ملف البنك المركزي العراقيملف الكفاءات العلميّة

د .ابراهيم بحر العلوم: من سيحمي التكنوقراط العراقي؟مظهر محمد صالح نموذجا

لاشك ان الجواب العاجل سيكون القانون فهو كفيل لحماية التكنوقراط في دولة القانون!! قد اقبل به على مضض.. ولكن من الواضح في ظل المعطيات السياسية التي يعيشها العراق اليوم انهم الحلقة الاضعف في شرائح المجتمع لافتقارهم للحماية بسبب عدم إيمانهم بالولاءات السياسية الحزبية الذي توفر عادة لهم الحماية المطلوبة بل يكابروا باستقلاليتهم وبمهنيتهم وفي خضم الوضع السياسي المضطرب غالبا ما يكونوا ضحية الصراعات السياسية.
ولعل المثال الابرز في هذه الفترة ما افرزته تداعيات قضية البنك المركزي التي ضاعت في جعجعة الأزمات الاخيرة فمازال نائب محافظ البنك الدكتور مظهر محمد صالح رهن الاعتقال والدكتور سنان الشبيبي محافظ البنك المقال الذي تطارده مذكرة القاء القبض وعشرات من الموظفات اللاتي تم اعتقالهن وبقين رهن التحقيق لفترة غير قصيرة ولا أدري هل تم اطلاق سراح الكل ام بقي هناك منهم احد يواسي ظلامة د مظهر.
المسألة يجب ان تناقش في سياق الاحداث الاخيرة، فالتظاهرات المستمرة لأهالي الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين جاءت ببعض ثمارها ودفعت الحكومة منذ أسبوعين الى مناقشة طلبات المتظاهرين وشكلت لجان لمقابلة ممثلي المتظاهرين في الأنبار وسامراء. واتخذت عدة قرارات في مجلس الوزراء بهذا الشان وخاصة فيما يتعلق بالمشمولين بقانون المساءلة والعدالة واحالتهم للتقاعد والعمل لرفع الحجز عن عقاراتهم وما الى ذلك. اضافة الى ذلك فقد تشكلت لجان لمتابعة المعتقلين والمعتقلات بتهمة 4 ارهاب وقد تبين وعلى لسان السيد الشهرستاني ان هناك ظلامات وقعت بحق البعض منهم مما أدى الى الإسراع لاطلاق سراحهم والاعتذار منهم والعمل جار لإتمام الصفقة.
لسنا معترضين على هذه السياقات ما دامت تجري في اطار تحقيق العدالة وسيادة القانون وكنا نأمل من المتصدين للمسؤولية ان تنطلق المبادرة منهم منذ فترة لدراسة هذه الشكاوى بدلا من ان تفرض الاعتصامات والاحتجاجات ونداءات المرجعية الدينية سياسة الامر الواقع. نقول انها خطوة في الاتجاه الصحيح لكن السؤال المطروح اليوم في الأوساط ان هناك آخرين ممن يعتقد ببراءتهم ونزاهتهم من التكنوقراط وعرفوا بمساهماتهم في بناء العراق نعتقد انهم وقعوا فريسة هذا الصراع السياسي ولا زالوا يدفعون ثمنه وليس هناك من ينبري للدفاع عنهم.
أليس من الصحيح في ظل ظروف الراهنة الدعوة الى مراجعة ملف البنك المركزي بعيدا عن الاجواء السياسية، هناك قناعة لدى البعض ان امثال هولاء لا يستحقون ان تتم معاملتهم بهذا الشكل المريع تحت يافطة الفساد، فهذا الملف لم يعالج بشكل مهني وضمن الأطر القانونية السليمة، فليس من المعقول لشخصيات اقتصادية خدموا الوطن طوال العقود الماضية ووظفوا طاقاتهم العلمية من اجل بناء الوطن ان ينالوا من الدولة هذه الإهانة. الا يمكن ان يتم التحقيق معهم بشكل حضاري فإذا ثبتت التهم عليهم من خلال قضاء نزيه فسيواجهون قدرهم. اما ان يبقوا رهن الاعتقال والمطاردة فذلك قطعا لا يساهم في توفير الاجواء للآخرين من أمثالهم الاستمرار في العطاء.
المفترض بالتنكوقراط العراقي ان يجمعوا شتاتهم وينصبوا خيمهم في بغداد للاحتجاج على معاملة زملائهم بهذا الشكل المهين من قبل الدولة ويعلنوا العصيان المدني، حينذاك ستشكل الحكومة لجنة لدراسة الملف من جديد وستجد ان هناك ظلامات حدثت بحق هولاء ومن المتوقع ان يقدم الاعتذار اليهم والى ذويهم.
ان لهولاء التكنوقراط حرمة مثل الاخرين من ابناء جلدتهم لحفظ حقوقهم واحترام تاريخهم العلمي وخبرتهم طوال السنوات الماضية فبدلا من السعي الى تكريمهم والاحتفاء بهم يطلق عليهم العراق الجديد رصاصة التهم تحت مسميات الفساد ليقبعوا خلف القضبان ينتظرون رحمة القضاء، ولابأس بذلك إن كان القضاء غير مسيس.
دعونا نفتح الملف مجددا ولكن بطريقة حضارية تضمن لهؤلاء النخبة من ابناء العراق حق الدفاع عن انفسهم بشكل مهني ونزيه، لا نختلف في مسالة مكافحة الفساد الذي يستشري في جسد العراق ولكننا نختلف في ان يكون ملف الفساد خاضعا للتسيس حينئذ نخسر بسببه مزيدا من طاقاتنا العلمية. لعل في الاحداث الاخيرة وتداعياتها ما يجعلنا ان نعلن تضامننا مع د مظهر محمد صالح الاقتصادي العراقي الذي عرف بكتاباته وابحاثه وسيرته ومع د سنان الشبيي سليل الاسرة العراقية الوطنية التي ساهمت في بناء العراق وعرف بطروحاته ومهنيته وخبرته ونزاهته وكذلك الاخرين من أقرانهم . دعونا لا نفرط بالنخب العراقية وعلينا ان نبحث عن حماية لها من جور السياسة والسياسيين متطلعين الى مبادرة من السيد رئيس الوزراء لمعالجة الامر

*) وزير النفط العراقي الاسبق ورئيس اكاديمية العراق للطاقة

عن جريدة المواطن

20  كانون الثاني 2013

http://almowatennews.com/news.php?action=view&id=54566

 لتنزيل الملف بصيغة بي دي أف

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: