بغداد/ المسلة: نشرت صحيفة “الفيانيشيال تايمز” البريطانية تقريرا الاثنين الماضي، يشير الى ان البيروقراطية التي تحكم وزارة النفط العراقية وطريقة تعاملها مع عقود الاستثمار، سيؤدي الى توقف التنقيب في حقل الرميلة جنوبي العراق، بعدما اجبرت سياسة الوزارة، شركة “بريتش بتروليوم” على الاستغناء عن اكثر من مائة متعاقد مهم لأعمال الشركة.
واثير على مدى الاشهر الماضية، عبر وسائل الاعلام وفي الاوساط الاقتصادية والسياسية، جدل حول فشل سياسة العقود النفطية التي تتبعها وزارة النفط، ما ادى الى تقليل حماس الشركات الغربية الكبرى العاملة، و عرقلة خطط الدولة العراقية في تعزيز وتطوير صناعة النفط والغاز في بلد يحتاج الى تسخير ثروته النفطية على احسن ما يرام بعد سنوات من سوء استثمارها بسبب الحصار الاقتصادي والحروب.
ان الاتهامات التي توجه الى وزارة النفط العراقية، يجسّدها حديث باولو سكاروني الرئيس التنفيذي لشركة “أيني” الايطالية في وقت سابق من هذا الشهر، حين ابلغ الحكومة العراقية بانه “اما أن تزيل العقبات أو سنقوم بإيقاف عملنا والرحيل”.
وفي خضم هذه الضبابية التي تخيم على مشهد الاستثمار النفطي، يتساءل عراقيون
عن اجراءات الحكومة في هذا الصدد، لمسائلة الوزارة عن اسباب الاخفاقات، التي
ادت الى تفكير شركات النفط بالتوقف عن العمل في بلد تعتمد ميزانيته بشكل شبه كامل على ايرادات النفط.
والسؤال الافتراضي، الذي يدور على لسان خبراء واكاديميون،”ألم يكن امراً سهلاً،
تسهيل الاجراءات القانونية والفنية، امام الشركات لكي تقوم بعملها على اكمل وجه؟،
ولماذا تفاقمت المشاكل مع شركة “بي بي” البريطانية قبل بضعة اشهر بعد أن اوقفت الحكومة مصادقتها على العقود الكبيرة المتعلقة بحقل الرميلة النفطي فيما توقفت عن اصدار تأشيرات جديدة للمغتربين الذين يعملون هناك بحسب تصريحات لمسؤولين عبر وسائل الاعلام؟”.
والغت شركة “بي بي” عقود مائة عامل، فيما اجبرت هذه الإجراءات ايضا شركة “ايني” الايطالية على الغاء عقود العديد من المتعاقدين معها في حقل الزبير القريب من حقل الرميلة ايضا.
وقال خبراء مختصون، أن شركة “بي بي”، وقعت ضحية تباطؤ اتخاذ القرارات من قبل وزارة النفط، حيث تعيق البيروقراطية واللهاث وراء المصالح الشخصية في العقود، وتعمّد تحقيق اي انجاز مهم يصب في مصلحة الحكومة، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في 30 نيسان/ابريل المقبلة، كل ذلك يحول دون انسيابية في تسهيل عمل شركات النفط.
ولم تنجح وزارة النفط حتى في التنسيق مع الجهات المعنية في منح “الفيزا” للعاملين والخبراء لدى شركات النفط، ومشاكل الجمارك والموانئ العراقية والتخليص الجمركي،
فيما وجّه رئيس الوزراء نوري المالكي في 23 شباط الحالي، دعوته أثناء وضعه حجر الاساس لمصفى كربلاء النفطي “لتسهيل منح الموافقات بالسرعة الممكنة للقطاع الخاص من قبل الجهات المعنية لبناء المصافي والمستودعات لان العراق بحاجة للماسة لها”.
بل ويذهب مسؤول غربي في حديثه الى “رويترز” الى ان الانشغال في الانتخابات القادمة اخّر التوقيع على الكثير من الاتفاقات الرسمية بين الشركات والجهات المعنية العراقية.
وحقل الرميلة هو من اكبر مشاريع شركة “بي بي” البريطانية جنوبي العراق بموجب الاتفاق الذي تم توقيعه مع بغداد العام 2009، وتلتزم فيه الشركة برفع الانتاج من الحقل الى 2.85 مليون برميل يومياً.
ان المراقب يلمس ان الروتين والفساد بات السمة المميزة لعمل وزارة النفط، بعدما افاد مسؤولين في شركات النفط الاجنبية بانهم غير قادرين على الاستمرار في عملهم في ظل بيئة استثمارية معطّلة بالقوانين الصعبة والاجراءات الروتينية.
وفي الحالات التي تكون فيه للصفقات والتعاقدات، فوائد شخصية لمسؤولين في الوزارة يتم تمريرها بسهولة.
ويؤكد هذه الحقائق مقرر لجنة النفط والطاقة البرلمانية قاسم مشختي، بقوله ان “احد المشاكل التي تعاني منها المؤسسة النفطية في العراق هي البيروقراطية، اضافة الى مشاكل وأمراض أخرى كالفساد والتدخلات الجانبية في عمل الشركات”، مؤكداً أن “تلك الأمور أثرت على القطاع النفطي برمته”.
واشتكت الشركة الصينية العاملة في حقل الاحدب النفطي ايضا من الإجراءات التي تتبعها وزارة النفط.
ان القضاء على الفساد والروتين و تشريع قانون النفط والغاز الذي يحدد الصلاحيات والمسؤوليات الذي يوفر إطاراً قانونياً للمشاكل التي قد تظهر لاحقا، سوف يشجع على الاستثمار النفطي في العراق، لكن ذلك لك يكون كافيا اذا لم يتم عزل الفاسدين في وزارة النفط، واعادة النظر في هيكلية الوزارة، واتاحة المجال للمؤهلين من الاكاديميين، والخبراء والمسؤولين الذين لا يبحثون عن مصالحهم لخاصة في العقود من قيادة الوزارة نحو افاق جديدة من الاستثمار النفطي.
المسلة في 28/2/2014
http://www.almasalah.com/ar/PrintNewspage.aspx?newsid=25515
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية