السياسة النقديةملف البنك المركزي العراقي

همام مسكوني: بعد هدوء العاصفة… ولو إلى حين – عن إستقلالية البنك المركزي العراقي مرة أخرى!

Download  PDF
منذ شباط 2015، نشرت شبكة الاقتصاديين العراقيين عددا من المقالات التي ناقشت أثر المادة (50) من قانون الموازنة الإتحادية لسنة 2015 في إستقلالية البنك المركزي وفي سياسته النقدية وما ارتبط بذلك من تطورات في سوق الصرف، بدأها د. علي مرزا بمقاله الموسوم “موازنة 2015 وتحديدها لسقف مبيعات الدولار في مزاد العملة: التبعات المحتملة للتطبيق” (1 / 2 / 2015)، أعقبه بمقاله الموسوم “متابعة: سوق الصرف في العراق منذ إقرار موازنة 2015” (18 / 5 / 2015)، والسيد حاتم جورج حاتم بمقاله الموسوم “إشكاليات قيام الموازنة العامة بتحديد سقف للمبيعات اليومية من العملة الاجنبية: وجهة نظر اقتصادية” (11 / 6 / 2015)، ود. سنان الشبيبي بمقاله الموسوم “مشاكل البنك المركزي الحالية نتيجة لفقدان استقلاليته” (15 / 6 / 2015) وأخيرا مقال د. بارق شبر الموسوم “هل فقدت السياسة النقدية في العراق مصداقيتها وشفافيتها؟” (25 / 6 / 2015).
 
تكاد أن تجمع تلك المقالات، فضلا عن تصريحات صحفية لمعنيين بالسياسة النقدية (أنظر مثلا تصريح السيد ميثم لعيبي[1] وتصريح د. ماجد الصوري[2])، أن المادة (50) من قانون الموازنة الإتحادية لسنة 2015 تنتهك إستقلالية البنك المركزي التي كفلتها المادة – 2 (2) من قانونه ذي العدد (56) لسنة 2004. وهذا المقال مساهمة متواضعة في النقاش الدائر بشأن إستقلالية البنك المركزي ويتضمن عرضا لحيثيات دعوتي الطعن المقدمتين من البنك المركزي ومجلس الوزراء بالمادة (50) واللائحة الجوابية لمجلس النواب وقرار المحكمة الإتحادية العليا ذي العدد 19 / 34 / موحدة / إتحادية / 2015 المؤرخ في 6 / 7 / 2015 الذي حسم الخلاف لكنه لن ينهي الجدل.
 
وهذا المقال يستكمل النقاش الذي بدأه الزملاء الأفاضل، مستعرضا ومحللا ما أوردته لائحتي الطعن المقدمتين من البنك المركزي العراقي ومجلس الوزراء فيما يتعلق بالمادة (50) من قانون الموازنة الإتحادية لسنة 2015 وقرار المحكمة الإتحادية بهذا الشأن، ومعلقا على التطورات التي أعقبت صدوره، ومقترحا تعديل قانون البنك المركزي بما يتوافق مع الدستور.
 
“إستقلال” و”إستقلال”
رغم كل الجدل الذي دار بشأن “إستقلال” البنك المركزي في رسم السياسة النقدية وتنفيذها، لا يبدو أن هنالك تعريف أو توصيف لما يعنيه “إستقلال”.
 
من حيث المبدأ، استخدمت النسخة الإنكليزية من أمر السلطة الإئتلافية المؤقتة (56) لسنة 2004 كلمة autonomy والتي ترجمت خطأْ إلى “إستقلال” التي تقابلها في الإنكليزية independence. فالإستقلال من مقومات الدولة على وفق ما نصت عليه المادة (1) من الدستور “جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة” والسلطة القضائية على وفق المادة (19 – أولا) من الدستور “القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون”، ولكن ذلك لا ينطبق على السلطة التشريعية التي، في النظام النيابي، تمثل الشعب وتكون مسؤولة أمامه وتخضع لرقابة السلطة القضائية، ولا على السلطة التنفيذية التي تخضع لرقابة السلطتين التشريعية والقضائية. والمادة (103 – أولا) من الدستور عدت البنك المركزي “هيئة مستقلة ماليا وإداريا”، لكنه، على وفق المادة (103 – ثانيا) “مسؤول أمام مجلس النواب”، والمسؤولية هنا تعني حق الرقابة والمسائلة. وإعطاء صفة “مستقل” للبنك المركزي، فضلا عن الهيئات المستقلة الأخرى التي وردت في المادة (103) من الدستور، يجعلها في مصاف السلطة القضائية، وهذا غير جائز أولا ومخالف لواقع الحال ثانيا، لإن كل هذه الهيئات “المستقلة” أما مسؤولة أمام أو مرتبطة بـ مجلس النواب ومجلس الوزراء، مما ينفي عنها صفة الإستقلال بالصيغة المطلقة التي منحها الدستور للسلطة القضائية.  
 
لكن قانون البنك المركزي تبنى مفهوما أوسع لـ “إستقلال” البنك المركزي مما نص عليه الدستور ليشمل، على وفق المادة (2 – 2) من قانونه:

  • “ما يقوم به من مساع بغية تحقيق أهدافه وتنفيذ مهامه”؛
  • “لا يتلقى أية تعليمات من أي شخص أو جهة، بما في ذلك الجهات الحكومية، إلا فيما ورد فيه نص يقضي بغير ذلك في هذا القانون”؛
  • “لن يسعى أي شخص أو جهة من أجل التأثير، على نحو غير ملائم، على أي عضو من أعضاء هيئة لصنع القرار تابعة للبنك المركزي فيما يتعلق بالقيام بواجبات وظيفته”؛
  • “لن يقوم أي شخص أو جهة بالتدخل في نشاط البنك المركزي”.  

 
 
لذا فإن المحكمة الإتحادية العليا تجنبت في قرارها بقبول طعن البنك المركزي ومجلس الوزراء بالمادة (50) من قانون الموازنة الإتحادية لسنة 2015، كما سيجري تفصيله لاحقا، الإشارة إلى المادة (103 – أولا وثانيا) من الدستور والى المادة (2 – 2) من قانون البنك المركزي رغم أن المدعيين بالطعن (البنك المركزي ومجلس الوزراء) أشارا الى هاتين المادتين في عريضة الدعوى، وتفادت المحكمة الإتحادية العليا بذلك إشكالا قانونيا. فالدستور هو “القانون الاسمى والاعلى في العراق، ويكون ملزماً في انحاءه كافة وبدون استثناء” (المادة 13 – أولا) و”لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الاقاليم أو اي نص قــانوني آخــر يتعارض معه (المادة 13 – ثانيا). والدستور جعل البنك المركزي هيئة “مستقلة” ماليا وإداريا وحسب في حين أن قانون البنك المركزي، الذي شرع قبيل إقرار الدستور بنحو عام ونصف، جعله يتمتع أيضا بالإستقلال في ما يقوم به من مساعي بغية تحقيق أهدافه وتنفيذ مهامه، ومن ذلك رسم السياسة النقدية وتنفيذها.
 
إن هذا التعارض في النص الدستوري وبينه وبين قانون البنك المركزي، فضلا عن الإلتباس الذي تثيره كلمة “إستقلال” التي استخدمت خطأ في قانون البنك المركزي، والتوسع في تعريفها إلى حد عد البنك المركزي كيانا مستقلا مطلق التصرف ضمن الدولة، وتقاعس مجلس النواب في أداء دور الرقابي، كما سيجري تفصيله لاحقا، وتخبط البنك المركزي في تخطيط وتنفيذ السياسة النقدية أمور ساهمت في تفاقم أزمة تدهور سعر صرف الدينار.
 
البنك المركزي ومجلس الوزراء طعنا بالمادة (50)
طعن البنك المركزي بالمادة (50) من قانون الموازنة الإتحادية أمام المحكمة الإتحادية العليا بالدعوى المرقمة 19 / إتحادية / 2015. واستند الطعن إلى أن ما جاءت به المادة (50) يتقاطع مع:

  • روح الدستور؛
  • قانون البنك المركزي ذي العدد (56) لسنة 2004؛
  • المنهج الاقتصادي الذي تتبناه الدولة على وفق دستورها؛

 
 
وأن إدراج المادة (50) في قانون الموازنة الإتحادية لسنة 2015 أخل بالإجراءات التي رسمها الدستور، لاسيما:

  • ما نصت عليه المادة (60 – أولا) من الدستور من أن “مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء.
  • ما نصت عليه المادة (62 – أولا) من الدستور “يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي إلى مجلس النواب لإقراره”.

 
 
وعد الطعن إضافة مجلس النواب المادة (50) إلى قانون الموازنة الإتحادية لسنة 2015 بدون العودة إلى مجلس الوزراء مخالفة للدستور مطالبا بإلغائها.
 
وطعن مجلس الوزراء (الدعوى 26 / إتحادية / 2015) بإضافة المادة (50)، من ضمن مواد أخرى في قانون الموازنة الإتحادية لسنة 2015، إستنادا إلى:

  • مخالفة ذلك لنص المادة (80) من الدستور التي حددت الصلاحيات التي يمارسها مجلس الوزراء، لاسيما:

 
ثانيا: اقتراح مشروعات القوانين.
رابعا: اعداد مشروع الموازنة العامة والحساب الختامي وخطط التنمية.

  • مخالفة ذلك لقرار المحكمة الإتحادية 25 / إتحادية / 2012 الذي نص على أنه “لا يحق لمجلس النواب إجراء تعديلات جوهرية على مشروع الموازنة المقدم من الحكومة”.
  • تعارض ذلك مع إستقلال البنك المركزي وتعطيل دوره في رسم السياسة النقدية وتأثيراته السلبية في الإقتصاد الوطني، لاسيما:
  • تأثيره في تعاملات جمهورية العراق مع الدول والمؤسسات المالية الدولية، لاسيما صندوق النقد الدولي؛
  • تعريضه أرصدة العراق وإحتياطيات البنك المركزي في الخارج للخطر؛
  • ما سيؤدي إليه من محدودية العرض في مواجهة الطلب المتزايد وإرتفاع سعر صرف الدولار تبعا لذلك.

 
 
أجاب مجلس النواب طالبا من المحكمة الإتحادية العليا رد الطعن إستنادا إلى ما يأتي:

  • أن لمجلس النواب دور أصيل في تشريع القوانين على وفق المادة 61 – أولا من الدستور. ومن مظاهر السلطة التشريعية قدرة مجلس النواب على تعديل النصوص المقترحة من الحكومة في مشاريع القوانين المقترحة بما لا يزيد من كلف التنفيذ.
  • أن إضافة المادة (50) إلى قانون الموازنة الإتحادية تطبيق أمين لنص المادة (103 – ثانيا) من الدستور والتي تنص على أن “يكون البنك المركزي العراقي مسؤولا امام مجلس النواب” وعملا بصلاحيات مجلس النواب في الرقابة على البنك المركزي، لاسيما وأنه تبين لمجلس النواب أن (57%) من عائدات النفط يعت في مزاد العملة الصعبة دون أن يستورد مشتروا العملة مقابل ذلك سلعا وخدمات، وفي ذلك إستنزاف كبير للعملة الصعبة ويعد إخفاقا للبنك المركزي في إدارة مسؤولياته. لذا، لجأ مجلس النواب إلى إضاقة المادة (50) للحد من هدر المال العام بتحديد سقف لمبيعات العملة الصعبة فضلا عن حث البنك المركزي على إستخدام أدواته النقدية الأخرى.

 
 
أضافت المحكمة الإتحادية العليا د. أحمد الجلبي، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، طرفا ثالثا في الدعوى للإستيضاح منه عن مبررات إضافة المادة (50) إلى قانون الموازنة الانحادية رقم (2) لسنة 2015.
 
بعد التدقيق والمداولة، رأت المحكمة الإتحادية العليا أن أضافة المادة (50) إلى قانون الموازنة الانحادية رقم (2) لسنة 2015، وإن كانت لها أسبابها الموجبة:

  • كانت تقتضي من مجلس النواب الرجوع إلى مجلس الوزراء لأخذ موافقته أو إعادة مشروع القانون إليه على وفق الآلية والصيغة التي أقرها الدستور لوضع الأمور في نصابها الدستوري على وفق مبدأ الفصل بين السلطات؛
  • لم تراعي الأسس الدستورية من حيث أن مجلس النواب:
  • خرق مبدأ الفصل بين السلطات الذي نصت عليه المادة (47) ([3]*) من الدستور؛
  • خالف نص المادة (60 – ثانيا) من الدستور؛
  • خالف نص المادة (62 – ثانيا) من الدستور؛
  • خالف نص المادة (80 – أولا) من الدستور؛
  • خالف نص المادة (110 – ثالثا) من الدستور؛

 
وقضت، تبعا لذلك، بقبول الطعن المقدم من البنك المركزي ومجلس الوزراء وبإلغاء المادة (50) من قانون الموازنة الاتحادية رقم (2) لسنة 2015.
 
رأي في الحيثيات
استند الطعن الذي قدمه البنك المركزي إلى ركنين:

  • الأسس، من حيث أن المادة (50) تتقاطع مع الدستور، وفي هذا شيء من المبالغة، ومع قانون البنك المركزي ذي العدد (56) لسنة 2004، دون الإشارة إلى المادة أو المواد المعنية، ومع المنهج الإقتصادي الذي تتبناه الدولة على وفق دستورها دون الإشارة إلى المادة الدستورية المعنية، وفي ذلك عمومية لا تستوي مع عريضة دعوى بطعن في قانون أمام المحكمة الإتحادية العليا، لاسيما وأنه فيما عدا ما جاءت به المادة (25) من الدستور من أنه “تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته”، لا أظن أن أحدا يعرف ما المنهج الاقتصادي الذي تتبناه الدولة وما الذي يعنيه “إصلاح الإقتصاد العراقي” والـ “أسس إقتصادية حديثة” على وجه التحديد!
  • الإجراءات، من حيث أن المادة (60 – أولا) من الدستور تحصر تقديم مشروعات القوانين برئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وأن المادة (62 – أولا) نصت على أن يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة.

 
 
أضاف الطعن الذي قدمه مجلس الوزراء أن إدراج المادة (50):

  • يخالف نص المادة (80) من الدستور التي أعطت لمجلس الوزراء صلاحية اقتراح مشروعات القوانين واعداد مشروع الموازنة العامة.
  • يخالف قرار المحكمة الإتحادية العليا ذي العدد 25 / إتحادية / 2012 لأن مجلس النواب إجرى تعديلا جوهريا على مشروع الموازنة المقدم من الحكومة.
  • يتعارض مع إستقلال البنك المركزي ويعطل دوره في رسم السياسة النقدية ويؤثر سلبا في الاقتصاد الوطني.

 
ويلاحظ أن البنك المركزي ومجلس الوزراء أشارا إلى المواد (60 – أولا) و (62 – أولا) و (80) من الدستور رغم أن هنالك خلاف في تفسير هذه المواد حسمته المحكمة الإتحادية العليا لاحقا بقرارها 25 / إتحادية / 2012. وكان من الأجدر، تبعا لذلك، أن يشير البنك المركزي إلى القرار 25 / إتحادية / 2012 أيضا.
 
إستندت إجابة مجلس النواب وطلب رد الطعن إلى ما يأتي:

  • أن لمجلس النواب دور أصيل في تشريع القوانين على وفق المادة 61 – أولا من الدستور، ومن باب أولى تعديل النصوص المقترحة من الحكومة في مشاريع القوانين بما لا يزيد من كلف التنفيذ. وجملة “بما لا يزيد من كلف التنفيذ” أوردت تحديدا لأن قرار المحكمة الإتحادية العليا 25 / إتحادية / 2012 منع مجلس النواب من إجراء أية تعديلات أو إضافات في أي مقترح قانون مقدم من مجلس الوزراء تترتب عليها كلف أو إلتزامات مالية، وإضافة المادة (50) برأي مجلس النواب، لا يترتب عليها شيء من ذلك.
  • أن مجلس النواب مارس حقه في الرقابة على البنك المركزي، لأن البنك المركزي مسؤول امام مجلس النواب على وفق المادة (103 – ثانيا) من الدستور، وأن إضافة المادة (50) تطبيق لحق الرقابة هذا، لاسيما بعد أن تبين لمجلس النواب أن هناك إستنزاف كبير (تهريب) للعملة الصعبة وإخفاق للبنك المركزي في إدارة مسؤولياته مما إستوجب تدخل مجلس النواب بإضافة المادة (50).

 
 
أما المحكمة الإتحادية العليا، وإن كانت مقتعة بالمبررات التي ساقها مجلس النواب لإضافة المادة (50) فقد استندت في قرارها إلى أن مجلس النواب بإضافته المادة (50):

  • خرق مبدأ الفصل بين السلطات الذي نصت عليه المادة (47) من الدستور؛
  • خالف الإجراءات التي نصت عليها المواد (60 – ثانيا) و(62 – ثانيا) من الدستور و(80 – أولا) من الدستور، والتي كانت تقتضي من مجلس النواب الرجوع إلى مجلس الوزراء لأخذ موافقته أو إعادة مشروع القانون إليه على وفق الآلية والصيغة التي أقرها الدستور لوضع الأمور في نصابها الدستوري على وفق تفسير المحكمة الإتحادية العليا بقرارها ذي العدد 25 / إتحادية / 2012؛
  • خالف نص المادة (110 – ثالثا) من الدستور التي نصت على:

 
تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الاتية…
ثالثا: رسم السياسة المالية والكمركية واصدار العملة وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الاقاليم والمحافظات في العراق ووضع الميزانية العامة للدولة ورسم السياسة النقدية وانشاء بنك مركزي وادارته.
 
لكن ما يثير الإستغراب أن قرار المحكمة الإتحادية العليا:

  • تجنب الإشارة إلى المادة (103 – أولا) من الدستور التي عدت البنك المركزي هيئة مستقلة ماليا وإداريا والمادة (103 – ثانيا) التي جعلت البنك المركزي مسؤولا أمام مجلس النواب والمادة (2 – 2) من قانون البنك المركزي ذي العدد (56) لسنة 2004 التي نصت على:
  • يتمتع البنك المركزي العراقي بالإستقلال في ما يقوم به من مساعي بغية تحقيق أهدافه وتنفيذ مهامه؛
  • يخضع للمسائلة وفقا لما ينص عليه هذا القانون؛
  • لا يتلقى البنك المركزي العراقي أية تعليمات من شخص او جهة، بما فيها الجهات الحكومية، إلا فيما ورد فيه نص يقضي بغير ذلك في هذا القانون.
  • ستند، فيما استند إليه، إلى المادة (110 – ثالثا) من الدستور التي حددت الإختصاصات الحصرية للسلطات الإتحادية والتي، على وفق المادة (47) من الدستور، تتكون من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. ونصت المادة (48) من الدستور على “تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد”. أي أن قرار المحكمة الإتحادية العليا خلط بين الإختصاصات الحصرية للسلطات الإتحادية بفروعها الثلاثة، والتي تعد إختصاصات سيادية، وبين إختصاصات كل سلطة من السلطات الإتحادية كما حددتها المادة (61) من الدستور فيما يخص السلطة التشريعية، والمادتين (72) و(80) فيما يخص السلطة التنفيذية والمادة (95) فيما يخص السلطة القضائية. أي أن إشارة المحكمة الإتحادية العليا إلى المادة (110 – ثالثا) تعني ضمنا أن مجلس النواب والبنك المركزي ليسا جزءا من السلطات الإتحادية!

 
 
مجلس النواب انتهك إستقلالية البنك المركزي
يبدو أن الخلاف بين مجلس النواب ومجلس الوزراء بشأن إضافة المادة (50) مرده إساءة تفسير جملة “يكون البنك المركزي العراقي مسؤولا امام مجلس النواب”. فـ “مسؤول أمام” تعنى، على وجه الإطلاق، أن مجلس النواب مخول وحده فقط بمسائلة البنك المركزي إذا ما أخفق في او أساء تنفيذ مهامه التي وردت في قانونه. والمسائلة هنا تعني حق الإستيضاح والإستجواب وسحب الثقة على وفق ما جاءت به المادة (61 – ثامنا هـ) من الدستور: “لمجلس النواب حق استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقا للإجراءات المتعلقة بالوزراء وله اعفاؤهم بالإغلبية المطلقة”، والبنك المركزي أحد الهيئات المستقلة.
 
يتبين من اللائحة الجوابية أن مجلس النواب لاحظ أن البنك المركزي أخفق في تنفيذ مهامه بدليل أن 57% من عائدات النفط بيعت في مزاد العملة الصعبة دون أن يستورد مشتروها مقابل ذلك سلعا وخدمات مما أدى إلى إستنزاف كبير في العملة الصعبة. وهذا التبرير كان يستوجب إستجواب محافظ البنك المركزي وكالة وإدارته وليس إنتهاك إستقلاليته بإضافة المادة (50) إلى قانون الموازنة الإتحادية رقم (2) لسنة 2015. وفات مجلس النواب، من باب أولى، أن يسائل البنك المركزي ومجلس الوزراء، في حينه والآن، بشأن مخالفات أخرى لقانون البنك المركزي ومهامه، لاسيما:

  • إنخفاض الإحتياطي النقدي لدى البنك المركزي من (78) مليار دولار أوائل عام 2014 إلى نحو (66) مليار دولار في أواخره على وفق تقديرات صندوق النقد الدولي )[4](، وإلى (65) مليار دولار على وفق تصريح محافظ البنك المركزي وكالة في 12 حزيران 2015 ([5])، أي ما نسبته نحو 15 – 17% في (18) شهرا، ومعدل 1.2 مليار دولار، منها
  • أين وكيف استخدم البنك المركزي المبلغ المسحوب من الإحتياطي النقدي؟ إذا كان قد إستخدم في تمويل النفقات الحكومية، وهذا الإحتمال هو الأرجح، فإن في ذلك مخالفة جسيمة للمادة (26) من قانون البنك المركزي التي تحظر عليه منح إعتمادات مباشرة أو غير مباشرة للحكومة أو أية جهة مملوكة للدولة.
  • غض النظر عن تعيين رئيس ديوان الرقابة المالية محافظا للبنك المركزي وكالة ولدة نحو عامين (تشرين الأول 2012 – أيلول 2014) في مخالفة صريحة للمادة (12 – 3) من قانون البنك المركزي التي نصت:

 
 

  • يمتنع المحافظ ونائباه واعضاء المجلس الاخرون أثناء توليهم للمنصب عن القيام بما يأتي:
  • تولي اي وظيفة اخرى غير وظائفهم في البنك المركزي العراقي، سواء كان لهذه الوظيفة مقابل مالي ام لا، ولكن يجوز لهم إلقاء عدد محدود من محاضرات وممارسة نشاط اكاديمي اخـر طالما كان هذا النشاط دون مقابل مادي ولا يتعارض مع اداء الشخص لمهام وظيفته في البنك المركزي العراقي.
  • شغل اي منصب حكومي غير المنصب الذي يشغله في البنك المركزي العراقي إلا في حالة ترشيحه للمنصب من قبل البنك المركزي العراقي.

 
………

  • العمل كموظف او مسؤول حكومي.

 
 
فضلا عن أنه إنتهاك لمبدأ تضارب المصالح، إذ أن رئيس ديوان الرقابة المالية، أعلى هيئة رقابية ومالية مرتبطة بمجلس النواب، شغل منصب محافظ البنك المركزي وكالة. والبنك المركزي، على وفق المادة (48 – 5) من قانونه، يكون خاضعا للمراجعة الحسابية من قبل ديوان الرقابة المالية”!
 
اجرائيا، أخفق مجلس النواب في التشاور مع البنك المركزي ووزارة المالية ومجلس الوزراء بشأن إضافة المادة (50) بإعتبارها قيدا على السياسة النقدية لا بد من إستشارة المعنيين بجدواه وإمكانية تطبيقه، لاسيما في تبرير السقف الذي حدده بـ (75) مليون دولار يوميا لما يطلق عليه “مزاد العملة الصعبة”. فهذا السقف لا يكفي حتى لتغطية الحد الأدنى من النفقات الجارية وحسب. وفي ذلك غضت اللجنة المالية في مجلس النواب، والتي اقترحت إضافة المادة (50)، النظر عن ما جاء في المادة (130) من النظام الداخلي لمجلس النواب والتي تنص على “يجب على اللجنة المالية أن تأخذ رأي مجلس الوزراء في كل اقتراح بتعديل تقترحه اللجنة في الاعتمادات التي تضمنها مشروع الموازنة، ويجب أن تضمن اللجنة تقريرها رأي الحكومة في هذا الشأن ومبرراته”. والمادة (50)، وإن لم تضف عبئا ماليا مباشرا أو تعديلا في الإعتمادات التي تضمنها مشروع الموازنة الإتحادية لسنة 2015، إلا أن لها تأثيرات جسيم في الإقتصاد الوطني وفي قدرة السلطة التنفيذية على الإيفاء بإلتزاماتها المالية، لاسيما في الظروف العصيبة الحالية، وفي الأوضاع المعيشية للمواطنين بشكل عام.
 
عدم الإستقرار النقدي مسؤولية من؟
في مقاله الموسوم “مشاكل البنك المركزي الحالية نتيجة لفقدان استقلاليته” حدد د. سنان الشبيبي أسبابا ثلاثة لحالة عدم الإستقرار في السوق النقدية:

  • تدخل وزارة المالية في إدارة البنك المركزي لشؤونه؛
  • تدخل مجلس النواب في إدارة البنك المركزي للسياسة النقدية بفرض قيد على مزاد العملة الصعبة؛
  • عدم قدرة البنك المركزي ومستشاريه على الدفاع عن البنك حسب قانونه.

 
 
فيما يخص (1) فإن التدخل جاء من بشكل توجيه إلى البنك المركزي من رئيس مجلس الوزراء (كتاب مكتب رئيس مجلس الوزراء ذي العدد م.ر.و. / 10 / 4344 في 24 / 3 / 2015) بصفته رئيسا لخلية الأزمة وليس من وزارة المالية ولكن، على الأرجح، بطلب منها، وبموجبه قيد البنك المركزي إعتبارا من 25 / 3 / 2015 حوالات المستوردين بأن فرض على المصارف التجارية إستقطاع أمانة الرسم الكمركي (5%) والأمانة الضريبية (3%) من المستورد. لكن البنك المركزي عاد وألغى هذا القيد إعتبارا من 18 / 6 / 2015. وهذا التوجيه، وإن كان لا يعد تدخلا مباشرا في إدارة البنك المركزي للسياسة النقدية، فإنه أقحمه في ما ليس له شأن فيه وفاقم أزمة سعر صرف الدينار في حينه.
 
وفيما يخص إنتهاك إستقلالية البنك المركزي من جانب مجلس النواب بإضافة المادة (50) إلى قانون الموازنة الإتحادية بدون التشاور مع مجلس الوزراء والبنك المركزي، لا بد من وقفة وتعليق. فرغم صدور قانون الموازنة الإتحادية ذي العدد (2) لسنة 2015 في 10 / 2 / 2015، إلا أن البنك المركزي طعن بالمادة (50) منه أمام المحكمة الإتحادية العليا عقب ذلك بأيام، متجاهلا ما نصت عليه، واستمر بإجراء مزاد العملة الصعبة بدون السقف الذي حددته. لذا، من غير المنطقي الإدعاء بأن المادة (50) كانت السبب في عدم الإستقرار النقدي لأنها لم تطبق أصلا. وحتى تأثيراتها النفسية، إن وجدت، تلاشت، على الأرجح، بعد بضعة أيام من صدور قانون الموازنة الإتحادية لأن البنك المركزي استمر في إجراء مزاد العملة الصعبة كالسابق.  
 
بأخذ ما جاء في أعلاه بنظر الإعتبار، لا مناصة من القول أن البنك المركزي نفسه يتحمل القدر الأكبر من مسؤولية عدم الإستقرار النقدي وتدهور سعر صرف الدينار في الفترة آذار – حزيران 2015. والإستقرار النسبي في سعر صرف الدينار الذي تحقق منذ ذلك الحين يعود، حسب محافظ البنك المركزي، إلى “انخفاض المصروفات المقومة بالدولار، مما خفف أيضاً الطلب على العملة الأجنبية”، لكنه أقر أن “الاحتياطات تتناقص شهرياً لكن، ليس بدرجة كبيرة”. وفي التصريح نفسه أكد محافظ البنك المركزي وكالة “إن انخفاض إيرادات النفط قلص احتياطات البلاد من النقد الأجنبي إلى حوالى 60 مليار دولار تكفي لتغطية احتياجات الواردات في نحو 18 شهراً”[6]. وإذا ما استرجعنا تصريحه في 12 حزيران 2015، فأن أحتياطيات النقد الأجنبي إنخفضت بنحو (5) مليار دولار في أقل من (3) أشهر، وهذا معدل مقلق للغاية، لاسيما مع إنخفاض سعر النفط إلى نحو (40) دولارا للبرميل والتوقعات التي تستبعد العودة إلى الأسعار السابقة في الأمد المنظور ووصول القدرة التصديرية من المنافذ الجنوبية إلى حدها الأقصى، مما يجعل من المستبعد تعويض الإحتياطيات المستنزفة ناهيك عن زيادتها. وفي هذا الصدد، لا بد من طرح الأسئلة الآتية:

  • ما الحد الذي سيوقف البنك المركزي عنده السحب من إحتياطي النقد الأجنبي؟

 

  1. وكيف سيؤثر تناقص إحتياطي النقد الأجنبي في الكتلة النقدية؟ إذ صرح محافظ البنك المركزي وكالة في 18 / 1 / 2015 أن “احتياطي العراق لا زال يغطي الكتلة النقدية الموجودة بأكثر من مرة ونصف في العراق، وهي نسبة عالية قياسا بنسبة التغطية في العالم التي تتراوح بين 70 إلى 100%”[7]. كان هذا التصريح في كانون الثاني 2015 عندما كان إحتياطي النقد الأجنبي نحو (65 – 66) مليار دولار، فما الموقف الآن؟ وهل أن نسبة 70 – 100% تنطبق على العراق الذي يستورد كل شيء تقريبا والذي يخوض حربا ضروس ضد الإرهاب؟
  2. عدا الإقتراض، داخليا وخارجيا، وفرض ضرائب جديدة وتفعيل قانون التعرفة الكمركية ذي العدد (22) لسنة 2010، ما خطط الحكومة الإتحادية لمواجهة إحتمال إنخفاض إحتياطي النقد الأجنبي إلى حد الخطر؟

 
نحو تعزيز إستقلالية البنك المركزي
مشكلة السياسة النقدية والبنك المركزي جزء من مشكلة أعم وأكثر شمولا: مشكلة النظام السياسي في عراق ما بعد 2003، والذي لازال، برأينا، بعيدا عن إستيفاء متطلبات الحد الأدنى لنظام ديموقراطي يلتزم فعليا بالمعايير الدستورية. ومشكلة النظام السياسي في العراق تبدأ بالدستور نفسه الذي صاغه سياسيون وليس فقهاء في القانون الدستوري، فأنتجوا وثيقة مبتسرة مليئة بالثغرات والتعارضات والإلتباسات التي أثارت العديد من الخلافات وأسهمت في تعقيد الأوضاع السياسية والإقتصادية وعطلت سن العديد من التشريعات الجوهرية و / أو تعديل تشريعات صدرت قبل إقرار الدستور في تشرين الأول 2005، وما يعنينا تحديدا البنك المركزي وقانونه. فقانون البنك المركزي العراقي ذي العدد (56) لسنة 2004 أصدرته السلطة الإئتلافية المؤقتة في آذار 2004، أي قبل 18 شهرا من إقرار الدستور. والنسخة العربية المعتمدة منه الآن، رغم أنها أفضل بكثير من الترجمة الأولية الركيكة والمليئة بالأخطاء اللغوية والإملائية التي اعتمدتها السلطة الإئتلافية المؤقتة، لازالت بحاجة إلى إعادة نظر شاملة، شكلا ومضمونا.
 
من حيث الشكل، فإن النسخة المترجمة المعتمدة حاليا لازالت ركيكة إلى حد ما ولا تتوافق ونمط الصياغة القانونية والتبويب والترقيم المعتمد في التشريعات العراقية. يضاف إلى ذلك الخطأ الجسيم في ترجمة autonomy إلى إستقلال والتي مقابلها في الإنكليزية independence، والأصح شكلا ومفهوما، في رأينا، أن يقال “إستقلالية”. فالإستقلال تحرُّر مطلق من أيّة سُلطة خارجيَّة، وهذا ليس شأن البنك المركزي كونه “مسؤولا أمام مجلس النواب” ويخضع لأحكام السلطة القضائية في حين أن الإستقلالية اسم منسوب إلى أو مصدر صناعيّ من إستقلال، يفيد قدرا معينا من الاستقلال، أو إستقلالا محدودا، وهذا حال البنك المركزي. أيضا، فإن الدستور، وإن استخدم “إستقلال” لتوصيف السلطة القضائية والهيئات المستقلة على حد سواء، إلا أنه ميز بين نوعين من “الهيئات المستقلة”:

  • المفوضية العليا لحقوق الانسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النزاهة، هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب (المادة 102).
  • البنك المركزي العراقي، وديوان الرقابة المالية، وهيئة الاعلام والاتصالات ودواوين الأوقاف، هيئات مستقلة ماليا واداريا (المادة 103 – أولا).

 
 
والفرق واضح بين نصي المادتين، فالهيئات المعنية بالمادة (102) مستقلة بدون تحديد أو تقييد وإن كانت خاضعة لرقابة مجلس النواب، في حين أن الهيئات المعنية بالمادة (103)، ومنها البنك المركزي، مستقلة ماليا وإداريا فقط فضلا عن أنها مسؤولة أمام أو مرتبطة بمجلس النواب أو مجلس الوزراء. لذا، نرى أن استخدام توصيف “هيئة ذات إستقلالية” للبنك المركزي أصح وأكثر توافقا مع نص الدستور.  
 
ومن بين التعديلات الأخرى التي نراها ضرورية على قانون البنك المركزي ذي العدد (56) لسنة 2004:

  • تعديل المادة (11) التي تحدد تشكيل مجلس الإدارة بإضافة عضو يمثل وزارة المالية، يحضر إجتماعات مجلس الإدارة ويشارك في نقاشاته، لكن من دون حق التصويت. وهذا سيضمن تنسيقا أفضل بين وزارة المالية المعنية بالسياسة المالية على وفق ما حدده قانون الإدارة المالية والدين العام ذي العدد (95) لسنة 2004 والبنك المركزي المعني بالسياسة النقدية من دون إنتهاك استقلالية البنك المركزي وتوافقا مع نص المادة (24) “التشاور مع الحكومة” من قانونه، وتجنبا لاتخاذ قرارات أو إجراءات تؤثر في السياسة النقدية، مثل قرار خلية الأزمة في آذار 2015.
  • إعادة النظر بالقسم الثاني عشر “محكمة الخدمات المالية” بكامله الذي يشكل إنتهاكا صارخا للدستور. فمحكمة الخدمات المالية تعد، في رأينا، محكمة خاصة يخالف وجودها المادة (95) من الدستور التي تقول “يحظر انشاء محاكم خاصة أو استثنائية” وينتهك تشكيلها مبدأ الفصل بين السلطات ونص الدستور، لاسيما وأن قانون البنك المركزي يضع محكمة الخدمات المالية تحت ولاية وإشراف وزير العدل (المادة 65) الذي يعين كبير القضاة (المادة 64 – 1) وثلاثة من القضاة ويعين وزير المالية قاضيين (المادة 64 – 2) ، فضلا عن أنه يشكل إنتهاكا لولاية السلطة القضائية.
  • أخيرا، لا بد من إعادة النظر بـ “سلطة التعيين”. فالمادة (1) من قانون البنك المركزي عرفت “سلطة التعيين” (لمحافظ البنك المركزي ونائبيه وأعضاء مجلس الإدارة الآخرين) بـ “رئيس الحكومة”، على أن يقترن التعيين بمصادقة السلطة التشريعية على وفق المادة (13 – 1). إلا أن قانون التعديل الأول لقانون البنك المركزي العراقي رقم (63) لسنة 2007 نص على ما يأتي:

 
 
المادة – 1
يلغى نص الفقرة (1) من المادة (13) من قانون البنك المركزي العراقي الصادر بالأمر رقم (56) لسنة 2004 عن سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) ويحل محله ما يأتي:

  •  
  • يعين محافظ البنك المركزي العراقي بدرجة وزير باقتراح رئيس مجلس الوزراء ومصادقة مجلس النواب، وان يكون من ذوي الخبرة والاختصاص في الشؤون الصيرفية أو المالية أو الاقتصادية.
  • للمحافظ نائبان يعينان بدرجة وكيل وزارة باقتراح منه وتوصية من مجلس الوزراء وموافقة مجلس النواب، وان يكونا من ذوي الخبرة والاختصاص في الشؤون الصيرفية أو المالية أو الاقتصادية.
  • يحتفظ المحافظ ونائباه وأعضاء المجلس الاخرين المنصوص عليهم في المادة (11) من القانون بوظائفهم وعضويتهم في مجلس إدارة البنك لمدة (5) خمس سنوات قابلة للتجديد.

 
 
وما نصت عليه الفقرة (آ) مخالف لنص المادة (80 – خامسا) من الدستور التي خولت مجلس الوزراء وليس رئيس مجلس الوزراء “التوصية إلى مجلس النواب بالموافقة على تعيين وكلاء الوزارات والسفراء واصحاب الدرجات الخاصة”، ودرجة “وزير” من الدرجات الخاصة، مثلها مثل الأمين العام لمجلس الوزراء وأمين بغداد ورئيس هيئة الإستثمار، لا بد أن تكون التوصية بإشغالها من مجلس الوزراء عملا بالنص الدستوري.
 
(*) خبير عراقي في مجال التعاون التنموي الدولي
 
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. شبكة 5 تشرين الاول/اوكتوبر 2015
http://iraqieconomists.net/ar/
 
 
[1] جدل حول استقلالية البنك المركزي، المسلة، 7 تموز 2015، http://almasalah.com/ar/NewsDetails.aspx?NewsID=56199.
[2] السياسة النقدية بالعراق عرضة للاختلال، الجزيرة، 5 تموز 2015.
 
([3]) تنص المادة (47) من الدستور على: “تتكون السلطات الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على اساس مبدأ الفصل بين السلطات”.
[4] IMF Staff Concludes the 2015 Article IV Mission for Iraq, Press Release No. 15/121, March 18, 2015. https://www.imf.org/external/np/sec/pr/2015/pr15121.htm
([5]) العلاق: احتياطي البنك المركزي وصل إلى 65 مليار دولار، شبكة الإعلام العراقي، 12 حزيران 2015. http://center-imn.net/1/?p=13582. لاحظ أن العلاق قال “إن احتياطي البنك المركزي وصل إلى أكثر من 65 مليار دولار”، ما يعني أنه كان حتى أقل من ذلك.
[6] الاحتياطي الأجنبي للعراق يهبط لنحو 60 مليار دولار، رويترز العربية، 8 أيلول 2015. http://ara.reuters.com/article/idARAKCN0R825Z20150908
[7] البنك المركزي يعلن امتلاكه احتياط مالي يعادل مرة ونصف ضعف الكتلة النقدية، أوان، 18 / 1 / 2015،

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (2)

  1. Avatar
    كاطم علي:

    السلام عليكم
    نرجوا من الحكومه العراقيه رفع قيمة الدينار العراقي ليساوي الدولار الامريكي لان الذين اشتروا الدينار العراقي ذبحهم الحوع لانه منذ ذلك الوقت الذي صدر فيه لم يتم رفع قيمته نرجوا منكم رفعه ولو لشهر واحد وبعدين رجعوه على السعر الذي تريدون لكي يستفيد من اشتروا الدينار منكم خاصة العجز الرمل واليتامى احسنوا ان الله يحب المحسنين وبارك الله فيكم وشكرا لكم

  2. farouk younis
    farouk younis:

    فى هذا المقال الذى تناول مواضيع ذات طبيعة قانونية يرى الباحث ان يكون هناك تعريفا او توصيفا لما يعنيه الاستقلال حيث يقول ( لا يبدو ان هنالك تعريف او توصيف لما يعنيه الاستقلال ) وبراْيه ان ترجمة Autonomyالى استقلال خطاْ ويذهب ابعد من ذلك اذ يقول ( فالاستقلال من مقومات الدولة )
    كما يرى الاستاذ همام مسكونى فى مقاله القيم ( ان الاصح ان يقال استقلالية فالاستقلال تحرر مطلق من اى سلطة خارجية فى حين ان الاستقلالية اسم منسوب الى مصدر من استقلال يفيد قدرا معينا من الاستقلال او استقلالا محدودا )
    استاذى العزيز همام مسكونى اود بيان ياتى :
    اولا- ان مفهوم الاستقلال المعرف بالقواميس وفى تفاسير اللغوين يشير الى كلمتى autonomy و independenc بمعنى واحد
    ثانيا- ان مفهوم الاستقلال المعرف بالقاموس لا يطبق عمليا ففى بحثك مثلا تحدد مفهوم الاستقلال بالرجوع الى الدستور والى قانون البنك المركزى العراقى اما المعنى اللغوى فهو مهم ايضا فقد ترد كلمة you may فى عقد تجارى وتفسرها المحكمة المختصة بمعنى you must
    ثالثا – كيف يمكن الفصل بين مفهوم استقلال اى كيان وبين مفهوم الاستقلالية
    رابعا- هناك من يزعم بان الاستقلال يوْخذ بينما الاستقلالية ‘تعطى
    خامسا – لماذا الاستقلال من مقومات الدولة فقط لا الاستقلال من مقومات الموْسسة وكذلك من مقومات الفرد فانت شخص مستقل كما اظن
    اخى العزيز
    الاستقلال كما تعلم درجات وليس درجة واحدة فالبنك المركزى الالمانى على درجة عالية من الاستقلال فى حين ان البنك المركزى العراقى على درجة اقل من الاستقلال
    ويلاحظ ان الدول القوية تنتهك استقلال الدول الضعيفة وبعض الموْسسات والمنظمات والدول لها استقلال شكلى غير حقيقى
    هل هناك استقلالية مطلقة عن الحكومة ؟لا هناك اختلافات قانونية ودستورية بين الدول المختلفة فى هذا الخصوص
    سوْال : هل يجوز للبنك المركزى العراقى ان يضع سياسة نقدية غير متفقة او منسجمة مع سياسات الحكومة الاقتصادية والمالية والتجارية ؟ اعتقد لا يصح ذلك لان السياسة النقدية ما هى الا اداة من ادوات السياسة الاقتصادية العامة للدولة
    واخيرا فان قرار المحكمة الاتحادية العليا لا شائبة فيه ومسبب ولم تتفادى المحكمة العليا اى اشكال قانونى خلافا لما توصلتم اليه من استنتاج —
    مع التقدير

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: