جدل اقتصادي

د.علي مرزا: معضلة إعانة الفئات المحتاجة فعلاً: تعليق

Iraqi Economists Network

تثير ملاحظات د. كامل العضاض (انظر مقاله حول البطاقة التمونية  المنشور على موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين) معضلة جوهرية في مسالة اعانة الفئات المحتاجة فعلاً. اذ ان الغاء توزيع الحصة التموينية لابد انه سيصيب سلباً فئات اجتماعية فقيرة بحاجة الى الاعانة. غير ان الجانب الاخر من المعضلة والذي يبدو ان كلفته فاقت الفائدة المرتجاة من الحصة التموينية يتمثل بالضياع والفساد في إدارة وتوزيع هذه الحصة. الضياع يقاس بكلفة ادارة نظام الحصة التموينية، من ناحية، واستفادة فئات غير محتاجة، من ناحية اخرى. والفساد يتمثل في الاستيلاء على جزء من الحصة التموينية من قبل وسطاء ومنتفعين مما ادى الى تخفيض حجم الحصة وانخفاض نوعية محتوياتها. 

 ولحل المعضلة المطروحة ينبغي الوصول إلى تسوية متوازنة. أي إزالة التبذير والضياع والفساد الذي رافق تطبيق الحصة التموينية ولكن في ذات الوقت الوصول للمحتاجين الحقيقيين. 

كاهون الشرور، من وجهة نظري، هو اللجوء إلى كوبونات الطعام التي توزع على ذوي الدخول ممن يبلغ دخل العائلة حداً معيناً فأقل . ويحدد هذا الدخل اعتماداً على مسوح أنفاق الأسرة ومسوح الفقر والتي يتوفر عدد منها في العراق او مسوح جديدة تجرى لهذا الغرض.

 كما ان التطبيق ينبغي ان يكون من خلال هيئة مستقلة بعيدة عن الانحيازات والمعايير الطائفية والمناطقية.

انني اميل للاعتقاد بافضلية الكوبونات على النقود لاني أخشى ان توزيع النقود سيقود إلى رفع الأسعار إضافة إلى تحكم راس العائلة بالنقود التي ستستلمها العائلة. ولكن مع ان الكوبانات اقل مدعاة للضياع والفساد ولكنها تنطوي على كلف إدارية وكذلك قد لا تقضي على الفساد.

لا شك ان للكوبونأت مشاكلها ولكنها أولا ستوزع على جزء من المجتمع وليس كله وبهذا ستزيح بعض من العبء على الميزانية العامة وثانياً قد تقلل من الضياع والفساد. وثالثاً ستصل إلى المحتاجين الحقيقيين. 

وكلما انطوت الكوبانات على نظم متطورة كلما انخفضت كلفها الإدارية والفساد المحتمل فيها. على سبيل، المثال في الولايات المتحدة  توزع كوبونات على المحتاجين بشكل “بطاقات ائتمان” بحيث ان الشراء والبيع وتسوية الحسابات كلها تجري من خلال النظام المصرفي بدون تدخل أو كلف إدارية. بالطبع هناك كلف ادارية في حصر المحتاجين وتنظيم اصدار الكوبونات وتوزيعها ومتابعتها، الخ. ولا شك أننا في العراق بعيدون عن هذا الترتيب الالي الالكتروني الان ولكن التفكير به قد يدفعنا إلى ترتيبات أكثر كفاءة من النظم الإدارية والمحاسبية والمالية السائدة.

وفي نقاش مع د. نبيل النواب اقترح تأطير النقاش حول الحصة التموينية إلى محاور قد تقود إلى نتائج ومن ثم توصيات محددة. وأرى ان المحاور التالية جديرة بالاهتمام:

ا. الأشكال المختلفة للإعانة واستهداف الفئات المحتاجة فعلاً.

ب. التكاليف الإدارية للمراحل المختلفة.

ج. عناصر الفساد المحتملة في هذه المراحل.

د. قابلية الاستدامة sustainability للإعانة ومعايير الاستدامة بمفهوم قابلية الميزانية العامة على تحملها في ضوء التقلب المحتمل لعوائد النفط.

ه. المسوح إلاحصائية اللازمة لتشخيص الفئات المحتاجة فعلاً والبنى المؤسسية اللازمة لتنظيم إعانتها بأقل الكلف والضياع.

*) كبير المستشاريين في قسم الشؤون الإقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة سابقاً

 

خاص بشبكة الإقتصاديين العراقيين – 21/11/2012

 

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (3)

  1. Avatar
    د.رعدتويج:

    إن أية محاولة لتغيير تركيبة البطاقة التموينية من صورتها الحالية قد يمثل صدمة مالية للعائلة العراقية وقد يرجع شريحة واسعة من المجتمع العراقي الى خط الفقر أو أدنى منه والحل الصحيح هو تخفيف كلفة هذا النوع من شبكة الحماية الإجتماعية وذلك بزيادة التعاون بين وزارة التجارة ووزارة الصناعة وهيئة الأستثمار لتشجيع عملية إحلال مفردات البطافة التموينية بمحتوى سلعي ينتج محلياً من قبل القطاع الخاص , مما يزيد من حجم المنافسة وتوفر طلب جاهز وسوق تستوعب بشكل فوري لأي إضافة تنتجه تلك المعامل , ولدينا تجربة جيدة في تحول مثلا وزارة الهجرة والمهجرين الى وزارة منتجة وذلك بقيامها بالتنسيق مع وزارات أخرى لبناء مجمعات سكنية للمهجرين وبذلك تحولت من وزارة ذات عمل إداري الى وزارة منتجة وكيفت عملها لتصبح أكثر قدرة في حل المشكلات على الرغم من كونها في بداية الطريف وعلى وزارة التجارة أن تحذو حذوها لكي يتحول كادرها للقيام بمهام أكثر فعالية بدلاً من الجمود والإستسلام نحو إستيراد مفردات البطاقة التموينية وفي إعتقادي إنه بدون هذا الحل ستبقى البطاقة التموينية فترات طويلة وإن الغاء البطافة التموينية يمكن إعتباره من الأحلام او السراب لأنه بدون الحلول البديلة المحليةستشعل الأسعار في السوق المحلية وبذلك فإن البطاقة التموينية يجب أن تكون حافوزاً لصاحب القرار من أجل تحقيق الأمن الغذائي.

  2. د. كامل العضاض
    د. كامل العضاض:

    أود أن أشكر الدكتور علي مرزا على مساهمته في مجال الدعم والإعانة الإجتماعية. ونحن نقر بأن الحاجة الى الدعم الإجتماعي ستبقى مطلوبة، طالما تبقى فئات وشرائح إجتماعية غير قادرة على الحصول على حصة مناسبة من الناتج الوطني. ومهما إزدهر الإقتصاد ومعه الإنتاج الوطني، سيبقى توزيعه معضلة إجتماعية وإقتصادية ومالية في آن. ولكن هذا الأمر هو أبعد من قضية الطعام الذي يجري توفيره بكلفة عالية وغير إقتصادية، بموجب البطاقة التموينية. مع الإقرار بأن نظام البطاقة التموينة ينبغي أن يكون مؤقتا، ولكن نظم الدعم الإجتماعي وأساليب تطبيقها بكفاءة على وفق منظور نظام للرعاية الإجتماعية لتحقيق عدالة إجتماعية، نسبية في الأقل، هي موضوع أشمل وتتعلق بنوعية النظام الإقتصادي الإجتماعي الذي ننشد إقامته، بشرط الحفاظ على مكاسب كفاءة نظام السوق التي يجب أن ترسى في هذه الحالة على أسس إجتماعية، وليس فقط على إعتبارات السوق التنافسية الحرة تماما.
    مع التقدير
    كامل العضاض

  3. Avatar
    prof .Dr.sadiq ali taan:

    تمثل البطاقة التموينية اجراء طارئ لحالة طارئة تمر بها الاقتصادات العالمية وليست قانون دائم ومستمر . عندما تنتهي الضرورة والحاجة التي جاءت من اجلها فمن الضروري الغائها ..! , واذا تطلب الامر وكانت الحاجة ملحة نظرا لتحسين ودعم المستوى المعاشي للفئات الفقيرة والتي هي بأمس الحاجة الى الدعم . فمن الضروري التفكير بعمق عن بديل افضل من البطاقة التموينية . التي اثبتت عجزها عن الاداء الصحيح لدورها الذي صممت من اجله … فاصبحت . مرتعا خصبا لانهاك الاقتصاد الوطني , ذهاب نسبة كبيرة من اموال البطاقة لفئات غير محتاجة لها . الاسماء الوهمية والمكررة . الكلف الفنية المصاحبة لانجاز البطاقة . الفساد المالي والترهل الاداري المصاحب . الكلف الباهضة التي تتحملها الحكومة … لهذا يمكن التفكير ببديل افضل لرعاية خاصة للعوائل المحتاجة والفقيرة والتي هي بامس الحاجة للدعم والمساعدة .. من خلال تنشيط وتطوير شبكة الرعاية الاجتماعية وتقوية وضعها المالي بما يخدم بشكل صيح وسليم من هم بامس الحاجة للتكافل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية ..

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: