النفط والغاز والطاقة

د ابراهيم بحر العلوم: هل نجح تقرير الوكالة الدولية للطاقة في تحديد ملامح خارطة الطريق لبناء قطاع الطاقة في العراق؟

مقدمة

تميز تقريرالوكالة عن غيره من عشرات التقارير التي صدرت في العقدين الاخريين بكونه قد حدد مواقع القوة والضعف في القطاع بمهنية عالية وبتفاؤل حذر، ووضع خارطة الطريق بجدولة زمنية باعثا برسائل متعددة الى اصحاب الشان الوطني والعالمي بشان مستقبل الطاقة في العراق، مستندا في تحليلاته الى احدث الأرقام بلغة علمية مقاربة ومقارنة ليخلص ان فترة السنوات القليلة القادمة تشكل الحجر الاساس في مستقبل الطاقة في العراق وان استقرار السوق العالمية له علاقة بما سيحققه العراق من تغطية لاكثر من 45% من نمو الطلب العالمي، لذا امام العراقيين اختبار لإغتنام الفرصة التاريخية وبخلافه ستكون تداعياته معقدة.

 فالتقرير الصادر من الذراع الاستشاري لمنظمة دول التعاون والتنمية (الدول الصناعية واميركا) جاء بناء على دعوة العراق للقيام بهذه الدراسة، وهذه اول دعوة توجه من عضو فاعل مؤسس في الاوبك للقيام بها، يقر بقدرات العراق في تخطي السقوف الانتاجية في العامين الاخريين وان وجود الشركات النفطية العالمية للاستثمار في حقول الجنوب والوسط والاقليم شكلت نقطة انطلاق ايجابية ولابد من مواصلة المشوار وتجاوز التحديات.

 وكان لمشاركة وزارة النفط بفاعلية في رفد فريق العمل بكل المعلومات المتاحة وتم تخصيص عضوين من القطاع النفطي للمشاركة فيها الاثر الكبير في مصداقية التقرير. واستمر العمل بها قرابة عام وقد حظي اصدار التقرير بتغطية واسعة عند الاصدار في لندن وبغداد وواشنطن مما عكس اهمية قطاع الطاقة في العراق كثاني منتج في منظمة الاوبك في منظور الدول الصناعية في رسم مسار الطاقة عالميا.

 مرتكزات التقرير

وامتاز التقرير المذكورة برؤية تكاملية عن العراق والطاقة حيث:

 – ينظر الى العراق كوحدة متكاملة، فيناقش قطاع تطوير الطاقة في العراق في الجنوب والوسط والشمال أنتاجا وتصديرا وتطويرا مشيرا الى ان حقول البصرة العملاقة تشكل الاساس في مستقبل انتاج النفط والغاز بينما يمثل اقليم كردستان العراق اليوم اكثر المناطق الواعدة والفاعلة على المستوى العالمي في مجال الاستكشاف.

 – ناقش التقرير تطوير قطاع الطاقة في العراق بشكل متكامل وغير متجزا فهو ناقش استغلال مصادر الطاقة الأولية والمتجددة في العراق كحزمة واحدة بما فيها توليد الطاقة الكهربائية رغم انه يقلل من امكانية استغلال الطاقة المتجددة وخاصة الشمسية .

 خارطة الطريق لتطوير قطاع الطاقة

ان يستعيد العراق عافيته الوطنية ودوره العالمي في سوق الطاقة، يضع التقرير أمامه جدولا زمنيا لتطوير قطاع النفط والغاز والكهرباء:

 1-    زيادة الانتاج النفطي يرى ان العراق يمكنه من مضاعفة انتاجه النفطي والوصول الى معدلات 6 مليون برميل يوميا في نهاية 2020 ويرتفع ليزداد الى معدلات 8 مليون يوميا في 2035.

2-     انتاج الغاز: مع زيادة الانتاج النفطي وتطوير الحقول الغازية يتوقع زيادة انتاج الغاز الى 40 بليون متر مكعب في 2020 و90 بليون متر مكعب في 2035. وستكون نسبة حرق الغاز لا تتجاوز 4 بليون متر مكعب في 2020.

3-     الطاقة الكهربائية: سيتمكن العراق من تلبية احتياجاته من الطاقة الكهربائية في 2015. وستزداد الى ثلاثة امثال الطاقة الحالية في 2020 وستصل الى 80 كيكا وات في 2035.

4-     القطاع التحويلي: سيتمكن العراق من توفير مشتقات نفطية اضافية على ما هو عليه جراء بناء مصافي جديدة في عام 2019. ويسعى الى تصدير الغاز في 2020 بعد تلبية احتياجاته، وسيتمكن العراق في نهاية العقد من تطوير الصناعة الغازية.

5-     الطاقة المتجددة: باستنثاء الطاقة الهيدرومائية، لم تحتل الطاقة الشمسية اولويات قطاع الطاقة.

التحديات التي تواجه خارطة الطريق

يحدد التقريرمقومات اساسية يجب توفيرها لانجاح الخطة ليتمكن العراق من تطوير لقطاع الطاقة ومنها:

الاستقرار السياسي والعمل على بناء واعادة هيكلية مؤسسات الطاقة وتقويتها وضرورة حل الخلافات بين المركز والاقليم مع ضرورة وجود قانون لتوزيع الايرادات النفطية.

تسريع التنسيق لازالة المعوقات في القطاع الاستخراجي: ومنها اهمها توفير الطاقة الخزينية ومنظومة النقل وتنفيذ مشروع حقن المياه اضافة الى توفير ابراج الحفر وطواقمها حسب جدوالها.

ادارة كفؤة لايرادات النفط والغاز لاستثمارها اولا في تطوير القطاع بما لايقل عن 25 مليار سنويا اواكثر في البداية. وثانيا وجود خطة طويلة الامد تهدف الى تنويع اقتصاديات العراق حيث يشير ان قطاع الطاقة سوف لايوفر فرص عمل كثيرة وبالتالي يجب تنويع الاقتصاد لامتصاص البطالة. مع برامج مكثفة لتدريب وتطوير الكوادر العراقية

 توصيات وتحذيرات

انتاج الغاز واستثماره وتصديره

 – استثمار الغاز المصاحب: شركة غاز البصرة ستتولى ادارة استثمار الغاز المصاحب لحقول البصرة العملاقة الثلاثة ويتطلب ذلك تعاون الشركات المستثمرة الحالية في تزويد الغاز الخام الى شركة غاز البصرة في مواعيدها، ان عدم وجود محفزات في عقود الخدمة على انتاج الغاز قد يشكل إعاقة لمشروع استثمار الغاز المصاحب.

حركة الاستكشافات الغازية: ان احتياجات العراق للغاز قد تتجاوز 70 بليون متر مكعب ما يعني ان الغاز المصاحب لوحده غير كافي لذلك مما يتطلب تفعيل حركة الاستكشافات لزيادة الاحتياطات الغازية وهذا قد يتطلب عقود ذات محفزات جاذبة للاستثمار وهذا ما يدفع لاعادة النظر بعقود تراخيص الرقع الاستكشافية. ان العراق سيكون قادرا بعد تلبية احتياجاته الداخلية تصديرالغاز للدول المجاورة والاروبية في عام 2020.

 انتاج وتصدير النفط الخام وتسويقه

 – خيارات التصدير: يؤكد التقرير على تقليل الاعتماد في تصدير النفط الخام على المنفذ الجنوبي وضرورة ايجاد البدائل عبر الابيض المتوسط وامتلاك المرونة لتحويل انتاج نفوط الحقول الجنوبية نحو المنافذ الاخرى عند الحاجة.

الطاقة الفائضة النفطية: ان قدرة العراق في السوق الدولية النفطية لا تعتمد على حجم إنتاجه فقط بل في قدرته لامتلاكه الطاقة الفائضة معقولة بحدود 1 – 5. 1مليون برميل/ يوم قد تكلف استثمارات بحوالي 20مليار دولار لكنها هامة على صعيد قدرة العراق على توفير الاستقرار للسوق العالمية عند حدوث الأزمات.

استراتيجية تسويق النفط الخام: ستكون الحصة الاكبرمن الانتاج المستقبلي من مكامن حاملة لنفوط ذات كثافة واطئة نسبيا، اليوم وبسبب عدم توفر الطاقة الخزنية يمزج النفط الخام بكافة أنواعه للتصدير، غير ان تعظيم الصادرات وضمان الاسواق وخاصة الآسيوية وفي مقدمتها الصين يتوجب الفصل بين النفوط وتصديرها وهذا يتطلب منشئات سطحية إضافية ورؤية استراتيجية تسويقية.

 انتاج الطاقة الكهربائية

التحول الاساس في مزيج الطاقة: ان اكبر معوق للتنمية في العراق هو نقص الحاصل في تلبية الاحتياجات في الطاقة الكهربائية ويمكن اذا سارت الخطط على ما هو مخطط يمكن لعام 2015 ان يلبي العراق احتياجاته. غير ان التحول الاساسي في مزيج الطاقة لتوليد الطاقة الكهربائية من النفط الخام ومشتقاته الى الاعتماد الاساس على الغاز يعتبر ركنا أساسيا في تغيير استهلاك مسار الطاقة.

 مساراستهلاك الطاقة في العراق

يخمن المعدل السنوي لاستهلاك الفرد العراقي للطاقة عام 2010 بحدود 1.3 طن مكافي من الوقود مقابل 4.3 طن مكافي في بلدان الشرق الاوسط. ستتضاعف الايرادات النفطية للعراق في السنوات المقبلة وسيتضاعف بذلك الناتج المحلي حوالي خمس مرات وستزداد مداخيل الفرد العراقي وسيزداد استهلاكه للوقود بحدود اربعة اضعاف في عام 2035 عما عليه الان.

 – منذ الثمانينات وحتى اليوم لازال النفط يسيطر على موازنة الاستهلاك بمعدلات 80% في حين ان معدل استخدام النفط في الشرق الاوسط انخفض الى 52%. يطمح العراق بتخفيض الاعتماد على النفط في الاستهلاك، اما اذا تلكأت خطط استثمار الغاز في توليد الطاقة الكهربائية فسيبقى مساراستهلاك النفط ومشتقاته يهدد الاقتصاد والبيئة.

 الخلاصة

ان تلكؤ العراق في برنامج تطوير قطاع الطاقة قد تشكل خسارة كبيرة لاستغلال الثروة النفطية والغازية وتعوق عملية التنمية في البلد وستسبب ارباك في السوق النفطية العالمية.

 – ان امام العراق فرصة ليتحول الى قوة لايستهان بها في سوق الطاقة وهذه مهمة غير سهلة ولكنها في الوقت ذاته سيضع العراقيين في ازدهار ورفاهية.

 ان هذا الورقة شكلت محور النقاش في الندوة التي دعا اليها المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي في بغداد بتاريخ 17 تشرين الثاني 2012 وحضرها جمع من الوزراء والنواب والخبراء والإعلاميين واستمرت الندوة قرابة 3 ساعات أدارها د مناف الصايغ وشارك فيها الدكتور احمد ابريهي

 بغداد 17 تشرين الثاني 2012

نشر في جريدة المواطن ،الثلاثاء 20-11-2012 وتشكر هيئة التحرير الدكتور ابراهيم بحر العلوم على موافقته بأعادة النشر على موقعنا

http://almowatennews.com/news.php?action=view&id=52024


لتنزيل تقرير الوكالة الدولية للطاقة بالغة الانكليزية (ملف بي دي أف)

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. Avatar
    خالد اسماعيل ناصر الولي:

    خالد اسماعيل ناصر الولي
    تعليقك فى انتظار موافقة المدير.
    نشر 11 أغسطس، 2013 فى 10:00 مساء
    ان صناعة الغاز تحتاج الى تاسيس لجنة مشتركة من وزارة النفط و وزارة الصناعة و المعادن و وزارة العلوم و التكنلوجيا لغرض وضع اليات تنظيم عمل مشاركة واسعة من قبل الصناعة و المعادن و العلوم و التكنلوجيا مع وزارة النفط لكون الغاز العراقي بحاجة الى امكانيات هائلة كون الغاز مشابه للنفط من حيث الوفرة و التنوع و الاحتياج
    و اقترح عقد لقاء بين شركات الغاز العراقية الثلاثة الوسط و الجنوب و الشمال و وشركات وزارة الصناعة و المعادن و منها ابن الوليد و التحدي و الصناعات الكهربائية و نصر و صلاح الدين و العز و ذات الصواري و الكندي و جابر بن حيان و الاخاء و الربيع و الفداء و الكرامة و التصاميم و الاستشارات و التصميم و الانشاء الصناعي و التنمية الصناعية والرشيد و المنصور و( الاسمدة الشمالية و الجنوبية و الفوسفات علما انها شركات منتجة للاسمدة و تحتاج الغاز بشكل كبير و حاليا هن من الشركات الرابحة بوزارة الصناعة و المعادن و تيحتاجون الغاز بشكل يومي ) النعمان و المعدات الهندسية الثقيلة و الميكانيكية و السيارات الكهربائية ديالى و ابن ماجد و البتروكيمياويات و الورقية و الصوفية و النسييجية و الانشائية و السمنت و الالبان و التعدينية و الفرات والفارس و الشهيد و البحث و التطوير الصناعي و دائرة بحوث المواد -وزارة العلوم و التكنلوجيا و دائرة بحوث المياه و الطاقة
    و تشكل فرق على مستوى محافظات العراق كافة لغرض البدء بحملة كبيرة و النهوض بصناعة الغاز بالعراق
    و هذه تكون البداية لامتصاص البطالة الكبيرة للعاطلين عن العمل حيث يمثل الغاز عصب مهم مشلول بالاقتصاد العراقي حاليا في حالة البدء بهذا البرنامج اتوقع سوف يشهد الاقتصاد العراقي نهوض حقيقي للصناعة الغازية
    و ارجو تسليط الضوء من قبل الاخوة الاقتصاديين على هذا الموضوع و جمع الاطراف اعلاه في اجتماع موسع يضع الخطوط العريضة للبدء بهذا البرنامج الوطني حيث نشاهد الان صناعة الغاز حاليا من البداية الى النهاية يوجد بها جهد وطني متواضع جدا لا يتناسب مع امكانيات العراق و الموارد الغازية التي تشابه النفط
    مع فائق التقدير و الاحترام
    خالد اسماعيل ناصر الولي
    http://www.navigatoriraq.com

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: