الاقتصاد العراقي الكليالرئيسية

د. علي مرزا* : ملاحظات على التضخم في العـــراق في 2021 وأهم العوامل المؤثرة

أولاً: مقدمــة

كان من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم في العراق في عام 2021، نتيجة لمحصلة عاملين أساسيين. الأول، هو تغيير سعر صرف الدولار تجاه الدينار في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2020. والثاني، هو التضخم المستورد الذي ينبع من التضخم العالمي في 2021. هذا بالإضافة لعوامل أخرى تؤثر في معدل التضخم، سيتم التطرق لبعضها في هذه الورقة، ولعل من أهمها مدى التوازن أو التفاوت بين العرض الكلي الداخلي من والطلب الكلي الداخلي على السلع والخدمات، وسياسات دعم الأسعار، بما فيها الحصة التموينية، ودعم الشركات العامة والمزارعين، الخ.

لقد أرتفع سعر صرف الدولار تجاه الدينار بعد تغييره في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2020 بنسبة كبيرة. أما معدل التضخم العالمي فلقد أرتفع نتيجة للانفتاح في العالم، عموماً، في عام 2021 مقارنة بعام 2020، وما أنطوى عليه من ارتفاع كبير في الطلب، من ناحية، والقيود على العرض نتيجة لشح العمل والتقطع في ما يطلق عليه سلاسل العرض supply chains، من ناحية ثانية، والارتفاع في أسعار الوقود الأحفوري لا سيما النفط والغاز والفحم، وأسعار سلع أخرى كالحديد والرقائق الالكترونية، من ناحية ثالثة، الخ.

أما مدى توازن أو تفاوت العرض والطلب في الداخل فأن المؤشرات المتاحة للعرض الداخلي تشير إلى انخفاض ملموس في كمية الاستيرادات يقابله ارتفاع ملموس موازي (متساوي) في “كمية” الناتج غير النفطي. وبالرغم من هذا “االتساوي” غير أن حقيقة أن هذين مصدرين للعرض لا يحل أحدهما محل الآخر، إلا ضمن حدود، يمكن أن تقود إلى حالات من الشح في العديد من السلع، غير المنتجة محلياً، التي تدفع معدل التضخم الداخلي للارتفاع في حالة ارتفاع الطلب بما يتخطى العرض.

غير أن معدل التضخم في العراق، كما يقاس بالتغير النسبي في الرقم القياسي لأسعار المستهلك، بالرغم من ارتفاعه بشكل ملموس في 2021 عنه في 2020 والسنوات السبع المنصرمة قبلها، إلا أنه كان أقل بكثير من محصلة هذه العوامل.

وتستطلع هذه الورقة الأسباب والسياسات والمتغيرات التي قادت إلى كبح ارتفاع معدل التضخم في العراق من اللحاق بهذه المحصلة. ولكن من الجدير أن يشار إلى المحددات التالية التي تحد من دقة هذا الاستطلاع. أولها، مدى شمول الرقم القياسي لأسعار المستهلك لمعظم السلع والخدمات، في سلة المستهلك، من ناحية، وكافة محافظات العراق، من ناحية أخرى. وثانيها، مدى دقة هذا الرقم لقياس التضخم. على سبيل المثال، عدم شموله للسلع الاستثمارية، التي تبين شواهد، سيتم بيانها في المتن، تشير إلى أن أسعار بعضها أرتفع بأسرع من السلع الاستهلاكية. وثالثها، مدى تمثيل مقياس التضخم المستورد للتغير في أسعار استيرادات العراق، لا سيما وهو مقياس يعد في منظمة أونكتاد UNCTAD وليس في العراق. هذا بالإضافة لمشاكل دقة قياس وشمول أخرى لمتغيرات سيجري التعامل معها في هذه الورقة.

ولكن بالرغم من هذه المحددات التي من المناسب معالجتها، سواء من ناحية تحسين أعداد مؤشرات التضخم أو توسيع مجال تحليله والمتغيرات المؤثرة فيه، فأني أعتقد أن نتائج الاستطلاع في هذه الورقة مفيدة في بيان اتجاهات التضخم وتأثره بالعوامل المختلفة في سنة 2021.

لمواصلة القراءة يرجى تحميل ملف ب د ف سهل القراءة والطباعة على الرابط التالي:

Merza_Inflation-in-Iraq-2021

(*) باحث وكاتب اقتصادي.

حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر. 7 شباط  2022

 

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (3)

  1. Editor in Chief
    Editor in Chief:

    تعقيب وملاحظات
    عزيزي الدكتور بارق المحترم
    أرجو ان تكون بخير وعافية. وبعد، ابعث لك تعقيباً وملاحظات عن مقال الدكتور علي مرزا، راجيا نشرها ان أمكن، لطفاً.
    مع التقدير والامتنان
    كامل المهيدي

    تعقيب وملاحظات
    شكرا للدكتور علي مرزا على ملاحظاته عن التضخم المالي في العراق لعام ٢٠٢١، واهم العوامل المؤثرة فيه، المنشورة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين، بتاريخ السابع من شباط ، ٢٠٢٢. وشكرا ايضا لرئيس الشبكة الدكتور بارق شبر على جهده الحميد في إدارة هذا المنبر النيّر.
    الدكتور علي لتواضعه ، اسماها ” ملاحظات” . وانا اسميها “بحثاً” غنياً بالمعلومات والتحليل الموضوعي الرصين. شكرا له على هذا الإنجاز الثري والمهم.

    ما لفت نظري وأثار اهتمامي هي ارقام التضخم لعام ٢٠٢١، وعلاقتها بتخفيض سعر صرف الدينار اعتبارا من نهاية عام ٢٠٢٠. فحسب هذه الملاحظات (او هذا البحث)، فإن المعدل العام للتضخم لعام ٢٠٢١ ، مقارنة بعام ٢٠٢٠ ، كان ٦٫١٪؜ ، بينما كان المعدل لسلع السلة الغذائية ٤٬٦٪؜ ، وللمشروبات غير الكحولية ٤٬٧٪؜ ،
    وللملابس والأحذية ٣٪؜ .

    ولفت نظري ايضا، ارقام الاستيراد الكلي ، للقطاعين الخاص والعام، اذ انخفضت من ٣٥٫٧ مليار دولار للفصول الثلاثة الاولى من عام ٢٠٢٠ الى ٢٨٫٣ مليار دولار لنفس الفصول من عام ٢٠٢١، رغم ان استيرادات القطاع العام سجلت زيادة ملحوظة نتيجة لزيادة الدعم الحكومي للبطاقة التموينية واستيراد المنتجات النفطية، اضافة لتغطية متطلبات مشاريع كانت متوقفة سابقاً. واذا استثنينا القطاع العام ، فإن استيرادات القطاع الخاص انخفضت بمقدار ٩٫١ مليار دولار، من ٣٩٫٦ مليار دولار لكامل عام ٢٠٢٠ الى ٣٠٫٥ مليار دولار، لكامل عام ٢٠٢١.

    وأيضا ً، ارتفع الناتج غير النفطي ، مقاسًا بالأسعار الثابتة للنصف الاول من عاميّ ٢٠٢٠ و ٢٠٢١، من ٣٤٫٦ ترليون دينار الى ٤٢٫٠ ترليو (٢١٫٤٪؜ – جدول ٦).

    من المعلومات الثرية اعلاه، استنتج الآتي ، اضافة او تأييدا لما جاء من استنتاجات في هذه الدراسة الممتعة .
    ١ – اعتقد ان التضخم العام ،وكذلك تضخم السلة الغذائية، كان معتدلا . والسبب هو الدعم الاضافي للبطاقة التموينية وغيرها من الإعانات الحكومية. ومع ذلك ، على الحكومة مضاعفة الجهد لضغطه الى ما كان عليه سابقا، عن طريق زيادة الاستثمار في المشاريع الزراعية وغيرها من المشاريع التي تقلل من متطلبات الاستيراد.
    ٢ – ان التدني النسبي لرقم التضخم للملابس والأحذية (٣٪؜) قد يعزى الى ضعف الليرة التركية، كون معظم استيرادات هذه السلع يأتي من تركيا. وقد يعزى كذلك الى تحسن المنافسة المحلية بين تجار الجملة والمفرد.
    ٣ – انخفضت استيرادات القطاع الخاص لعام ٢٠٢١ ، بالمقارنة مع عام٢٠٢٠، بمقدار ٩٫١ مليار دولار (٢٣٪؜) ٠ ٠ وهو انخفاض كبير ، قد يؤشر الى انخفاض تهريب العملة الصعبة عن طريق استيرادات وهمية او مبالغة في سعر شرائها.
    وهذه الحصيلة تصب في صالح الاصلاح الاقتصادي الذي أستهدفته الورقة البيضاء.
    ٤ – ان ارتفاع الناتج غير النفطي بحوالي ٢١٪؜ ، يمكن اعتباره خطوة الى الأمام في الطريق الطويل للتخلص من كابوس الاقتصاد الريعي الذي طال أمده .
    كامل المهيدي
    ١٢ شباط ٢٠٢٢

  2. farouk younis
    farouk younis:

    كشفت هذه الدراسة في موضوع التضخم عن وجود نواقص منها عدم قيام الجهاز المركزي للإحصاء بإعداد الرقم القياسي للتضخم المستورد و هذه ملاحظة مهمة جدا خاصة وأن معظم الموارد السلعية المعروضة في الاسواق المحلية مصدرها عدد محدود من الدول وهي الصين وايران و كوريا الجنوبية
    الملاحظة المهمة الاخرى في الدراسة هي التساوءل عن مدى شمول الرقم القياسي لاسعار المستهلك لمعظم السلع والخدمات في سلة المستهلك من جهة و عدم شمول السلع الاستثمارية
    لو رجعنا الى الماضي في العهد الملكي كانت غرفة تجارة بغداد هي الجهة التي توفر المعلومات يوما بيوم عن حالة السوق المحلية والأسعار المعروضة للسلع المختلفة المستوردة والمحلية و ينبغي ان تقوم الغرف التجارية الموجودة في جميع المحافظات العراقية وبالتعاون مع مكاتب الجهاز المركزي للإحصاء بمهمة إعداد الأرقام القياسية للاسعار

  3. Avatar
    ابو محمد:

    شكرا سعادة دكتور علي المحترم
    الفجوة التضخمية الركودية او الركود الاقتصادي في العراق هو نتاج سلوك للافراد والحكومة والشركات والمصارف بالتوجه الى السيولة بالدولار او بالدينار وادخاره غالبا خارج منظومة المصارف اضافة الى التوسع النقدي بالدينار او بالدولار المتبع حاليا ضمن سياسات البنك المركزي وهذا المرض الاقتصادي مرض مزمن في الاقتصاد العراقي ومن اثاره ارتفاع معدلات البطالة والفقر وارتفاع مستوى الاسعار للسلع الاساسية كالغذاء والنقل والسكن والكهرباء وفي العراق يحتاج سياسات اقتصادية مالية ونقدية متسقة متكاملة مترابطة متسلسلة تبدا بسباسة الانضباط المالي لايرادات الدولة غير النفطية ثم انعاش القطاعات الاقتصادية الحقيقية الزراعة والصناعة التحويلية والسباحة وتجارة الخدمات ثم تشجيع الناس على السلوك الادخاري بالمصارف الحكومية ومنع استيراد اي مادة او سلعة تنتج او يمكن انتاجها في العراق مع التقدير

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: