ابحاث في النظام السياسي والتركيبة المؤسساتيةالرئيسيةالنشاط الاعلامي التوعويبيانات وإحصائيات اقتصادية

همام مسكوني *: ملاحظات على احتساب الدكتور علي مرزا لنسبة المشاركة في انتخابات 10/10 / 2021


جل تقديري لـ د. مرزا الذي أثار هذه المسألة. بدءا، ويكيبيديا تعرف إقبال الناخبين أو نسبة المقترعين أو نسبة المشاركة (في الانتخابات) أو معدل المشاركة في الانتخابات voter turnout بأنه “نسبة المشاركة participation rate (غالبا ما توصف بأنها أولئك الذين يدلون بأصواتهم) في انتخابات معينة. وقد يشير ذلك إلى نسبة الناخبين المسجلين، أو كل المواطنين في سن التصويت” (+ 18 سنة في العراق).

 

احتسبت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نسبة المشاركة أو نسبة المصوتين فعلا في انتخابات 2021 بقسمة عدد الذين أدلوا بأصواتهم، أي عدد المقترعين فعلا، على عدد الناخبين المؤهلين للتصويت. وهذا صحيح لكنه، في حالة العراق تحديدا، لا يكفي من وجه نظري، لكن لماذا؟

 

بدءا، لا توفر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تعريفا لـ “الناخبين المؤهلين”، وتحديدا ما إذا شمل عدد الناخبين المؤهلين المقدر بـ 22,116,836 نحو 3 – 5 مليون مواطن عراقي مقيم خارج العراق والذين حرموا من الحق الدستوري في الانتخاب.

 

ثانيا، وهذا الأكثر أهمية، أرى أن اعتماد هذا المعيار فقط، أي احتساب نسبة المشاركة في الانتخابات بقسمة عدد المقترعين على عدد المؤهلين، لا يعكس واقع الحال، لأن العدد الأكبر من الناخبين المؤهلين لم يسجلوا في الانتخابات. وحيث أن التسجيل ملزم للاقتراع، فأن من المنطق القول أن كل من صوتوا كانوا قد سجلوا مسبقا.

 

ما أهمية تسجيل الناخبين؟ يعرف المعهد الدولي للديموقراطية والمساعدة الانتخابية (IIDEA) نسبة المقترعين أو نسبة المشاركة في الانتخابات بأنها “أحد مقاييس مشاركة المواطنين في السياسة، ويعبر عنها عادة بأنها نسبة الذي أدلوا بأصواتهم في لانتخابات. ويشمل العدد الكلي للمصوتين أولئك الذين اقترعوا بأوراق بيضاء أو أن أصواتهم أبطلت، لأنهم قذ شاركوا فعلا في الانتخابات”. ويستخدم المعهد تعريفين لـ “مجموعة الناخبين المؤهلين”: (آ) أما عدد الناخبين المسجلين أو (ب) تقدير عدد المواطنين في سن التصويت estimated voting age population (VAP) لاحتساب نسبة المصوتين أو المقترعين. ولكل من طريقتي الحساب مزايا وعيوب، لكن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استخدمت دوما التعريف (ب) فقط، أي تقدير عدد السكان في سن التصويت وأهملت التعريف (آ)، أي عدد الناخبين المسجلين.

 

قانون الانتخابات في العراق يلزم الناخبين المؤهلين بالتسجيل للمشاركة في الاقتراع. لذا، فامتناع المواطنين عن التسجيل أو عدم رغبتهم فيه موقف سياسي في غاية الأهمية، لا بد من أخذه بنظر الاعتبار عند الحديث عن نسبة المشاركة، لاسيما في النظم الديمقراطية الناشئة. ولا يشمل ذلك طبعا الذين لا يتمكنون من التسجيل بسبب نقص الوثائق الثبوتية أو الحالة الصحية أو العقلية. وإذا كانت المشاركة في الانتخابات بالتسجيل والاقتراع واجب وطني، كما متعارف عليه في الأدبيات السياسية، فالامتناع عنهما موقف سياسي لا بد من أخذه بنظر الاعتبار لأنه. فالامتناع، كما المشاركة، معيار (آ) لثقة المواطنين في النظام السياسي، (ب) ما إذا كانت المشاركة يمكن أن تحدث تأثيرا و(ج) وعي المواطنين واهتمامهم بالشأن السياسي والشأن العام.

 

لذا، وفي ضوء ما جاء في أعلاه، أرى أن تنظر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فيما يأتي:

  • وضع تعريف محدد لـ “الناخبين المؤهلين” في كل عملية انتخابية وما إذا كان التعريف يشمل المواطنين العراقيين المقيمين خارج العراق، لاسيما في حالة إلغاء التصويت في الخارج.
  • إعلان عدد ونسبة الناخبين المؤهلين الذين سجلوا للاقتراع وتوزيعهم على الدوائر الانتخابية لنكون جزءا من النتائج الأولية والنهائية للانتخابات.
  • إعلان عدد ونسبة الناخبين المقترعين إلى الناخبين المسجلين وتوزيعهم على الدوائر الانتخابية فضلا عن نسبة الناخبين المقترعين إلى إجمالي الناخبين المؤهلين التي تعلنها المفوضية عادة عقب كل عملية انتخابية
  • إعلان عدد ونسبة الناخبين الذين لم يسجلوا من الناخبين المؤهلين وتوزيعهم على الدوائر الانتخابية.

 

وبذا تزداد صدقية وموثوقية ما تعلنه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن نسب المشاركة والاقتراع وتتاح الفرصة للسياسيين والباحثين تحليل النتائج وتحديد أسباب كثافة أو محدودية التسجيل والمشاركة في الاقتراع على المستوى الوطني وعلى مستوى الدوائر الانتخابية

 

 

(*) همام مسكوني: باحث في تركيبة وأداء المؤسسات الحكومية العراقية وقضايا التنمية الاقتصادية

 

المصدران

 

 

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. Avatar
    Dr. Ali Merza:

    عزيزي الأستاذ/همام مسكوني المحترم،
    شكراً جزيلاً على ملاحظاتك القيمة على مداخلتي، المنشورة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين في 2022/9/1. لقد تناولت ملاحظاتك في الحقيقة مسائل مهمة تتعلق بالعملية الانتخابية وتخطت مسألة “مقدار” نسبة المشاركة في الانتخابات التي تناولتها مداخلتي. وأنا أتفق في بعض ما طرحته حول تلك المسائل.
    لقد انصبت مداخلتي، أساساً، على الخطأ الشائع في بخس نسبة المشاركة Turnout Rate في انتخابات تشرين-الأول/أكتوبر 2021، من قبل العديد من المعلقين والمناقشين والكتاب، حيث تُذكر، في مداولاتهم/مناقشاتهم/كتاباتهم، عادة بحوالي 20%، وفي بعض الأحيان 30%. وتختلف هذه النسب مع نسبة المشاركة التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لنتائج الانتخابات، والمنشورة أيضاً في موقعها الإلكتروني، https://ihec.iq/، والبالغة 43.5.%. من جانب آخر، فأن عنوان ملاحظاتك القيمة يتضمن “احتسابي” للنسبة في حين أن الاحتساب عائد للمفوضية وليس لي.
    وبصورة عامة، أود أن أبين ما يلي حول احتساب نسبة المشاركة من قبل المفوضية:
    (1) لقد أشرت باختصار إلى التعريف القانوني للمؤهل للتصويت في الفقرة (2) في مداخلتي. فحسب المادة 5، من قانون انتخابات مجلس النواب رقم 9 لسنة 2020، فأن شروط التأهيل للتصويت هي: أن يكون المُصَوِّت مواطناً عراقيا، ويتمتع بكامل الأهلية، وأتم 18 سنة من عمره في عام الانتخابات، ويكون مسجلاً في سجل الناخبين.
    (2) ولكن في اعلان ونشر نتائج انتخابات تشرين-الأول/أكتوبر 2021، فأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لم تلتزم في حساب عدد المؤهلين للتصويت بهذا التعريف، كما أشرت أنت له أيضاً. إذ يبدو أن المفوضية “ساوت” عدد المؤهلين للتصويت بعدد جميع من هم في سن التصويت من السكان، 18-سنة-فأكثر، وقدره 22.1 مليون.
    (3) وفي الحقيقة هذا ما أشرت له في مداخلتي في الملاحظة (أ)، حيث بينت (في ضوء المقارنة مع الفئة العمرية 18-سنة-فأكثر ونسبتها لعدد السكان في عام 2020) أن عدد “المؤهلين” للتصويت الوارد في بيانات (نتائج) المفوضية هو باحتمال كبير جداً يساوي عدد جميع من هم في سن التصويت من السكان (18-سنة -فأكثر) من المقيمين في داخل العراق في عام 2021.
    (4) لذلك استنَجْتُ في تلك الملاحظة أن عدد المؤهلين للتصويت لا يمكن أن يكون أكبر مما ورد في بيانات/نتائج المفوضية (22.1 مليون) وبالنتيجة فأن نسبة المشاركة (43.5%) لا يمكن أن تكون أقل. بعبارة أخرى، لو أن المفوضية احتسبت عدد المؤهلين حسب شروط التأهيل، الوارد ذكرها أعلاه، لكان عدد المؤهلين أقل (من 22.1 مليون) ولكانت نسبة المشاركة أكبر (من 43.5%).
    مع التقدير.
    د. علي مرزا

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: