الصناعة الوطنية

د. سناء عبد القادر مصطفى: ما هي ســـبل نجاح الاســـتثمار في المشاريع الصغرى والمتوسطة في العراق؟ مشروع دراسة

المقدمة:
تبرز في ظروف الأزمة الاقتصادية الراهنة ضرورة تشجيع الاستثمار في المشاريع الصغرى والمتوسطة. وتظهر هذه الضرورة خاصة حينما ترتفع معدلات البطالة وتنخفض أسعار النفط وينتج منها انخفاض نفقات الموازنة العامة للدولة وكذلك وقت ما تطالب المؤسسات المالية الدولية بضرورة التقليل من حدة الفقر وتطوير سبل إنعاش الاقتصاد الوطني العراقي، إلى غير ذلك من الأسباب الصائبة. وكرد فعل على هذه المطالبات من الضروري ان تقوم الحكومة العراقية باتخاذ إجراءات ناجعة لتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويقوم البنك المركزي العراقي بتقديم قروض بشروط ميسرة إلى المصارف يكون الهدف منها توفير التمويل اللازم للتوسع في إنشاء مثل هذه المشاريع.
 
وتتركز مشكلة البحث على ضعف الدعم الحكومي المقدم في الوقت الحاضر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وما يترتب على ذلك من آثار سلبية على تطور الاقتصاد الوطني. وهنا سوف أركز على الاستيراد من الخارج للمنتجات بكافة أنواعها والتي تستخدم لدحر الاقتصاد العراقي وضعف منافسته في الداخل بسبب عدم وجود قوانين الحماية التي تردع ذلك في الواقع العملي.
 
والفرضية الأساسية للورقة البحثية هي ضعف وتدهور دعم الحكومة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. وما ينجم عنه من آثار سلبية على محصلة تطور الاقتصاد الوطني العراقي.
 
هدف البحث: ويهدف البحث الى إلقاء الضوء على أهم أسباب تدهور المشاريع الصغيرة والمتوسطة بعد سنة 2003 ولحد الآن من حيث:
 

  1. بيان وتحديد الأسباب الحقيقية التي تقف حجر عثرة أمام تنمية وتطور هذه المشاريع، اعتماداً على التحليل العلمي الذي تحدده منهجية هذا البحث.

 

  1. طرح الحلول العملية من خلال الخطط الاقتصادية الطويلة والمتوسطة الأمد لضمان تحقيق تنمية اقتصادية شاملة مستمرة ومتواصلة في حسب التصورات المرسومة لها.

 
منهجية البحث: من أجل تحقيق الأهداف المنشودة من هذه الدراسة والوصول الى إثبات فرضية البحث أو نفيها اعتمدت في هذا البحث استخدام المنهج الاستنباطي الوصفي الذي يستند الى أساليب الاحصاء الاقتصادي ومحاولة معرفة العلاقة الكمية التي تربط هذه المتغيرات بعضها ببعض
 
أهمية الدراسة:
إن أهمية الدور الذي تلعبه وتؤديه المشاريع الصغرى والمتوسطة في تطوير الاقتصاد الوطني العراقي في زيادة فرص العمل وتقليص حدة الفقر ورفع معدلات النمو الاقتصادي، بديهية اقتصادية معروفة، لا لبس عليها ولا تحتاج الى نقاش حتى يبت بقبولها أو رفضها. فأهمية هذه المشاريع معروفة في اقتصاديات كل الدول المتقدمة، كما أن الكثير من الدول النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية نجحت في تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية ولفترات متواصلة وذلك بأن اعتمدت بشكل كبير على هذه المشاريع. ولكن الاختلاف ربما يكمن في أهمية توفير الظروف الأساسية لنجاح هذه المشاريع وديمومتها. فهي مهما كانت صغيرة، لا تنشأ من فراغ أو بقرار سياسي عاجل أو بتوفير التمويل فقط. فالأخير وحده، كما حصل وما يزال يحصل في بعض الدول، يشجع المغامرين على الإقدام على مشاريع تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات النجاح. وتنتهي المغامرة بفشل المشروع وعجز المدين عن الدفع وهدر مبلغ التمويل. وينطبق الشيء ذاته على القرارات السياسية العاجلة التي تعفى من الرسوم الجمركية أو توفر مواد أولية مدعومة أو تسرّع إنجاز المعاملات.
 
مشكلة الدراسة:
وحتى تكون المشاريع الصغرى والمتوسطة ناجحة وذات استمرارية وتحقق الأهداف المرجوة منها، فإنها تحتاج إلى بيئة حاضنة توفر لها كل مقومات النجاح بدءاً من الستراتيجيات الاقتصادية التي تعتبر إحدى أولوياتها، وتبني السياسات المالية والتمويلية اللازمة لتنفيذها، وانتهاءاً بالتسويق الداخلي والخارجي (الصادرات) لمنتجات هذه المشاريع.
 
إن من أهم الأخطاء الشائعة في سياسات الدول النامية الاقتصادية هي تبنيها سياسات غير متكاملة لتحقيق الأهداف التي تخطط لها، وعدم تبني حزمة من السياسات تكمل بعضها بعضاً حتى لا تتمخض عنها نتائج متناقضة كما يحصل في حال السياسات غير المتكاملة لجميع الجوانب.
 
ولتكوين بيئة حاضنة للمشاريع الصغرى والمتوسطة حتى تنجح وتستمر لا بد من وجود الآتي:
 

  1. تتبنى الحكومة تشجيع المشاريع الصغرى والمتوسطة كخطوة أولى في ستراتيجيتها الاقتصادية. ولتحقيق هذه الأولوية تقوم بتبني سياسات مالية ونقدية وتجارية وإنتاجية يكمل بعضها البعض، لأن عدم تبني مثل هذه السياسات سيؤدي إلى أن تكون نتائج سياسة تشجيع هذه المشاريع، مثل توفير التمويل والقروض الميسرة، عاجزة عن تحقيق أهدافها. وكمثال على ذلك، أعلن البنك المركزي العراقي في السنة الماضية عن نيته منح المصارف الخاصة قرضاً بـ5 بليون دولار لتأمين تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. ولكن في الوقت نفسه، تعتمد السياسة التجارية للحكومة العراقية أسلوب الباب المفتوح حيث الأسواق العراقية متاحة لجميع أنواع الاستيراد من كل الدول.

 

  1. تنظيم دورات تدريبية إجبارية، بالتعاون مع مؤسسات دولية للراغبين بتأسيس مشاريع صغرى ومتوسطة خصوصاً من الشباب، لتدريبهم على كيفية البدء بالمشروع والخطوات المطلوبة لاختيار المشروع الناجح بواسطة إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية مسبقا.

 

  1. تأسيس هيئة تابعة لمجلس الوزراء تتكون من عضوية الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة كالتخطيط والمالية والتجارة والصناعة والزراعة والنقل والعدل والبنك المركزي والمصارف الخاصة، هدفها متابعة تطبيق السياسات الخاصة بتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة واقتراح المعالجات الحيوية للصعوبات التي تواجهها هذه المشاريع.

 

  1. السعي إلى تكامل أنشطة المشاريع الصغرى والمتوسطة مع الأنشطة الصناعية والزراعية والتجارية للاقتصاد الوطني لضمان نجاحها. ويعتبر هذا التكامل أهم أسباب نجاح مثل هذه المشاريع في الدول المتقدمة.

 

  1. تشجيع بعض المشاريع الصغرى والمتوسطة على ربط أنشطتها بأسواق التصدير من خلال اتفاقات مسبقة مع جهات خارجية.

 
وفي حال العجز عن توفير هذه الأساسيات، تظل محاولات تشجيع المشاريع الصغرى والمتوسطة في العراق تدور في حلقة مفرغة.
 
* أكاديمي وخبير اقتصادي
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بأعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 17 آذار 2017

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (5)

  1. مصباح كمال
    مصباح كمال:

    عزيزي د. سناء
    محاولة للتفسير الاقتصادي للخسارة المهدرة التي تفرضها شركات التأمين
    أشكرك على تعليقك الغني وأوافقك على محتواه. أشكرك أيضاً لأنك بذلك قد وفرت فرصة للتوسع في الكتابة عن بعض جوانب آلية التأمين. وهو ما أحاوله في هذا التعليق.
    لماذا تفرض شركات التأمين خسارة مهدرة على المؤمن لهم
    لقد كنتَ دقيقاً في اقتناص موضوع يحتلُّ أهمية في عملية الاكتتاب من قبل شركات التأمين― وهو ما يعرف بفقرة التحمُّل excess أو الاستقطاع deductible أو الفرنشيزة franchise، وفي العراق جرت العادة على تسمية الاستقطاع بالخسارة المهدرة. وهو، وكما عرضتَه، يُمثّل مساهمة صاحب المشروع (المؤمن له) بكلفة تصليح أو إعادة بناء المشروع الاقتصادي بعد تعرضه لضرر أو خسارة مادية، وقد يكون مبلغاً مقطوعاً أو نسبة من قيمة التصليح أو إعادة البناء (أي قيمة المطالبة بالتعويض).
    وقد يُثار السؤال: لماذا تفرض شركات التأمين على المؤمن له تحمُّلَ مبلغٍ أو نسبةٍ من قيمة الضرر أو الخسارة التي تلحق بممتلكاته؟ (وثائق التأمين على الحوادث الشخصية وعلى الحياة لا تتضمن فقرة تحمُّل. في وثائق التأمين الخاصة بتأمين خسارة الأرباح Loss of Profit or Business Interruption insurance تتخذ فقرة التحمل شكل فترة عدد من الأيام يتحمل المؤمن له خسارة الأرباح خلالها).
    الجواب على ذلك، باختصار، يتضمن شقين.
    تقليص التكاليف الإدارية
    الأول، يقوم على اعتبارات عملية لها علاقة بكلفة إدارة المطالبات بالتعويض. فلكي توفر شركة التأمين على نفسها تحمل كلفة إدارة المطالبات الصغيرة فإنها تفرض مبلغاً مقطوعاً يتحمله المؤمن له لحسابه الشخصي. وبذلك يكون المؤمن له مؤمِناً على نفسه فيما يخص هذا المبلغ. ويُؤخذ مثل هذا المبلغ بعين الاعتبار في العملية الاكتتابية إذ أن سعر/قسط التأمين يُحدد بناءاً على حجم هذا المبلغ.
    ويلاحظ أن رفع حجم المبلغ الذي يتحمله المؤمن من كل تعويض يترتب عليه تخفيضاً في قسط التأمين. وهو ما تلجأ إليه الشركات الصناعية الكبيرة، وخاصة النفطية والبتروكيمياوية، للتوفير في كلفة شراء الحماية التأمينية، ولأنها تمتلك موارد مالية داخلية تستطيع استخدامها لتمويل ما تتعرض له من خسائر بحدود مبلغ التحمل. (هذا الجانب من الموضوع ينطوي على ترتيبات أخرى كبناء صندوق مخصص للطوارئ، التأمين الذاتي، أي عدم شراء التأمين من شركات التأمين، وتأسيس شركات تأمين مقبوضة. هذا إضافة إلى صيغ مختلفة للخسارة المهدرة ذاتها).
    عدم تناظر المعلومات
    الشق الثاني، يقوم على تحليل اقتصادي لما يُعرف بخطر عدم تناظر المعلومات asymmetric information أي عدم إلمام أحد طرفي عقد التأمين، وهو شركة التأمين، بالمعلومات الكافية عن الطرف الآخر، وهو المؤمن له المرتقب. وينشأ عن هذا الوضع ما يعرف بمشكلة الاختيار السيئ (الانتقاء ضد شركة التأمين adverse selection problem) والخطر، أو المؤثر، المعنوي moral hazard.
    مشكلة الاختيار السيئ
    بالنسبة لمشكلة الاختيار السيئ، ومن باب التبسيط، يلاحظ أن المشاريع (الممتلكات) المعرّضة لخطر الفيضان أو الحريق أو الزلزال، على سبيل المثل، أكثر من غيرها، يلجأ أصحابها إلى شراء الحماية التأمينية لها ضد خطر الفيضان. وإذا افترضنا أن شركة التأمين تطبق معدل السعر المعتمد للممتلكات، دون أي قيود أو شروط أخرى، على تأمين هذه الممتلكات فإن احتمال تعرض الشركة للخسارة سيكون عالياً.
    الخطر أو المؤثر المعنوي
    أما الخطر (أو المؤثر) المعنوي فإنه ينشأ عندما تقبل شركة التأمين توفير الحماية التأمينية للممتلكات بافتراض أن صاحبها سوف يعمل جهده لتجنب كل ما من شأنه أن يتسبب بإحداث ضرر أو خسارة لهذه الممتلكات. ولكن بفضل وجود الحماية التأمينية فإن صاحب الممتلكات، المؤمن له، قد يكون أقل حرصاً على حماية الممتلكات المؤمنة لأن عبء الخسارة، إن تحققت، سيقع على عاتق شركة التأمين التي ستقوم بتعويضه.
    الحوافز
    وهنا ينهض مفهوم اقتصادي آخر يعرف بالحوافز incentives يستخدم كوسيلة للتغلب على نتائج الخطر المعنوي والاختيار السيئ. وتتخذ الوسيلة شكل فرض قسط تأمين أعلى من معدل الأسعار التي تعتمدها شركة التأمين، أو فرض شروط معينة لقاء القبول بالتأمين، أو إدخال استثناءات معينة لتضييق نطاق الغطاء التأميني، وكذلك فرض مبلغ (خسارة مهدرة) يتحمله المؤمن له من كل مطالبة بالتعويض، وهو بيت القصيد بالنسبة لموضوعنا. وبفضل ذلك، إي التحمل، فإن المؤمن له يكون مشاركاً في تحمل جزء من الخسارة التي يتعرض لها، أ يكون مسؤولاً عن تمويلها من حسابه الخاص. وهو لذلك لا يتهاون في بذل الهمة المعقولة لحماية الممتلكات المؤمن عليها، ويتصرف كما لو أن هذه الممتلكات غير مؤمن عليها.
    مصباح كمال
    24 آذار 2017

  2. د. سناء عبد القادر مصطفى
    د. سناء عبد القادر مصطفى:

    عزيزي أستاذ مصباح كمال المحترم
    شكرا جزيلا على قرائتك الموضوع وعلى ملاحظاتك القيًمة التي نبهتني الى امور يجب الأخذ بها حين كتابة البحث. ولكن تبقى مسألة مهمة ألا وهي مقدار المبلغ الذي يجب أن يساهم به صاحب المشروع في تصليح او إعادة بناء المشروع الاقتصادي في حالة تعرضه الى احدى المخاطر التي ذكرتها آنفا، لأنه حتى في حالة تأمين المشروع تأمينا شاملا تبقى هناك مسألة مساهمة صاحب المشروع في اعادة بنائه أو تصليحه قائمة وهذا ما موجود ومعمول به في الدول المتقدمة، إذ قد يكون مبلغا مقطوعا أو نسبة معينة على سبيل المثال 10 % من قيمة التصليح وإعادة البناء.
    مع فائق التقدير والإحترام
    د. سناء عبد القادر مصطفى

  3. د. سناء عبد القادر مصطفى
    د. سناء عبد القادر مصطفى:

    عزيزي أستاذ فاروق يونس المحترم
    شكرا جزيلا على قرائتك الموضوع وعلى ملاحظاتك القيًمة. أود أن أخبرك بأن هذه المقالة القصيرة هي عبارة عن مشروع لبحث سوف ينشر في المستقبل وأنا قيد العمل فيه. وسبق أن أرسلت هذا المشروع قبل حوالي الشهرين الى اللجنة التحضيرية لمؤتمر مالية العراق الذي كان من المفروض أن ينعقد في بيروت في أواخر شهر أذار الجاري ولكن عدم تمويل الجهات المعنية لهذا المؤتمر حال دون انعقاده.
    مع فائق التقدير والإحترام
    د. سناء عبد القادر مصطفى

  4. مصباح كمال
    مصباح كمال:

    دور التأمين في ضمان ديمومة المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم
    قرأت باهتمام مقالة د. سناء عبد القادر مصطفى (وهو مشروع دراسة ربما يكمله مستقبلاً، وهذا ما أرجوه) وكذلك تعليق الأستاذ فاروق يونس. ومن باب الإكمال الأولي لما قرأته أود أن أشير إلى دورٍ للتأمين للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.
    لو افترضنا جدلاً توفر ضمان لتغطية خطر عدم القدرة على تسديد القروض المقدمة من قبل المصارف، أو من مصادر أخرى، لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، تظل هذه المشاريع عرضة لأخطار أخرى تقتضي من الأطراف المعنية (مقدم القرض الاستثماري والمستفيد منه) التنبه لها.
    إن أي مشروع يمكن أن يتعرض إلى أضرار وخسائر مادية احتمالية بسبب أخطار الطبيعة (كالفيضان والصاعقة وغيرها) أو حوادث أخرى (كالحريق والانفجار أو بفعل الإهمال وغيرها) تستوجب التصليح لضمان استمرار العمل. وربما يتعرض أيضاً للمسؤولية القانونية تجاه أطراف ثالثة التي تنشأ عن نشاطات المشروع أو منتجاته أو الخدمات التي يقدمها (ولن نتعرض لهذا الجانب من الموضوع فيما يلي). وقد يترتب على هذه الأضرار والخسائر احتمال خسارة الإيراد (أو ما يعرف بخسارة الأرباح) بسبب توقف المشروع عن العمل. وقد تكون مدة التوقف قصيرة أو طويلة اعتماداً على حجم الضرر المادي وطبيعة وسائل الإنتاج المستخدمة (كأن تكون مستوردة ويصعب توفيرها بسهولة وبسرعة لعدم توفرها في السوق المحلية).
    وهكذا فإن صاحب المشروع يواجه مشكلة تمويل كلفة تصليح الضرر المادي وإيجاد مصدر للتعويض عن الدخل المفقود بسبب توقف الإنتاج (خسارة الأرباح). لمواجهة هذا الوضع يمكن لصاحب المشروع أن يقوم بتمويل هذه الخسائر من خلال:
    1. الدخل التشغيلي (ولكن إذا كانت الخسارة كبيرة فإن هذا الدخل لن يكون كافياً، هذا بافتراض وجود وفرٍ يمكن تخصيص بعضه لتمويل الخسارة المادية وخسارة الأرباح).
    2. الاقتراض من البنك (لكن هذا القرض قد لا يكون متاحاً بسهولة باعتبار أن صاحب المشروع الذي تكبد خسائر كبيرة لن يكون عميلاً جذاباً أو أن شروط القرض تكون مرهقة وتشكل عبئاً مالياً إضافياً عليه).
    3. اللجوء إلى صندوق مالي مخصص لمواجهة الطوارئ أو أي صندوق خاص (لكن العديد من أصحاب المشاريع لا يخصصون مثل هذه الصناديق لتمويل الخسائر).
    وهنا يمكن للحماية التأمينية أن تلعب دوراً مهماً في ضمان نجاح المشروع وديمومته من خلال تعويض صاحب المشروع، بموجب وثائق تأمين متخصصة، لتمويل كلفة تصليح الأضرار والتعويض عن خسارة الأرباح. وهذا الأخير يُسهّل عليه الاستمرار في تسديد ألأجور ومصاريف التشغيل الثابتة. إن الحماية من هذه الخسائر سيكون أسهل وأكثر توفيراً على صاحب المشروع إن قام بتخصيص ميزانية سنوية لشراء حماية التأمين ضد الخسارة. وهكذا، عندما تنشأ الخسارة يتم نقل عبء تمويلها إلى شركة التأمين التي ستتولى توفير الحماية (التعويض النقدي) بموجب وثيقة لتأمين الأصول المادية (الممتلكات الخاصة بالمشروع) ويلحق بها وثيقة لتأمين خسارة الأرباح الناتجة عن توقف الأعمال.
    إن اشتراط المصارف على طالبي القروض لأغراض الاستثمار شراء الحماية التأمينية المناسبة سيكون في صالحها (يمكن النص في وثائق التأمين على مصلحة المصارف في منافع هذه الوثائق) مثلما هو في صالح صاحب المشروع، ذلك لأن شركة التأمين تقوم بالتعويض عن الخسائر المؤمن عليها. مثلما يكون الاشتراط على تأمين حياة صاحب المشروع وسيلة لضمان تسديد كامل قيمة القرض أو بعضه. (راجع بهذا الشأن: عبد الكريم شافي “القروض والتأمين”
    https://iraqinsurance.wordpress.com/2011/10/09/loans-and-insurance/
    ومصباح كمال “الإسكان والتأمين في العراق: تعقيب على طاولة مستديرة حول الإسكان في العراق
    http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/10/blog-post_3.html(
    هذه مقاربة أولية نظرية مبسطة لا تستنفد البرنامج التأميني الذي يمكن لأي مشروع أن يقوم بشرائه.
    مصباح كمال
    22 آذار 2017

  5. farouk younis
    farouk younis:

    وفرت الدولة من خلال البنك المركزي العراقي والمصارف التجارية والمصارف الاختصاصية القروض الميسرة للمشاريع الصغيرة والمشاريع متوسطة الحجم لكن المشكلة التي تمثل ( النقطة المحورية ) تتمثل في مطالبة المستثمرين تقديم ضمانات مقبولة للحصول على التمويل – المصارف تريد الحصول على ضمانات كافية توءهلها لاسترداد ما تمنحه من قروض للمستثمرين – المصارف تريد ضمانات عينية – تريد رهن عقاري لتوفير الحماية للمصرف ضد المخاطر عندما تتاءزم الامور لدى المستثمر المقترض
    ما الحل؟
    اولا ضرورة وجود شركات لضمان الاستثمار
    ثانيا – يجب ان يكون واضحا لدى ادارات المصارف بان القرض يمنح لان المقترض اهل للثقة وليس لانه مستعد لتقديم الضمانات المقبولة من قبل المصرف وعلى المصرف ان يكًون متاكدا من ان الشخص او الشركة المقترضة قادرة على ادارة اموال المصرف بكفاءة واستخدامها في الغرض الممنوح من اجله بما يعود على المقترض والمصرف والاقتصاد الوطني بالفاءدة ويمكنه من سداد القرض – بعبارة اخرى وكمبدا عام لا يوءخذ الضمان وفي نية المصرف الحصول على السداد من هذا الضمان وانما يوءخذ على اساس انه يمكن الافادة به في حالة فشل المصدر الضبيعي عن السداد
    ثالثا – ينبغي ان تكون المصرف مستشارا للمستثمر المقترض وان يتعرف على موءهلات مدير المشروع ومجلس الادارة وان يعمل وفق قاعدة ( ليس كل من صخم وجهه حداد!)
    مع جزيل شكري لاستاذي الفاضل الدكتور سناء عبد القادر مصطفى لبحثه القيم

اترك رداً على د. سناء عبد القادر مصطفى إلغاء الرد

%d مدونون معجبون بهذه: