الرئيسيةقطاع التأمين الوطني والاجنبي

مصباح كمال *: كتاب “مؤتمرات التأمين في العراق-الادعاء والواقع”

مقدمة

أنا لا أؤمن بالمؤتمرات لأنها في نظري عبارة عن ندوات خطابية تتخللها عاصفة من التصفيق، دون أن يفهم أغلب المصفقين فحوى الموضوع الذي صفقوا له.  وينتهي المؤتمر دون نتيجة.

بهاء بهيج شكري

رسالة إلى مصباح كمال بتاريخ 2 شباط 2016

ليس معروفًا عقد مؤتمرات لإصلاح قطاع التأمين العراقي قبل 2003 ولعل من له علم بها تنويرنا بها لتعميم الفائدة والتوثيق.

شهد القطاع عقد ثلاث مؤتمرات في الفترة 2009-2021 توزعت على السنوات 2009، 2018، 2021، نظمتها أطراف مختلفة.  لم يعرف عن هذه المؤتمرات أنها تركت أثرًا على تطوير قطاع التأمين.

حاولت في هذا الكتاب رصد انعقاد هذه المؤتمرات وتوثيق تنظيمها من موقف نقدي لعل من ينوي تنظيم مؤتمرات أخرى في المستقبل يستفيد من بعض الآراء والتقييمات الواردة في فصوله.

لقد عقدت هذه المؤتمرات بهدف إصلاح قطاع التأمين.  ترى هل حققت هذه المؤتمرات أهدافها؟  لا نعتقد ذلك بدليل أنه لم يتم تبني أي من توصياتها ولم تترجم إلى قرارات أو تعليمات ملزمة، ولم يصدر عنها أوراق استشارية للتمهيد لاعتماد سياسات معينة للقطاع.  لقد كانت هذه المؤتمرات، بشكل عام، مناسبات للمسؤولين لإلقاء الكلام والتصريحات الفضفاضة للاستهلاك العام وليس التطوير الملموس لقطاع التأمين، ذلك لأنهم ليسوا معنيين حقًا بإصلاح القطاع، فأفعالهم، إن وجدت، لا تؤكد اهتمامهم الحقيقي بالإصلاح.

إن الهدف من وراء تجميع مقالاتي عن مؤتمرات التأمين وما رشح منها من توصيات وتصريحات هو الكشف عن سطحية فهم معظم السياسيين العراقيين لمؤسسة التأمين؛ ونقص المعلومات لديهم فيما يخص النشاط التأميني في الماضي والحاضر؛ والتشكيك بكفاءتهم في اعتلاء المنابر التأمينية كمتخصصين في مجال هم ليسوا أهلًا له والعورات في مواقفهم.

حاولت أيضًا الكشف عن عورات مؤتمرات التأمين ذاتها، فيما يخص تنظيمها وتماسك مضمون الأوراق المقدمة فيها وتوصياتها وتساوقها مع الفكرة الأساسية لها، وعورات قطاع التأمين نفسه ممثلة، من بين أمور أخرى، بالقوانين الناظمة لنشاط التأمين والشركات العاملة في القطاع.  وفي ذات الوقت، إلقاء الضوء على جوانب من واقع النشاط التأميني في العراق وتنافره مع تصورات المسؤولين ومنظمي المؤتمرات.

يجد القارئ تلخيصًا لذلك في فصل “نقد “مؤتمر التأمين” وتصريحات وزير المالية.”

يدعي منظمو المؤتمرات التأمينية أنها مؤتمرات علمية أو مؤتمرات إصلاح لكن الواقع يشير إلى أنها ليست كذلك سواء ما تعلق بها من تنظيم مسبق وجوانب أخرى سنأتي على ذكرها باختصار.  فلجان التنظيم لا تمثل جميع كيانات التأمين ومع ذلك تدعي بأنها تمثل قطاع التأمين العراقي برمته؛ وتواصلها ضعيف أو غائب مع هذه الكيانات؛ كما أن لجان التنظيم، وحسب المعلومات المتوفرة لنا، لا تقوم بإرسال نبذة أو إرشاداتbrief  للمحاضرين/المشاركين بالأوراق لتحديد ما هو ما مطلوب منهم في أوراقهم لضمان تساوقها مع الفكرة الأساسية للمؤتمر، ولذلك تأتي الأوراق متنافرة في موضوعاتها وتعالج قضايا لا علاقة لها بمفهوم الإصلاح.

وهذه المؤتمرات ليست علمية لأن الفكرة الرئيسية غير واضحة لدى اللجنة المنظمة وكأنها لا تعرف ماذا تبغي من وراء عقد مؤتمر، كما يتبين من خليط الأوراق المقدمة في المؤتمرات، والتوصيات عن أمور لم تكن موضوعًا للنقاش في المؤتمر.

وهي تفتقر للعلمية لضعف أو غياب المتابعة لما يصدر من المؤتمر من قرارات وتوصيات أو إخضاع بعض الأفكار المعلنة في المؤتمر لدراسات وبحوث.  نصوص المحاضرات المقدمة لتكون في متناول من يرغب بمناقشتها لا تنشر، والمتابعة مع الأطراف المعنية لتجسيد التوصيات في قرارات أو تعليمات أو قوانين ملزمة معدومة، وكذلك توثيق المؤتمر في كتاب للإفادة منه في المستقبل لأغراض البحث أو حتى لتطوير أفكار جديدة.

إن هذه المؤتمرات في ضوء “نتائجها” ليست إلا استعراضات للمسؤولين السياسيين و”حكمتهم” في توجيه قطاع التأمين، ومناسبة للتصفيق لهم من مريديهم والمنتفعين منهم، وإهمال الأوراق المقدمة في المؤتمر.  مع احترامي للزملاء من ممارسي التأمين وغيرهم الذين شاركوا بأوراق في هذه المؤتمرات بنيات سليمة لإصلاح وتطوير قطاع التأمين ودفعه إلى الأمام فهم، في اعتقادي، لا يرفضون المشاركة بحكم حرصهم على رؤية قطاع تأميني عراقي نشط يعمل بكفاءة وفق أحدث أدوات الاكتتاب والإدارة.

لعل العيب الأساس في هذه المؤتمرات هو تشوش فهم إصلاح قطاع التأمين، إذ يبدو لي أن منظمي المؤتمرات لا يمتلكون تصورًا واضحًا لما يعنيه هذا الإصلاح.  وقد حاولت في فصل “ملاحظات نقدية على برنامج وتوصيات مؤتمر إصلاح قطاع التأمين في العراق” عرض ملامح الإصلاح كما يلي:

من المعروف أن الإصلاح الاقتصادي أو إعادة الهيكلة أو التكييف الاقتصادي، كما يرد في أدبيات المؤسسات المالية الدولية ومراكز البحث الغربية، تُعرّف الإصلاح بأنه مجموعة من الاجراءات الهادفة إلى معالجة الاختلالات الهيكلية للاقتصاد الوطني وتحسين الكفاءة الاقتصادية في استخدام موارد الإنتاج وصولًا إلى الانتقال إلى نظام يقوم على تحرير الأسواق (سيادة نظام السوق) وتعزيز المنافسة وتقليص دور الدولة الاقتصادي، بما فيه التخطيط المركزي للاقتصاد الوطني، وخصخصة الشركات العامة، لتحقيق التنمية وتحسين مستوى المعيشة في بيئة اقتصادية كلية مستقرة، وتحسين ميزان المدفوعات.  بعبارة أخرى، إصلاح ما هو قائم لبناء اقتصاد رأسمالي.

هذه خطوط عامة للإصلاح الاقتصادي، في مفهومه الغربي، لا تفي الموضوع حقه وأتينا على ذكرها لأن تحديد مفهوم الإصلاح يمهد السبيل لرسم السياسات.  إذا استهدينا بهذه الخطوط العامة لنا أن نسأل إن كان القائمون على تنظيم هذا المؤتمر يمتلكون رؤية لإصلاح قطاع التأمين.  ربما.  لكن عناوين الأوراق المقدمة لا تؤشر على وجود فهم واضح لما يراد من الإصلاح.

وجريًا على هذا النهج سألنا: على ماذا ينصبُّ الإصلاح؟  أهو، على سبيل المثل، إعادة هيكلة الشركات العامة (الخصخصة)، أو تشجيع الشركات الخاصة للاندماج لخلق عدد صغير من الشركات الكبيرة؟  أو أن يكون “ضامناً للاستثمار ومقللاً للمخاطر وتحسين جدوى الاستثمار والفرص المربحة” كما دعى د. عبد الحسين العنبكي في سياق آخر.

وسؤال آخر: أليس إعادة النظر في بعض أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 مطلوبًا لأغراض إصلاح القطاع؟  لكن مثل هذا السؤال لم يرد على بال اللجنة المنظمة وإلا لكانت قد وجّهت أحد المحاضرين لتقديم ورقة بهذا الشأن.  وقل مثل ذلك بالنسبة لديوان التأمين المبتلى برئيس يعمل بالتكليف أو وكالة ويعاني من تضارب الجمع بين رئاسة الديوان وإدارة شركة تأمين.

أجريت بعض التنقيحات على النصوص بما فيها تعديل العناوين وإضافة هوامش جديدة.  هناك بعض التكرار لأفكار معينة أبقيت عليه لأهميتها ولم أحذفها كي يستقيم السرد.

لتحميل الكتاب كملف بي دي أف انقر على الرابط التالي

Insurance Conferences in Iraq

 

 

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. Misbah Kamal
    Misbah Kamal:

    مؤتمرات التأمين في العراق-تحديث معلومات

    بعد نشر كتابي مؤتمرات التأمين في العراق: الادعاء والواقع (مكتبة التأمين العراقي، 2022) توقعت أن يستقبل بقراءة نقدية خاصة وأنه يضم ملاحظات وأفكار نقدية حول تنظيم هذه المؤتمرات وصياغة برامجها، لكن توقعي لم يكن في مكانه إلا أنني استلمت رسالة من د. جمال عبدالرسول غانم بتاريخ 21 كانون الثاني 2022 جاء فيه الآتي:

    “أهنئكم لمناسبة صدور كتابكم: مؤتمرات التأمين في العراق – الادعاء والواقع، وأستميحكم عذرا في إبداء ملاحظة قاصرة:

    توقعت – كما يشير العنوان – أن الكتاب يشمل ما عُقد من مؤتمرات ضمن قطاع التأمين في العراق مثل المؤتمر الدولي لتأمين أخطار الحرب/ 1986 ولكن بعد أن نظرت في الفهرس وجدت أن الكتاب يتعلق بإصلاح القطاع بعد العام 2003، ولذلك كان من المناسب أن يكون العنوان أكثر دلالة.”

    شكرته على المعلومات المفيدة في رسالته وكتبت الآتي:

    “في ضوء هذه المعلومات أتجرأ وأقول ان قطاع التأمين العراقي قبل 2003 لم يكن مهوسًا بعقد مؤتمرات “إصلاح” القطاع لأنه، وكما تقول، ربما كان مزدهرًا. لذلك انصبت الجهود على عقد الندوات المتخصصة لرصد قضايا القطاع وإيجاد حلول لها وتعميق فهم المستجدات. النظام الذي تأسس بعد الاحتلال الأمريكي ساهم في التخريب وأركانه يريدون إظهار أنفسهم كمصلحين للخراب من خلال المؤتمرات.

    هل تحتفظ بالأوراق الخاصة بمؤتمر مناقشة ورقة عمل قطاع التأمين/ 1996 – شركة التأمين العراقية؟ أو هل لديك معلومات عنه؟ التعرف على الأوراق يساعد في عقد مقارنة بين الماضي والحاضر.”

    وفي متابعتي للموضوع مع د. غانم أرسل لي نسخة مصورة من مقال بعنوان “مؤتمر التأمين العراقي الأول،” مجلة التأمين، العدد الأول، السنة الأولى، حزيران 1964، ص 56-57. (مجلة التأمين مجلة فصلية كانت تصدرها شركة التأمين الوطنية، بغداد). والمقال بقلم أمين الزهاوي، مدير الدراسات.

    ويظهر من قراءة المقال في مجلة التأمين أن صاحبة فكرة عقد مؤتمر للتأمين هي شركة إعادة التأمين العراقية التي عممت كتابها حول موضوع المؤتمر إلى كافة شركات التأمين العاملة في العراق.

    وكتب د. جمال بأنه لا يدري إن كان هذا المؤتمر قد عُقد أم لا. لعله، وهو مؤرشف قطاع التأمين العراقي، فد يكشف لنا إن كان هذا المؤتمر قد عقد أم لا عندها يكون لنا حديث آخر.

    مصباح كمال
    3 شباط 2022

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: