احداث وتقارير اقتصادية

مصارف أهلية ترفض فتح حسابات توفير وماليون يتهمون المركزي بـ«الضعف» في مراقبة الودائع

بغداد ـ محمد الهادي
ترفض إدارات مصارف أهلية، فتح حسابات توفير للمواطنين، ناصحة اياهم بإنشاء حسابات جارية، التي لا تتحمّل معها أية نسب من الفائدة تجاه المودعين الذين يشكو كثير منهم اجراءات الايداع والسحب، ما يدفع بأغلب أصحاب الاموال الى الاحتفاظ بأموالهم في منازلهم، فيما يعزو خبراء ماليون “اكتناز” الكتلة النقدية لدى الاهالي، الى غياب الثقة بتلك المصارف، التي تتلكأ بتنفيذ التزاماتها مع المودعين، مقدرين حجم تلك الاموال التي “جمد” استثمارها بسبب ذلك بـ15 بالمئة، وما تبقى مودع في المصارف الحكومية.
فيما يتهم مصرفيون إدارة البنك المركزي بـ”ضعفها في رقابة ودائع المصارف الاهلية”، مضيفين انها “تهمل تدقيق المؤشرات الشهرية المتعلقة بتلك المصارف”.
وكان محافظ البنك المركزي علي العلاق كشف في وقت سابق، أن 77% من العملة العراقية المتداولة في السوق “مكتنزة في الدور السكنية”، مشيرا إلى أن البنك “سيضع خطة لجذب هذه الأموال للاستثمار”.
وأضاف العلاق أن “المصارف إذا أحسنت تقديم الخدمات للزبائن من اجل جذب هذه الأموال المدخرة فانها ستسهم بتحريك الاقتصاد العراقي”، مبينا أن “البنك المركزي لديه خطة من اجل جذب هذه الأموال لغرض الاستثمار وتحريك عجلة الاقتصاد العراقي”.
ويشتكي العديد من المتعاملين مع البنوك من صعوبة اجراءات الايداع والسحب، ما يدفع بالكثير من الناس الى الاحتفاظ بأموالهم في منازلهم. وفي هذا السياق، يعزو الخبير الاقتصادي باسم جميل انطون في حديث لـ”العالم” عزوف المواطنين عن ايداع اموالهم بالمصارف الى “غياب الثقة بين الجهاز المصرفي والمواطنين”. ويقول انطون، إن غياب الثقة يغذيه عدم التزام بعض المصارف الخاصة بتنفيذ كامل التزاماتها تجاه المودعين، كما ان الانهيارات التي حصلت في بعض المصارف الاهلية واعلان حالة الافلاس وسعت دائرة عدم الثقة بين الطرفين، بحسب انطون. وكانت مصارف الوركاء والبصرة والشمال والاقتصاد، الاهلية اعلنت افلاسها، ما ادى الى انهيارها.
لكن انطون يقلل من أهمية الكتلة النقدية المودعة لدى المصارف، قائلا ان نسبتها “لا تتجاوز الـ 15 بالمئة، مقارنة بالمصارف الحكومية”.
وينبه انطون الى ان تلك المصارف صارت ترفض فتح حساب توفير للموظفين، والذي يضطر معه المصرف الى منح العملاء نسب فائدة تتراوح بين 4 ـ 8 بالمئة سنويا، فيما تسمح بفتح حسابات جارية التي لا تتطلب تلك الفوائد.
وهنا تحولت المصارف الاهلية بحسب انطون الى “مؤسسات خزنية، لجمع الاموال الاموال فحسب”، بعيدا عن هدف مشاركتها في تنمية ونهوض الاقتصاد الوطني.
والحساب الجاري، تعتمد فكرته على إيداع وسحب النقود بشكل متكرر. وحركة التعامل عليه عالية وسريعة، ويتم إعطاء العميل دفتر شيكات لسهولة التعامل على الحساب وسحب الآخرين للأموال، بناء على موافقة وتوقيع صاحب الحساب، وعادة ما تكون هذه الحسابات بدون فائدة، أما “حساب التوفير” فيعتبر حساباً بنكياً طويل الأجل ويتم احتساب فائدة بنكية على النقود المودعة به، وتحتسب الفائدة بداية الشهر التالي لإيداع النقود، وهو حساب ذو فائدة أعلى نسبيا.
وعلى طريقة الحساب الاخير، تصل نسب الفوائد، بحسب انطون في المصارف الحكومية الى 5 بالمئة، بينما تعطي الاهلية منها، فائدة تصل الى 10 بالمئة.
من جانبه، قال رئيس رابطة المصارف الاهلية سابقا، الخبير المصرفي عبد العزيز الحسون، في حديث لـ”العالم” ان، سوء الادارة في تلك المصارف، والتي صاحبها ضعف رقابة البنك المركزي عليها، هو ما زاد من عدم الثقة من جانب المواطن، متهما “إدارة المركزي بعدم تدقيق المؤشرات الشهرية التي تصل اليها من تلك المصارف”.
ويبرهن الحسون على اتهاماته، بأن “احد المصارف الاهلية خسر في غضون ساعتين 600 مليار من ودائعه لأسباب غير معروفة؛ اذ كان حجم الودائع بحدود تريليون و200 مليار، بعدها تراجعت الى الـ 600″، مشيرا الى ان تلك الحادثة لم يقف عندها البنك المركزي.
وذكر الحسون، ان المصارف الاهلية واجهت في وقت سابق مشكلة “شحة السيولة”، لافتا الى ان المقترضين من المقاولين والتجار لم يحصلوا على مستحقاتهم من الحكومة ما جعلهم يتأخرون في ارجاع القروض الى تلك المصارف، هذا الى جانب قيام بعض فروع البنك المركزي بعدم ارجاع الودائع الى المصارف الاهلية، وبالتالي ولد ذلك مشاكل كثيرة لدى المصارف.
وتأسس البنك المركزي العراقي، كهيئة مستقلة بموجب قانونه الصادر في السادس من آذار من العام 2004. وهو مسؤول عن الحفاظ على استقرار الأسعار وتنفيذ السياسة النقدية للبلاد، بما في ذلك سياسات أسعار الصرف. ويجري البنك يوميا جلسات لبيع وشراء العملات الاجنبية.
وبحسب وثيقة تتعلق بمؤشرات الجهاز المصرفي في العراق حصلت “العالم” على نسخة منها، فان اجمالي الموجودات لدى المصارف في العراق بلغ (212) تريليون دينار. اما حجم ودائع الجمهور لدى المصارف فبلغ (24.3) تريليون في 2013، فيما وصل إجمالي الائتمان المقدم من قبل المصارف لمختلف القطاعات لـ(32.6) تريليون دينار.
ويتكون الجهاز المصرفي في العراق من (54) مصرفاً، فضلاً عن البنك المركزي. وتتوزع حسب الملكية، بين (7) مصارف حكومية، و(23) مصرفاً تجارياً خاصاً بضمنها (9) مصارف إسلامية، إضافة الى (15) فرعاً لمصارف أجنبية.
المصدر: جريدة العالم البغدادية. 10 كانون الثاني 2016
http://www.alaalem.com/index.php?aa=news&id22=35226

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: