المصارف وأسواق المال

سمير عباس النصيري: الاندماج المصرفي افضل الحلول للنهوض بالقطاع المصرفي الخاص

 

يعاني الاقتصاد العراقي من ازمة اقتصادية ومالية خانقة منذ سنة تقريبا لاسباب اقتصادية خارجية وداخلية كان تاثيرها واضحا على جميع القطاعات الاقتصادية والتي هي اصلا تعاني من تحديات حقيقية في انشطتها منذ عدة سنوات والذي نتناوله هنا هو ما يعانيه القطاع المصرفي العراقي وبشكل خاص القطاع المصرفي الاهلي ( الخاص ) من تفاقم لمشاكله وتضخمها مما جعلها تنعكس سلبيا على النشاط التمويلي والاستثماري وبالتالي ادى الى الضعف والتوقف للدوره الاقتصادية في البلاد الامر الذي كان للضعف في النشاط المصرفي التمويلي انعكاساته الواضحة على حركة الاقتصاد الكلي بحيث سيتحول الركود الاقتصادي الى كساد ومن ثم لا سمح الله الى الانهيار اذا لم يتم ايجاد حلول ناجعة وسريعة لجميع التداعيات والتحديات الاقتصادية من خلال دراسة وتحليل الواقع والاسباب والنتائج المتوقعة خلال عام 2016 وهو توقع استمرار عدم الاستقرار في اسعار النفط العالمية وتكاليف الحرب على الارهاب وعدم الاستقرار السياسي والامني وهو الاساس في تحقيق الاستقرار الاقتصادي .
تاثيرات الازمة المالية على نشاط القطاع المصرفي الخاص
من دراسة وتحليل نتائج اعمال بعض المصارف الكبيرة الحجم في ضوء مؤشراتها المالية الاولية كما في 30 / 9 / 2015 بالمقارنة مع العام الماضي نلاحظ انحسار نشاطها التمويلي والاستثماري في خدمة الاقتتصاد الوطني من خلال ضعف مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي كما ان ودائعها انخفضت بنسبة 59% ( والتشغيل ) ( الائتمان النقدي الممنوح + الاستثمارات ) انخفض بنسبة 39% ومجموع الموجودات بنسبة انخفاض 43% والارباح المتحققة انخفضت بنسبة 43.5% بسبب تراجع ايرادات العمليات المصرفية واستمرار المصاريف بنفس معدلاتها للعام الماضي والاهم في هذا التحليل هو انخفاض معدلات النقد لدى المصارف بنسبة تراوحت بين ( 5% – 74% ) مما كان له اثره الكبير على وصول بعض المصارف العاملة الى حدود السيولة الدنيا المحدد من قبل البنك المركزي العراقي االبالغة 5% من مجموع الودائع يضاف الى ذلك الظروف في المناطق الساخنة بسبب احتلالها من قبل داعش الارهابي وسرقة اموال هذه المصارف في هذه المحافظات وتضررها ماليا بامور خارجه عن ارادتها كذلك هبوط اسهمها في سوق العراق للاوراق المالية بنسبة ( 50% – 75% ) كما ان نزوح بحدود ( 3600.000 ) نازح الى جميع محافظات العراق ادى الى قيام اغلبهم بعدم تسديد مستحقات المصارف المقترضين منها وقيام الزبائن بسبب ازمة السيولة الى التوجه لسحب ودائعهم من اغلب المصارف وعدم ايداعهم مبالغ اضافية جديدة كل ذلك ادى الى عدم تمكن بعض المصارف من تادية التزامها للزبائن مما خلق نوع من عدم الثقة بالقطاع المصرفي عموما وخصوصا مصارف القطاع الخاص . مما اربك عمل المصارف في تقديم افضل الخدمات للمواطنين يضاف الى ذلك الخلافات بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية وامتناع فروع البنوك المركزية في اربيل والسليمانية من اعادة ودائع المصارف المودعه فيها . لذلك لابد من حلول سريعة وجذريه لازمة المصارف الخاصة لانفاذها من واقعها الحالي والذي يمكن ان يؤدي بها الى الافلاس والانهيار المالي .
المعالجات والحلول
نعتقد ان من الحلول المهمة والاساسية لتجاوز مشاكل القطاع المصرفي العراقي التي تواجهها حاليا اغلب المصارف الخاصة وايضا في مرحلة قادمة ستواجهها المصارف الحكومية هو التفكير جديا من قبل البنك المركزي العراقي ووزارة المالية وبالتعاون مع اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء ورابطة المصارف الخاصة بالاتجاه لدراسة وتحليل نتائج الاعمال والمؤشرات المالية للقطاع المصرفي العراقي كما في 31 / 12 / 2015 والتركيز على الودائع والسيولة والمركز المالي وراس المال والاحتياطيات وايرادات العمليات المصرفية الداخلية والخارجية والارباح المتحققه والاهم من ذلك التوقعات الاقتصادية لمدى استمرار تداعيات الازمة المالية التي تعاني منها البلاد خلال عامي 2016 و 2017 في ضوء المتغيرات والتقلبات الاقتصادية العالمية مستندين في ذلك الى اشراك الخبراء المصرفيين في القطاع الخاص والاستفادة من خبرتهم وتقارير البنك الدولي حول الوضع المالي الشامل في العراق للخروج بحصيلة من القرارات المهمة لانقاذ القطاع المصرفي العراقي من الانهيار وان من اولى الحلول وابرزها ماياتي :
اولا : تشكيل لجنة مركزية برئاسة البنك المركزي العراقي وعضوية وزارة المالية واللجنة المالية في مجلس النواب العراقي ورابطة المصارف وخبراء مصرفيين من الحكومة والقطاع الخاص تتولى الدراسة والتحليل في ضوء تكليف جهة تدقيقية حيادية تعمل وفق معايير قياسية دولية لتحديد كفاءة الاداء لكل مصرف .
ثانيا : في ضوء نتائج التقييم اعلاه يتم تصنيف المصارف الخاصة وفقا للمعايير القياسية المعتمدة في مجالات توظيف الاموال والتشغيل وكلف التشغيل والنشاط التمويلي والاستثماري ونسبة السيولة وكفاية راس المال وتطور الخدمات المقدمة للزبائن واهمها التطور التقني وفق الانظمة المصرفية الحديثة . وكذلك في ضوء الضرر الذي تحملته المصارف بسبب الاعمال الارهابية والديون المتعثرة التسديد .
ثالثا: تصنف المصارف الى ثلاثة مراتب :
المرتبة الاولى : تشمل المصارف الكبيرة الحجم ووضعها المالي ومركزها المالي والتمويلي جيد .
المرتبة الثانية : تشمل المصارف المتوسطة الحجم ووضعها ومركزها المالي متوسط وقادرة على التطور .
المرتبة الثالثة : وتشمل المصارف التي تعاني من ضعف في نشاطها المصرفي وهبوط معدلات السيولة فيها الى حدودها الدنيا وهي اقل من 5% من مجموع الودائع الحقيقية وراسمالها اقل من 250 مليار دينار والديون المتعثرة لديها تتجاوز 50% من راس المال المدفوع ومصروفاتها اعلى من ايراداتها .
رابعا : بعد اعلان نتائج التقييم يتولى البنك المركزي تبليغ المصارف المصنفه بالمرتبة الثالثة بالاندماج الاختياري بالاتفاق مع مصرف اخر او اكثر من نفس المرتبة وفقا لما ورد بالمادة 150 من قانون تسجيل الشركات رقم 21 لسنة 1997 وخلال فترة لا تتجاوز الربع الاول من هذه السنة وبعكسه يطبق البنك المركزي صلاحياته بالزام هذه المصارف بالاندماج الاجباري وبالحالتين لابد من تحديد المفاهم والاجراءات الخاصة بالاندماج المصرفي كما يلي :
1- تعريف الاندماج المصرفي
هو اتفاق او اتحاد مصرفيين او اكثر بشكل ودي ( ارادي ) او اجباري ( بقرار من البنك المركزي )وذوبانها في كيان مصرفي واحد وان يكون الكيان الجديد له القدرة والفاعلية على تحقيق اهداف المصرفيين المندمجيين واهداف السياسة النقدية والاقتصاد الوطني .
2- انواع الاندماج المصرفي
أ‌- الاندماج الاختياري ( الودي )
يتم هذا النوع من الاندماج بالاتفاق وتطابق الارادة لدى مصرفيين او اكثر بعد مفاوضات واتفاقات بين مجلس الادارة والهيئات العامة للمصرفين او اكثر بعد دراسة الجدوى الاقتصادية من جميع النواحي وما سيحققه الكيان الجديد من اهداف مع الالتزام بتاديه جميع التزامات ومستحقات الزبائن السابقة .
ب‌- الاندماج ( الاجباري )
يتم ذلك بصدور قرار من السلطة النقدية ( البنك المركزي ) بعد الوصول الى قناعة كاملة بان المصرف المستهدف متعثر وحفاظا عليه من فرض الوصايه عليه او تصفيته ولغرض المحافظة على اموال وحقوق المساهمين وللظرف الاستثنائي الذي يمر به الاقتصاد العراقي . على ان يتم وبمعاونة السلطة النقدية بتقديم حوافز للمصرف المتعثر مثل الاعفاءات الضريبية ومنحه القروض المساعدة مقابل ضمانات واضحة ومحددة .
3- لغرض نجاح عملية الاندماج المصرفي يتطلب :
أ‌- توفير البيانات والمعلومات وفق مبدأ الافصاح والشفافة لكل مصرف من المصارف المشمولة بالاندماج
ب‌- دراسة الجدوى الاقتصادية والنتائج المتوقعة عند حدوث الاندماج ويتم تقييم هذه الدراسات من قبل السلطة النقدية قبل اتخاذ قرار الاندماج .
4- القيام بعمليات هيكله مالية وادارية للمصارف المستهدفة قبل عملية الاندماج وتحديد القوى العاملة الفنية والادارية اللازمة لادارة الكيان الجديد .
5- ان عمليات الاندماج المصرفي اذا تمت وفقا لما ورد اعلاه سوف تحقق ما ياتي :-
أ‌- زيادة قدرة المصرف الجديد على تفعيل نشاطاته المصرفية في كافة المجالات وابرزها الارتفاع في راس المال وايرادات العمليات المصرفية والمركز المالي .
ب‌- زيادة الارباح الصافية التي ينتج عنها زيادة قيمة اسهمه في البورصة وزيادة الايداعات وارتفاع عدد زبائنه وزيادة عدد مودعيه و بالتالي تعزيز الثقة وهي اهم شي في العمل المصرفي .
ج- التزام المصرف الجديد بالوفاء بكافة التزاماته السابقة تجاه المؤسات المالية وتجاه الزبائن .
خامسا : ومن الحلول الاخرى الناجحة لانقاذ المصارف الخاصة ضمن الترتيب الثالث هو شراء بعضا من اسهمها من قبل القطاع المصرفي الحكومي واخضاع تدقيق حساباتها لديوان الرقاببة المالية .
سادسا: تحويل مصرفي الرافدين والرشيد بعد هيكلتهما الى مصارف خاصة كبيرة بعد دمجها مع مصارف خاصة كبيرة ورصينة .
سابعا: تأسيس مصرف تنموي واستثماري جديد بالمشاركة بين القطاع المصرفي الحكومي والخاص وان لا تزيد نسبة مساهمة الحكومة على 25% على ان يدار بعقلية القطاع الخاص ويكون دور الحكومة التوجيه والرقابة .
(*) باحث وخبير اقتصادي
حقوق النشر محفوظة لشبطة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 3 شباط 2016

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: