التخطيط للتنمية

د. ميثم لعيبي: تخلف مركب الأنبار !

لا أظن ان أي حدث سياسي أو امني يمكن ان يمر دون ان يلقي بظلاله على الأوضاع الاقتصادية. كنت قد تحدثت قبل مدة عن تنمية الاقاليم وتمويلها والدراسات التي تجري عليها، خاصة تلك التي تنطلق من واقع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي يراد لها ان تغطي خارطة طريق العراق ككل، والاتجاه نحو المزيد من الانصاف من خلال تفعيل قوى اللامركزية.
خطط التنمية هذه تحاول ان توزع الموارد بالرجوع الى مبادئ المظلومية واعداد السكان، هذا إضافة الى حصة ما يعرف بتنمية الاقاليم. وبرغم كل محاولات احداث التوازن الاقتصادي والمالي هذه، إلا اننا نشهد ان ثمة تبايناً في التنمية والاعمار بين المحافظات والاقاليم.
فهناك محافظات واقاليم انطلقت في سقوف لا بأس بها من النمو، الا ان هناك اخرى لا زالت تتخبط واخرى اخذت تتراجع في معدلات نمو إعمارها.
تحدثت منذ أيام عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي تمر بها محافظة الموصل، واليوم يمكن ان احكي عن محافظة أخرى هي الأنبار، وكلا النموذجين يعطيان دلالة مهمة تؤشر بوضوح لا يقبل اللبس ان الأوضاع الأمنية والسياسية السيئة التي تشهدها تنعكس على تردي وضعها العمراني والمعاشي.
منذ ما يقارب الخمسة اشهر، تقف الأنبار على حافة انهيار امني ، لا محل في مقالي هذا لتحليله، لكنه انهيار مستمر ومرشح لأن يكبر، والأنبار هذه تعد واجهه رئيسة يطل منها البلد نحو بوابته الغربية، واقتصادها يعتمد في جزء منه على حركة النقل والتجارة بين بلدان سوريا والأردن وتركيا وبين محافظات الوسط والجنوب، اعتمادا على منافذه الحدودية مع تلك البلدان.. واقصد هنا ان ثمة علاقة منفعة تبادلية من كل الأطراف، ما ينعكس على خيرات تصب في صالح أبناء الأنبار.
لكن الأوضاع الأمنية التي انعكست بالسلب على هذه الحركة، انعكست بلا ادنى شك في التنمية الداخلية لهذه المحافظة، وذلك لوجهة هروب رؤوس الأموال والشركات منها، فلا احد يريد ان يرمي أمواله في محافظة تشهد موجة متنامية من العنف والقلاقل.. يترافق مع ذلك بلا ادنى شك تراجع في أداء الحكومات المحلية والشركات المتعاملة معها لجهة سوء وبطء التنفيذ إضافة الى الدخول في حلقات الفساد الناجم عن ضعف قوة القانون.
امس صرح نائب رئيس مجلس المحافظة انسحاب اكثر من 23 شركة محلية وأجنبية من العمل في المحافظة على خلفية تنامي أحداث الاعتصامات ووصولها الى مرحلة العنف الدموي، خاصة تلك الشركات الأجنبية التي كانت تعمل في مجالات التنمية السياحية، وقطاع البناء والإنشاءات والمهتمة في تطوير الحقول الغازية ومشاريع الكهرباء..
إذن فالمحافظة نتيجة أوضاعها الأمنية والسياسية غير المستقرة التي تضرب اقتصادها، ما يؤثر على ارتفاع البطالة والمزيد من الكساد ومن ثم يسبب انخفاضاً في مستويات المعيشة، وفي الأخير تخلفها عن اللحاق بركب أخواتها من المحافظات والأقاليم الآمنة.

 عن جريدة المدى العدد(2803)   –   الثلاثاء    2013/05/21

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: