د. صباح قدوري*: محاسبة تكاليف النوعية/الجودة، مثالا

نشرت هذه الورقة البحثية أصلاً في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 424-425، أيلول 2021. وهي تشكل جزءًا من ثلاثة أوراق متكاملة مع بعضها صنفها الكاتب تحت عنوان “محاسبة التكاليف المعضلية” أو “محاسبة المسؤولية الاجتماعية” التي ظهرت في العقود القليلة الماضية مع نشوء ونمو الحركة البيئية التي طالت مختلف مجالات الحياة الاقتصادية. كتب الدكتور صباح قدوري ثلاث مباحث عن محاسبة التكاليف المعضلية: محاسبة عوامل الإنتاج/الموارد البشرية، محاسبة حماية البيئة، محاسبة تكاليف النوعية/الجودة. وقد ضمها فيما بعد لكتابه محاسبة التكاليف: دراسات (2022).

وقد أعدنا نشر مبحث “محاسبة حماية البيئة” في موقع الشبكة، ونكمل بنشر “محاسبة تكاليف النوعية/الجودة” أدناه.

هيئة التحرير

مقدمة

ان التطور والتقدم الفني والتكنولوجي والمعلوماتي الذي يشهده عالمنا المعاصر في وسائل الإنتاج للشركات الكبرى ذات الانتاج الواسع والمتنوع، ينعكس اثره على نظم المعلومات المحاسبية، ومنها نظام محاسبة التكاليف، ليصبح جزءا من نظم المعلومات الاقتصادية، بالمفهوم الكمي والضبط المعلوماتي Cybernetics and Informatics))، وذلك لإنتاج البيانات والمعلومات المحاسبية بشكل تقارير دورية، وتزويد المستويات الإدارية المختلفة بها، للاستفادة منها في عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية والإدارية ويتحقق ذلك عبر تصميم نظم المعلومات والرقابة ومحاسبة المسؤولية والأساليب الكمية والاحصائية المستخدمة في توزيع وتخصيص التكاليف والتنبؤ بها، بهدف تسهيل عملية القياس النقدي لتكلفة الانتاج والرقابة على عناصرها، وفي عملية التخطيط أيضا. وقد ساعد ذلك على ظهور فرع متخصص لمحاسبة التكاليف، يسمى “محاسبة المعضلية”،Problematics Accounting ، و/أو محاسبة التكاليف الاجتماعية Social Cost Accounting، ومنها محاسبة تكاليف النوعية، اي تكاليف الجودة، التي أصبحت اليوم عنصرا مهما من عناصر الإنتاج في الوحدات الإنتاجية الصناعية، ما شجع الوحدات الاقتصادية على ضرورة تطبيق محاسبة تكاليف النوعية/الجودة، والمنافع المترتبة على ذلك.

تشمل محاسبة تكاليف النوعية كل التكاليف التي ترتبط بأنشطة النظام الاشرافي على تحسين الأداء النوعي للإنتاج، من خلال: تقليل الخسائر والوقاية من عيوب التصنيع او اكتشافها من قبل الزبائن، والتحسين المستمر للجودة، مما يتطلب وجود إدارة محاسبة تكاليف الجودة، التي تقوم بمهمة التنسيق مع كل الوحدات الادارية المعنية في ممارسة أنشطة الجودة في الإنتاج والتوزيع والمستهلك.

ويتم تبويب وتسجيل وتحليل وتفسير تفاصيل عناصر كلفة الجودة ضمن سجلات محاسبة التكاليف، وذلك لتوفير بيانات تكلفة دقيقة وملائمة للجودة، وحجم هذه التكلفة ونسبتها الى المبيعات، وأثرها على أرباح الوحدة الاقتصادية، والافصاح عنها ضمن مجموعة مخرجاتها من التقارير المالية للوحدة الاقتصادية، بهدف تحسين الجودة، وتخفيض الكلفة التي تساعد على تعزيز قدرتها لمجابهة المنافسة في تصريف انتاجها، وتلبية حاجات الزبائن بمنتجات ذات مستوى جودة عالية، بما يضمن حصتها السوقية وتحقيق الأرباح.

ان درجة تنظيم وتطبيق نظام محاسبة تكاليف النوعية ليكون قادرا على توفير بيانات دورية تحليلية دقيقة وصحيحة عن الجودة، تتطلب تكلفة مرتفعة في انشائها وتشغيلها، وجهدا كثيرا لمنع الإخفاقات والفشل في العمليات الإنتاجية، وأثرها على أرباح الوحدة الاقتصادية في المدى الطويل. وهذا ما يجعل العديد من المنشآت الصناعية تترد في استخدامه. لكن تطبيق هذا النظام ايضا يكون مقرونا بعوامل أخرى، منها: مدى إدراك الوحدة الاقتصادية بأهمية تكاليف الجودة، وجدوى تطبيق النظام، وتوفر الكوادر المؤهلة في مجال الجودة، والاهتمام بتخفيض تكاليف الجودة، واستخدام البرامج والموديلات الالكترونية في تطبيق نظام محاسبة التكاليف، والامكانيات الفنية والادارية والمالية، وغيرها.

نحاول هنا تسليط الضوء على هذا الموضوع، باتباع منهج وصفي وتحليلي، لعملية قياس تكاليف جودة الإنتاج والرقابة على عناصرها والافصاح عنها ضمن مخرجات نظم المعلومات المحاسبية، ووفق المحاور الآتية:

أولا – مفهوم تكاليف الجودة.
ثانيا – قياس تكاليف الجودة.
ثالثا – انتاج وافصاح البيانات عن تقارير تكاليف الجودة.
رابعا – مزايا محاسبة تكاليف الجودة.

أولا – مفهوم تكاليف الجودة

هناك اراء وتعاريف عديدة عن مفهوم الجودة، منها، أنها عبارة عن التكاليف اللازمة لتحسين نوعية الانتاج، وتخفيض الكلف الناتجة عن الخسارة او العيوب، وجميع الكلف المرتبطة بالنظام الاشرافي على تحسين الجودة. [1]

كما عرفت الجودة بانها مجموعة الكلف التي تؤثر على المزايا وخصائص السلعة او الخدمة قابلة على تلبية حاجات معينة للزبائن. [2]

كذلك تعتبر الجودة انعكاسا للمنفعة المتحققة لكل من: المنتج، المستهلك، والمجتمع. بالنسبة للمنتج، تعني الجودة مدى تلبية ومطابقة التصميم لرغبات المستهلك، بالنسبة للمستهلك فتعني الجودة كقيمة تحقق له الغرض المقصود وبالتكلفة المقبولة، وبالنسبة للمجتمع فإن المنافع المتحققة من الأول والثاني ستعود بالمنفعة على المجتمع. [3]

أما مفهوم الجودة بالنسبة للمنتوج، فهو يشمل: جودة التصميم Quality of Design وجودة المطابقة Conformance Quality. ويقاس الأول على مدى مطابقة مواصفات السلعة او الخدمة لمتطلبات ورغبات المستهلك، اما الثاني، فيتضمن تصنيع المنتج وفقا للمواصفات الهندسية والصناعية.[4]

تنشأ تكاليف الجودة، اما لمنع حدوث الجودة المنخفضة، و/أو نتيجة اجراء لتحسين الجودة على الإنتاج.

ويمكن تصنيف تكاليف الجودة، كما يلي: [5]

1. تكاليف النشاط الوقائي
­ تكاليف مخططة لتحسين جودة الإنتاج؛
­ تكاليف شراء جودة المستلزمات السلعية والخدمية من مصادر تجهيزها؛
­ تكاليف اشراف ورقابة الجودة؛
­ تكاليف خاصة بمعدات الرقابة؛
­ تكاليف تدريب الدورات الخاصة بالجودة؛
­ تكاليف برامج التحفيز والاعلانات عن الجودة؛
­ تكاليف الاختبار للمنتوجات المماثلة؛
­ تكاليف ناتجة عن مجالات الاستخدام؛
­ تكاليف وقاية اخرى.

2. تكاليف تقييم الجودة
­ تكاليف تقييم المجهزين؛
­ تكاليف تقيم جودة المواد الأولية؛
­ تكاليف جودة البضاعة المنتجة؛
­ تكاليف استخدام أدوات ومعدات التحكم؛
­ تكاليف التجارب والاختبارات المختبرية؛
­ تكاليف الحصول على علامات الجودة، التي تؤمن معيار الإنتاج؛
­ تكاليف تقيم أخرى.

3. تكاليف الخسارة والعيوب

‌أ. الداخلية:
­ غير مصلح؛
­ تكاليف التصليح.

‌ب. الخارجية:
­ غير مصلح؛
­ تكلفة شكاوى الضامنين؛
­ تكلفة تصليح الضامنين داخل البلد.
­ تكلفة تصليح الضامنين خارج البلد.

ثانيا – قياس تكاليف الجودة

بغية تطبيق نظام محاسبة تكاليف النوعية، لا بد من اعداد الدليل المحاسبي للكلفة (خارطة الحسابات) بتفاصيل بنود التكاليف المذكورة آنفا في المحور الاول، وتسجيلها بشكل تحليلي عن طريق المستندات الخاصة بذلك والرقابة عليها من المنبع، ومقارنتها ومطابقتها بالتسجيلات الاجمالية التي يتم تسجيلها في المحاسبة المالية، وذلك لوجود العلاقة المتينة التي تربط بين المحاسبة المالية والتكاليف، حتى تكون محاسبة التكاليف مصدرا لإنتاج البيانات عن الجودة.

يمكن ان يتم التسجيل بشكل احصائي و/أو باستخدام القيود أيضا في معالجة وتحليل بنود هذه التكاليف، وخاصة في الوحدات الصناعية المتوسطة والكبيرة.

ويتم قياس تكلفة الجودة، وفق صياغة المعادلة التالية [ [6

التكلفة الكلية للجودة = تكلفة الوقاية + تكلفة التقييم + تكلفة الخسارة والعيوب، والاخيرة، تتضمن (تكلفة الداخل والخارج والمفقود).

يتم تحميل هذه التكاليف على انشطة الجودة التي تزاولها الوحدات الإنتاجية، ويمكن تقسيمها إلى مراحل، كالآتي: [7]

1. المنتج:
­ نوع الجودة المطلوبة؛
­ تكلفة الجودة؛
­ تكلفة بحوث الإنتاجية.

2. التوزيع:
­ جودة السوق؛
­ تكلفة ضمان تسويق المنتج؛
­ تكلفة بحوث التوزيع.

3. المستهلك:
­ جودة المستهلك؛
­ تكلفة المستهلك؛
­ تكلفة بحوث المستهلك.

بغية اجراء القياس المحاسبي لتكاليف الجودة، لا بد من تسجيل جميع تفاصيل عناصر كلفة الجودة المشار اليها آنفا، وتحميل المراحل الثلاث المشار اليها في أعلاه بهذه التكاليف، تحت اسم نشاط/مركز تكاليف الجودة لكل من هذه المراحل، بحيث تسهل عملية قياسها نقدا والرقابة عليها، وإنتاج البيانات والمعلومات التي تساعد على عملية التخطيط وترشيد القرارات الإدارية.

وعلى ضوء ذلك يمكن تتبع المعالجة المحاسبية، كالآتي:

1. من ح/ تكلفة جودة المنتوج
من ح/ تكلفة جودة التوزيع
من ح/ تكلفة جودة المستهلك
الى ح/ النقد، البنك، الدائنون
دفع تكاليف الجودة، نقدا او بنك او على الحساب.

2. من ح/ تكلفة الجودة
الى ح/ موارد الجودة
إطفاء قسط الاستهلاك السنوي لموارد الجودة (المعدات والآلات) المستخدمة في المراحل الثلاث.

3. الجودة من ح / نشاط مركز تكاليف
الى ح/ تكلفة جودة المنتوج
ح/ تكلفة جودة التوزيع
ح/ تكلفة جودة المستهلك
ح/ تكلفة الجودة
تحميل نشاط/مركز الجودة بالتكاليف

4. من ح/ كلفة الإنتاج للسلعة او الخدمة المنتج
الى ح/ مركز تكاليف الجودة
تحميل تكاليف الإنتاج بتكاليف الجودة

5. ويغلق في نهاية السنة المالية، حساب كلفة الإنتاج في حساب المتاجرة، والرصيد الناتج من هذا الحساب ينقل الى حساب الأرباح والخسائر. وبذلك تضاف تكاليف الجودة الى تكلفة المنتج للحصول على الكلفة الحقيقية للمنتج النهائي.

ثالثا – انتاج وافصاح البيانات عن تقارير تكاليف الجودة

تقوم إدارة محاسبة تكاليف الجودة بالتنسيق مع الوحدات الادارية التي تمارس أنشطة الجودة (إدارة الجودة الشاملة)، بإعداد القوائم المالية عن تكاليف الجودة، التي تتكون مفردات عناصرها من: تكاليف الوقاية، تكاليف التقييم، تكاليف الخسارة والعيوب الداخلية والخارجية، في مراحلها الثلاث: الانتاج، التوزيع، الاستهلاك، ويتم الإفصاح عنها بشكل تقارير دورية. وهناك تكاليف أخرى، مثل هامش المساهمة الضائع بسبب انخفاض جودة الإنتاج و/أو هامش المساهمة الناتج عن انخفاض المبيعات وحصة السوق والاسعار، لا يتم عادة الإفصاح عنها. وتكمن جودة هذه المعلومات في دور محاسبة الجودة في اتخاذ إجراءات تفسير وتتبع وقياس هذه التكاليف ومسبباتها، وتسليط الضوء على تحليلها وضمها الى اجمالي تكاليف الانتاج عند تحديد نتيجة النشاط، وإمداد الجهات الادارية المختلفة بالمعلومات، وذلك للمساعدة في رسم السياسات واتخاذ القرارات، وتحسين الإداء، وتحديد السعر، واعتبارها من أحد مخرجات نظم المعلومات المحاسبية الهامة.[8]

يجب اعداد هذه التقارير وفقا لمبدأ الشفافية والخصائص النوعية للمعلومات المحاسبية، لذلك يجب أن تكون: موثوقة، وقابلة للفهم، وملائمة لمتخذ القرار، ومرتبطة بالهدف المراد تنفيذه، والافصاح عنها لجهات مختلفة داخلية وخارجية للاستفادة منها لأغراض ترشيد القرارات من قبل مستخدميها، وتقييم اداء الجودة.

وبهذا الصدد يمكن الاسترشاد بالمعرفة المهنية لمجلس معايير المحاسبة الدولية International Accounting Standards Board (IASB) في هذا المجال، وذلك بالاعتماد على جودة المعلومات بدلا من الكمية. كما أنه بالإمكان الاستعانة بالوسائل الالكترونية في اعداد المعلومات. وإذا أحسن تصميم أنظمتها، وتوجهت الى قناة الاتصال المناسبة، وتحديد خطوط تسييرها بوضوح، فسوف يؤدي ذلك الى تكامل في عملية المراقبة والتقييم والتكامل أيضا في المعلومات.

رابعا – مزايا محاسبة تكاليف النوعية/الجودة

تشير الأبحاث والدراسات المحاسبية، وكذلك تجارب وخبرات المؤسسات الصناعية، على تزايد الاهتمام بمحاسبة تكاليف الجودة، نتيجة لتعاظم تكاليفها التي أصبحت تلعب دورا في التأثير على ربحية الوحدة الاقتصادية، وقدرتها على المنافسة في السوق وزيادة المبيعات، من خلال تخفيض التكلفة، وتقديم سعر ملائم، والاهتمام المتزايد من المستهلك بالجودة، وترشيد القرارات الادارية عبر انتاج البيانات والمعلومات عن عناصر تكلفة الجودة، والتحسين المستمر للمنتجات، من خلال إدارة محاسبة تكاليف الجودة، ورفع وعي العاملين بأهمية تكاليف الجودة. عليه فإن تطبيق نظام تكاليف الجودة في الوحدة الاقتصادية، له من الأهمية والمزايا على كل من المنتج والمستهلك والمجتمع، وكالآتي:

­ تقديم منتوجات ذات تصميم وجودة عالية، وبأسعار ملائمة، مما بساعد على مواجهة المنافسة في السوق؛
­ تحقيق عائد مناسب، يضمن الاستمرار وتطوير الإنتاج؛
­ احتساب تكاليف الجودة بالطريقة الدقيقة والصحيحة، تساعد على تقليل التالف وإعادة العمل، وبالتالي تقليل الكلفة وزيادة الإيرادات؛
­ تطوير المنتجات والخدمات حسب رغبة العملاء، من خلال تقليل الوقت اللازم لإنجاز المهمات الذي يساعد على تقليل شكوى المستفيدين من هذه الخدمات؛
­ ترشيد القرارات وتخفيض تكاليف الجودة، وقياس الاداء بفاعلية، من خلال اعداد الموازنات والقياس السليم لتكاليف الجودة، والرقابة والتقييم؛
­ تطوير وتشغيل الإدارة الشاملة للجودة؛
­ بناء قاعدة بيانات عن أنشطة الجودة، مما يسهل على عملية حفظها وتداولها وافصاحها.
­ نشر ثقافة الجودة للعاملين والمستهلكين وفي المجتمع؛
­ إجراء المقارنات بين الوحدات الاقتصادية المتنافسة على أساس سليم؛
­ وجود معلومات صحيحة ودقيقة وشفافة عن تكاليف الجودة، ينعكس أثره بشكل إيجابي على قرارات التعامل مع الوحدة الاقتصادية؛
­ المشاركة في المسؤولية الاجتماعية، عن طريق وضع أهداف لتنمية جودة الإنتاج، ورفع معنويات العاملين وزيادة انتاجيتهم؛
­ اتباع المقاييس والمواصفات المحلية والعالمية في الجودة؛
­ سهولة حصول الوحدات الاقتصادية على قروض طويلة الاجل بفوائد مناسبة من المؤسسات والبنوك الائتمانية.
­ زيادة التعاون مع الباحثين في مجال محاسبة التكاليف والأبحاث والدراسات العلمية، لما لها من المنافع تعود للشركات الصناعية، والمستهلك وعلى المجتمع بشكل العام.

ختاما، تقوم تكاليف الجودة على مجموعة من المفاهيم والمبادئ، التي من الممكن لأي إدارة إنتاجية او خدمية أن تتبناها، وذلك من أجل تحقيق أفضل أداء ممكن، ومواجهة شدة المنافسة المحلية والعالمية في السوق.

ان تطبيق الوحدات الإنتاجية او الخدمية للأنظمة التي تهتم بالجودة، تهدف بشكل اساس الى تلبية احتياجات ورغبات الزبائن والاحتفاظ بهم، وكسب ثقة زبائن جدد، وذلك لزيادة الحصة السوقية للوحدة الاقتصادية، وتحقيق ميزة تنافسية، وخفض التكاليف، وبالتالي الى زيادة أرباحها.

تنشأ تكاليف الجودة في كل مراحل النشاط الإنتاجي: التصنيع، للحصول على جودة التصميم، بما يتوافق مع توقعات وسلوك المستهلك، وجودة المطابقة، طبقا لمواصفات التصميم الهندسية والصناعية، والتوزيع لضمان تسويق المنتج والحفاظ على الحصة السوقية، والمستهلك، لتقديم أحسن الخدمات، من الشكاوى وتعويض الضامنين. [9]

يمكن القول إن عملية التحسين المستمر للجودة، تساعد على تحقيق التكامل بين الرقابة على جودة التصنيع، وتسليم منتج ذي جودة عالية للمستهلك. والحالة هذه، تقتضي الاهتمام بزيادة الاستثمارات في سياسات تخفيض تكاليف وقاية وتقييم الجودة، وذلك لوجود العلاقة العكسية بين كل من تكاليف المطابقة (الوقاية والتقييم)، وتكاليف عدم المطابقة (الفشل الداخلي والخارجي).

وبالرغم من أهمية تطبيق نظام محاسبة تكاليف الجودة، الا ان هناك قلة في الدراسات التطبيقية في مجال تكاليف الجودة في المؤسسات الصناعية العراقية، بسبب ان نظام محاسبة التكاليف المطبق في العراق، لم يتطور إلى مستوى ليصبح نظاما لإنتاج المعلومات الاقتصادية اللازمة لعملية اتخاذ القرارات على المستويات الادارية المختلفة، وليساهم في عملية قياس عناصر الكلفة والرقابة عليها بشكل دقيق وسليم، وفي عملية التخطيط، ولم يتضمن معالجة تسجيلات وتحليل البيانات في الأنشطة الاجتماعية، ومنها تكاليف الجودة. لذا أرى ضرورة الاعتناء بهذه المسالة، من خلال: نشر ثقافة الجودة لدى المؤسسات الإنتاجية والخدمية، وبين العاملين فيها، والمستهلك والمجتمع بصورة عامة، وتطوير نظام محاسبة التكاليف المعمول بها حاليا، والاستفادة من معايير المحاسبة الدولية في هذا المجال، وزيادة مشاركة المختصين والباحثين والمنظمات المهنية، في وضع الأسس النظرية وفق مبادئ المحاسبية الملائمة بذلك [10]

* باحث أكاديمي وكاتب اقتصادي/علوم المحاسبة الدولية

المصادر:

1. Sojak,S, Termin koszty Jakośc w literaturze ekonomicznej, Zeszyty Teoretyczne Rady Naukowej SKwP, 1981, s.66. tom.V,Warszaw. (باللغة البولندية)

2. Malcom, Smith, Management Accounting for Total Quality Management Accounting, V0l.68.6, June 1990, pp. 44_48.

3. عبد الحميد محمد نور، أروى “إدارة الجودة الشاملة”، الخرطوم، مطابع السودان للعملة، 2008، ص 5ــ6 .
4. هورنجرن، تشارلز، واخرون “محاسبة التكاليف: مدخل إداري” (الجزء الثاني)، تعريب، أحمد حامد، حجاج، الرياض، دار المريخ للنشر، 1996، ص1222 .

5. wytycz w sprawie rachunku kosztów jakości, praca zbiorowe pod kierunkiem .5 A.Fedaka, M.P.M. Ośrodek Badania i Kontroli Jakości Wyrobów Przemysłu Maszynowego, Warszawa 1980. S. 5. (باللغة البولندية)

6. حجاج، احمد حامد، وباسيلي، مكرم عبدالمسيح، المحاسبة الادارية، مدخل معاصر: التخطيط ـ الرقابة ــ اتخاذ القرارات، (الطبعة الثالثة) ، المنصورة: المكتبة العصرية، 2001، ص 83.

7. S. Sojak, Rachunek kosztów jakości w przedsiębiorstwie przemysłowym maszynopis Toruń 1981, s.168_188. (باللغة البولندية)

8. الدرادكة، مأمون، وآخرون، إدارة الجودة الشاملة، دار صفاء للنشر والتوزيع، (الطبعة الأولى)، عمان: الأردن، 2001، ص. 15.

9 حجاج، أحمد محمد حامد، محاسبة التكاليف مدخل إداري، الجزء الثاني، ط1 الرياض، دار المريخ، 1996 ص. 1223.

10. قدوري صباح، محاسبة تكاليف (المعضلية): محاسبة حماية البيئة انموذجا، مجلة الثقافة الجديدة، العدد 419ـ 420، اذار 2021، ص 143.

حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر.
http://iraqieconomists.net/ar/

12 تموز 2024