جدل اقتصادي

حمزة الجواهري: مصفى ميسان والضجة المفتعلة

لعل المتابع البسيط لما يدور حول مصفى ميسان يظن أن أمرا جللا قد حل بالعراق، لكن في واقع الأمر أن القضية لا تعدو أكثر من توقيع مذكرة تفاهم مع شركة سويسرية صغيرة لبناء المصفى، وذلك من خلال توفير شركاء مستثمرين عالميين وشركات بناء عالمية لها خبرة معتمدة في بناء المصافي، وتفيد بنود المذكرة، بإن على الشركة المذكورة الإيفاء بهذا الالتزام خلال فترة لا تزيد على أربعة أشهر من تاريخ التوقيع، وهي فترة كافية لإقناع الشركاء بالمجيء للعراق والاستثمار في قطاع الطاقة .
في واقع الأمر أن الشركة السويسرية لا تستطيع اقناع أي شريك مستثمر ما لم يكون لديها تفاهم رسمي مع الحكومة العراقية بهذا الخصوص، وهذا ما سنأتي عليه بشيء من التفصيل في السياق.
قبل ذلك، خلال عام2010، كانت الحكومة العراقية قد طرحت أربعة مصافي استثمارية وهي مصفى كركوك وكربلاء وميسان والناصرية، الثلاثة الأولى بطاقة150 ألف برميل أما مصفى الناصرية فإنه بطاقة300 ألف برميل، لكن لم تتقدم أي شركة لبناء هذه المصافي، فقدمت الحكومة تنازلات لاستدراج الشركات، حيث قدمت خصم2% على النفط الخام ولم يتقدم احد، وزادته إلى3%، ثم5% ولم تتقدم الشركات، وتعهدت الحكومة بتقديم الأرض بلا أجر وتوفير الحماية للمصفى والعاملين به ومد الطريق له واحاطة المصفى بسياج آمن ومد أنبوب لتزويد المصفي بالنفط على حساب الحكومة، لكن مع كل هذه التنازلات والتسهيلات لم تتقدم الشركات الاستثمارية لبناء المصافي الأربعة.
أخيرا قررت الحكومة بناء مصفى كربلاء من أموال الدولة كاستثمار وطني مباشر، وربطت مصفى الناصرية العملاق مع تطوير حقل الناصرية النفطي، أي ربطت الصناعة الاستخراجية بتصنيع النفط، وهذا ما طالبنا به منذ عام2007 وبقينا نطالب به حتى يومنا هذا من خلال عدة مقالات ودراسات تخصصية منشورة على موقعي الخاص لمن يشاء العودة لها، وهكذا سوف تجري جولة تراخيص خامسة تتعلق بهذا المصفى والحقل وذلك بداية العام القادم، لكن بقيت مشكلة مصفيي كركوك وميسان عالقة وتنتظر المستثمرين.
وحين تقدمت شركة ستاريم السويسرية الصغيرة لم تدعي أبدا أنها مختصة بهذا النوع من الصناعة ولم تدعي أيضا، حسب علمي المتواضع، أنها تمتلك رؤوس أموال كبيرة وكافية لمشروع كبير كمصفى بطاقة150 ألف برميل يوميا، بل قالت أنها ستقنع الرأسمال المالي، أي البنوك في بلدها وفي الصين، كون أحد مالكي الشركة صيني الجنسية، ووعدت أيضا بأنها ستأتي بشركات بناء صناعية كبيرة، ربما صينية أيضا، لبناء المصفى، وأخرى لتشغيل المصفى على أن تبيع المنتوج للعراق لسد النقص بالمشتقات البيضاء وتصدر الباقي للأسواق العالمية، وربما ستكون الصين المستفيد الثاني من هذه المشتقات، حيث أن العراق مازال يستورد مشتقات بيضاء بقيمة خمسة مليارات دولار سنويا لحد الآن.
كل من يعمل بهذا المجال يعرف تماما بأن الرأسمال المالي لم ولن يتفاوض مع أي جهة لا تملك صفة رسمية للتفاوض حول استثمارات كبيرة قد تصل إلى ستة مليارات ما لم تتأكد من جدية المفاوض ومشروعية قيامه بالتفاوض.
لا أستبعد أبدا أن يكون هذا الأمر هو السبب وراء توقيع وزارة النفط هذه المذكرة، فلو كان بالامكان أن تفاوض شركة ستاريم بدون المذكرة، لما أقدمت الوزارة على توقيعها وتسليح الشركة السويسرية بوثيقة مهمة ومقنعة للمستثمرين الحقيقيين.
بهذا التحليل، أجد أن وزارة النفط لديها التبرير الكافي لتوقيع هذه المذكرة، كما وأتفق مع من يقول أن هذا يعني أن الشركة لا تعدوا كونها وسيط، وهذا الأمر يعتبر غير قانوني في العراق. لكن في حال دخول الشركة كطرف مستثمر بالعقد النهائي حتى لو كانت نسبته بسيطة، فإن الأمر سيكون مقبولا من الناحية القانونية.
إن هذا العرض مقنع إلى حد بعيد للكثير من العاملين في الصناعة النفطية، خصوصا بعد أن فشلت الحكومة باستدراج المستثمرين لبناء هذه المصافي رغم التسهيلات والتنازلات الكبيرة المقدمة لها، أضف إلى ذلك أن مذكرة التفاهم لا تلزم الدولة بالتعاقد في حال لم تتوفر كل الشروط الموضوعية، كما وأن لها سقف زمني وهو أربعة أشهر من تاريخ التوقيع.
لكن هناك العديد من المختصين بهذه الصناعة وبعض الاقتصاديين لم يقتنعوا بهذا الاتفاق، وهذا أمر جيد، ويعني أيضا أن هناك عيونا تراقب ولها الحق بذلك كون هذه الصناعة يجب أن تراقب بعناية ولكن ليس لأهداف إعاقة تقدمها، فهناك من يتصيد بالماء العكر وآخرون تنقصهم المعلومات وغيرهم تظللهم المعلومات المنقوصة، وهكذا نجد أن التدخلات كثيرة ومتنوعة، ولكن مع ذلك نستطيع القول “لابأس بذلك مادام الأمر يصب في نهاية الأمر بمصلحة البلد”.
لعل الكثير يسأل عن سبب عزوف الشركات العالمية بالاستثمار في المصافي العراقية، حيث في واقع الأمر أن العراق مازال يعتبر منطقة غير آمنة للاستثمار، وبالتالي سوف يكون التأمين على المنشآة كبيرا للغاية، وقد يكلف نسبة عالية جدا من رأس المال، كما وأن العديد من الشركات العالمية، خصوصا الغربية، غير مقتنعة بما توفره الدولة من حماية لتأمين المصفى والعاملين به، ثم هناك مسألة أخرى وهي بيع المنتج، فالدولة ترغب باستقبال ما يسد حاجة الاسواق المحلية فقط على أن تتكفل الشركة ببيع المشتقات للاسواق العالمية، وهذا يعني مد خط أنوب طويل من المصفى ولغاية الموانئ، وإنشاء حقلين للخزانات كبيرة لخزن المشتقات واحد في المصفى وآخر في موانئ التحميل، ومرفأ للتحميل، وغيرها من المنشآة الضرورية وكذلك تأمين سلامة الخط من الهجمات الارهابية وهجمات السراق الذين لم يتركوا خط أنابيب في العراق إلا وعبثوا به وسرقوا النفط منه، حيث أن هذا المنشآة ستضاعف من كلف المشروع، ويضاف إلى ذلك الوضع السياسي الهش الذي تتحاشى الشركات العالمية الوقوع ضحية له بشكل من الأشكال.
من خلال علاقات العمل الخاصة بي، وجدت أن هذه العوامل وأخرى كثيرة هي التي تفل من عضد الشركات بالاقدام على عمل من هذا النوع، ورب سائل يسال، لماذا لم تفكر الشركات بهذه الطريقة عندما أقدمت على تطوير الحقول العراقية رغم أن العقود كانت مجحفة بالنسبة لها؟ وهذا ما صرحت به معظم الشركات التي تقدمت لعقود التراخيص الأربعة؟
في الحقيقة إن الاستثمار في الصناعة الاستخراجية يختلف عنه في تصنيع النفط والغاز اختلافا جذريا، فلكل منهما ظروفه وواقعه الموضوعي، أضف إلى ذلك إن الشركات كانت ومازالت تدرك أن تطوير الحقول العراقية يعني تبديد المخاوف التي كانت تطرق أبواب الأسواق النفطية من عدم تمكن المنتجين للنفط الخام من توفير إمدادات كافية للطلب المتنامي على النفط الخام، فلو لم يكن النفط العراقي غير المطور موجودا لقفزت الأسعار إلى مستويات قد تزيد على200 دولار للبرميل، وهذا يعني انهيار للاقتصاد العالمي، وإن التغاضي عن هذه الحقيقة يعتبر كما القبول بحرب عالمية ثالثة تغير الخارطات السياسية والاقتصادية في العالم برمته، لذا فإن مخاطر الاستثمار في الصناعة الاستخراجية العراقية تتضائل أمام هذا الخطر الكبير الذي كان يواجه أسواق الطاقة قبل أربعة أعوام.
لا يمكن أن نلوم الذين كتبوا حول هذا الموضوع، بل ندعوهم للمزيد من المراقبة لما يجري بهذا القطاع الذي يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية العراقية، لكن عليهم الحذر من الوقوع في مطبات لا تحمد عقباها وعرقلة المشاريع الاستراتيجية في البلد.
أما مسألة التشكيك بوطنية العاملين بالقطاع النفطي فإنها، وكما يبدو، أصبحت عنوانا للوطنية في العراق الجريح، رغم أنه القطاع الوحيد الذي حقق ومافتئ يحقق نجاحات ويوفر لميزانية الدولة الأموال الكافية لبقاء البلد متماسك وعجلة البناء مستمرة بالدوران.
لعل البعض يعتقد جازما بأنه لا يكون وطنيا لو قال كلمة حق بمؤسسة وطنية حتى لو كانت وزارة النفط والشركات التابعة لها، لأن بعرفهم يعتبر هذا الأمر محابات للسلطة وليس بحثا موضوعيا الهدف منه تصحيح الأخطاء وتقويم مسيرة العمل في مؤسسات الدولة.
علينا التسليم بأن لا أحدا يقبل المزايدة على شعوره الوطني، لكن يمكن القبول بوجهات نظر مختلفة حول تحديد مصلحة الوطن، لذا اعتقد أن توجيه اتهامات لشخصيات ومؤسسات عملاقة كقطاع الطاقة في البلد مسألة قد تندرج بخانة التسقيط السياسي وليس التقويم أو النقد البناء، ففي مسألة مصفى ميسان وجدت آراء متباينة كثيرة ولم أر رأيين متطابقين بالتمام والكمال، فكيف نتوقع من وزارة النفط مثلا أن تقوم بعمل يتفق عليه الجميع ولا خلاف عليه؟ هذا أمر مستحيل التحقيق، لذا يجب أن يكون النقد موضوعيا ومبنيا على معلومات متكاملة قبل الخوض بالتفاصيل، فالرسالة التي بعث بها الدكتور مثنى كبة كانت معتمدة على معلومات موثقة وأكيدة، ومع ذلك لم يشكك الرجل، بل طلب اجراء تحقيق بهذا الأمر للوصول إلى الحقيقة، لكن مع الأسف الشديد، استفاد منها البعض بترويج اكاذيب ونشرها بمقالات مستوحات من تخريفات نظرية المؤامرة، وما يثير الأسى والأسف هو اعتماد نظرية المؤامرة كمادة أساسية للنقد فيما بعد، وكأنها أصبحت حقيقة موضوعية مسلم بها.
النقد مطلوب، بل ضرورة قصوى، ولكن يجب أن يعتمد على معلومات دقيقة وصادقة، وإلا فإنه سيكون أداة معرقلة لمسيرة النمو والتقدم، وحتى التخريب كما تفعل القاعدة، فالقاعدة تختلف مع الحكومة العراقية بكل شيء أيضا!
فهل يحق لنا اعتبار عناصر القاعدة ومن لف لفهم ناس وطنيون؟

*) خبير نفطي عراقي

كل المقالات المنشورة على الموقع لاتعبر بالضرورة عن رأي الشبكة وانما عن رأي كاتبها الذي يتحمل المسؤولية القانونية لوحده

الملحق: رسالة رجل الاعمال العراقي د. مثنى كبة

سويسرا في 10 كانون أول 2013

رسالة مفتوحة إلى ألسيد رئيس الوزراء ألسيد نوري المالكي المحترم

الموضوع : عقد تجهيز وبناء وتشغيل مصفاة للنفط بطاقة إنتاجية قدرها 150000 برميل يومياً في محافظة ميسان   بقيمة 6.5 مليار دولار أمريكي

بعد التحية ومزيد ألإحترام

لقد سررت عندما علمت أن الجمهورية العراقية تسير قدما في بناء وتطوير المشاريع المهمة لتطوير إقتصاد بلدنا العزيز وتعزيز البنية التحتية فيه، وإنها قامت بإحالة المشروع أعلاه إلى شركة عالمية معتمدة لتنفيذه. وتزايد سروري عندما علمت أن مركز الشركة المنفذة هو في نفس المدينة التي أسكنها منذ أن تركت بلدي العزيز قبل 35 عاماً: مدينة “زوك” عاصمة كانتون زوك في سويسرا.   أود أن أذكر بهذه المناسبة أني أحمل شهادة الدكتوراة من جامعة لندن في الهندسة الكهربائية وكنت أستاذ مساعد ورئيس قسم الهندسة الكهربائية في كلية الهندسة في جامعة بغداد لمدة 16 عاماً وتركت بلدي عام 1978 بسبب قانون التفرغ وهاجرت منه إلى سويسرا،

وتبادر إلى ذهني عندما علمت أن أسم الشركة هو “سا تارم” أني لم أسمع بها بالرغم من أني أعرف جميع الشركات العالمية العاملة في هذة المدينة الصغيرة (نفوس مدينة زوك لا تتجاوز 30000 نسمة) ، ولذا بحثت عنها في دليل التلفون ولم أجدها ! (للتأكد أضغط هنا على رابط دليل التلفونات في سويسرا) ، ولم أيئس وذهبت لأبحث عن الشركة في السجل التجاري الرسمى في كانتون زوك ووجدت سجلها هناك وهو مرفق مع هذه الرسالة. يرجى ملاحظة النقاط التالية من السجل حولها:

  1. 1.     تأسست الشركة  في 19.9.2008
  2. 2.     زيّد رأس مالها إلى 100000 فرنك سويسري في 29.6.2010  وبأسهم عددها 100 سهم قيمة كل سهم 1000 فرنك ونوع الأسهم لحاملها (أي أن حامل السهم هو صاحب ذلك السهم)
  3. 3.     في 7.7.2011 زيّد رأس المال إلى 200000 فرنك وأصبح عدد ألأسهم 200 سهم بقيمة 1000 فرنك لكل سهم وألأسهم لا زالت لحاملها.
  4. 4.     فى 23.01.2013 زيّد رأس المال إلى 400000 فرنك بإصدار 200 سهم جديد ليصبح مجموع عدد الأسهم 400 سهم
  5. 5.     في 23.9.2013 غير نوع ألأسهم من تلك لحاملها إلى أسهم بألأسم ، أي أن ألأسهم تصدر بأسم أصحاب ألشركة، وليس لحامل ذلك السهم ،
  6. 6.     في 21.6.2010 قدمت الشركة طلباً بإعفاءها من تقديم حسابات مصدقة،
  7. 7.     عنوان الشركة ورقم هاتفها هو مكتب المحامي الذي قام بتأسيس الشركة ، ولقد ذهبت شخصياً إلى العنوان المثبت في السجل التجاري ولم أجد إسمها على الباب الرئيسي. (يرجى الرجوع الى الصفحة الثانية من هذه الرسالة حول هذا الموضوع).
  8. 8.     إن المخولين بالتوقيع عن الشركة هم : مسئول مكتب المحامات بلوم وشركائه وألسيد جيروم فريلر الفرنسي الجنسية ، والسيد أدولف ونـك الصيني الجنسية

زيارة إلى مقر الشركة                                                               

قمت في صباح يوم الخميس المصادف 12.12.2013  بزيارة شخصية إلى مقر شركة ساتارام في زوك، يرجى ملاحظة أن عنوان الشركة كما جاء على صفحتها في ألإنترنت هو شارع Bundes رقم 7 ، ووجدت إسم الشركة في مدخل البناية ولكن لم يوجد رقم طابق مكتبهم وبعد ألإستفسار من دليل التلفون حول صاحب رقم الهاتف تبين أن الهاتف يعود إلى مكتب المحامين بلوم وشركائه Blum and Partners ومكتبهم هو في نفس البناية ولكن من مدخل آخر يقع على شارع مجاور آخر هو شارع Cham  رقم 2

 

إنه من ألواضح مما جاء أعلاه وبدون أي شك إطلاقاً أن الشركة هي شركة وهمية ليس لديها أي كيان هنا ولم تقوم بأي نشاط في مجال النفط أوتصفيته وغير مؤهلة لتنفيذ عقد بقيمة 6.5 مليار دولار،  من الجدير بالذكر أن شركتي هنا (شركة تراسكو) تأسست عام 1979 ويبلغ رأس مالها المدفوع 500000 فرنك سويسري وهي تعتبر من الشركات الصغيرة ،

ألمخلـــص

د. مثنى كبة

Allmendstr. 9, 6312 Steinhausen,

Canton Zug, Switzerland

Tel +41 41 5301680

 Mobile +41 79 3402592

Email: Kubba@trasco.ch

 لتنزيل المقال بصيفة بي دي أف للطباعة انقر هنا

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (3)

  1. فاروق يونس
    فاروق يونس:

    اجد ان ما ورد فى عرض مشكلة التامين فى العراق من قبل الاستاذين حمزة الجوهرى ومصباح كمال يصل الى حد المطابقة
    الاستاذ الجواهرى يقول ( العراق يعتبر منطقة غير امنة للاستثمار وبالتالى سوف يكون التامين على المنشاة كبير للغاية —- كما وان العديد من الشركات العالمية خصوصا الغربية غير مقتنعة بما توفره الدولة من حماية لتامين المصفى والعاملين به )
    والاستاذ مصباح يتفق مع ما ذكره الاستاذ حمزة فيقول ( فى البيئة العراقية التى لا تزال منطقة غير امنة للاستثمار فان كلفة التامين ——– تكون عالية مقارنة بما يماثلها فى بلدان اخرى لا توصف بانها غير امنة للاستثمار فهناك تحميل اضافى )
    ليس لدى من تعليق سوى دماثة الخلق التى يتحلى بها العراقيون ودليلى شكر الجواهرى للاستاذ مصباح كمال على ما تضمنه تعليقه من الاضاءات حول التامين
    ويبقى السوال
    هل ان تكاليف التامين عامل محدد او معيق للاستثمار فى البيئة العراقية الحالية ؟
    يقول الاستاذ مصباح كمال فى تعليقه ( بان دعوى الكلفة العالية لتامين المشااريع ليست هى السبب وراء ضعف الاستثمار فى العراق )
    انا اتفق معه من منطلق ( ومن يطلب الحسناء لن يثنه المهر ) والحسناء هنا اقامة المشاريع الاستثمارية وبالاخص مشاريع البنية التحتية للانطلاق نحو تصنيع العراق

  2. حمزة الجواهري
    حمزة الجواهري:

    شكرا جزيلا للأستاذ مصباح على هذه الإضاءات حول التأمين، فهي اضافات تستحق التوقف عندها ومراجعة الموضوع على أساسها.
    في الحقيقة إن كلف التأمين والحماية للعاملين تعتبر عالية فعلا في العراق، وتقدر بنسبة قد تصل إلى ربع قيمة المشروع الاستثمارية وهذا ما استطعت التوصل إليه من جملة مشاريع بنتها سكوب، كما ولاحظت أن منشآة مثل المصفى التي تتجمع فيها المعدات والأبنية في مكان واحد ضيق نسبيا تكون مخاطرها أكثر، فالمصفى الذي يعمل ويصاب بأذى كنتيجة لعمل ارهابي لا سامح الله يكون الضرر فيه اعلى بكثير من منشآة تنتشر معداتها على أرض واسعة نسبيا، وبالتالي ستكون كلف التأمين والحماية أعلى نسبيا من غيرها من المنشآة.
    لذا لا أدعي أني حسبتها وفق معادلات كوني لست مختصا بالتأمين وإنما أخذتها من مشاريع موجودة على أرض الواقع، لعلي أكون غير دقيق في عرض الأرقام، لكن للنقاش يكفي الاشارة للأهمية النسبية وتقريب كيفي يقترب من التقريب الكمي، لأن وكما اسلفت تم عرض الموضوع لأغراض النقاش وليس الدراسة.
    شكرا مرة أخرى الاضافة الغنية بالمعلومات الحرفية
    محبتي واحترامي
    حمزة

  3. مصباح كمال
    مصباح كمال:

    كتب خبير النفط العراقي حمزة الجواهري مقالة متزنة بعنوان “مصفى ميسان والضجة المفتعلة” تستحق قراءة متأنية ومناقشة من قبل المعنيين بالموضوع، وما يهمنا منها هو كلفة التأمين على مشروع مصفى ميسان التي ذكرها كأحد الأسباب في “عزوف الشركات العالمية بالاستثمار في المصافي العراقية” مدللاً على ذلك بالقول “أن العراق مازال يعتبر منطقة غير آمنة للاستثمار، وبالتالي سوف يكون التأمين على المنشأة كبيرا للغاية، وقد يكلف نسبة عالية جدا من رأس المال.”
    أود هنا تقديم بعض الملاحظات الأولية السريعة.
    من المفترض أن يقوم من تناط به مهمة التأمين على المشروع، أي مشروع، تقدير الكلفة التقديرية للتأمين على المشروع. ويعتبر التأمين عنصراً داخلاً في احتساب تكاليف المشروع سواء كان رب العمل مسؤولاً عن التأمين أو المقاول المنفذ. في عقود التراخيص، وبموجب مادة التأمين النموذجية، فإن كلفة التأمين تعتبر جزءاً من “تكاليف النفط” ـ وهي التكاليف القابلة للاسترداد والنفقات المتكبدة والمبالغ المدفوعة من قبل المقاول و/أو المشغل (ومنها شراء أغطية التأمين) بكل يتعلق بسير العمليات النفطية. ومن رأي أن كلفة التأمين ليست هي العائق أمام الاستثمار لأنها كلفة محتسبة أو قابلة للتقدير ـ وهو ما يقوم به المقاولون الدوليون.
    يجب التفريق بين أنواع التأمين التي يتطلبها المشروع لتقييم كلفة التأمين بشكل أفضل. تحتاج المشاريع الهندسية إلى التأمين البحري (على المكائن والمعدات والمواد الأخرى ذات العلاقة بإنشاء المشروع)، والتأمين الهندسي (على أعمال الإنشاء والنصب والاختبار والفترة التجريبية للتشغيل وفترة الصيانة المتعاقد عليها)، والتأمين على الطرف الثالث (ويمكن أن يكون شخصاً طبيعياً أو معنوياً يتأثر من جراء تنفيذ أعمال المشروع).
    القاعدة العامة هي أنه كلما كان المشروع معقداً وحجمه كبيرا، أي أن قيمته عالية، كلما تطلب ذلك سعراً للتأمين مناسباً له. وهناك جملة عوامل تؤخذ بنظر الاعتبار لتحديد سعر التأمين بعضها، على سبيل المثال، يكمن في طبيعة المشروع (فبناء مستشفى غير بناء جسر أو سد أو محطة كهربائية أو مصفى للنفط)، والبعض الآخر يتعلق بموقع المشروع (مدى تأثره بالفيضانات والزلازل)، والمقاول المنفذ (تجربته وسمعته واختصاصه). ويلعب التنافس بين مكتتبي التأمين دوراً في التأثير على مستوى السعر. وفي هذا السياق فإن تأمين مشروع مصفى نيسان يستدعي سعراً مناسباً له.
    أسعار هذه التأمينات في السوق الدولية للتأمين تتم على أساس المعايير الفنية للاكتتاب بالأخطار الطبيعية والبشرية للمشروع وليس مجرد أن العراق منطقة غير آمنة.
    هناك أنواع أخرى للتأمين قد يطلبها رب العمل من المقاول ومنها التأمين على معدات ومكائن الإنشاء، والتأمين على الأعمال الإرهابية/العنف السياسي التي قد يتعرض لها المشروع أثناء التنفيذ، والتأمين على العمال ضد إصابات العمل. ويظل هناك خيار التأمين ضد خطر الاختطاف والفدية من عدمه وهو يخضع لإرادة المقاول المنفذ.
    في البيئة العراقية التي لا تزال “منطقة غير آمنة للاستثمار”، حسب الكاتب، فإن كلفة التأمين على أعمال الإرهاب/العنف السياسي والاختطاف والفدية (وهذه تتعلق بالتأمين على الأشخاص خلاف التأمين البحري والهندسي والطرف الثالث) تكون عالية مقارنة بما يماثلها في بلدن أخرى لا توصف بأنها غير آمنة للاستثمار. فهناك تحميل إضافي على “السعر الفني” يعكس عدم انتظام البيئة الأمنية في العراق يطبق على مثل هذه التأمينات.
    لذلك فإن دعوى الكلفة العالية لتأمين المشاريع ليست هي السبب وراء ضعف الاستثمار الأجنبي في العراق.
    ما ثبته هنا هي آراء أولية بحاجة إلى تمحيص وإضافات.
    مصباح كمال
    13 كانون الثاني 2014

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: