مقدمة
تهدف الورقة الحالية إلى تشخيص واقع القطاع الصناعي وتحديد أبرز مشكلاته والمعوقات التي تقف بوجه تطوره ونموه مع اقتراح سبل النهوض به، وذلك في إطار الاقتصاد العراقي الكلي.
وتركز الورقة على السياسات والاجراءات العامة دون الدخول في التفاصيل لأنها ليس من اختصاص ورقة العمل. وبما ان القطاع الصناعي أحد القطاعات الاقتصادية الوطنية فلا بد انه يتأثر ببقية القطاعات الاقتصادية ويؤثر فيها. ومن هنا لا بد للتطرق إلى بعض الامور المتعلقة ببقية القطاعات بقدر تعلق الأمر بعلاقتها بالقطاع الصناعي. وقد حاولت الورقة التطرق إلى بعض الجوانب الواردة في نقاط البحث المحددة للندوة قدر تعلقها بالصناعة.
1) الرؤيا الكلية للاقتصاد العراقي
يتسم الاقتصاد العراقي بكونه اقتصاداً ريعياً يعتمد على انتاج وتصدير النفط الخام في توليد الناتج المحلي الاجمالي وفي تمويل الموازنة العامة ومصدراً للعملات الاجنبية. وبذلك فإن الاقتصاد العراقي اقتصاداً وحيد الجانب ويعاني من اختلالات هيكلية كبيرة في ظل غياب شبه كامل للقطاعات الانتاجية السلعية مثل الصناعة والزراعة. وهو بهذا المعنى اقتصاد مكشوف على الخارج ويتأثر بالتقلبات الاقتصادية الدولية. ان مغزى ذلك ان اي تقلبات تحدث في اسعار النفط العالمية ينعكس بشكل مباشر على مجمل الاوضاع الاقتصادية المحلية. كما ان التغيرات في اسعار السلع المستوردة إلى البلد تنعكس بشكل مباشر أيضاً على المستوى العام للأسعار وعلى التضخم النقدي (التضخم المستورد).
ان مثل هذا الواقع يتطلب العمل على معالجة هذه الاختلالات الهيكلية لتحقيق التنويع في الهيكل الاقتصادي وارسائه على اسس صحيحة للانطلاق نحو التنمية الاقتصادية المستدامة لتحقيق الاهداف المنشودة ضمن إطار استراتيجية تنموية تتبنى منظومة من السياسات الاقتصادية والادوات والاجراءات التي تتناغم مع تلك الاستراتيجية.
لمواصلة القراءة يرجى تنزيل ملف بي دي أف سهل الطباعة. انقر على الرابط التالي
مدحت القريشي-ورقة عمل القطاع الصناعي 22 – 3- 2016-محررة
عزيزي د. مدحت
محنة التأمين هو جزء من محنة الاقتصاد العراقي
اخترت هذا العنوان لألخص تعليقك الذي اشاركك على ما أوردته فيه. حقاً، إن قطاع التأمين ومشكلاته هو صورة مصغرة للاقتصاد العراقي.
لطالما كتبتُ بأن التأمين هو يتيم القطاع المالي، وهو الذي لا يلقى الاهتمام من الاقتصاديين إلا القليل منهم، وكذا الأمر مع أجهزة الدولة الشركات التابعة لها ودوائر صنع القرار السياسي، مثلما لا يجد التأمين حضوراً له في الحياة العامة. والأنكى من كل ذلك أن ممارسي التأمين أنفسهم، وخاصة جيل ما بعد 2003 ومن كل المراتب ومن كل الأعمار، لا يعيرون كثير اهتمام بما ينشر عن التأمين، ولا نقرأ لهم من المساهمات الفكرية إلا نادراً، وكأني بهم “جيلٌ بلا أساتذة” لم تتوفر لهم شروط اكتساب المعرفة المهنية والنظرية. أما إدارات الشركات فإن سؤال “ماذا يبقى منهم للتاريخ” يكثّف جانباً من محنة التأمين.
ربما قرأتَ في هذا الموقع الرسالة المفتوحة لمنسق الشبكة الدكتور بارق شبر إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء الذي يؤكد فيها استعداد خبراء واستشاريي الشبكة لصياغة استراتيجيات وبرامج الإصلاح الاقتصادي وتحديد الآليات لتنفيذها عبر “صندوق تمويل الإصلاح الاقتصادي.” ترى هل سيلقى هذا العرض اهتماماً من مسؤولي مكتب رئيس مجلس الوزراء، أم أن مصيره سيكون مماثلاً لمحاولات بعض المهتمين بالشأن التأميني في مخاطبة وزارة المالية ومكاتب مجلس الوزراء؟ آمل أن تحقق الشبكة ما فشل هؤلاء من تحقيقه. ونحن القراء بانتظار ما سيسفر عن استجابة لهذه الرسالة.
أشكرك على اهتمامك، وعلى سعيك الدائم في الكتابة عن معضلات الاقتصاد العراقي.
مع فائق التقدير.
مصباح كمال
1 آذار 2017
توفير تأمين أوسع للمنشآت الصناعية في العراق
(1) تقديم
قدم لنا د. مدحت القريشي ورقة عمل متكاملة، مثلما عهدناه دائماً في كتاباته المنشورة. وهو هنا يكتب مستفيداً من تخصصه الأكاديمي في الاقتصاد الصناعي وخبرته العملية في رسم السياسة الصناعية.
في تعليقه على هذه الورقة يؤكد الأستاذ فاروق يونس على أنها “ورقة عمل وليست ورقة تثقيف” أي انها تستهدف تفعيل الأطروحات الواردة فيها، ولذلك يثير الأستاذ فاروق ما يسميه بموضوع “الإرادة السياسية” الناقصة في اتخاذ القرارات الاقتصادية من قبل الحكومة والهيئات العامة ذات العلاقة. السؤال الذي ينهض هنا هو: هل أن محنة العراق الاقتصادية تكمن في غياب التركيبة المؤسساتية المناسبة لاتخاذ القرارات (كما يقول أصحاب مبادرة تأسيس المجلس الاقتصادي الأعلى) أم غياب الرؤية الاقتصادية بعيدة المدى؟ أترك الأمر لأهل الاختصاص.
لم يذكر الدكتور مدحت القريشي التأمين في مقالته لأنه معنيٌ أساساً بسبل النهوض بالقطاع الصناعي. ولك يمكننا أن ندرج التأمين ضن الفقرة 3 من ورقته (أبرز المشكلات والمعوقات التي تواجه النشاط الصناعي) باعتبار أن التأمين مشكلة كامنة في إدارة المنشآت الصناعية. ومن هنا أحاول ذكر شيء عن الحماية التأمينية للمنشآت الصناعية في السياق العراقي بأمل تقديم معالجة أفضل في المستقبل.
(2) وثيقة التأمين من الحريق أو وثيقة تأمين “كافة” الأخطار؟
نزعم أن تأمين المنشآت الصناعية، العامة والخاصة، في العراق لم يخضع إلى دراسة ميدانية أو أكاديمية لنتعرف على حجم طلب هذه المنشآت على الحماية التأمينية في مختلف صورها، وبالتالي نتعرف على حجم الانفاق، التقريبي، على شراء هذه الحماية. والمعروف أن إلزامية التأمين على ممتلكات هذه المنشآت، ومسؤولياتها القانونية والتعاقدية، غائبة ما خلا التأمين على المشاريع الصناعية تحت الإنشاء، لكن هذا التأمين ومنذ تغيير النظام سنة 2003 يجري بدرجات متفاوتة حسب ما ينص عليه بند التأمين في عقد الإنشاء والحرية الممنوحة للمقاول في إجراء التأمين من عدمه (وقد عالجنا هذا الموضوع في مقالات منشورة بعضها في موقع الشبكة).
فيما يخص غطاء التأمين الذي تعرضه شركات التأمين العراقية فإنها ما زالت، على العموم، محصورة بوثائق التأمين من الحريق والانفجار والصاعقة التي توسَّع لتشمل أخطاراً إضافية كالشغب والاضطرابات المدنية، العواصف والفيضان، طفح أو تسرّب المياه من الخزانات والأنابيب، سقوط أو ارتطام الطائرات أو أجزاء منها … الخ. في حين أن الاتجاه الحديث هو استخدام ما يعرف باسم وثيقة تأمين جميع أخطار الممتلكات (واختصاراً، وثيقة كافة الأخطار). ميزة هذه الوثيقة، وهي ليست وثيقة قياسية إذ يمكن تطويع نصها حسب متطلبات المؤمن له، هي أنها توفر غطاءاً أوسع من وثيقة الحريق والأخطار الإضافية الملحقة بها، إذ أنها تضم، على سبيل المثل، تغطية عطب المكائن، والحوادث العرضية غير المُسماة وغي المرتبطة بحصول حادث حريق.
ويقوم مفهوم “كافة الأخطار” على عدم تسمية مسببات الضرر أو الخسارة، كما هو الحال بالنسبة لوثيقة الحريق، ويكتفي بالنص، في شرط النفاذ، على أنه يغطي الأضرار والخسائر كافة ما عدا ما هو مستثنى صراحة. وبذلك فإن هذه الوثيقة توفر على مدير التأمين والخطر مشقة التفكير بما يجب التأمين عليه. وقد كتبت في الماضي أن
“جاذبية الوثيقة تنهض على الفوائد التي توفرها بالنسبة للمؤمن له، فهي تمثل استجابة لحاجة الصناعات الكبيرة. فالعمليات المرتبطة بهذه الصناعات متعددة، وتتطلب من المؤمن له متابعة سيرها في المراحل المختلفة للإنتاج والتوزيع ابتداءً من توفير المواد الأولية، مروراً بالتصنيع والتوصيل إلى مراكز الاستهلاك.
لنأخذ على سبيل المثال، إنتاج مادة معدة للتصدير، يتم تأمينها بموجب وثيقة تُسَمي الخطر المؤمن ضده، كأن تكون وثيقة تأمين حريق، أو وثيقة التأمين على البضائع أثناء النقل. في هذه الحالة يقوم مدير التأمين بمتابعة حركة المادة أناء مراحل التصنيع، وأثناء انتقالها داخل المصنع، وأثناء نقلها خارج المصنع إلى المخازن، ومنها إلى ميناء التصدير … الخ باستعمال الأنابيب أو الشاحنات البرية العائدة للمؤمن له أو المستخدمة بموجب عقد. لو حصل ضرر للمادة المعينة أو للأبنية أو للمكائن أو للمواد الأولية ترى أية وثيقة ستغطي الضرر، وهل أن الوثائق الموجودة لدى المؤمن له، والأغطية التأمينية التي توفرها، كافية لتغطية الضر المادي المباشر والخسائر المادية غير المباشرة؟
الجواب عن هذا السؤال وغيره يقع على عاتق المؤمن له أو مدير إدارة الخطر والتأمين. ويقتضي الجواب توفير مصادر مادية وبشرية للمتابعة مع عدة أطراف في حين أن تنظيم غطاء التأمين على أساس “جميع الأخطار” يوفر وقتاً وجهداً وموارد عديدة متى ما تم تحديد الغطاء المطلوب وأُدرج في نص الوثيقة ….” (مصباح كمال، “وثيقة جميع الأخطار: بعض ملامح صياغة النص للأضرار والخسائر المادية،” فصل في كتاب تأمينات الأخطار الصناعية والبتروكيمياوية (القاهرة، الاتحاد العام العربي للتأمين، 1994)، ص 27-53).
إن إشاعة التأمين على أساس “كافة الأخطار” من قبل شركات التأمين يمكن أن يجذب اهتمام المنشآت الصناعية. لكن هذا يتطلب التثقيف بالنماذج الأساسية للوثيقة، واستيعاب المفهوم المرتبط بهذه الوثيقة، والتعريف بقائمة الاستثناءات التي تنصبُّ على استثناء أصول معينة، واستثناء مسببات معينة للضرر.
عندما تتوفر بعض المعلومات عن واقع الطلب الصناعي على التأمين، وما توفره شركات التأمين حالياً، فإننا سنقوم بمراجعة ما كتبنا وتقديم عرض أفضل من التعليق الحالي. سأكون ممتناً لكل من يتبرع بمعلومات لها علاقة بواقع التأمين على المنشآت الصناعية.
مصباح كمال
24 شباط 2017
شكرا للاخ الاستاذ مصباح كمال على اهتمامكم الداىم وتعليقاتكم الحصيفة والشاملة وهذا ما عهدناه منكم . لقد فاتني ان اعرج على جانب التامين ضمن موضوع الصناعة وعذري في ذلك ربما ان مشكلة التامين هي جزء من مشكلات السياسات الصناعية التي تعاني من الاهمال شانها شان السياسة الاستيرادية والسياسة الاستثمارية والسياسة التمويلية والسياسة النقدية والمالية الخ. وكل هذه السياسات يطالها النقد والانتقادلعدم ملائمتها للاهدافالتنموية ,بما في ذلك مشكلة الاذارة والكادر الاداري في المؤسسات الصناعية والاقتصادية عموما . ان غياب الرؤية الاستراتيجية والتنموية والسياسات الاقتصادية الملائمةهي اساسالمشكلة وان بقية القضاية هي تابعة للقضية الاساسية ، وما يقال عن التامين يقال عن بقية القضايا القضايا الاقتصادية وان مشكلات التامين في العراق اظهرتها جلية في كتاباتكم الرائعة عن الموضوع لكن للاسف لم نلمس اي رد فعل وتصحيح من الدولة كما هو الشان مع بقية القضايا .واصبحت لدينا محن عديدة هي محنة الصناعة ومحنة الاستيراد العشوائي ومحنة التامين ومحنة الاستنزاف المستمر للعملات الاجنبية الخ .واذا اجازف باختصار هذه المحن اقول انها محنة غياب الوطنية الحقة وذلك يبدو واضحا من عدم الاكتراث بكل ما يكتب ويقال عن الوضع الاقتصادي العام في البلد.
استاذي العزيز الدكتور مدحت القريشي نعم الاراده والتنفيذ لما هو مطلوب بعباره اخرى قطاعنا الصناعي كان وما يزال يفتقر الى القياده الاداريه القادره على بناء خطوط انتاجيه ما لدينا الان عباره عن و رش تجميع فليس هناك عمليات تطوير واعاده انتاج ما يتم استراده من مستلزمات الانتاج من الخارج اضف الى ذلك حقيقه ان انتاجيه العامل العراقي منخفضه ولا يوجد تدريب لمخرجات الموسسات التعلميه وكما تعلمون وانت استاذ اكاديمي ليس هناك ترابط بين مخرجات موسسات التعليمي واحتياجات القطاع الصناعي علاوه على غياب البحث العلمي من اجل التطوير وبعد فتح باب الاستيراد على مصراعيه وغياب الرقابه على المنافذ الكمركيه اشتدت ظاهره التهرب من الرسم الكمركي وتهريب السلع ذات النوعيات الرديءه والماركات المقلده والماركات الاصليه سواء بسواء يقول الرسول العظيم ( كلكم راع و كلكم مسوءول عن رعيته ) ولكن للاسف لم يعد هناك راع للقطاع الصناعي بكل فروعه الخاص والمختلط والعام فهناك حاجه ماسه للقاده الاداريين القادرين على حل المشاكل والبحث عن افكار جديده نحتاج الى قاده اداريين مخلصين ذوي مهارات قادرين على تحمل اعباء الوضع الحاضر والتطلع الى المستقبل فتى يتولى اداره المنظمات الاقتصاديه الصناعيه والزراعيه والخدميه قاده اداريون ذوي مهارات وقدرات مهنيه
خالص الاحترام والتقدير
هذه ورقه عمل وليست ورقه للتثقيف كتبها عالم متخصص في الاقتصاد عنوانها القطاع الصناعي واقعه وسبل النهوض به
ما الذي ينقصنا؟
ما ينقصنا الاراده السياسيه اي وضع ما ورد في هذه الورقه واوراق اخرى اقتصاديه مماثله موضع التنفيذ العملي ان اردنا الخروج من خانه الدول المتخلفه واللحاق بخانه الدول الساءره على طريق التقدم
وشكرا لجهودكم دكتور مدحت القريشي
عزيزي الاستاذ فاروق يونس المحترم .شكرا على تعليقاتكم الحصيفة وقد لخصت انت المشكلة حقا في الارادة والتنفيذ لما هو مطلوب ولو كان هناك تنفيذا لما وصلنا الى هذا الوضع الماساوي في استنزاف الاحتياطي الاجنبي والاعتماد الكلي على (حنفية )النفط والخشية من عدم استطاعة الحكومة من دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين .