الرئيسيةالسياسة النقديةملف البنك المركزي العراقي

د. مظهر محمد صالح *: سنان الشبيبي وطنيا مخلصا لبلاده

كنت من اكثر من لازم الراحل دكتور سنان الشبيبي خلال عمله في البنك المركزي العراقي بين شهر اب/٢٠٠٣ ولغاية وداعنا الاخير في مطار طوكيو في منتصف أكتوبر/٢٠١٢ وحصول كارثة اقصاء قيادة البنك المركزي في حينها وعملنا سوية ليل نهار من اجل بناء نظام نقدي جديد للعراق .

واود ان اسجل موقفين او حدثين مهمين للراحل الدكتور سنان الشبيبي.

الحدث الاول

كان في العام ٢٠٠٦ اثناء المشاورات مع بعثة صندوق النقد الدولي بخصوص تبني البنك المركزي العراقي سياسة متشددة tighten policy  تهدف الى محاربة التوقعات التضخمية ذلك برفع سعر فائدة السياسة النقدية policy rate الى ٢٣٪؜ والثاني برفع سعر صرف  الدينار   العراقي بنسبة ٢٣٪؜ ايضا وعد ذلك nominal anchor لخفض الزيادات في المعدلات السنوية في المستوى العام للأسعار وأطلق عليها disinflation policy.

عارض دكتور سنان باجتماع مغلق وبحضور السيد وزير المالية ومساعدة والدكتور سنان وانا شخصيا. فكان رد الراحل قاسيا على رئيس بعثة الصندوق لكون مثل هذه السياسة الانكماشية ستزيد من مستويات البطالة   وفرض الاستقرار بهذه الانكماشية سيكون على حساب النمو والتنمية الاقتصادية ويقضي على تنافسية الاقتصاد العراقي وانا رجل افنيت حياتي في مؤسسة دولية تعنى بالتنمية وهي الاونكتاد  . ترك الراحل الاجتماع منزعجاً وغادره فورا . وللتاريخ طلب ممثل الصندوق مني شخصيا بان انقل رسالة مهمة  للدكتور سنان الشبيبي و إقناعه قبول برنامج الصندوق والا انهم سيعملون على تعطيل اتفاقية نادي باريس فورا  لكون برنامج SBA او اتفاق الاستعداد الائتماني جاء ضمن شروط نادي باريس للسير في شطب  المديونية الخارجية للعراق لتكتمل وتصبح ٨٠٪؜ عند نهاية البرنامج مع الصندوق في اخر ٢٠٠٨.

ذهبت من فوري وابلغت دكتور سنان برسالة الصندوق وكانت بمثابة معضلة او مأزق ‏dilemma بالنسبة للراحل. فاضطر لقبول الامر الواقع خشية ضياع الهدف السامي بشطب اكثر من ١٠٠ مليار دولار من مديونية العراق آنذاك والمسماة ديون قبل عام ١٩٩٠ ، والتي تمت بموجب اتفاقية نادي باريس التي وقعها السيد عادل عبد المهدي في ٢١ نوفمبر ٢٠٠٤ وكان الراحل الدكتور سنان الشبيبي عضوا فاعلا بالفريق المفاوض وقت ذاك وكنت احد المشتركين بالفريق التفاوضي حينها ايضا.

الحدث الثاني: ان اقصاء دكتور سنان من راس السلطة النقدية وانا معه سوية كان بتأثير مباشر من جهة خارجية وابلغت شخصيا بذلك بان كلانا يجب ان نغادر المؤسسة  ،كان ذلك في مطلع صيف العام ٢٠١٢   وان هذا (السر )كتبت تفاصيله في مذكراتي الشخصية التي لم تنشر  وله علاقة بموضوع زعزعة استقلالية البنك المركزي العراقي دون اكتراث بسبب ما ترتب على العراق من التزامات خارجية املتها الازمة المالية الدولية في ايلول ٢٠٠٨ .

ختاما توفي الدكتور سنان رحمه الله وهو لا يعلم حتى اللحظة انه دفع ثمنا غاليا لصلابته ومبادئه السامية من اجل العراق .

الرحمة والمغفرة للبطل الراحل الدكتور سنان الشبيبي، الذي فقدته اخا كبيرا وصديقا مخلصا وانا لله وانا اليه راجعون

الدكتور مظهر محمد صالح /النائب الاسبق لمحافظ  البنك المركزي العراقي.

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: