جدل اقتصادي
31/05/2013
مقدمة
الاخوة و الاخوات أعضاء شبكة الاقتصاديين العراقيين المحترمين
انا مع ما ذهب اليه الدكتور علي حسين على الشبكة من إنه لا فائدة من توجيه الاتهامات الى المركز أو الاقليم، وعلينا أن نجد اسلوباً أفضل لحل المشاكل.ولقد تفضل باقتراح آلية للبدء بايجاد حلول للمشاكل و تحقيق مصلحة العراق.
لكنني مقتنع في نفس الوقت بان سياسات الحكومة المركزية المتبعة حالياً في مجال النفط و حل مشكلة المناطق المتنازع عليها ، ستعيد علينا نفس المصائب التي مرت بنا سابقاً، عن طريق أعطا الحكومة المركزية (الاساس المالي للاستبداد)، كما أشار الى ذلك الاستاذ ناجح العبيدي في مداخلته.
بعد الاطلاع على ملاحظات كل الاخوه الكرام التي نشرت على الموقع، و مراجعة الدستور،استنتجتُ بأن بعض المفاهيم الاساسية التي بُني عليها نظام الحكم الحالي ، و المذكورة في الدستور،اما غير مفهومة، أو مرفوضة من قبل البعض. ولهذا وجدتُ من المناسب أن اُبدي الملاحظات ادناه.
اولا : هل يحق لأقليم كوردستان ادارة قطاع النفط والغاز في الأقليم ؟
1/ تستثني المادة (110) من الدستور النفط والغاز من الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية . وتنص المادة (111) على ان النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات .
2/ بموجب المادة (112) في الفقرة الاولى (( تقوم الحكومة الاتحادية بأدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة ،على ان توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد ….)) و بموجب الفقرة الثانية من نفس المادة (( تقوم الحكومة الاتحادية و حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة معا برسم السياسات الستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق اعلى منفعة للشعب العراقي معتمدة احدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار )).
3/ يفهم من المواد الدستورية اعلاه بأن دور الحكومة الاتحادية اقتصر في هذا المجال على الاشتراك مع حكومات الاقاليم والمحافظات في ادارة الحقول التي كانت موجودة في ذلك الوقت ،الى جانب اشتراك الحكومة الاتحادية مع حكومات الاقاليم و المحافظات في (( رسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير النفط والغاز )) . وليس هناك اي ذكر لأي دور للحكومة الاتحادية في ادارة الحقول الجديدة .
ولوكان المشرع يريد اشراك الحكومة الاتحادية في ادارة الحقول الجديدة لما كان هناك اي داعي للتفريق بين الحقول المنتجة في ذلك الوقت والحقول التي ستنتج في المستقبل .
4/ لقد فشلت الحكومة الاتحادية كما هو معلوم في سن قانون النفط والغاز، واستمرت على العمل وفق قوانين النظام السابق ، في حين سن الاقليم قانونه الخاص حول هذا الامر اواخر عام 2007، ويمكن ان يفكر البعض بان هذه مخالفة للدستور، لنرى ذلك :
5/ تنص الفقرة الاولى من المادة (121) من الدستور بأن (( لسلطات الاقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقا لاحكام هذا الدستور، بأستثناء ما وردت فيه من اختصاصات حصرية للسلطات الاتحادية )).
6/ تنص المادة (115) من الدستور على ان (( كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية ، يكون من صلاحية الاقليم و المحافظات غير المنتظمة في اقليم )). فالنفط والغاز اذن من صلاحيات الاقاليم والمحافظات اساسا. ولكن في بعض الحالات مثل ادارة الحقول الحالية ووضع السياسات والاستراتيجيات تكون الصلاحيات مشتركة .
7/ ان نفس المادة (115) تنص على ان (( الصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم ، في حالة الخلاف بينهما)) . وكما سبقت الاشارة فان الصلاحيات المشتركة بين السلطات الاتحادية من جهة وبين الاقاليم والمحافظات غير النتظمة في اقليم ، تشمل في مجال النفط والغاز : ادارة الحقول الحالية ووضع السياسات والستراتيجيات. واذا اعتبرت الحكومة الاتحادية بأن صلاحيتها بموجب الدستور ، وقوانين النظام السابق تمنحها صلاحية منع الأقليم من عقد الاتفاقيات مع الشركات الأجنبية ، فان نص المادة ( 115) واضحة في اعطاء الاولوية للأقليم في هذا المجال وليس لوزارة النفط المركزية .
8/ نستنتج مماسبق بأن لحكومة اقليم كوردستان الحق في المشاركة في ادارة الحقول الحالية مع الحكومة المركزية، و تطوير وادارة الحقول الجديدة بالاشترك مع الحكومة المركزية ان امكن أو لوحدها. والسبب الرئيسي حسب اعتقادي لعدم قبول هذه الاستنتاجات من قبل الكثيرين هو اما لعدم قرائة النصوص الدستورية بامعان ، او البنية الذهنية المتشبعة بفكرة المركزية في الحكم ، ورفض قبول أي اُسلوب إداري اخر. وعندما يتـأكد هؤلاء بأن النصوص الدستورية هي بعكس رغباتهم يستنتجون بأن هذه النصوص تم وضعها بتأثير الاحزاب الكردستانية وعليه يوصون بضرورة تعديل الدستور . وهم يعتقدون، او يوهمون أنفسهم بأن الامر سهل . أبين أدناه كيف أن هذا وَهم .
9/ ان الفقرة الرابعة من المادة (126) من الدستور تنص على ما يلي : (( لايجوز اجراء اي تعديل على مواد الدستور من شأنه ان ينتقص من صلاحيات الاقاليم التي لاتكون داخله ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطة الاتحادية ، الا بموافقة السلطة التشريعية في الاقليم المعين ، وموافقة اغلبية سكانه باستفتاء عام )) فهل يتصور شخص بأن اغلبية سكان اقليم كوردستان بمشاركة او بدون مشاركة سكان المناطق المتنازع عليها يؤيدون اجراء مثل هذه التعديلات في الدستور؟
10/ المتشبعون بفكرة الحكم المركزي ينتقلون بسهولة الى التوصية بمنح الكورد استقلالهم ، ولكن في الحدود التي رسمتها قيادة النظام السابق، مع تعديلات بسيطة بحيث يبقى معظم المناطق المتنازع عليها خارج حدود إقليم كوردستان ، فهل ان انفصال كوردستان ، حتى بدون كركوك ،هو لصالح العراق ؟ على العراقين ان يفكرو ملياً في نتائج هذه المسألة و بصورة خاصة في المدى البعيد. و أقصد بالمدى البعيد هنا 15-20 سنة فقط.
ثانياً : هل ان العقود النفطية التي عقدتها حكومة الأقليم مع الشركات الأجنبية مجحفة بحق العراق ؟
1/ لم تتمكن الحكومة المركزية من تحقيق اية انجازات في مجال النفط والغاز والمشتقات النفطية خلال ستة سنوات بعد تغير النظام . وفشلت في سن قانون النفط والغاز واستمرت تعمل وفق قوانين النظام السابق . في نهاية عام (2007) ، و استناداً الى الصلاحيات الممنوحة له في الدستور ، كما اوضحت في القسم الاول من هذه الورقة ، سن الأقليم قانونه الخاص بالنفط والغاز ، وبدأ بعقد الاتفاقيات مع الشركات الاجنبية على اساس عقود المشاركة في الأنتاج . وبعد ان كسر الأقليم احتكار الحكومة المركزية ، غير الدستوري ، في قطاع النفط والغاز ، بدات حملة شرسة ضد الاقليم ولازالت مستمرة .
2/ فحتى قبل نشر نصوص الاتفاقيات ، إدعى البعض بأن حصة شركات النفط الأجنبية ،كما سمعوا ،كبيرة ، وقد تصل الى 40% من الأنتاج . وبعد نشر الاتفاقيات ذكر عدد من الخبراء النفطيين في مذكرة ،مرفوعة الى البرلمان، بأن حصة الشركات الاجنبية تقارب 20% من الانتاج . و إدعى الدكتور كامل العضاض مؤخراً ، حسبما ورد على شبكة الاقتصاديين العراقيين في (6-5-2013) ، بأن العقود النفطية لحكومة الاقليم جعلت الشركات الأجنبية (تحصل على عوائد احتكارية ، اسوأ مما كانت عليه حاله شركات الامتيازات في العهد الملكي البائد ) .
3/ ربما كان الدكتور العضاض يشير الى اتفاقيات الشراكة بين الحكومة العراقية وشركات النفط الأجنبية ، والتي سميت بأتفاقيات المناصفة ، اي 50% من الايرادات لكل جانب ، في بداية خمسينات القرن الماضي . و لقد ايد الدكتورمدحت القريشي موقف الدكتور العضاض ، وتسأل : ماذا يكون موقف الأقليم فيما لو منحت فئة معينة (50%) من نفط الجنوب الى ايران ؟.
4/ ردي على هذه الاقوال هو الآتي :
أ/ ان الفروقات الكبيرة في حصة الشركات الأجنبية حسب الادعات اعلاه والتي تتراوح بين 50% الى 20% ، دليل على ان الدكتور العضاض و الدكتور مدحت لم يطلعوا اصلا على الاتفاقيات .
ب/ وانا ايضا لم اطلع على الاتفاقيات . في نفس الوقت ليس لدي الرغبة ولا الوقت (لدراسة ) هذه الاتفاقيات لكي اتوصل الى نتائج موثوقة . لكن اكتفيت بالأستفسار من الزملاء العاملين في وزارة الثروات الطبيعية في الأقليم فأخبروني بأن حقول الاقليم كانت غير مستكشفة، و لم تكن مثل حقول الجنوب المستكشفة العملاقة. و ان عقود الأقليم هي من نوع عقود الشراكة ، و تتحمل الشركات المتعاقد معها مخاطر كبيرة. و بالفعل صرفت بعض الشركات مئات ملايين الدولارات و لم تحصل على شيء. أما حصة الشركات الاجنبية التي تكتشف كميات تجارية من النفط فتتراوح بين 4-12% ، من الأرباح التي تتحقق من عملياتها حسب عقودها مع الاقليم.
ج/ وانا اضيف بدوري بأن تهديدات الحكومة المركزية والتوترات الأقليمية لا يمكن إلا ان تزيد من مخاطر الأستثمار في الأقليم، بالمقارنة مع باقي انحاء العراق .هناك علاقة عكسية بين مستويات المخاطرة والارباح المتوقعة، وبالتالي يكون العائد الصافي المتوقع من استثمار حقول نفط الأقليم اعلى بالمقارنة مع باقي انحاء العراق . ولكن الفرق بين ما تحصل عليها بعض الشركات الأجنبية في العراق وفق اتفاقيات الحكومة المركزية ، واتفاقيات حكومة الاقليم مع الشركات ذات العلاقة، ليس مثل ما يتصوره خبراء مثل الدكتور العضاض . وأرى من المفيد أن اضيف هنا بأن الشركات الأجنبية لا تحصل فقط على دولار لكل برميل نفط، لقاء الخدمات التي تقدمها في كل الحالات حسب اتفاقيات وزارة النفط معها، و انما تحصل على 6 دولارات لكل برميل في حقل (الاحدب) و 5.5 دولار في حقل (بدرة) و 7 دولارات في حقل (المنصورية)، وفق العقود الموقعة معها من قبل وزارة النفط ، حسب ما ورد في ملحق دراسة الدكتور احمد ابريهي علي ، في كانون ثاني 2013 بعنوان (مستقبل قطاع الطاقة و فرص النمو الاقتصادي في العراق) .
5/ و لبيان اُسلوب تعامل المركز مع الاقليم في مجال النفط بصورة عامة، من المفيد ألإشارة الى أن النظام السابق امتنع عن تأسيس مصافي النفط ومحطات الكهرباء في المحافظات الثلاثة .وعندما انسحبت قوات النظام من تلك المحافظات اواخر عام 1991 الى مناطق حددتها هي، توقف تجهيز تلك المحافظات بالكهرباء والمشتقات النفطية ، وغير ذلك من المتطلبات الضرورية للمعيشة . ولكن بعد تغيير النظام وافقت وزارة النفط اواخر عام 2004 على انشاء مصفى بسيط للنفط في اربيل مكون من خطين بطاقة عشرة الاف برميل في اليوم لكل خط. وكذلك وافقت تلك الوزارة على انشاء مصفى مشابه في السليمانية . وهذه المصافي هي من الانواع البسيطة التي تقوم بتقطير النفط الخام من نوع كركوك للحصول على 22% من النفثا و 513. % كيروسين و11.5 % ديزل و 50% نفط اسود . ولم تشمل تلك المصافي على المعدات الاخرى الضرورية لأجل انتاج البنزين ،والتي تزيد تكاليفها الاضافية عن كلفة انشاء تلك المصافي البسيطة . وحسب ماقيل لي في حينه ، كان من الممكن انشاء تلك المصافي البسيطة خلال سنة واحدة .
6/ كلفت وزارة النفط ، وزارة الصناعة بأنشاء المصفيين . وقررت الوزارة الاخيرة بناء المصفيين بأسلوب التنفيذ المباشر ، وجزأت كل مشروع الى عدد كبير من المناقصات الثانوية . فمرت اعوام 2005 و2006و2007 والمشروع كان لا يزال تحت التنفيذ . وفي نفس الوقت تفاقمت ازمة تزويد المواطنين بالمشتقات النفطية ، واشتد الاستنكار الجماهيري الواسع في الاقليم بمختلف الوسائل . فاتخذت حكومة الاقليم خطوة جريئة اخرى عام 2008 ،كان لا بد منها للاسراع في تلبية إ حتياجات المواطنين. فقررت ان تأخذ على عاتقها اكمال المشروعين ، بالتعاون مع القطاع الخاص . ولقد تم أنجاز المشروعين في فترة قصيرة ، مع مضاعفة الطاقات الانتاجية الاصلية ، الى جانب اضافة المعدات المطلوبة لأنتاج البنزين . و لكن لازالت الشحة في المشتقات النفطية مستمرة، و لو بدرجة اقل. وأتخذت حكومة الأقليم خطوات اخرى لزيادة الطاقات الانتاجية ، ولتحسين النوعية وتلبية الاحتياجات الحالية، و الاحتياجات المستقبلية المتزايدة، بالتعاون مع القطاع الخاص . علماً بأن الاقليم يستلم كميات محدودة من المشتقات من المصافي الحكومية ، ولكن لا زالت هناك شحة من المشتقات في العراق ككل . وحسب ما فهمته من دراسة الدكتورثامر العكيلي المنشورة على الشبكة مؤخراً بعنوان ادارة قطاع النفط والغاز في العراق (كان العراق يصدر البنزين والديزل والكيروسين وزيت الوقود …. ومنذ الاحتلال صار مستورداً للمنتجات وانفق 30 مليار دولار على ذلك ، كان كافياً لبناء اكثر من ستة مصاف جديدة …. ولكن لم يتم بناء مصفاة جديدة واحدة على الرغم من الانتهاء من انجاز التصاميم الهندسية لأربعة مصافي منذ نحو عامين ) لأنشاء مصافي (خارج الاقليم طبعاً ).
6/ الذي أستنتجة مماسبق هو :
أ/ ان حكومة الاقليم استخدمت حقها الدستوري في التعاقد مع الشركات الأجنبية .
ب/ هذه الاجراءات اضافت كميات كبيرة من الاحتياطي النفطي للعراق ككل والتي قدرها الدكتور كامل المهيدي ، حسب فهمي لدراستة الاخيرة بعنوان (الاحتياطي النفطي في كردستان العراق ) المنشورة على الشبكة ، بحوالي 24 إلى 28 مليار برميل، خارج المناطق المتنازع عليها.
ج / حصة العراق من الارباح في عقود الاقليم تكون اقل بالقارنة مع عقود الحقول الجنوبية العملاقة التي عقدتها وزارة النفط. ولكن حصة العراق من الارباح في الحقول الاخرى المشابهة لحقول الاقليم ،تكون قريبة من حصته في الحقول التي تعاقد الاقليم عليها.
ثالثاً: من المسؤل عن تأخير حل مشاكل المناطق المتنازع عليها:
1/ سبق أن ذكرت في تعقيبي المنشور على الشبكة في 14-12-2013 ما تعرض له الكورد في كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها ،استناداً الى مصادر معروفة يمكن الرجوع اليها ، واهم هذة الأجراءات استقطاع اكثر من نصف مساحة محافظة كركوك والحاقه بالمحافظات الاخرى لتقليل نسبة الكورد في المحافظة ، والحاق اجزاء من محافظات اخرى بكركوك لنفس الغاية ، الى جانب نقل الموظفين الكورد الى محافظات اخرى ، والتوقف عن تشغيلهم داخل المحافظة ، وفي نفس الوقت لجأ النظام السابق الى اغراء غير الكورد والتركمان بالمجيء الى كركوك عن طريق اعطائهم وظائف وبيوت واراضي مغتصبة من الكورد والتركمان ، وكذلك قامت السلطات المستبدة ببناء المشاريع السكنية للوافدين من المحافظات الاخرى و اعطائهم مبالغ نقدية . ونسيت الأشارة الى الاسلوب الاستبدادي الاخر وهو اجبار الاهالي على تغير قومياتهم في السجلات الرسمية . ولكل هذه الاسباب فأن كركوك ، حسب الدستور دخل ضمن المناطق المتنازع عليها .
2/ يذكر الدكتور كامل المهيدي في تعقيبه المنشور على الشبكة في 25-4-2013 بأن (الاشارة الوحيدة في الدستور للاراضي المتنازع عليها كانت في الفقرة الثانية من المادة (140) على شكل جملة اعتراضية تقول (التطبيع والاحصاء و تنتهي بأستفتاء في كركوك و المناطق الاخرى المتنازع عليها ، لتحديد ارادة مواطنيها ) . ثم يستمر الدكتور المهيدي ويقول : بأن الذي يهمه هو كلمة التطبيع وما تعنيه . فبالنسبة للجانب الكوردي يبدو ان الكلمة تعني فقط عودة المهجرين الكورد و ارجاع الوافدين الى اماكنهم الأصلية . اما هو فيرى بأن كلمة التطبيع جاءت مطلقة ، وتعني التطبيع بكل ابعاده الأمنية والأقتصادية والاجتماعية و الثقافية ، اي ان يعود الناس لممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي ، قبل ان يكون الأستفتاء ذات معنى .
3/ ولكن اود ان أقول للأخ الكريم الدكتور المهيدي بأن هناك ايضاً الفقرة الاولى في المادة (140) من الدستور والتي تطلب من السلطة التنفيذية ( اتخاذ الخطوات اللازمة لأستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ، بكل فقراتها ) . ولتسهيل الأمر أَدرج نص هذه المادة :
أ/ تقوم الحكومة العراقية الانتقالية ولاسيما الهيئة العليا لحل نزاعات الملكية العقارية وغيرها من الجهات ذات العلاقة ، وعلى وجه السرعة ، بأتخاذ التدابير ، من اجل رفع الظلم الذي سببته ممارسات النظام السابق والمتمثلة بتغيير الوضع السكاني لمناطق معينة من ضمنها كركوك ، من خلال ترحيل ونفي الافراد من اماكن سكناهم ، من خلال الهجرة القسرية من داخل المنطقة وخارجها ، وتوطين الأفراد الغرباء عن المنطقة ، وحرمان السكان من العمل ، ومن خلال تصحيح القومية . لمعالجة هذا الظلم ، على الحكومة الأنتقالية العراقية اتخاذ الخطوات التالية :
1/ فيما يتعلق بالمقيمين المرحلين والمنفيين والمهجرين ،و انسجاماً مع قانون الهيئة العليا لحل نزاعات الملكية العقارية ، والإجراءات القانونية الأخرى ، على الحكومة القيام خلال فترة معقولة ، بإعادة المقيمين الى منازلهم وممتلكاتهم . و إذا تعذر ذلك على الحكومة تعويضهم تعويضاً عادلاً .
2/ بشان الافراد الذين تم نقلهم الى مناطق واراضي معينة ، على الحكومة البت في امرهم حسب المادة (10) من قانون الهيئة العليا لحل نزاعات الملكية العقارية ، لضمان امكانية اعادة توطينهم ، او لضمان امكانية تلقي تعويضات من الدولة ، او امكانية تسلمهم لاراض جديدة من الدولة قرب مقر اقامتهم في المحافظة التي قدموا منها ، او امكانية تلقيهم تعويضاً عن تكاليف انتقالهم الى تلك المناطق .
3/ بخصوص الاشخاص الذين حرموا من التوظيف او من وسائل معيشية اخرى لغرض اجبارهم على الهجرة من اماكن اقامتهم في الاقاليم والاراضي ، على الحكومة ان تشجع توفير فرص عمل جديدة لهم في تلك المناطق والاراضي .
4/ اما بخصوص تصحيح القومية فعلى الحكومة الغاء جميع القرارات ذات الصلة ، والسماح للأشخاص المتضررين ، بالحق في تقرير هويتهم الوطنية و انتمائهم العرقي بدون اكراه او ضغط .
ب/ لقد تلاعب النظام السابق ايضاً بالحدود الادارية وغيرها بغية تحقيق اهداف سياسية . على الرئاسة والحكومة العراقية الانتقالية تقديم التوصيات الى الجمعية الوطنية وذلك لمعالجة تلك التغييرات الغير العادلة . وفي حالة عدم تمكن الرئاسة الموافقة بالأجماع على مجموعة من التوصيات ، فعلى مجلس الرئاسة القيام بتعيين محكم محايد وبالاجماع لغرض دراسة الموضوع وتقدم التوصيات . وفي حالة عدم قدرة مجلس الرئاسة على الموافقة على محكم ، فعلى مجلس الرئاسة ان يطلب من الأمين العام للامم المتحدة تعيين شخصية دولية مرموقة للقيام بالتحيكم المطلوب .
ج/ تؤجل التسوية النهائية للاراضي المتنازع عليها ، ومن ضمنها كركوك ، الى حين استكمال الاجراءات اعلاه ، واجراء احصاء سكاني عادل وشفاف ،والى حين المصادقة على الدستور الدائم ، يجب ان تتم هذه التسوية بشكل يتفق مع مباديء العدالة ، اخذاً بنظر الاعتبار ارادة سكان تلك الاراضي .
4/ وفي ضوء ماسبق يمكن للباحث ان يرى بأن مطالب الجانب الكوردي غير مخالفة للدستور . والمخالفين للدستور هم الجهات التي عرقلت ولازالت تعرقل تطبيق هذه النصوص الدستورية . وهنا أود الأشارة الى ماذكره الدكتور رعد تويج على الشبكة في 8-5-2013 من ان سعادة الشعب الكوردي يجب ان لاتتم على حساب تعاسة العرب والتركمان او بالعكس . وهذا صحيح واريد ان ابين الآتي :
أ/ ان اضطهاد التركمان من قبل النظام السابق لم يكن اقل من اضطهاد النظام للكورد، وربما كان اقسى في بعض الحالات . وعليه فأن جمع التركمان المتضررين من الأجراءات اللاأنسانية للنظام السابق ، مع الذين استفادوا من تلك الأجراءات ، وافتراض ان المواطنين التركمان المضطهدين يقفون ضد اعادة الحقوق المسلوبة الى المواطنين الكورد ، امر يصعب افتراضه بالسهولة التي يتصورها باحثين مثل الدكتور المهيدي والدكتور التويج .
ب/ وفي نفس الوقت لقد مر زمن غير قصير على تلك الاجراءات اللاأنسانية التي اتخذتها سلطات النظام السابق بحق المواطنين الكورد والتركمان ، ولا يعقل ان يُطالب الكورد والتركمان من السلطات الحكومية الحالية ان تُتخذ بحق المواطنين العرب (الذين استفادوا من اجراءات النظام السابق، في المناطق المتنازع عليها ) اجراءات مشابهة لما قام به النظام السابق ضد الكورد والتركمان . والواقع ان النصوص الدستورية بما في ذلك المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية المشار اليها ، واضحة ، ولاتسمح بذلك . وانما يجب ايجاد حلول انسانية تحافظ على حقوق وكرامة كل الأطراف .
ج/ أرى بأن تحقيق ماسبق ذكره ممكن . فالأستفتاء مثلا يمكن ان يتم على مستوى الأقضية او حتى النواحي ، ليقرر المواطنين مستقبلهم . والمواطنين العرب الذين استقدموا الى المناطق المتنازع عليها ، يمكن ان يبقوا في اماكنهم ، مع تسوية مشاكل الملكيات التي اُنتزعت ظلماً من الكورد والتركمان ، ولكن مع عدم السماح للمواطنين المستقدمين الى المناطق المتنازع عليها ، ألأشتراك في الأستفتاء الذي يخص تقرير مصير ارتباط مناطقهم بالأقليم و المناطق ذات العلاقة، فقط. وبعد الاستفتاء يتمتعون بحقهم في الاشتراك في جميع الأنتخابات ذات العلاقة ، كمواطنيين عراقيين يتمتعون بكل حقوقهم الدستورية . وحتى عند حدوث اشكالات يعجز الاطراف ذات العلاقة حلها ، يمكن اللجوء الى التحكيم الدولي حسب الدستور . إذن يمكن للسلطات ذات العلاقة التوصل الى حل لمثل هذه المشاكل . اما ترك الأمور كما كانت كل هذه سنوات ، وسنوات اخرى غير محددة ، كما يقترح البعض، فهو امر مرفوض وإجراء ظالم بكل معنى الكلمة .
6/ يرى البعض مثل الدكتور العضاض وغيره من المعلقين ، بان السبب الرئيسي وراء مطالبة القيادات الكوردية بالحاق كركوك بالأقليم هو استخدام نفط كركوك لتحقيق حلم كوردستان الكبرى . وهذا غير صحيح أيظاً كما ارى . فالضروف الدولية وألإقليمية والمحلية تجعل فكرة كوردستان الكبرى تشبه فكرة الدولة العربية الواحدة ، وحكومة الخلافة الاسلامية ، وما الى ذلك من مشاريع . والقيادة الكوردستانية تدرك ذلك حتماً. اضافة الى ذلك فإن النفط والغاز المتوفر في المناطق الكوردية ، خارج كركوك ، اكثر من نفط كركوك اصلاً ، و التي تقدر بحوالي 10 مليارات برميل (حسب ما أتذكر).
7/ يستغرب الكثيرون من المثقفين العراقيين العرب من اصرار القيادة الكوردية على اعتبار مناطق خانقين ومندلي و بدره ضمن المناطق الكوردية ، او كوردستان الكبرى . و رُبما السبب هو عدم إطلاعهم على جغرافية المنطقة . ومن يريد ان يدقق الأمر بامكانه ان يتأكد بان المدن المذكورة اعلاه هي فعلاً داخل كوردستان . فمن يتجه من مندلي اوخانقين غرباً ، سيرى نفسه في كوردستان العراق، و إذا إتجه شرقاً سيجد نفسهُ بعد كوردستان العراق، في كوردستان ايران، و الذي يستمر من خانقين(في العراق) الى قصر شيرين(في ايران) يصل الى كرند، ثم زهاو و كرمانشاه..إلخ في كوردستان ايران.
يرى الدكتور المهيدي ان الحاق خانقين بالأقليم سيحرم العراق من منفذه التاريخي مع الأيران ، كما ان الحاق مناطق اخرى بألأقليم والتي تبدأ من غرب زاخو شمالاً الى سنجار جنوباً ، كما يطالب بذلك الكورد ، سيحرم العراق من منفذه الى تركيا ، ويجعل اقليم كوردستان (دولة رابعة ) متشاطئة لنهر دجلة مثل توركيا وسوريا والعراق . والدكتور المهيدي (راجع مداخلته في 9/3/2013 في ورشة عمل في المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي) وغيره من الذين يحملون نفس الأفكار ، لايفرقون بين اقليم كوردستان وبين دولة كوردية مستقلة ومعادية للعراق . ولكن اقليم كوردستان هو اقليم داخل العراق وله مصالح مشتركة كبيرة مع باقي انحاء العراق . كذلك يجهل الكثيرون بأن نهري دجلة والفرات و تقريباً جميع روافدهما ، تنبع من الأراض التي يسكنها الكورد داخل العراق وفي الدول الثلاثة المجاورة . ان المياه اهم بكثير من نفط كركوك لوسط وجنوب العراق حالياً ، واهم من كل النفط العراقي في المستقبل . وعليه فان الذين لم يكلفوا انفسم بدراسة جغرافية المنطقة ، وتاريخها الحقيقي الغير مزور ، لابد ان يتوصلوا ، اذا فعلوا ذلك،الى ضرورة تعميق التآخي وإلانسجام بين الكورد والتركمان والعرب،وليس ترديد الشعارات و المفاهيم البالية للأنظمة السابقة والتي لم تجلب سوى المآسي للعراقيين و تهديد مستقبل أجيالهم .
8/ واخيرً يبدو لي بأنه يصعب على الكثيرين من العراقيين التخلص من الاطار الفكري الذي تكون في ظل هيمنة المركز على كل شيء في العراق وخاصة في مجال النفط والغاز والمشتقات النفطية وبعض الانشطة الاخرى . وحسب هذا الفريق يجب ان تكون الحكومة المركزية هي المسيطرة على هذه الانشطة وإلا تسود الفوضى . ويستند هؤلاء على المادتين الدستوريتين (111 و 112) و يؤكدون حتمية قيام وزارة النفط بأدارة هذا القطاع . ولكن هناك فريق اخر يرى بان اللامركزية في ادارة قطاع النفط والغاز والكهرباء وغيره من القطاعات ممكنه في العراق، وهذا الاسلوب في الادارة معمول به في دول كثيرة ، تطبق اشكال مختلفة من الحكم اللامركزي (ألإمارات، الهند، ألمانيا، كندا، الولايات المتحدة) . ويرى هؤلاء بان المواد الدستورية (110و115و126) تستوجب الادارة اللامركزية لقطاع النفط والغاز. ويرون كذلك بأن اهم ما جاء في الدستور العراقي هو ادخال مبدأ اللامركزية في الحكم وابعاد النفط والغاز من ضمن الصلاحيات الحصرية للدولة المركزية . وبهذه الطريقة فقط يمكن منع تكرار الحكم الدكتاتوري (المستند اساساً على احتكار واردات النفط ) وتحويل افراد الشعب الى عبيد يتلقون احياناً مكارم وعطايا الدكتاتور ، ولا قدرة لهم على منعه من القيام بمغامرات على غرار ما قام به النظام السابق من حروب عبثية داخلية وخارجية ، جلبت الكوارث المعروفةعلى العراق وبعض دول المنطقة .
*) قدمت هذة المداخلة في اطار الحوار الدائر حول الموضوع على منتدى شبكة الإقتصاديين الالكتروني على الانترنت
خاص بشبكة الإقتصاديين العراقيين 31/5/2013
احب ان اقدم التهاني بمناسبة عيد الفطر المبارك
للاخوة الاعزاء جميعا
و او ان اقدم خدمتي في مجال تاسيس المعامل الجديدة و تاسيس الشركات الصناعية المساهمة و دراسات الجدوى الاقتصادية و الفنية للمعامل الجديدة من خلال الاساتذة المختصين زملائي في المجال الهندسي و المجال الاقتصادي
مع التقدير
خالد اسماعيل ناصر الولي
http://www.navigatoriraq.com