لتنزيل البحث مع الجداول كملف بي دي أف انقر هنا
تقديم
تناقش هذه الدراسة بشكل مختصر تأثر الزيادة في انتاج النفط بالبنية التحتية النفطية في العراق, من نواحي الإنتاج والنقل والخزن والمنافذ التصديرية، وتناقش مقدار إستقرارها من حيث الواقع الحالي والخطط المستقبلية للتطوير
ان اهمية بناء بنية تحتية لصناعة النفط في العراق لا تبتعد عن تحقيق هدفين رئيسين, الهدف الاول: هو ضمان استقرار حجم الصادرات النفطية, وتأمين قدرة تصديرية يومية للنفط تتناسب مع حجم النفط المنتج, وبطاقة تشغيلية اقل من الطاقة القصوى لضمان المرونة, والهدف الثاني: هو تأمين المرونة التصديرية من خلال تعدد منافذ تصدير النفط, والذي يمنح العراق القدرة على احتواء التوقفات التي تحدث في احد منافذ التصدير, لأسباب طارئة او لضرورات الصيانة والتطوير, مع الاخذ بنظر الاعتبار عند التخطيط الحالة الحرجة وهو توقف التصدير بالكامل. فبينما نجد ان اغلب النفط العراقي يصدر من موانئ البصرة, عبر الخليج العربي ومضيق هرمز, فنشوب حرب بين امريكيا وايران قد يعني توقف كامل للتصدير عبر هذا المنفذ الحيوي، مما يعني توقف الإيرادات النفطية التي يعتمد عليها العراق اليوم بشكل رئيسي.
السؤال المطروح يتكون من شقين, الاول: ما أهلية البنية التحتية لإستيعاب الزيادات الكبيرة في انتاج النفط؟ وهل ستشكل عائقا مستقبليا في تحقيق هذا الهدف؟ حيث نجد من يقول بعدم أهلية البنية التحتية لإستيعاب زيادات كبرى في الإنتاج, لمشاكل منها ما يتعلق بقدرة خطوط أنابيب النقل, وصهاريج التخزين. والشق الثاني: ماهي الخيارات المطروحة لتحقيق المرونة التصديرية للنفط لضمان استقرار الإيرادات النفطية؟
ومن خلال هذه الدراسة الموجزة سنحاول تقدير الطاقة التصديرية، من نواحي الإنتاج والنقل والخزن والمنافذ التصديرية، ثم مناقشة مقدار إستقرارها، ومن ثم محاولة إعطاء تقدير للفجوة المحتملة بين القدرات الإنتاجية والتصديرية والخزنية.
اولا: انتاج النفط :
لقد وضعت الحكومة العراقية إستراتيجية شاملة لتطوير صناعة النفط ولرفع الانتاج الى مستوى (12.0 mb/d ), بان عرضت الحقول النفطية الرئيسة التي تضم ما يقارب نصف الإحتياطي النفطي المؤكد والبالغ (141.350 مليار برميل)[1], للتطوير من قبل شركات عالمية من خلال عقود خدمة طويلة الامد. وقد وقع العراق أربع جولات تراخيص لغاية الربع الاول من عام 2013, منذ العام 2008, اثنتان منها تستهدف زيادة الانتاج في الحقول الكبرى المهمة في العراق والثالثة لتطوير الحقول الغازية, وخصصت الجولة الرابعة لتوسيع رقعة الإستكشافات النفطية وزيادة الإحتياطي النفطي لتعويض الفاقد في الخزين النفطي بسبب الإنتاج, تمهيدا لطرحها للإستثمار النفطي مستقبلا, وسنكتفي هنا بذكر تفاصيل الجولتين الاولى والثانية لإرتباطها المباشر بالبحث, وكما يلي :
-
جولة التراخيص الاولى: والتي انتهت بتوقيع عقود لثلاثة حقول نفطية في جنوب العراق يبلغ مجموع احتياطاتها 30.4 مليار برميل, ويمثل 21.5% من إحتياطي العراق المؤكد من النفط, وقد بلغ إنتاج هذه الحقول عام 2009 (1.475 mb/d ) والإنتاج المستهدف لها (6.375 mb/d ), وكما مبين في الجدول رقم (1)[2] .
-
جولة التراخيص الثانية: تمكنت خلالها سبعة إئتلافات لشركات نفطية من الفوز بعقود تطوير حقول نفطية يبلغ إحتياطي النفط المؤكد فيها 32 مليار, والذي يمثل 22.8 % من إحتياطيات العراق المؤكدة, وقد بلغ إنتاج الحقول المذكورة عام 2009 (0.06 mb/d ) والانتاج المستهدف (4.765 mb/d ). وكما مبين في الجدول رقم(2) [3].
وفي ضوء ما تقدم وبجمع وتحليل البيانات الواردة في الجداول اعلاه, نستنتج ما يلي:
-
مجموع الاحتياطيات النفطية المؤكدة للحقول المطوّرة في الجولة الاولى والثانية يساوي 62.7 مليار برميل, والذي يساوي 44.35% من احتياطيات العراق المؤكدة.
-
بلغ إنتاج الحقول عام 2009 (1.535mb/d ), ومجموع الإنتاج المستهدف من تطوير الحقول (11.14mb/d ), اي رفع الطاقة الإنتاجية لهذه الحقول باكثر من سبعة أضعاف انتاجها عام 2009 .
وقد بلغ انتاج العراق من النفط عام 2009 (2.4 mb/d ) , وينتج العراق حاليا – منتصف 2013- (3.2 mb/d ) اي بزيادة 30% خلال اربعة سنوات ونصف, ومنه نستنتج نجاح جولات التراخيص بتحسين البنية التحتية اللازمة لانتاج النفط والاقتراب من ثلث الإنتاج المستهدف وهو (11.14mb/d ) .
ثانيا: نقل النفط ومنافذ التصدير :
في الوقت الحالي وكما بينا في النقطة ثانيا اعلاه, فان انتاج النفط العراقي من المتوقع ان يصل الى (11.14mb/d ), والسؤال: ماهي جدوى رفع سقف الانتاج الى هذا المستوى؟ وهل العراق قادر على تصدير هذه الكمية من النفط من منافذ التصدير الحالية؟ وماحجم الاستهلاك المحلي الحالي والمتوقع؟
ان المتتبع للتحليلات والتوقعات لزيادة الانتاج في السنوات القادمة تجد فيها المتفائل جدا, ومنها المتشائم الذي يبنى أحيانا على إفتراضات بعيدة عن الواقع والإنجازات المتحققه في هذا القطاع.
ولكن مراجعة تقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) عن العراق, نجده يتوقع تصدر العراق لدول العالم في إنتاج النفط للسنوات القليلة القادمة وضمن مدى عامي 2020 و 2035 , ويطرح ثلاثة سيناريوهات لإنتاج النفط [4]وكما يلي:
-
السيناريو الاعلى, يتوقع ان يكون الانتاج بين (9.0 mb/d ) و(10.4 mb/d ) .
-
السيناريو الاوسط, يتوقع ان يكون الانتاج بين (6.1 mb/d ) و) 8.3 mb/d (.
-
السيناريو المنخفض, يتوقع ان يكون الإنتاج بين(4.0 mb/d ) و (5.3 mb/d ).
ولإختيار اي من السيناريوهات الثلاثة، بالاعتماد على واقعيته سوف نقارن بين الزيادة الحاصلة في إنتاج النفط بسبب جولات التراخيص والواقع الحالي, حيث بالرجوع الى نقطة ثانيا اعلاه نجد بان الزيادة في الإنتاج منذ إنطلاق جولات التراخيص, والمقارنة بالإنتاج الحالي نجده يقترب من ثلث الإنتاج المستهدف كما بينا سابقا, ومنه نستنتج بان السيناريو الاوسط يعطي توقعات أكثر واقعية للطاقة التصديرية المستقبلية على المدى القريب أي (6.1 mb/d ) و) 8.3 mb/d ( ومعدله ) 7.2 mb/d ( , كما ان هناك من يقول بأن الاقتصاد العراقي ليس بحاجة إلى رفع سقف الانتاج الى ) 12.0 mb/d (,وأن التوسع بالانتاج يمثل استنفادًا قبل أوانه للاحتياطي النفطي ولمقيدات منها ما يتعلق بشح المياه – مقابل كل برميل نفط منتج برميل ماء- والمحافظة على اسعار النفط العالمي, لذا يجب السعي لوجود توازن بين الحاجة الاقتصادية المستقبلية وحسن استغلال الثروة النفطية [5] .
اما فيما يتعلق بقدرة العراق على تصدير هذه الكمية من النفط وقدرة البنى التحتية لاستيعاب الزيادة في حجم الصادرات النفطية المستقبلية, نجد بان البنية التحتية المؤثرة هي:
-
خطوط نقل النفط، سواء الخطوط التي تنقل النفط داخل العراق او خطوط التصدير الدولية الموصلة الى مرافئ التصدير في البلدان المجاورة.
-
منافذ التصدير البحرية, من حيث طاقة التصدير, وتعددها, وما يرافقها من منشئات تخزين النفط , والتي تتحكم بمجملها بإمكانية التحكم في حجم النفط المصدر ومرونة تغيير منافذ التصدير مما يمنح إستقرارا لحجم الصادرات وضمانا بعدم توقفه في الحالات غير الإعتيادية, وبالتالي ضمان ثبات الإيرادات النفطية.
الجدول رقم(3)[6] يبين تفاصيل البنية التحتية النفطية في العراق, من حيث أنابيب نقل النفط و الموانئ ووصف حالة العمل والطاقة التصميمة والطاقة التشغيلية .
وبدراسة الجدول نستنتج ما يلي :
-
الطاقة التصديرية الكلية للعراق عبر ( انابيب تصدير النفط والمنافذ البحرية) هي (6.25 mb/d) وطاقة التصدير الفعلية (2.50mb/d), أي ان العراق يشتغل بنسبة 40% من طاقته التصديرية .
-
القدرة التصديرية لخطوط التصدير هي 25.3 % من الطاقة التصميمية ويمكن اضافة قدرة تصديرية مماثله (4.25 mb/d) عبر انشاء مجموعة من مشاريع الانابيب الجديدة المخطط لها ان تمر عبر سوريا والاردن وتركيا وحتى ايران؟, كما مبين في الجدول أعلاه.
-
يسعى العراق لرفع الطاقة التصديرية من المنافذ البحرية الى ) 4.5mb/d ( بتنفيذ خمس منصات عائمة لتصدير النفط (SPM) بطاقة تصديرية ) 0.9 mb/d[7]( لكل منصة, خلال خمس سنوات, نصبت إثنتان منها وتم تشغيلهما, ضمن مشروع توسيع الطاقة التصديرية للنفط العراقي ( Iraq Crude Oil Export Expansion Project ), لترتفع الطاقة التصديرية حاليا الى ) 2.7mb/d ([8] .
ثالثا : منشئات تخزين النفط:
يلعب وجود منشئات تخزين النفط, وبسعات كافية دور كبير في ضمان استمرارية ضخ النفط لمرافئ التصدير وخاصة في حال التوقفات بسبب سوء الأحوال الجوية أو أي أعطال فنية غير متوقعة, مما يسبب يتوقف الانتاج في الحقول النفطية ويسبب تذبذب مستوى الصادرات النفطية. وبالنسبة للعراق فان توفير منشئات خزن يعتبر من الامور الهامة, حيث تبلغ طاقته التخزينية الحالية 6.5 مليون برميل, بعد اضافة منشئات تخزين جديدة – أربعة صهاريج جديدة لتخزين النفط قرب مدينة البصرة في جنوب العراق سعة الواحد منها 58 الف مترمكعب- اوائل العام 2013 قد اضافت مليون برميل تخزين الى الطاقة التخزينية السابقة والبالغة 5.5 مليون برميل ومن المرجح ان تبلغ طاقة العرق لخزن النفط الى 8.5 مليون برميل بنهاية العام 2013[9] .
ويمكن للعراق تامين خزين نفطي بطريقتين اما بالاستمرار بأضافة منشئات تخزين جديدة الى منشئاته الحالية لرفع طاقة التخزين, او الاستعانة بشركات استثمارية خارج العراق في البلدان القريبة من منافذ التصدير الرئيسية, للقيام بهذه المهمة وتوفير خزين استراتيجي وتوقيع عقود شراكة استثمارية شبيه بعقود جولات التراخيص. والافضل هو ان يكون العمل بالطريقتين, مثلما تفعل السعودية حاليا حيث تستعين بشركة سوميد المصرية لتخزين ونقل النفط الخام للمناطق القريبة من البحر المتوسط, بالاضافة الى طاقتها التخزينية المحلية, وتمتلك شركة سوميد سعة تخزينية 40 مليون برميل, ويوجد مقترح لاستيراد 4 مليون برميل من النفط العراقي شهريا [10] .
وفي حال حصول اتفاق على ذلك واكمال العراق لمنشأت التخزين الجديدة نهاية عام 2013 فان الطاقة التخزينية للنفط سوف تصل الى 12.5 مليون برميل ضعف الطاقة التخزينية الحالية .
الخلاصة:
على ضوء ما تقدم نجد بان :
-
يمكن للعراق ان يصل عام 2020 الى مستوى انتاج ) 7.2 mb/d (، ونسبته 64% حيث ان الانتاج المستهدف لجولات التراخيص والبالغ ) 11.25 mb/d (, وكما بينا سابقا ليس من المرجح ان يصل الانتاج المستقبلي الى هذا المستوى لأن التوسع بالانتاج قد يمثل استنفادًا للاحتياطي النفطي قبل أوانه ولمقيدات منها ما يتعلق بشح المياه والمحافظة على اسعار النفط العالمي, لذا يجب السعي لوجود توازن بين الحاجة الاقتصادية المستقبلية وحسن استغلال الثروة النفطية .
-
استطاع العراق خلال السنوات الاربع والنصف الماضية ان يرفع سقف الانتاج بنسبة 30% مما كان عليه عام 2009, عند توقيع جولات التراخيص, ويعتبر مؤشر لتحسن البنية التحتية اللازمة لانتاج النفط.
-
فيما يتعلق بنقل النفذ ومنافذ التصدير, ان من الممكن رفع الطاقة التصديرية من خلال انابيب النفط الى) 8.2 mb/d ( وذلك بتأهيل الأنابيب الحالية وإعادة فتح المغلق منها بالإضافة الى إستحداث خطوط نقل جديدة . وزيادة الطاقة التصديرية للموانئ لتبلغ مستوى) 4.5mb/d ( بإكمال مشاريع المنصات العائمة للتصدير واعادة تأهيل الموانئ .ومنه ان الطاقة التصديرية الكلية للعراق جراء ذلك ممكن ان تصل الى ) 12.7 mb/d ( وبفرض أن كفاءة العمل ستصل الى80%، قد يصبح الرقم ) 10.16 mb/d ( أي بزيادة اربع امثال الطاقة التصديرية الحالية, والذي يؤمن أي زيادة لصادرات العراق حتى بالنسبة لأعلى مستوى لسيناريو وكالة الطاقة الدولية .
-
يمكن للعراق ان يضاعف طاقته الخزنية من النفط في وقت قياسي (نهاية عام 2013) وبالتالي ثبات لمستوى صادرات النفط.
وبالتالي فيمكن القول ان البنية التحتية اليوم في العراق تتلائم مع مستوى الانتاج الحالي ويمكن تأهيلها لتلائم الزيادة المستقبلية في إنتاج النفط .
ونختم باقتراح دراسة لتقدير حجم الاستثمارات المطلوبة في البنية التحتية وجدواها الاقتصادية وشكل التعاقدات المناسب في ضوء تجربة العراق الحالية والفترة الزمنية التخمينية لإكمالها .
*) عمار شنته الشاهين, حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية, كاتب وباحث في القضايا الاقتصادية والادارية, مدرب متدربين (TOT) في دراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستثمارية, وعلوم ادارة للمشاريع
الهوامش
[1] OPEC Annual statistical bulletin 2012.
[2] U.S. Energy Information Administration (EIA)/ Iraq Analysis.
[3] Previous source.
[4] International Energy Agency(IEA)/Iraq energy outlook 2012
[5] انظر ورقة د. علي ميرزا: العراق: الواقع والافاق المستقبلية المقدمة للملتقى العلمي الأول لشبكة الاقتصاديين العراقيين بيروت 30 آذار/مارس- 1 نسيان/أبريل 2013 ، ص20.
[6] U.S. Energy Information Administration (EIA)/ Iraq Analysis.
[7] LEIGHTON DELIVERS FIRST OIL IN IRAQ/ Issue 1 March 2012
[8] وكالات, وأيضا انظر العراق يبدأ تصدير النفط من منصة عائمة/ موقع النفط والغاز العربي.
[9] القدس 15-1-2013
قال الاقتصادى المرحوم ( ساى ) العرض يخلق الطلب
وصدقوه
لان سلوك الانسان غير رشيد غير عقلانى بل عشوائى
اين موقع الفرد فى استهلاك النفط الخام والغاز ؟
الباحث يقول بان انتاج وتصدير النفظ العراقى زاد ولكنه لم يقل بان الانتاج والتصدير وصل الى ما كان عليه فى العقود الماضية وحسب
السوال هو ذو شقين :
الشق الاول هل سيستطيع العراق الحصول على حصة متزايدة فى التصدير لتعويض ما خسره اثناء الحصار واستحواذ السغودية على تلك الحصة الضائعة – هل ستتنازل اختنا الكبرى السعودية عن جزء من صادراتها المتعاضمة ام لا ؟
الشق الثانى – هل تم ارساء دعائم ستراتيجية النفط العراقى على قواعد الاقتصاد النفطى ؟ النفط محرك الاقتصاد العالمى
هذا هو جانب الطلب الذى ادعو صديقى على الشبكة الاستاذ عمار الى تناوله وهو قادر على خوض غمار هذه المحاولة