحاد المالي التي يستند عليها الاتحاد النقدي والاتحاد المالي في نفس الوقت. فالشرط الأول وربما الأكثر أهمية هو التزام وثيق بقاعدة عدم انقاذ أعضاء الاتحاد المالي والثاني هو درجة ايرادات ونفقات استقلال أعضاء الاتحاد المالي التي تعكس ميولهم السياسية. الشرط الثالث هو ايجاد آلية نقل متطورة لاستخدامها في أوقات المحن وتمكن من تسهيل نقل الأموال بإنشاء رابطة مشتركة. الشرط الرابع هو القدرة على التعلم من أخطاء الماضي والتكيف مع الظروف الاقتصادية والسياسية الجديدة.
لقد تم انشاء منطقة اليورو بدون تأثير الاتحاد المالي. فالمؤسسات التي أنشأت لتكون بمثابة الاساس للاتحاد المالي (معاهدة ماستريخت ومعاهدة الاستقرار والنمو) لضبط السياسات المالية المحلية لم تعمل كما هو مخطط لها وكما يتضح من الأزمات والركود من 2007 الى 2009 وما بعدهما. الدروس المستقاة من التجربة التاريخية لخمس دول اتحادية: الأرجنتين والبرازيل وكندا وألمانيا والولايات المتحدة يمكن أن تكون مفيدة لمنطقة اليورو لتجنب التفكك في المستقبل.
(*) استاذ جامعي وباحث اقتصادي مقيم في النرويج
(**) تم نشر اجزاء من هذا البحث تحت عنوان “الأزمة الاقتصادية العالمية وكيف استطاعت الدول الاسكندنافية احتوائها” في مجلة الثقافة الجديدة، العدد المزدوج 374-375 في شهر تموز العام 2015
الهوامش:
1. Bordo, Michael, Agnieszka Markiewicz, Lars Jonung (2011), “A fiscal union for the euro: Some lessons from history”, NBER Working Paper No. 17380.
2. {( Jordi Gual 2011(www.voxeu.org) and Charles Wyplose, Happy 2012?(www.nber.org)}.
3. Paul Krugman and others, International Economics, Prentice Hall, 2014 .
4. Stefan Penczynski, University of Mannheim, Department of Economics, 2013
5. DouglasW. Diamond (2007), “Banks and Liquidity Creation: A Simple Exposition of the Diamond-Dybvig Model,”
6. Levin Cobrun Report On the Financial Crisis Wednesday, April 13, 2011
7. http://shrewdeconomist.blogspot.no
.8مباشر- جريدة كويتية الكترونية، سباق التسلح في دول الخليج، 5 /2/2011.
9. The Washington Post, September 5, 2010, Joseph Stiglitz and Linda Bilmes,The true cost of the Iraq war.
10. المصدر السابق
11. المصدر السابق.
Kokko, A. and K. Suzuki, (2006), ”The Nordic and Asian crises – common causes, .12 different outcomes?, report for the study ”Crises, macroeconomic performance and economic policies in Finland and Sweden in the 1990s: A comparative approach”, European Institute of Japanese Studies, Stockholm School of Economics, Stockholm.
13. Levring, Peter. Scandinavian Debt Crisis Waiting to Happen Puzzles Krugman, 14 Jan. 2014 www.bloomberg.com
14. Steigum, E., “Financial deregulation with a fixed exchange rate: Lessons from Norway’s boom-bust cycle and banking crisi, report for the study “Crises, macroeconomic performance and economic policies in Finland and Sweden in the 1990s, A comparative approach”, Norwegian School of Management, Sandvika. 2007.
Jonung, L. And others. ”The great crisis in Finland and Sweden – the macrodynamics of .15 boom, bust and recovery 1985-2000”, report for the study ”Crises, macroeconomic performance and economic policies in Finland and Sweden in the 1990s: A comparative approach”, Handelshögskolan, Stockholm. 2006.
المصادر العلمية:
1. Allan, F. and D. Gale (1999), “Bubbles, crises, and policy”, Oxford Review of Economic Policy, 15, 9 – 18.
2. Allan, F. and D. Gale (2000), “Bubbles and crises”, The Economic Journal, 110, 236-55.
3. Allan, F., (2001), “Financial structure and financial crisis”, International Review of Finance,1/2, pp. 1-19.
4. Andersen, Torben M., Svend E. Hougaard Jensen and Ole Risager (1999), “Macroeconomic perspectives on the Danish economy: Problems, policies and prospects,” in Andersen, T.M. and Svende E. Hougaard Jensen (eds.): Macroeconomic perspectives on the Danish economy, Macmillan.
5. Berg, S. A. (1998), “Bank failures in Scandinavia”, chapter 11 in G. Caprio, et al. eds., Preventing bank crises. Lessons from recent global bank failures, TheWorld Bank. Washington, D.C.
6. Bordo, Michael, Agnieszka Markiewicz, Lars Jonung (2011), “A fiscal -union- for the euro: Some lessons from history”, NBER Working Paper No. 17380.
7. Bordes, C., D. Currie and H.T. Sö-;-derströ-;-m, (1993), Three assessments of the Finnish economic crisis and economic policy, Bank of Finland, Helsinki.
8. Bordo, M., B. Eichengreen, D. Klingebiel and M. Soledad Martinez-Peria, (2001), “Is the crisis problem growing more severe?”, Economic Policy, 32, pp. 51-82.
9. Bordo, M., and O. Jeanne, (2002), ”Boom-busts in asset prices, economic instability, and monetary policy,” NBER Working Paper 8966, Massachusetts, Cambridge. -print-ed as Chapter 5 in R. Burdekin and P. L. Siklos, eds., Deflation. Current and historical perspectives, Cambridge University Press, Cambridge, 2004.
10. Bordo, M., (1998), Currency crises (and banking crises) in historical perspective, Stockholm School of Economic Research Report No. 10, Stockholm.
11. Calmfors, L., (2007), “Scandinavia today: An economic miracle?”, chapter 4 in The EEAG Report on the European Economy 2007, CESifo Group, Munich.
12. Drees, B. and C. Pazarbasioglu, (1998), The Nordic banking crisis. Pitfalls in financial liberalization, Occasional Paper 161, IMF, Washington DC.
13. Eichengreen, B. (2003), Capital flows and crises, MIT Press, Cambridge and London.
14. Englund, P., (1999), “The Swedish banking crisis: Roots and consequences”, Oxford Review of Economic Policy, vol. 15, no. 3, pp. 80-97.
15. Englund, P. and V. Vihriä-;-lä-;-, (2006), ”Financial crises in developed economies: The cases of Sweden and Finland”, report for the study ”Crises, macroeconomic performance and economic policies in Finland and Sweden in the 1990s: A comparative approach”, Handelshö-;-gskolan, Stockholm.
16. Eschenbach, F. and L. Schuknecht, (2004), ”Budgetary risks from real estate and stock markets,” Economic Policy, pp. 313-346.
17. Fregert, K. and J. Pehkonon (2006), “The crises of the 1990s and the evolution of unemployment in Finland and Sweden”, report for the study ”Crises, macroeconomic performance and economic policies in Finland and Sweden in the 1990s: A comparative approach”, Department of economics, University of Lund, Lund.
18. Gual, Jordi (2011), “The Eurozone debt crisis: Is this a banking problem?”, VoxEU.org.
19. Honkapohja, S. and E. Koskela, (1999), “The economic crisis of the 1990s in Finland”, Economic Policy, 401-436.
20. IMF (2003), “Real and financial effects of bursting asset price bubbles”, Chapter II of the World Economic Outlook, April 2003, International Monetary Fund, Washington DC.
21. IMF (1998), World Economic Outlook, May, IMF, Washington.
22. IMF (2004), “Are credit booms in emerging markets a concern?”, Chapter IV of World Economic Outlook, April 2004, International Monetary Fund, Washington DC.
23. Henrekson, M. and U. Jakobsson, (2005), “The Swedish model of corporate ownership and control in transition”, chapter 7 in H. Huizinga and L. Jonung, eds., The internationalisation of asset ownership in Europe, Cambridge University Press, Cambridge.
24. Honkapohja, S., Koskela, E. and J. Paunio, (1996), “The depression of the 1990 s in Finland: An analytic view”, Finnish Economic Papers, vol. 9.
25. Honkapohja, S. and E. Koskela, (1999), “The economic crisis of the 1990s in Finland”, Economic Policy.
26. Jaeger, A. and L. Schuknecht, (2004), “Boom-bust phases in asset prices and fiscal policy behavior”, IMF Working Paper 04/54, Washington DC.
27. Jonung, L., (2000), Looking ahead through the rear-view mirror. Swedish stabilization policy as a learning process 1975-1995. A Summary. Ministry of Finance, Stockholm, 2000.
28. Jonung, L. and T. Hagberg, (2005), “How costly was the crisis of the 1990s? A comparative analysis of the deepest crises in Finland and Sweden over the last 130 years”. Economic paper, 224, DG ECFIN, Brussels.
29. Jonung, L., Kiander, J. and P. Vartia, (2006), ”The great crisis in Finland and Sweden – the macrodynamics of boom, bust and recovery 1985-2000”, report for the study ”Crises, macroeconomic performance and economic policies in Finland and Sweden in the 1990s: A comparative approach”, Handelshögskolan, Stockholm.
30. Jonung, L., L. Schuknecht and M. Tujula (2005), “The boom-bust cycle in Finland and Sweden 1984-1995 in an international perspective”, Economic Paper no 237, DG ECFIN, Brussels, December.
31. Jonung, L. and J. Stymne, (1997), “The great regime shift: asset markets and economic activity in Sweden, 1985-93”, chapter 1 i F. Capie and G. Wood, eds., Asset prices and the real economy, Macmillan, London.
32. Jonung, L., J. Stymne and H.T. Sö-;-derströ-;-m, (1996), “Depression in the North. Boom and bust in Sweden and Finland, 1985-1993”, Finnish Economic Papers, vol. 9.
33. Kiander, J. and P. Vartia, (1996a), “The great depression of the 1990s in Finland”, Finnish Economic Papers, vol. 9.
34. Kiander, J. and P. Vartia, (1996b): “The crisis of hard currency regime in Finland”, in P. Nenonen, ed., Antti Tanskanen 50 vuotta – kirjoituksia kansantaloudesta (Antti Tanskanen 50 å-;-r – skrifter i nationalekonomi), Department of economics, University of Jyvä-;-kylä-;-.
35. Kiander, J. and P. Vartia, (1998), “The depression of the 1990s in Finland: A Nordic financial crisis´-or-a result of the collapse of the Soviet -union-”, in T. Myllyntaus, ed., Economic crises and restructuring in history: Experiences of small countries, -script-a Mercaturae Verlag, St. Katharinen.
36. Kokko, A. and K. Suzuki, (2006), ”The Nordic and Asian crises – common causes, different outcomes?, report for the study ”Crises, macroeconomic performance and economic policies in Finland and Sweden in the 1990s: A comparative approach”, European Institute of Japanese Studies, Stockholm School of Economics, Stockholm.
37. Mayes, D., L. Halme and A. Liuksila, (2001), “The financial crisis of the early 1990s and its lessons”, chapter 2 in D. Mayes, L. Halme and A. Liuksila, eds., Improving banking supervision, Palgrave, Houndmills and New York.
38. Moe, T., J. Solheim and B. Vale., eds., (2004), The Norwegian Banking Crisis, Occasional papers no 33, Bank of Norway, Oslo.
39. Quinn, D., and A. M. Toyoda, (2007), “Ideology and voter preferences as determinants of financial globalization”, American Journal of Political Science, Vol. 40, No. 2, pp. 344-363.
41. Steigum, E., (2007), “Financial deregulation with a fixed exchange rate: Lessons from Norway’s boom-bust cycle and banking crisis”, report for the study ”Crises, macroeconomic performance and economic policies in Finland and Sweden in the 1990s, A comparative approach”, Norwegian School of Management, Sandvika.
42. Stiglitz, E and Bilmes L. , (2010), “The true cost of the Iraq war: -$-3 trillion and beyond”, London.
43. Steigum E. The Norwegian Banking Crisis in the 1990s: Effect and Lessons. Working Paper Series 5/1. CME/BI June 2011. Centre for Monetary Economics BI Norwegian School of Management. Oslo.
44. Tornell, A. and F. Westermann, (2005), Boom-bust cycles and financial liberalization, MIT Press, Cambridge and London.
45. Wyplosz, Charles (2011), “Public debt in the Eurozone, Japan, and the US”, VoxEU.org, 16 September.
46. www.levin.senate.gov/newsroom/press/release/us-senate-investigations-subcommittee-releases-levin-coburn-report-on-the-financial-crisis.
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. شبكة الاقتصاديين العراقيين، 2/12/2015

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (5)

  1. farouk younis
    farouk younis:

    لعدم نشر تعليقى السابق اريد الاشارة الى بعض ما ورد فى المقال من كلام غير مفهوم مثل :
    1- ( ينبغى ان لا يكون هناك شك فى ان الانفتاح المالى لفنلندة والنروج والسويد كان الدافع الرئيس لبداية سلسلة الاحداث التى ادت بهذه الاقتصاديات الى الاكتئاب ) اترك للقراء اللبيب ترجمة هذه الفقرة وما معنى ادت بهذه الاقتصاديات الى الاكتئاب
    2- ( وفى نهاية المطاف ادت الازمة الى تغيرات كبيرة واعادة الهيكلة التى حولت الشماليين الذين يعانون من الازمة الى تغيرات كبيرة واعادة الهيكلة التى حولت الشماليين الذين يعانون من الازمة الى الاقتصادات الاسرع نموا فى اوربا واثار هذا التكامل المالى على المدى الطويل ليست مثيرة مثل هذه التاثيرات القصيرة الاجل ولكنها قد تكون اكثر اهمية مع مرور الزمن ) احتاج الى فتاح فال لترجمة هذا المقطع الى اللغة الاقتصادية او على الاقل الى اللغة العربية
    مع التقدير

  2. farouk younis
    farouk younis:

    الى :
    Dr . Sanaa Mustafa
    الاستاذ الفاضل الدكتور سناء عبد القادر مصطفى انت على حق انا بحاجة الى قراءة الكثير من الادبيات الاقتصادية ولكن كما تعلم لا يفترض فى القارىْ ان يكون عالما فانت بروفيسور فى حين انا قارىء بسيط
    فعلى سبيل المثال وجدت فى مقالكم ما يلى :
    1- ( تسعى هذه المقالة البحثية لمناقشة وشرح الاسباب المختلفة والمتناقضة التى طرحها العلماء والخبراء الاقتصاديون وادت الى انفجار احدث ازمة اقتصادية ) بين قوسين من المقال
    هل الاسباب المختلفة والمتناقضة التى طرحها العلماء ادت الى انفجار احدث ازمة اقتصادية ؟
    2- (من المهم ان نلقى نظرة على النظريات الماركسية حول الازمات الاقتصادية ) بين قوسين من المقال
    انا القارىء الجاهل لم اجد نظرتكم على تحليل ماركس للراسمالية ومكانتها فى التطور التاريخى للانسانية وتحليله لعدم الاستقرار المركزى للتطور الراْسمالى الذى يمر عبر ازمات اقتصادية دورية تتولد ذاتيا ولها ابعاد سياسية واجتماعية
    اليس هذا ما يقوله الماركسيون ؟ فاين هى وجهة نظرك بشاْن النظريات الماركسية يا استاذى الفاضل ؟
    3- تنصحنى بان اقراْ ( الكثير من الادبيات الاقتصادية قبل ان ابداْ بالرد على اية مقالة اقتصادية فى المستقبل ) الا تعتقد بان هذه النصيحة رغم اهميتها صعبة التطبيق ؟
    4- اكرر ما ذكرته فى تعليقى السابق بان المقال او بالاحرى ( التقرير الموسع ) يتضمن معلومات كثيرة ومفيدة لمن يريد الاطلاع على ما حصل من ازمات مالية واقتصادية فى ظل العولمة والنظام العالمى الجديد على ان ملاحظاتى البسيطة لا تقلل مطلقا من اهمية العمل الجاد للاستاذ الفاضل سناء عبد القادر مصطفى
    مع خالص احترامى وتقديرى لشخصه الكريم
    مع خالص تقديرى واحترامى لشخصه الكريم

  3. farouk younis
    farouk younis:

    افكار الباحث مضطربة يمتلك معلومات كثيرة ولكن ما معنى عنوان مقاله الازمات الاقتصادية بين النظرية والتطبيق
    سوْل شاعر العرب الاكبر محمد مهدى الجواهرى ما راْيك بالشعر الحر ؟ اجاب انه شعر عمودى مضروب ( بجلاق )
    مع خالص احتراماتى

    • Dr. Sanaa Mustafa
      Dr. Sanaa Mustafa:

      الى فاروق يونس مع أطيب التمنيات
      من الواضح أنك لم تفهم عنوان المقالة ولم تتمعن فيه جيدا. كما أن إستشهادك بمقولة محمد مهدي الجواهري جاءت في غير محلها. أتمنى منك أن تفكر بشكل واع وسليم وتقرأ الكثير من الأدبيات الاقتصادية قبل أن تبدأ بالرد على أية مقالة اقتصادية في المستقبل.

    • Avatar
      أ.د نبيل مهدي الجنابي:

      الاستاذ الفاضل فاروق يوسف … تعجبني تعليقاتك الذكية والتي كي تفسر اقتصاديا تحتاج الى صفحات عدة …تحياتي

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: