التقت بعثة من صندوق النقد الدولي (الصندوق)، بقياد السيدجان-غيوومبولا ن، السلطات العراقية في عمان، خلال المدة من 20 إلى 29 فبراير لإجراء مشاورات المادة الرابعة للعام 2024. وقد تمّ إصدار البيان التالي في نهاية البعثة.
يُتوقّع للنمو الاقتصادي أن يستمرّ نظرا للتَّوسُّع في المالية العامة، مع زيادة كبيرة في مواطن التعرض لتقلبات أسعار النفط على المدى المتوسط. إنّ خفض مستوى الاعتماد على النفط، وضمان الاستدامة المالية، مع العمل في الوقت ذاته على حماية الإنفاق الاجتماعي والاستثماري بالغ الأهمية، سوف يتطلّب إجراءَ ضبط كبير لأوضاع المالية العامة، يرتكَّزُ على التَّحكُّم في فاتورة أُجور القطاع العام، وزيادة الإيرادات غير النفطية. وبالتوازي مع ذلك، سوف يتطلّب الوضع تحقيق نموٍ اقتصادي مرتفع لاستيعاب القوى العاملة المتزايدة بشكل سريع، وتعزيز الصادرات غير النفطية، وتوسيع نطاق الوعاء الضريبي. وبناءً عليه، يتعيَّن على السلطات العراقية السّعي إلى تمكين القطاع الخاص من التطوّر والنماء، بما في ذلك من خلال إجراء عمليات إصلاح لسوق العمل، وتحديث القطاع المالي، وإعادة هيكلة المصارف المملوكة للدولة، وإصلاح قطاعي التقاعد والكهرباء، والاستمرار في بذل الجهود اللازمة لتحسين الحوكمة والحدّ من الفساد.
الآفاق الاقتصادية، والمخاطر
لقد عاد النمو في القطاع غير النفطي بشكل قوي في العام 2023، مع انحسار التَّضخُّم. ويُقدَّر النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بنسبة 6 في المئة في العام 2023، بعد انحساره في العام 2022. وقد تراجع التضخم الكلي من المستوى المرتفع الذي بلغه بنسبة 7.5 في المئة في يناير 2023، إلى 4 في المئة بحلول نهاية العام نفسه، ليعكسَ بذلك انخفاضَ أسعار الأغذية والطاقة على المستوى الدولي، والأثر الذي أحدثته عملية إعادة تقييم سعر العملة العراقية في فبراير 2023. ويُتوقَّع للحساب الجاري أن يكون قد سجَّل فائضًا بنسبة 2.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن تكون الاحتياطيات الدولية قد ارتفعت إلى 112 مليار دولار أمريكي.
وقد أتت هذه التطَّوُّرات الإيجابية بدعم من عودة عمليات تمويل التجارة إلى مسارها الطبيعي واستقرارُ سوق صرف العملات الأجنبية. فبعد حدوث بعض الانقطاعات في أعقاب تنفيذ الضوابط الجديدة لمكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب (AML/CFT) على المدفوعات العابرة للحدود في نوفمبر 2022، أدّى تحسينُ الامتثال للنظام الجديد، ومبادراتُ البنك المركزي العراقي لخفض مدة معالجة المعاملات إلى حدوث تعافٍ في تمويل التجارة في النصف الثاني من العام 2023. وقد ضَمِن ذلك إمكانية القطاع الخاص في الحصول على العملة الأجنبية بالأسعار الرسمية لأغراض الاستيراد والسفر.
ولكن، في الوقت نفسه، شهد مركز المالية العامة تراجعا حادا. فعلى الرَّغم من عدم تنفيذ الموازنة التَّوسُّعية بسب تأخر مصادقة البرلمان على الموازنة، إلا أن رصيد المالية العامة قد تراجع، من فائضٍ مقداره 10.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022، إلى عجزٍ مقداره 1.3 في المئة في العام 2023، وذلك بسبب انخفاض الإيرادات النفطية، وزيادة الإنفاق بنسبة 8 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، الذي أسهمت في زيادته الرواتب والمعاشات التعاقدية بنسبة 5 نقاط مئوية، نظرًا إلى أن السُّلطات العراقية قد باشرت بالتعيينات على نحوٍ يتماشى مع قانون الموازنة.
يُتوقَّع أن يعاود النمو الإجمالي الارتفاع في العام 2024، وتميل المخاطر نحو الزيادة وسط تزايد حالة عدم اليقين. سيستمر زخم النمو غير النفطي في العام 2024.ويُمكن لحدوث تراجعاتٍ أكبر في أسعار النفط، أو لتمديد التخفيضات التي يتوافق عليها أعضاء منظمة أوبيك+ OPEC))+)) أن تثقل على حسابات المالية العامة والحسابات الخارجية. وإذا ما تصاعدت حدّة التّوترات الإقليمية، فإنّ حدوث انقطاع في مسارات الشحن، أو إلحاق الضرر بالبنية التحتية النفطية قد يؤدي إلى وقوع خسائر في الإنتاج النفطي من الممكن أن يفوق الأثر الإيجابي المحتمل لحدوث ارتفاع في أسعار النفط. وكذلك، في حال حدوث تدهور في ظروف الأمن الداخلي يُمكن أن يقود إلى تراجع في مستوى ممارسة أنشطة الأعمال وتعليق تنفيذ المشاريع الاستثمارية. وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن يستقر النمو غير النفطي في حدود 2.5 في المئة نظرا للعقبات التي تحد من تنمية القطاع الخاص. وعلاوة على ذلك، ازداد التعرض لانخفاض أسعار النفط، حيث من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الانفاق إلى دفع سعر برميل النفط المطلوب لتحقيق التعادل المالي إلى ما فوق 90 دولارا في عام 2024. وفي ظل غياب تدابير جديدة على مستوى
لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية