جدل اقتصادي

كامل المهيدي: حوار مع د. فرهنك جلال حول مقالي الموسوم "على هامش الخلافات بين المركز والاقليم"

عزيزي الاستاذ فرهنك

بتاريخ 14 كانون ثان 2013 نشر موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين تعقيبك على مقالي المنشور في نفس الموقع ولاهمية الموضوع كنت آمل ان يكون الرد عليك من طرف ثالث, وأن يكون هناك نقاش موضوعي يساهم فيه آخرون, ويهدف الى توضيح مواقف الجانبين. ولما لم يحصل ذلك, ارتأيت ان ارد على ردك كما يلي:

1 –  اني مع مبدأ ان ياخذ كل ذو حق حقه, واعتقد انك كذاك. لكني اسألك هل ان سياسة التفرد في اتخاذ القرارات وفرض الامر الواقع ( الارض والنفط ) تنسجم مع هذا المبدأ؟

والسؤال الآخر هو من رسم حدود المناطق المتنازع عليها وكيف وهل كانت الحكومة المركزية طرفا بذاك ؟ علما ان المناطق المتنازع عليها حسب المادة 140 من الدستور تشمل كركوك ومناطق اخرى غير محددة. والسؤال الثالث هو على اي مادة دستورية استند الاقليم حين تفرد في  استثمار وادارة النفط والغاز في اراض متنازع عليها وفي الاقليم عموما؟

 

  2- اما بشأن الحقوق القومية, فلا اعتقد ان الشعب العراقي يقف ضد المشروعة منها بما فيها حق تقرير المصير, على ان لا يكون بشروط تفرضها سياسة الامر الواقع التي ينتهجها الاقليم, انما بحلول يرتضيها الجانبان. وهنا أسأل, ما الفرق بين سياسة فرض الامر الواقع التي انتهجها صدام حسين في المناطق الكردية, وبين سياسة فرض الامر الواقع التي تمارسها حكومة الاقليم فيما يسمى  اراض متنازع عليها, حددها الاقليم على هواه؟

3- ان الاشارة الوحيدة في الدستور للاراض المتنازع عليها كانت في المادة 140 ثانيا, على شكل شبه جملة اعتراضية تقول (التطبيع, الاحصاء, وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها, لتحديد ارادة مواطنيها) في مدة اقصاها 31 كانون اول 2007 .

ما يهمني هنا ليس تاريخ النفاذ ولا كون الدستور لم يخول جهة بعينها لتحديد الاراضي المتنازع عليها, انما الذي يهمني هو كلمة “التطبيع” وما تعنيه؟ فبالنسبة للجانب الكردي يبدو ان الكلمة تعني (فقط) عودة المهجرين الكرد وارجاع الوافدين الجدد الى اماكنهم الاصلية. اما انا فأراها جاءت مطلقة , تعني التطبيع بكل ابعاده الامنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. اي ان يعود الناس لممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي, قبل أن يكون الاستفتاء ذا معنى حقيقيا.

4 – الفقرة اعلاه تقود الى سؤال آخر وهو, ما هي اسس تكوين الدول, هل هي الديموغرافيا القومية وحدها ام هناك عوامل اخرى؟ اليس هناك مكان ودور للتاريخ والثقافة والاقتصاد والتواصل الجغرافي وغيرها؟ الذي نعرفه أن كل أو معظم ما يسمى ألاراضي المتنازع عليها لم تكن في يوم ما معزولة سياسيا أو ثقافيا عن العراق (بين النهرين) بدءا من ايام الآشوريين والبابليين,مرورا بالامويين والعباسيين والحمدانيين وانتهاءا بالعثمانيين والدولة العراقية الحديثة.

5- والاهم من ذلك يجب ان نعرف على اي مستوى يراد لتقرير المصير ان يكون؟ على مستوى المحافظة ام القضاء ام الناحية ام القرية؟ فاذا كان على مستوى المحافظة لماذا تطالبون بضم مندلي وبدرة واقضية ونواح اخرى في الموصل, وهي في محافظات ذات اغلبية ليست كردية؟ واذا كان تقرير المصير على مستوى القضاء او الناحية, آخذين بنظر الاعتبار التواصل الجغرافي, فلماذا تريدون ضم كل محافظة كركوك الى الاقليم, علما ان كركوك (المدينة) والحويجة وطوز خرماتو هي اقضية ونواح ذات اغلبية عربية – تركمانية؟

6- اذا رجعنا الى الاحصاءات السابقة نلاحظ ان نسبة الاكراد في محافظة كركوك كانت في اقصاها بحدود 48% من السكان عام 1957 , انخفظت, بسبب الحروب, الى حوالي 37% منذ عام 1965. عليه كيف يمكن ان نفترض الآن, بعد عودة المهجرين, ان الاكراد يمثلون غالبية سكان محافظة كركوك ما لم تكن نسبة نموهم السكاني (الطبيعي) اعلى من غيرهم, وهو امر صعب القبول, او ليس كل من عاد اليها هو من سكان المحافظة الاصليين, وهو الاكثر احتمالا, اذا تبين ان نسبة الاكراد قد زادت فعلا عن  48% من مجموع السكان في المحافظة.

7- اذن,  يبدو جليا ان حدود المناطق المتنازع عليها التي رسمها الاقليم, لا تستند الى اسس ومبادئ واضحة ولا الى اتفاق مسبق بين الاطراف المعنية. وهي بذلك لا تصلح ان تكون اساسا جيدا لمفاوضات مثمرة. والبداية الصحيحة للحل, حسب رأيي, هي ان  تتفق الاطراف المعنية على اسس ومبادئ تعتمد في رسم خارطة واقعية تؤدي الى حلول مقبولة. واذا تعذر ذلك, ينبغي ان تقوم الحكومة الاتحادية بطرح مقترحات مضادة, منعا لفراغ يملأه جانب واحد ويزيد من تعقيد الامور, كما حصل بشأن النفط.

مع الاحترام والتقدير

كامل المهيدي

25 نيسان 2013

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: