الرئيسيةقطاع التأمين الوطني والاجنبيمقالات وأبحاث

منذر عباس الاسود*:الوضع الجديد وتداعياته على صناعة التأمين: ما هي التحديات وهل من فرص للسوق العربي للتأمين بعد ان غيبت جانحة كوفيد-19 المؤتمرات واللقاءات؟

نعني بالوضع الجديد ذلك الذي نشأ مع جائحة كوفيد-19 الذي اجتاح العالم، وأثرَّ على الحياة الاقتصادية والاجتماع البشري، وأثار تساؤلات حول الدور (التخريبي؟) للأنظمة الاقتصادية على البيئة والتوازن في الطبيعة.

 

إن جائحة كوفيد-19، مع كل السيئات التي ارتبطت بها، ارست بعض الايجابيات بحيث كان هناك مؤتمرات ولقاءات عن بعد عبر مختلف تقنيات التواصل الإلكتروني. وهذا بالطبع لا يحل 100% مكان اللقاءات التقليدية ولكن بفضل هذه التقنيات تم الحفاظ على الحد الادنى من التواصل.

 

إن الوضع بعد الجائحة ليس كما قبله، والشركات العاملة في قطاع التأمين عليها التكيف مع هذا الواقع الجديد ومواكبة التطور الرقمي كي تستطيع القيام بذلك لان الشركات التي ما زالت تعمل بالطريقة الكلاسيكية، ان كان لناحية الوصول الى الزبائن او لناحية اصدار العروض والعقود، سوف تخسر حصتها السوقية بنسب عالية، وعليها اتخاذ القرارات الصحيحة لمواجهة مثل هذا التحدي.  واولها اللجوء الى برامج الكترونية مخصصة لإدارة محافظ التأمين والتي يمكن للعاملين استخدامها من اي مكان في العالم ولا ضرورة للحضور الى مقر الشركة.  كما ان فرص التسويق سوف تكون ايضاً عبر وسائل حديثة ومتطورة.  وهنا لا بد من التخطيط لطرح برامج التأمين متناهي الصغر microinsurance مع شركاء آخرين لتسويق الخدمات كالمصارف وشركات الطيران وشركات بيع او تأجير السيارات وشريحة واسعة من الشركات التي تقدم خدمة معينة للعملاء.  وبذلك يصبح بالإمكان توفير حماية تأمينية لشرائح من عملاء هؤلاء الشركاء.  ويعني هذا توسيع قاعدة المؤمن لهم.

 

لقد بدّلت جائحة كوفيد-۱۹ المعالم المستقبلية لقطاع التأمين، لا سيما وأنها تزامنت مع تغيّرات اقتصادية وسياسية اقليمية وعالمية.  ولذلك صار لزاماً على الشركات العاملة في هذا القطاع مواكبة التطورات والتغيرات الاقتصادية والسياسية عبر التخطيط الى المدى البعيد، وتعديل اساليب عملها وابتداع واتباع حلول التأمين الذكية Smart Insurance Solutions كي تحافظ على حصتها السوقية، ومنها العمل الجاد لتطوير المنتجات الكلاسيكية او اضافة بعض الخدمات عليها، سواء ما يتعلق بتبسيط لغة نصوص وثائق التأمين لجعلها أكثر وضوحاً وفهماً لدى المؤمن له الذي لا يتمتع بمعرفة كافية بالتأمين، أو توسيع نطاق الغطاء التأميني وبما يتناسب مع المستجدات التكنولوجية التي تدخل في صلب الحياة اليومية.

 

ان الشركات العاملة في قطاع التأمين في البلدان العربية، ومنها العراق، امام خيارين اساسين: اما الدمج فيما بينها للحد من التنافس والابقاء على حصتها من السوق، او التوسع الى بلدان اخرى.  ومن المناسب أن نذكر هنا أن هيئات الرقابة في بعض البلدان العربية قد شجعت شركات التأمين الصغيرة على الاندماج لضمان خلق شركات تأمين قوية تضم كوادر فنية أفضل ولها موارد مالية أكبر.  حتى الآن لم يأخذ ديوان التأمين في العراق على عاتقه مهمة الدفع باتجاه الاندماج بين الشركات الصغيرة بالتراضي فيما بينها أو من خلال رفع رأس المال.  ونرى لذلك أن يقوم ديوان التأمين بصياغة ورقة بهذا الشأن ويعرضه للمناقشة للتوصل إلى موقف يصبُّ في صالح الشركات ذاتها ويعزز من الحماية التي توفرها لجمهور المؤمن لهم.

 

أود أن أختم هذا المقال القصير بالإشارة إلى الدوافع وراء المشاركة في المؤتمرات واللقاءات التأمينية.  اهم هذه الدوافع الآتي:

 

  1. تعريف شركات التأمين من خلال المؤتمرات واللقاءات بالمشاركين وأسواق التأمين التي يعملون فيها.
  2. معرفة ما هو جديد او مستحدث في صناعة هذا القطاع.
  3. البحث عن فرص تعاون مع شركات اخرى.
  4. توفير معلومات عن تطور السوق العراقي لشركات إعادة التأمين والوسطاء لأن العراق مقدم على نقلة نوعية من شأنها تعظيم حجم أقساط التأمين المكتتبة. وهذا، عند تحققه، سيوفر فرصة لإعادة النظر بشروط وأسعار اتفاقيات إعادة التأمين وتوسيع التغطيات ورفع سقوف الاتفاقيات.

 

آمل أن يثير المقال اهتمام زملاء المهنة والكتابة عن المستجدات في الأوضاع العامة التي تؤثر على قطاع التأمين واستجابة شركات التأمين لها.

)*( المدير المفوض لشركة الحمراء للتأمين – بغداد – العراق

حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين.  يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر. 1 شباط 2023

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. Misbah Kamal
    Misbah Kamal:

    تقدير وتمني

    أشكر زميلنا منذر الأسود على هذا المقال الذي يقدم فيه قراءة لما سماه الوضع الجديد، وتحديداً الوضع الذي نشأ بفعل جائحة كورونا، وما أفرزته من تطورات لخصها بعمل الموظفين عن بعد، من البيت، بدلاً من الحضور الشخصي في المكاتب، والتواصل مع أطراف العملية التأمينة باستخدام منصات التواصل الرقمية. وشخّص بعض تحديات هذا الوضع ومنها اعتماد برامج الكترونية لإدارة محافظ التأمين يمكن للعاملين استخدامها من اي مكان في العالم، وكذلك تسويق منتجات التأمين عبر منصات إلكترونية حديثة ومتطورة ومنها التأمين المتناهي الصغر. وفي نفس الإطار يشير إلى توسيع نطاق غطاء التأمين ليتماشى مع التطورات والتطبيقات الإلكترونية المستجدة، وكذلك تبسيط لغة التأمين (وهو ما تناوله زميلنا منعم الخفاجي في مقال منشور في موقع الشبكة: حول إعادة صياغة نصوص بعض وثائق التأمين،
    http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/07/منعم-الخفاجي-حول-إعادة-النظر-بنصوص-بعض-وثائق-التأمين.pdf)

    ويفرد فقرة لموضوع دمج شركات التأمين لخلق كيانات أمينية أكبر من حيث الموارد المالية والكوادر الفنية والخدمات المقدمة للمؤمن لهم.

    لم يكن سوق التأمين العراقي غائباً عن تصورات الزميل الأسود سواء في مجال دمج شركات التأمين أو المشاركة في المؤتمرات واللقاءات التأمينية. مع ذلك، أتمنى عليه أن يكتب المزيد عن وضع التأمين في العراق وتصوراته له خاصة وأنه سبق وأن نشر مقالاً بعنوان “شركات التأمين العراقية إلى أين؟” (مجلة التأمين العراقي، 3 آب 2008): http://misbahkamal.blogspot.com/2008/06/blog-post_03.html

    13 شباط 2023

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: