اقليم كردستان العراقالنفط والغاز والطاقة

ميلاد الربيعي: تقرير عن وزارة الموارد الطبيعية في اقليم كردستان- مصادر: «قلعة» يصعب اختراقها – مناطق غامضة وممارسات تختلط بالسياسة في الصناعة النفطية باقليم كردستان

ان وزارة الموارد الطبيعية مبنية بطريقة دقيقة وتتضمن شبكة معقدة من المسؤولين المعينين سياسيا يقودهم الوزير اشتي هورامي، الذي يدير الوزارة بقبضة صارمة، ما احال الوزارة الى ما وصفه المصدر بـ”القلعة” حيث من المحال على الجمهور العام التحقق من نشاطات الوزارة

بغداد: ميلاد الربيعي (العالم) – كشفت مصادر متنوعة وصفت بـ”الموثوقة” عن وجود عدد كبير من المخالفات داخل وزارة الموارد الطبيعية باقليم كردستان تُوجِد ارضا خصبة لظهور مسؤولين فاسدين وتمهد الطريق لحدوث كثير من الممارسات الغامضة داخل الصناعة النفطية بالاقليم.

وتبرز هذه المعلومات الخاصة بوزارة الموارد الطبيعية باقليم كردستان وسط استمرار النزاع بين حكومة الاقليم والحكومة المركزية ببغداد على قانون النفط والغاز وتقاسم العائدات النفطية والسيطرة عليها. وقد عمدت بغداد الى زيادة الضغط على الاقليم بتجميدها حصة الاقليم من الميزانية العامة، فيما عمل الكرد على تعطيل التصويت على الميزانية.

واجتذبت حكومة الاقليم مجموعة من الشركات النفطية العالمية العملاقة للعمل على اراضيها، من ابرزها شركات اكسون موبيل الاميركية وتوتال الفرنسية وشيفرون البريطانية. ويقدر وجود ما لا يقل عن 40 مليار برميل من النفط في الاقليم، الذي اتجه الى استعمال موارد الطاقة هذه كوسائل لتطوير اقتصاده وتعزيز حكمه الذاتي، الذي يقترب من الانفصال عن بقية العراق.

ووسط تزايد التوترات بين بغداد وعملية تشكيل الحكومة الجديدة بكردستان، بعد مرور اكثر من 5 شهور على اجراء انتخابات برلمان الاقليم، حصلت مصادر كردية على تفاصيل عما وصفتها بـ”الصفقات الوهمية في قطاع الطاقة بالاقليم ووزارة الموارد الطبيعية.” احد المصادر، وهو صحفي كردي مطلع، وصف كيف ان عمليات رشى وغسيل اموال واحتكار لسوق الطاقة تمارسه القوى السياسية النافذة في الاقليم، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وحزب الاتحاد الوطني برئاسة جلال طالباني. وقال المصدر ان هذه الممارسات “قد تقوض جهود المنطقة الكردية بمواصلة سياسة طاقة فاعلة والافادة من احتياطياتها النفطية.”

وقال المصدر ان وزارة الموارد الطبيعية مبنية بطريقة دقيقة وتتضمن شبكة معقدة من المسؤولين المعينين سياسيا يقودهم الوزير اشتي هورامي، الذي يدير الوزارة بقبضة صارمة، ما احال الوزارة الى ما وصفه المصدر بـ”القلعة” حيث من المحال على الجمهور العام التحقق من نشاطات الوزارة الامر الذي دفع بشخصيات معارضة الى اتهام الوزير و”قلعته” بتقويض الشفافية.

وقال المصدر ان لدى هورامي فريقا من المسؤولين الذين يديرون اعمال منح العقود وتسمية المتعاقدين الثانويين. وهذا الفريق يتصرف كحاجز بين هورامي واي تعاملات غير مرغوب فيها من الممكن ان تنال من موقف الوزير القانوني والسياسي.

وقال المصدر ان هذا “الحاجز” يقوده نائبه، طه زنكنه، الذي تم تعيينه ليكون بديلا من وكيله السابق الذي استقال احتجاجا على “انعدام الشفافية داخل الوزارة.”

مدير سابق لشركة نفطية عالمية، غادر قبل مدة قصيرة منصبه في المنطقة، شرح خصائص العملية. فبعد منح وزارة الموارد الطبيعية عقد مشاركة بالانتاج، تعمد الشركة النفطية العالمية بالتعاون مع وزارة الموارد الطبيعية الى تشكيل لجنة ادارية يتراسها مسؤولون من وزارة الموارد الطبيعية مع موظفين اثنين الى ثلاثة بالاضافة الى مسؤولين من الشركة النفطية العالمية، وعادة ما يكون مدير فرع الشركة في البلد ومدير المشتريات.

وتقوم الشركة النفطية العالمية بدعوة شركات خدمة لتقديم عروضها بموجب نظام مناقصة. وتتعلق العقود الممنوحة بطائفة واسعة من الخدمات، من بينها انشاء مخيمات للموظفين، وامدادات وقود، ونقل، واستئجار مركبات، وامن، وتوفير خدمات اختصاصية مثل عمليات المسح الزلزالي، وخدمات حفر.

واول مرحلة من “العملية الغامضة” تبدا من تسجيل شركات الخدمات لدى وزارة الموارد الطبيعية. فلا يمكن للشركات النفطية العالمية التعامل مع اي شركة غير مسجلة بقائمة البائع المصادق عليه والحصول على هذه القائمة يشكل تحديا كبيرا بحد ذاتها بالنسبة لمعظم الشركات، التي ستتعرض للاهمال الا اذا كانت مشتركة مع شريك محلي نافذ “يتمكن من اجراء بعض الاتصالات الهاتفية حتى يتم التسجيل،” حسب ما يقول مدير فرع شركة نفطية سابق في الاقليم.

وما ان يتم تسجيل شركات الخدمة في قائمة البائع المصادق عليه حتى تتلقى الدعوات لتقديم عروضها للحصول على عقود خدمة لدى الشركات النفطية العالمية. بعدها تجمع الشركات النفطية العالمية العروض من شركات الخدمة وتبدا بتحليلها.

وتنقسم العروض الى فئتين او مرحلتين: العروض الفنية والعروض التجارية. ويجب على شركة الخدمة اجتياز مرحلة التحليل الفني قبل ان تتمكن من الوصول الى مرحلة تقديم العطاءات التجارية. وهذه بقعة غامضة اخرى في ممارسات اللجنة الادارية. فشركات الخدمة تشتكي دائما من انها تتعرض للافشال عن عمد من جانب اعضاء اللجنة الادارية عند ظهور المحسوبية.

وقال مدير فرع احدى شركات الخدمة العاملة في الاقليم انهم “يفشلون وينجحون في عملية التحليل الفني مثل اليو يو” في اشارة الى الاعتباطية في معايير الاختيار لدى اعضاء اللجنة الادارية. وقال ان “بعض اعضاء اللجنة الادارية يشيدون بقدراتهم الفنية ويعطونهم درجات عالية، واخرون يفشلونهم كليا.”

واعضاء اللجنة الادارية الذين يحكمون كل عقد يتوزعون على مسؤولين كبار في الوزارة؛ فبعض المسؤولين يتراسون من 12 الى 16 لجنة ولديهم السلطة التامة على اعضاء اللجنة. كما ان تحديد اعضاء اللجنة الادارية ورؤوسائهم سياسي ايضا. فالرقع الاستكشافية التي تقع في المناطق الخاضعة لسيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني يتراسها اعضاء من الديمقراطي الكردستاني، بينما الرقع الاستكشافية التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الوطني يتراسها مسؤولون من وزارة الموارد الطبيعية ينتمون الى الاتحاد الوطني.

ونظرا لان مناصب المسؤولين تستند الى الانتماءات السياسية، فان مسؤولي وزارة الموارد الطبيعية يدينون بولائهم الى السياسيين الاقوى والاكثر نفوذا الذي لهم القول الفصل في منح عقد الخدمة. وطبقا لمطلعين من داخل قطاع الصناعة النفطية في الاقليم، فهناك قلة من شركات الخدمة في كلا المنطقتين غير مرتبطة بسياسي او اكثر في الاقليم.

وهؤلاء السياسيين يمارسون ضغوطات من اجل منح العقد لشركتهم المفضلة.

واعطى مدير فرع الشركة النفطية العالمية في الاقليم مثالا عن شركة خدمات لوجستية في منطقة يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني فرضت على الرشكة النفطية العالمية، على الرغم من حقيقة ان تلك الشركة اللوجستية تفتقر الى المؤهلات اللازمة والموارد المطلوبة للحصول على العقد.

وعادة ما تكون عقود الخدمات التي لا تتطلب مهارات من قبيل نصب مخيمات وتوفير امدادات وقود وامن وتموين، خاضعة في معظمها الى ضغوطات سياسية مباشرة، اما الخدمات الاكثر تخصصا مثل الفحص الزلزالي والحفر وادارة النفايات، فهي موضع مناورات وضغوطات سياسية اكبر حجما.

وبعض شركات الخدمة يدخل فيها مساهمون محليون مرتبطون بشخصيات نافذة تمارس ضغوطات على مسؤولي وزارة الموارد الطبيعية من اجل منح عقود خدمة لشركات بعينها.

مصدر من داخل وزارة الموارد الطبيعية قال ان هناك ممارسة شائعة بين مسؤولي الوزارة تتمثل بالتوصية بتعيين موظفين في شركات نفطية عالمية، حيث يزرعون عيونهم واذانهم في عمليات الشركات النفطية العالمية وينقلون المعلومات الى مسؤولين بالوزارة والى رعاتهم. ووفقا للمصدر نفسه فقد تحقق هذا مؤخرا من خلال تاسيس شركة توظيف لديها علاقات واسعة بالمؤسسة الحاكمة في الاقليم. وقد تاسست هذه الشركة قبل سنة وهي الان الوحيدة التي يجب ان تلجا اليها الشركات النفطية العالمية للتوظيف.

ينشر بالتعاون مع جريدة العالم البغدادية

الأثنين 17 مارس / أذار 2014 – 14:17

 
 

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: