المصارف وأسواق المال

سمير النصيري: قراءة في قرار البنك المركزي العراقي بإنذار بعض المصارف الاهلية

قبل عدة أيام أصدر البنك المركزي العراقي قراراً بإنذار 8 مصارف اهلية وامهالها لمدة ثلاثة أشهر لإيداع 500 مليار دينار وتسجيل العقارات التي لم تسجل بأسماء تلك المصارف.  ان الهدف من القرار هو اعادة تأهيل هذه المصارف واعادتها للعمل المصرفي السليم، واعادة الثقة بينها وبين الجمهور، وتأمين سيولة مناسبة لغرض تلبية سحوبات الزبائن من مبالغهم المودعة لدى هذه المصارف.  وقد باشرت بعض هذه المصارف بتسريح بعض موظفيها وكوادرها بمنحهم اجازات مفتوحة بدون راتب لاعتقادهم بان هذه الخطوة ستساعدهم على اعادة تأهيل مصارفهم.  ومن خلال مراجعة تحليليه لقرار البنك المركزي نلاحظ ما يأتي:
-هناك سببان وراء انهيار هذه المصارف المشمولة بالقرار التي أصبحت قريبة من الافلاس لا ثالث لهما هما: سوء الإدارة التخطيطية (مجلس الإدارة) وتدخله في الإدارة التنفيذية الضعيفة الامكانيات والكفاءات المصرفية، أو تأثرها بالظروف الأمنية والازمة الاقتصادية وتحملها اضراراً خارجه عن ارادتها بسبب اغلاق فروعها في المحافظات الساخنة والتي حصلت فيها عمليات إرهابية وتوقف اعمالها المصرفية.
 
2-ترتبت بذمة الزبائن ديون تراوحت بين (50-100) مليار دينار منذ سنتين ولم تستطع المصارف من استرجاعها مما أصبحت من الديون التي يتعذر الحصول عليها وفقاً للائحة الإرشادية اضافة إلى أن المصارف واجهت صعوبات كبيرة في تنفيذ القرارات القضائية بسبب التهديدات التي تتعرض لها من المدينين.
 
3-إقبال الزبائن على سحب ودائعهم من المصارف بمعدلات أعلى من المعدلات الاعتيادية، وعدم ايداع أية مبالغ جديدة مما أدى ذلك إلى هبوط معدلات السيولة في هذه المصارف إلى حدودها الدنيا المقررة من البنك المركزي وأصبح النقد في خزائن قسم من المصارف صفراً.
 
4-بسبب الفقرة (3) أعلاه انخفضت الودائع في هذه المصارف بنسبة 30-70 بالمائة مما اضطر هذه المصارف إلى أن توقف نشاطها الائتماني والاستثماري.
 
5-إيقاف بعض البنوك المراسلة correspondent banks التعامل مع هذ المصارف وكما حصل مع كوميرز بنك الألماني Commerzbank، مما أوقف نشاطها المصرفي الخارجي (الاعتمادات المستندية والحوالات الخارجية).
 
6- بسبب الركود الاقتصادي في البلاد والازمه المالية الخانقة انخفضت أسعار الاسهم في سوق التداول في سوق العراق للأوراق المالية ووصول أسهم هذه المصارف إلى أقل من سعر السهم الاسمي بنسبة (85) بالمائة.
 
7-ضعف وعدم وجود الادارات المصرفية الكفؤة في هذه المصارف التي تتمكن من تجاوز ازماتها بحكمة وتعقل كما هو الحال في بعض المصارف الجيدة والتي مازالت تعمل برصانة جيدة وهي كثيرة.
8- قصور الرقابة الاستباقية بالرغم من التطور الحاصل في انظمة المدفوعات والأنظمة الرقابية الاستباقية واستحداث اقسام اختصاصية جديدة والتي تعمل على تطويرها الإدارة الحالية واعدادها استراتيجية للتطوير وتحقيق الاستقرار في النظام المالي للخمسة سنوات مما يتطلب قيام البنك المركزي بتفعيلها.
 
إن مسؤولية الاشراف والرقابة وتطوير العمل المصرفي وتطبيق السياسة النقدية من مسؤولية البنك المركزي.  إذن يتطلب منه وبالتنسيق مع رابطة المصارف الخاصة بمعاونة هذه المصارف واعادة تأهيلها وفقا لما يأتي:
 
1- قيام البنك المركزي بإعادة دراسة وتقييم المصارف التي أمهلها لمدة ثلاثة أشهر من التزامها بتنفيذ قرار البنك المركزي والتأكد من كونها اتخذت جميع الاجراءات التأهيلية والتصحيحية لتجاوز وضعها الحالي، ويكون ذلك باعتماد معايير تحليل مؤشرات النشاط لعام 2016 لغاية 30/9.  وفي ضوء نتائج التقييم يتم تصنيف المصارف الثمانية إلى ثلاث أصناف: الصنف الذي استطاع من تأهيل وضعه الحالي ويمكنه النهوض وممارسة العمل المصرفي بشكل جيد من حيث معدل السيولة والتشغيل وتوظيف الأموال وممارسة عمليات الايداع والسحوبات بشكل جيد.  والصنف الآخر الذي تمكن من تنقيذ ما ورد بقرار البنك المركزي ولكنه بحاجة إلى دعم مالي وإداري وفني لكي يستمر بالتأهيل.  وهذا يتطلب مساعدة البنك المركزي.  أما الصنف الثالث الذي لا يستطيع تنفيذ متطلبات التأهيل فيجب وضع الوصاية عليه وفقا لقانون المصارف النافذ.
 
2-قيام البنك المركزي بتقديم الدعم للصنف الثاني وهو استخدام الاندماج المصرفي الاختياري أو الاجباري ولغرض تحقيق نجاح عملية الاندماج المصرفي يتطلب:
 
أ‌- توفير البيانات والمعلومات وفق مبدأ الافصاح والشفافية لكل مصرف من المصارف المشمولة بالاندماج.
ب‌- دراسة الجدوى الاقتصادية والنتائج المتوقعة عند حدوث الاندماج ويتم تقييم هذه الدراسات من قبل السلطة النقدية قبل اتخاذ قرار الاندماج.
ج- القيام بعمليات هيكلة مالية وإدارية للمصارف المستهدفة قبل عملية الاندماج وتحديد القوى العاملة الفنية والإدارية اللازمة لإدارة الكيان الجديد.
 
ان عمليات الاندماج المصرفي إذا تمت وفقاً لما ورد اعلاه سوف تحقق كما يأتي:
 
أ‌- زيادة قدرة المصرف الجديد على تفعيل نشاطاته المصرفية في كافة المجالات وأبرزها الارتفاع في رأس المال وايرادات العمليات المصرفية والمركز المالي.
ب‌- زيادة الأرباح الصافية التي ينتج عنها زيادة قيمة أسهمه في البورصة وزيادة الايداعات وارتفاع عدد زبائنه وزيادة عدد مودعيه وبالتالي تعزيز الثقة وهي أهم شيء في العمل المصرفي.
ج- التزام المصرف الجديد بالوفاء بكافة التزاماته السابقة تجاه المؤسسات المالية وتجاه الزبائن.
 
3-لغرض تحسين كفاءة الاداء للمصارف يتطلب التقيد بتعليمات البنك المركزي للمرشحين لمجلس الإدارة والمدير المفوض والوظائف القيادية على ان يتدخل البنك المركزي لترشيح المدراء المفوضين لهذه المصارف والتأكد من توفر الكفاءة والخبرة المهنية التنفيذية لإدارة المصرف.
 
4- قيام البنك المركزي بحوكمة مجالس الإدارة ومنع تدخل المالكين بالإدارة التنفيذية بشكل مطلق الا ما نص عليه قانونا.
 
5-اتخاذ الاجراءات السريعة من قبل البنك المركزي لمعالجة موضوع العاملين في المصارف والذين تم تسريحهم او منحهم اجازات مفتوحة بدون راتب بان يتم منحهم نصف الراتب بدون مخصصات لمدة ثلاثة أشهر أو منحهم اكرامية نهاية الخدمة وفق ما يقرره مجلس الإدارة.
 
 
* سـمـيـر عـبـاس الـنـصـيـري
خبير اقتصادي
استشاري في منتدى بغداد الاقتصادي
 
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الاشارة إلى المصدر. 18 حزيران 2016
http://iraqieconomists.net/ar/
لتنزيل نسخة بي دي أف سهلة الطباعة انقر على الرابط التالي
Sameer Al-Nusairi-Analyses of the decsion taken by the CBI

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (2)

  1. Avatar

    سلام عليكم استاذ سمير
    ممكن اسماء المصارف التي تم انذارها من قبل البنك المركزي العراقي واكونلك ممنون

  2. Avatar

    سلام عليكم استاذ نصير
    ممكن اسماء المصارف التي تم انذارها من قبل البنك المركزي العراقي واكونلك ممنون

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: