جدل اقتصادي

د. أحمد ابريهي علي: فائض و عجز الموازنة و النظام المالي في العراق

أولاً: الفائض و العجز:

يلخص  فائض( عجز)  الموازنة   اجماليات المالية العامة و من أهم محاور السياسة المالية في ألأقتصاد غير النفطي و في ألأخير لا يخلو من دلالات مهمة يكشف عنها التحليل ألأضافي الذي يتناول خصوصيات ألأقتصاد النفطي. يمثل العجز مقدار من الطلب الحكحومي يمول بالأقتراض او انقاص ألأرصدة الحكومية التي تبادل بالسيولة لتمويل العجز. و هناك فروقات جوهرية بين مصادر ألأقتراض المختلفة في الأثر النهائي على ألأقتصاد الكلي. فعندما يمول ألأقتراض لتمويل العجز في اوضاع و ضوابط تؤدي الى انقاص ألأئتمان الموجه للقطاع الخاص او مجموع طلبه بنفس مقدار العجز فهذا يعني ازاحة الموارد من القطاع الخاص الى الحكوميCrowding Out   . و لكن عندما يمول العجز بطريقة لا تؤدي الى انقاص الموارد المتاحة للقطاع الخاص يمثل اضافة صافية للطلب الكلي  . و من المحتمل ان يقود ألأنفاق الحكومي، في هذه الحالة، الى ضغوط تضخمية عندما يكون العجز نتيجة رفع مستوى ألأنفاق الحكومي فوق مستويات السنوات القريبة الماضية بفارق لا يتناسب مع الزيادة المحتملة في العرض. و لكن عندما ينجم العجز عن هبوط حاد في موارد الصادرات التي تعتمد عليها الحكومة في تمويل انفاقها العام  فان تمويل العجز لا يؤدي الى ضغوط تضخمية بل بالعكس فان ألأحجام عن تمويل العجز يقود الى تراجع غير مبرر في مستويات الدخل و الرفاه. أما تمويل العجز من الخارج لا تلجأ اليه الحكومات ، عادة ، الا اذا اقترن بعجز كبير في ميزان المدفوعات لا تكفي ألأحتياطيات  لسده. أي ان ألأقتراض من الخارج يقصد منه اساسا تلافي نقص العملة ألأجنبية. اما العجز الحكومي مع وضع مناسب للميزان الخارجي و رصيد كافي من ألأحتياطيات فينبغي تمويله من الداخل مع مراعاة شروط التوازن بين العرض الكلي و الطلب الكلي كما سلف. أي ان الموقف من العجز و تمويله يتطلب تحليلا دقيقا قبل اتخاذ موقف نهائي . و يتراكم العجز في

رصيد المديونية الحكومية و التي عليها اغلب البلدان . و ذلك لأن الفائض حالة نادرة في اقتصاد اعتيادي و توجد قليل من الدول تراكم فوائض ومنها النفطية العربية و الصين. و هنا يجب التمييز ايضا بين فوائض الموازنة و فوائض موازين المدفوعات الخارجية . لأن فوائض البلدان النفطية و الصين هي من النوع الثاني بصفة رئيسية و ما يعرف بصناديق الثروة السادية هي أساسا صناديق موجودات بالعملة ألأجنبية .

 و هذ لا يعني ان البلدان النفطية لا تشهد فوائض في موازناتها الا ان بعضها جربت أيضا عجوزات في موازناتها العامة لسنوات عديدة بين منتصف الثمانينات و مطلع القرن الحالي. و لكنها حافظت على ثروات سيادية بالأصول ألأجنبية.

الفائض في ألأقتصاد غير النفطي يعني حجز جزء من الدخل القومي عن مجرى الطلب الكلي و لذلك له اثر انكماشي تضطر اليه الدول لسداد مديونيتها مثلما الزمت ،الان، الدول الأوربية عالية المديونية بتكوين فوائض في موازناتها للسنوات القادمة لسداد المديونية. اما في ألأقتصاد النفطي فان الفائض الذي  يتحقق نتيجة ارتفاع اسعار النفط ليس له اثر انكماشي. العبرة ، في هذه الحالة ، بمستوى بحجم ألأنفاق مقارنة بالعهد القريب. أي ان ألأيرادات في ألأقتصاد ألأعتيادي تعكس مستوى ألأنتاج و التشغيل فهي متناسبة مع بقية متغيرات ألأقتصاد الكلي و عليه ينظر الى العجز أو الفائض بأنه تجاوز للتناسب الذي يحفظ ألأستقرار. و لكن في ألأقتصاد النفطي ليس للأيرادات هذه الدلالة فيتطلب ألأمر معايير اخرى للحصافة و العقلانية في المالية العامة. فمثلما ان الفائض في ألأقتصاد النفطي لا يعني بالضرورة سياسة انكماشية كذلك العجز ينبغي ان نتعرف على مصادره و كيقية تمويله قبل الحكم على اثاره. و قد دلت تجربة العراق في مواجهة العجز المتوقع في موازنة 2009 على الكثير من سوء الفهم و عدم الركون الى التحليل ألأقتصادي الكلي وهيأ ذلك ألأرتباك ألأجواء لتجديد ألأتفاق مع صندوق النقد الدولي و أثبتت التجربة ان لا ضرورة لتجديد ألأتفاق .

جدول رقم (1) ايرادات الموازنة و الفائض السنوي  و المتراكم  (مليار دينار)

السنة

ألأيرادات لأقرب مليار دينار

الفائض لأقرب مليار دينار

2003

2146

164

2004

32983

865

2005

40503

14128

2006

49056

10249

2007

54599

15568

2008

80613

13338

2009

55140

479

2010

70178

45

2011

99941

18883( تقدير أولي)

المجموع

485159

73719

 مصادر البيانات: تقارير الكشوفات المالية لصندوق التنمية  العراقي  DFI  ؛نشرات البنك المركزي العراقي ؛ و ثيقة ألأستراتيجية المالية للسنوات 2013- 2015 عن وزارة المالية .

ملاحظات:

1-    الفائض هو الفرق بين ألأيرادات و النفقات و كلاهما فعلي. لكن بيانات  النفقات  أعلاه لا تتضمن الموقوفات في حساب السلف، و هي مدفوعة فعلا و لم تنجز تسويتها القيدية بعد ولذلك فان الفائض الفعلي هو أقل من التقدير اعلاه، كما سيتضح، و لكن أردنا البدء باظهار الصورة من المنشورات الرسمية قبل معالجتها. علما ان ألأساس المحاسبي للموازنة في العراق هو النقدي Cash Base بمعنى ان المقبوضات و المدفوعات تنسب لزمن القبض و الدفع. الا ان ألألتزامات و التي تعني عقود المقاولات و التجهيز و ألأعتمادات  لغرض ألأستيراد لا تخضع لهذه القاعدة. و لذلك تقيد المدفوعات على هذه الفقرات في حساب السلف لحين اتمام اجراءات ألأستلام  و توفر المستندات لتحويل السلف الى حساب المصرف النهائي قيديا. و هذا ألأستثناء يعني ان المصروفات ( ألأنقاق) هو أقل من الواقع . 

2-    ألأيرادات نفطية و غير نفطية،  بما فيها مقبوضات الفائدة على أرصدة الموازنة في ألأحتياطي الفدرالي. و لم أتأكد فيما اذا تضمنت المبالغ المحولة من برنامج النفط مقابل الغذاء و ألأموال المجمدة أم لا. هذه مسألة تتعلق بقياس مفهوم الفائض و لا تؤثر على سلامة البيانات. و المبالغ التي حولت من برنامج النفط مقابل الغذاء الى صندوق التنمية العراقي DFI  ، تقريبا، ( 11.1) مليار دولار ، أحد عشر مليار و مائة مليون دولار، وألأموال المجمدة و المحولة الى الصندوق ( 1.6 ) مليار دولار ، و مجموع الفقرتين 12 مليار و سبعمائة مليون دولار.

3-    البيانات التي اعتمدنا عليها لحساب الفائض لا توضح عائديته هل هو للموازنة ألأتحادية أم للوزارات و الدوائر خارج كردستان. و هذه قضية في غاية ألأهمية تحتاج فعلا الى شفافية. لأن التخصيصات توزع بين كردستان و بقية العراق بعد حسم النفقات ألأتحادية و الحاكمة. وتدفع تخصيصات ألأقليم حسب النسب و تعد منفذة بالكامل من زاوية الموازنة ألأتحادية، في حين لا توجد جهة  بعينها تستلم تخصيصات بقية العراق و تبقى ضمن ادارة الموازنة ألأتحادية. و هذه الملاحظة لا تستند الى و ثيقة رسمية ، بل تستشف، و لذلك هي عرضة للتصويب .

عند افتراض تسوية السلف و التي قدرتها و ثيقة ألأستراتيجية المالية للسنوات 2013- 2015 بمبلغ 40 ترليون دينار، يصبح الفائض المتراكم منذ عام 2003 و حتى نهاية عام 2011 تقريبا 33719 مليار دينار و يقرب الى 34 ترليون دينار.

و بهذه البيانات ألأولية يمكن ازالة ألألتباس حول الفائض المتراكم، و الذي بالغت بعض التصريحات بمقداره، نتيجة ألأخطاء المسكوت عنها في تعريف المفاهيم. و منها المقارنة بين التخصيصات و النفقات ” الفعلية” . وهذه المقارنة لا تنفع في حساب الفائض لأن التخصيصات صلاحيات بالصرف و مقارنتها مع النفقات قد يساعد على تحسين التخطيط المالي و ليس لقياس الفائض.  و ثمة مقترب اخر له دور في اشاعة ألألتباس و هو المقارنة  بين سعر النفط المعتمد في الموازنة و السعر الفعلي ، وهذا أيضا له دلالة في التخطيط المالي و ليس لحساب الفائض . لأن السعر المعتمد في الموازنة هو تصور في الذهن موثق في الورق و لا يقايله تدفق و اقعي . ايرادات النفط الفعلية هي التي تدخل في حساب استلام الموارد النفطية   Oil Proceeds Receipt Account ( OPRA)  لدى ألأحتياطي الفدرالي في نيويورك و منه تذهب 95 بالمئة الى حساب وزارة المالية الذي يديره البنك المركزي . و لا يوجد مبلغ يمثل الفرق بين السعر الفعلي و المخطط محتجز في مكان ما.

أظهر تقرير أرنست و يونغ رصيد لوزارة المالية لدى ألأحتاطي الفدرالي في نيويوك ” صندوق التنمية العراقي DFI ” يعادل 19318 مليار دينار و ذلك نهاية سنة 2011 . و لدى البنك المركزي في نفس التاريخ للحكومة المركزية 6287 مليار دينار و افترضنا ان هذا التعبير يقصد منه الموازنة ألأتحادية ، و يحتاج الى تأكد أيضا، و بالتالي تكون ألأرصدة المتراكمة للموازنة 25605 مليار دينار لدى ألأحتياطي الفدرالي والبنك المركزي نهاية 2011. و بينت نشرات البنك المركزي ان مجموع الودائع الحكومية في المصارف العراقية 37707 مليار دينار هذا في كانون الثاني عام 2012 و نعتمده لنهاية 2011 .و أوضح تقرير المركزي ان ودائع القطاع العام عدا الحكومة المركزية نهاية 2011 كانت 25605 مليار دينار . و عليه فان و دائع الموازنة كانت نهاية العام 12102 مليار دينار. و نعيد السؤال المثار انفا لمن هذه الودائع فاذا هي للموازنة ألأتحادية يصبح الفائض 37707 مليار دينار منظورا اليه من جهة القنوات المصرفية . و من احصاءات الموازنة ، كما تقدم ،هو 33719 مليار دينار، و هما متقاربان اخذين بألأعتبار طول الفترة الزمنية و أختلاف مصادر البيانات، وتلك نتيجة مشجعة. و عندما يتأكد ان ودائع الحكومة المركزية انفة الذكر هي للوزارات و لاتعود للموازنة. يصبح تقدير الفائض من القنوات المصرفية 25605 مليار دينار و من احصاءات الموازنة 33719 مليار دينار. و المسألة تتطلب تدقيق و تثبت. الا ان ألأرقام تلك هي أكبر من الفائض حسب مفهومه لأن نفقات لوزارة التجارة و الكهرباء و الشركات العامة مولتها قروض من المصارف بطلب من الحكومة و تعهد الموازنة و هذه بمثابة نفقات من داخل الموازنة بتخصيصات . و تقدر، تلك المبالغ ، بعشرين ترليون دينارو عندما تطرح ينخفض تقدير الفائض الى 13719 مليار دينار نهاية عام 2011. و الرصيد المصرفي امام احتمالين : عندما يثبت ان و دائع الحكومة المركزية في المصارف ليست للموازنة فهي مدينة لها بمبلغ عشرين ترليون و صافي ألأرصدة في القنوات المصرفية جميعها بما فيها الأحتاطي الفدرالي و المركزي تنخفض الى 5605 مليار دينار نهاية 2011 . و اذا كانت الودائع للموازنة يرتفع صافي الرصيد المصرفي بمجموعه الى 17707 مليار دينار.

ثانيا: نظام المالية الحكومية في العراق:ألأدارة و أنظمة المعلومات:

يتسم نظام المالية العامة في بلادنا بالتعقيد و هو يتألف من المقاطع التالية:

1-    قطاع ألأعمال العام:و الذي يتشكل من الشركات المالية و غير المالية . في الصنف ألأول المصارف التجارية و المتخصصة  و شركات التامين و سواها. و في الصنف الثاني شركات و زارة النفط  و الصناعة و ألأعمار و ألأسكان و انشطة أخرى ذات طابع تجاري . وجميع هذه الشركات مستقلة ماليا و اداريا حسب قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 و تعديله اللاحق.

 او ضاع هذه الشركات متباينة و يغلب عليها الفشل في الزمن الحاضر الا القليل منها. و تبنت الحكومة خطة متثاقلة لأعادة هيكلتها . و من الناحية العملية يؤجل تنفيذها. و قد تعطلت بعض هذه الشركات بالكامل و أخرى ضعيفة ألأداء بشكل مذهل بكل المقاييس نتيجة غياب الدافع الذاتي و انعدام التحفيز و الحزم الحكومي. و لهذه الشركات علاقة معروفة بالموازنة ، اذ تقتطع حصة من ألأرباح عند تحققها و تدفع اعانة للشركات الخاسرة و كافة مصاريف الشركات المتوقفة و أهمها رواتب المنتسبين. ومن المهم لسلامة الوضع المالي في العراق اعداد و ثيقة المركز المالي التجميعي لهذه الشركات مع تحليل و افي يقدم مع ملف الموازنة العامة للسلطتين التنفيذية و التشريعية و توجيهات و ضوابط وسياسات يلتزم بها تصدر ملحقة بالموازنة العامة عند تشريعها. ان هذه الشركات تسهم في تعيين المركز المالي للدولة و لابد ان تحظى بالعناية في سياق تحضير و مناقشة الموازنة.

2-    الموازنة ألأتحادية : و التي تستقبل ايرادات النفط ، و تعتمد عليها في تمويل ألأنفاق. و هي محور النظام المالي العام في العراق و في جميع البلدان. و تعاني ادارة المزازنةألأتحادية نواقص كثيرة في البيانات ألأساسية للأنشطة التي تمولها و منها معدومة بالكامل ، و ضعف التوثيق و المطابقات و منها قصور الحسابات المقابلة لحركة ألأرصدة المصرفية . وضعف كفاءة أقسام  المحاسبة و التدقيق في الكثير من الدوائر . كما ان تقارير ألأداء المالي لا تسمح بالتحليل الوافي لتحسين ادارة الموازنة . و من الصعب الحديث عن سياسة مالية بالمعنى المنهجي للكلمة لأنها تقوم على الربط بين مكونات ألأيرادات و النفقات و متغيرات ألأقتصاد الكلي و نقص البيانات و دقتها  و تخلفها الزمني ملحوظ في كافة هذه الميادين . و لهذا من المبالغة القول بعلاقة و اضحة بين الموازنة و النمو و التشغيل و متطلبات ألأستقرار فضلا عن العدالة الأجتماعية و صلتها المعروفة مع توزيع الثروة و الدخل. و ان هذا الوضع المعلوماتي و الأداري المؤسف لا يتناسب مع الصخب السياسي حول االموازنة ويثير التساؤلات حول مقاصده ألأخيرة . و يكشف عن الفاعلية المشكوك فيها  لبرامج ألأصلاح التي أعلنت عنها المنظمات الدولية و دوائر المساعدة ألأجنبية لتطوير ألأدارة المالية في العراق. و لازالت الموازنة تفتقر الى ألألتزام الواضح باعادة بناء ألأدارة الحكومية على أساس الوظيفة و ادارة ألأنشطة بمعايير الكلفة- المنفعة والكلفة – الفاعلية و ان  الخلل في ألأداء المالي هو انعكاس للحقائق ألأعمق.

3-    الموازنات على المستوى ألأقليمي: ومن الناحية العملية يعد العراق دولة في اقليمين ، كردستان و بقية العراق. و لكن من جانب ألأدارة  لا توجد ، على المستوى ألأقليمي ، سوى موازنة كردستان و هي الالية التي يدار ألأنفاق العام من خلالها كليا في ألأقليم .و تعتمد ايضا ، في المقام الأول، على التحويلات من الموازنة الأتحادية. الا ان بقية العراق لازالت ادارته المالية مدمجة مع الموازنة ألأتحادية بطريقة لم تعد ملائمة. ومن المناسب، للأدارة المالية و حسب ،معاملة بقية العراق على انه اقليم . و تستحدث موازنة له تسمى موازنة اقليم المركز و تحول حصة بقية العراق ، بعد استبعاد النفقات ألأتحادية و الحاكمة، الى هذه الموازنة و التي تكون لها دورة محاسبية مستقلة عن الموازنة ألأتحادية  و ادارة خاصة على غرار كردستان.و يساعد هذا ألأجراء على تطوير النظام المالي في العراق و يمهد لحلول أكثر و اقعية لبعض المشكلات و منها عقود النفط . و يشجع على النهوض بالموارد على المستوى دون ألأتحادي مع تبسيط ألأجراءات و ربما ألأسراع في تنمية البناء التحتي.

4-    الموازنات على المستوى المحلي: و هي أمانة بغداد و المحافظات و الوحدات ألأدارية ألأدنى و بلديات المدن. و هذه الموازنات تزداد أهميتها مع التوجه اللا مركزي. و أصبح من الملح الكشف عن هذه ألأنشطة المالية أمام السلطات المسؤولة و الجهات الرقابية و الخبراء بطريقة أفضل. و لهذ الهدف من المهم المباشرة بتغيير انظمة التوثيق و ألأفصاح و ماتحتويه التقارير . و طالما تستلم هذه الموازنات تحويلات من المركز فلابد من العناية بها عند مناقشة و اقرار الموازنة ألأتحادية . و مثلما قيل في قطاع الشركات العامة من المفيد أيضا اظهار المركز المالي التجميعي لهذه الوحدات ملحقا بالموازنة ألأتحادية أو موازنة اقليم المركز مع ضوابط و سياسات لتنمية ألأيرادات المحلية و كفاءة التصرف بالموارد.

مما تقدم تبينت الحاجة الى استحداث موازنة اقليم المركز و تطوير مالية الشركات العامة و السلطات المحلية. و فصل حسابات الموازنة ألأتحادية عن اقليم المركز و تحسين ألأدارة المالية للأخير.

 ومن المناسب الكشف عن ألأرصدة المصرفية لكافة الموازنات دوريا كي تؤخذ بالأعتبار عند ألأعداد و اصدار الموازنات الجديدة. و اعادة تبويب البيانات المصرفية للفصل بين ايداعات قطاع ألأعمال العام و موازنات ألأتحاد و ألأقاليم و المستويات المحلية كل على حدة من اجل الوضوح التام و تنشيط البحث و التفكير في سبل ألأرتقاء.

و ثمة قضية أخرى طال انتظار الحسم بشأنها تتمثل في التمويل الداخلي لعجز الموازنة ، ألأضطراري في حالة هبوط حاد بموارد النفط، أو ألأختياري و منه ما له صلة بالجدل الدائر حول قانون البنى التحتية. ان التمويل المصرفي للموازنة يتطلب أولا الكشف عن و دائع القطاع الحكومي في المصارف و عائديتها و اجراء التغييرات المقترحة في النظام المالي الحكومي كي يمكن استيعاب هذه السيولة أولا قبل الحديث عن ألأقتراض . لقد أظهر التقرير السنوي للبنك المركزي نهاية عام 2011 أكثر من 32 ترليون دينار ودائع للمصارف في البنك المركزي منها احتياطيات الزامية و اخرى استثمارات بفائدة و غيرها . لا شك تتوفر سيولة الا ان توظيفها يتطلب اجراءات و منها اعتماد نظام ادارة نقدية الموازنة بالتنسيق مع الدين الداخلي.

و المباشرة باستحداث سوق لأدوات الدين في العراق اسوة بالدول ألأخرى. و كل ذلك يتطلب

اخضاع ألأنفاق العام لشروط ألأستقرار المعروفة و ملاحظة العناية المستمرة بتوسيع قدرة اقتصاد العراق على ألأستيعاب الفعال للأنفاق العام، و بكفاءة تساعد على استمرار النمو غير النفطي و الأرتفاع التدريجي بنسبة المشاركة في النشاط ألأقتصادي. و تقليص حجم القطاع الحكومي لصالح تنمية موسعة للقاعدة ألأنتاجية ينهض بها قطاع ألأعمال الخاص الوطني.

*خبير اقتصادي ونائب محافظ البنك المركزي سابقاً

شبكة الإقتصاديين العراقيين 5/10/2012

لتنزيل المقال بصيغة بي دي أف  PDF

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: