يقف العراق الأن على مفترق طرق. فبعد مرور زهاء عقدين من الزمن على حرب عام 2003، مازال البلد عالقاً في واقع الهشاشة، ويواجه حالة متزايدة من انعدام الاستقرار السياسي، والاضطرابات الاجتماعية المتصاعدة، وفجوة متزايدة العمق ما بين الدولة والمواطن. وفي خضم عدد من الأزمات (بما في ذلك تراجع أسعار النفط ، وجائحة كورونا، والاحتجاجات الأخيرة) ويضاف اليها تراكم تأثيرات السياسات الاقتصادية الضعيفة، وغياب الاصلاحات، والعجز عن معالجة الفساد، يشهد العراق الان أسوأ أداء للنمو في الناتج المحلي الاجمالي السنوي (GPD) خلال عام 2020 منذ سقوط نظام صدام حسين. ويظل انعدام الاستقرار، وعدم توفر فرص العمل، والفساد، وضعف تقديم الخدمات من بين المخاطر الأهم التي تحيط بالنمو الطويل الأمد في البلاد.
مع كل أزمة تظهر فرصة للإصلاح. ولكن طريق العراق نحو الاصلاح سيكون صعباً وغير مؤكد. فإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار اسعار النفط الحالية والانخفاض المتواصل في الطلب العالمي على النفط بسبب جائحة كورونا فان البلد سيواجه صعوبة في تلبية احتياجات شعبه على الأمد القصير. ولكن بوسعه الشروع في طريق طويل، وانما الحاجة ملحة اليه، نحو التحول الهيكلي والاصلاح، وهو طريق قد يجعل اقتصاده أقل اعتماداً على النفط ويحرّكه بشكل أكبر نشاط القطاع الخاص. وتوضح الاحتجاجات واسعة النطاق التي اندلعت منذ تشرين الأول (اكتوبر) 2019 وأثارت شكوكاً حول الاقتصاد السياسي الحالي للبلاد، بانه لم يعد ممكناً تجنب مثل هذا المسار نحو الأصلاح. ومع ذلك، يوضح هذا التقرير بأن السبيل نحو الاصلاح سيتطلب مزيداً من الإصرار وقد يواجه الكثير من التحديات القائمة منذ أمد طويل لتغيير الوضع الراهن.
يسلط هذا التقرير الضوء على ما يمكن أن ينجزه العراق للحفاظ على النمو المستقبلي، لكنه يوضح أيضاً الأسباب التي جعلت البلد عاجزاً حتى اليوم عن تحقيق مستويات عالية من النمو المتنوع جنباً إلى جنب مع تحقيق السلام والاستقرار ومستويات معيشة أفضل لمواطنيه. كما يقترح التقرير أيضاً مسارات استراتيجية يمكن للعراق من خلالها أن يتحرر من واقع الهشاشة، وحيث يمكن للسلام والاستقرار فيها أن يهيئ الظروف المناسبة للمواطنين لتحقيق تطلعاتهم وايجاد وظائف في القطاع الخاص، وتحقيق الازدهار. وفي هذا السياق، تقدم الفصول الأربعة للتقرير (أ) تصوراً لمسببات الهشاشة الأساسية في العراق وتحديات الاقتصاد السياسي وآثارها على نموذج النمو المتنوع، (ب) تحليل خصائص النمو في العراق وإمكانات البلد و فوائد التنويع الاقتصادي، (ج) إطاراً تشخيصياً للتجارة وتقييماً لإمكانات العراق نحو التكامل التجاري والإقليمي بهدف خلق النمو والاستقرار، و (د) مراجعة لقطاع الزراعة في العراق، من الزراعة الأولية إلى أنظمة الأغذية الزراعية ، وقدرته على دعم التنويع الاقتصادي والنمو والاستقرار.
- النهوض من واقع الهشاشة: مذكرة اقتصادية للتنوع والنمو في العراق – ملخص تنفيذي باللغة العربية(في نسق PDF)
- للاطلاع على التقرير بالكامل باللغة الإنجليزية (في نسق PDF)
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية