سنغافورة جزيرة صغيرة تقع في جنوب شرقي آسيا وجنوب ماليزيا ولا يتجاوز عدد نفوسها خمسة ملايين نسمة. ورغم ذلك أخذت تلعب دورا مهما في الاقتصاد العالمي وأصبحت أهم رابع مركز مالي في العالم بعد كوريا الجنوبية وتايوان(الصين) وهونغ كونغ.
لقد استفادت سنغافورة من التجارب التنموية في عدد من بلدان العالم وفي مقدمتها ألمانيا واليابان، تلك الدول التي استطاعت تجاوز الكثير من الأخطاء والمعوقات واللحاق بركب الدول الصناعية الكبرى، بحيث أصبحتا مثالاً للإنجاز الاقتصادي السريع الذي ينبغي على الدول المتخلفة أو التي تسير في طريق النمو ان تحذو حذوهما وأن تستنير بمخططاتهما الاقتصادية، وخاصة الدول التي تمتلك موارد طبيعية هائلة كالعراق.
نالت سنغافورة الاستقلال من الاحتلال البريطاني عام 1965 وكان الناتج المحلي حينذاك هو 511 ألف دولار فقط. ونتيجة لمرحلة الصعود المذهلة لها فقد ارتفع دخل الفرد الحقيقي فيها إلى ما يقارب 30 ألف دولار أميركي خلال ثلاثة عقود فقط. وهي تمتلك اليوم أعلى احتياطي في العالم وتعتبر أقل دول العالم فسادا من قبل منظمة الشفافية الدولية. كما تعتبر من أنظف بلدان العالم، بل والأكثر نظافة من مونت كارلو، ومبانيها أكثر حداثة من ناطحات السحاب الأميركية، وهي في ذات الوقت من أكثر البلدان أمنا واستقرارا.
وقد أدت سياسة الاستثمار الحكيمة وتشجيع الصناعات المختلفة والخدمات إلى ان تلعب سنغافورة دورا مهما في نمو وازدهار اقتصادها، حيث تطور مرفأ سنغافورة إلى خامس مرفأ في العالم بسبب أهمية وفاعلية نشاطه الاقتصادي. وحسب مؤشر جودة الحياة التي تنشره مجلة الإيكونومست، فان سنغافورة حصلت على الدرجة الأولى في آسيا.
وقد تخطت سنغافورة الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2010 واستعادت تنامي اقتصادها لتصبح عام 2010 أسرع دولة في انتعاش اقتصادها بنمو وصل إلى 9و17%.
معجزة سنغافورة التنموية
كان باني سنغافورة الحديثة لي كوان يو قد ألقى خطابا مهما في السعودية في 20 يناير/كانون الثاني 2008، موضحا سبب معجزة سنغافورة التنموية قال فيه:
لقد أدركنا الحكمة الصينية التي تقول:
” سنة واحدة ضرورية لكي تنمو بذرة،
وعشر سنوات ضرورية لكي تنمو شجرة،
ومئة سنة لكي ينمو الإنسان.”
لقد اهتمت سنغافورة بقيام صناعات تسمح للمواطنين بالاستثمار وقامت بإرسال أبنائهم إلى الدول الصناعية المتقدمة ثم العودة إلى الوطن والعمل على تأسيس أعمال صناعية وطنية. وكان هدفهم هو ان يتعلموا كيفية استثمار الاحتياطي من البترول وكيفية إدارة الموارد البشرية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الفوائد. ثم تابع قائلا:
لقد عملنا على إنتاج مجتمع آمن ومستقر وركزنا على الثقافة والفنون وتمكنا من تكوين أشخاص قادرين على اختيار مواقعهم ووظائفهم ومؤمنين بأن الحياة تستحق العناء من أجلهم وأجل أبنائهم.لقد شيدنا نظاما متكاملا على مفهوم أساسي هو “الجدارة”، بمعنى وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وليس بسبب علاقتك بوالديك. أنت موجود هنا لأنك أفضل شخص للوظيفة.
وترتبط شرعية الحكومة بالجدارة التي تقوم على “حق أخلاقي” تتولد منه الثقة وتنبثق عنه القرارات السليمة، وهو يوصلنا إلى الناس الذين هم جوهر الاستثناء. وباختصار، الناس هم جوهر المعجزة لأنهم يخلقون حالة الفرد في ظل الثقة المتبادلة.
والحقيقة ففي ظل قيادة حكيمة تحولت سنغافورة إلى أنشط ميناء بحري في العالم وفيها ثالث أكبر موقع لتكرير البترول ومركز عالمي للصناعات التحويلية والخدمات. وتضم سنغافورة اليوم 700 مؤسسة صناعية أجنبية و60 مصرفا تجاريا وبورصة مزدهرة لتبادل العملات. ومن صناعاتها الرئيسية الإلكترونيات والخدمات المالية ومعدات حفر آبار البترول وتكرير النفط وصنع الأدوية والمطاط وغيرها.
كيف تحققت معجزة سنغافورة؟!
يقول كي كوان يو أمام منتدى التنافسية العالمي: كانت سنغافورة دولة صغيرة وقد بدأت منذ 25 عاما بعزيمة وصبر بتبني وتطوير علم الميكروبات. وقامت بتأسيس المعهد العالي للجينات البيولوجية، فاستقدمت خبراء من بريطانيا والسويد واليابان وعملوا معهم بجد ومثابرة على مستوى دولي، وبذلك تطورت لديهم صناعة متطورة للعقاقير الطبية.
لقد اعتمدت سنغافورة في تحقيق معجزتها على بناء الإنسان والاهتمام بالقيم الحضارية والتاريخ والتراث والانطلاق منها للأخذ بمقومات بناء دولة حديثة لا تعرف حدودا للتطور والنمو.
تبنت سنغافورة نظاما حازما لتحديد النسل لم يتجاوز 9و1% مما جنب البلاد انفجارا سكانيا كبيرا يعرقل التنمية وعممت التعليم الإلزامي وتحديثه باعتماد أفضل المناهج في العالم. كما اعتمدت بيروقراطية صغيرة الحجم ولكن ذات كفاءة عالية قوامها خمسون ألف موظف لا أكثر على درجة كبيرة من المهنية والثقافة والتخصص، وجعلت الوظائف العامة مفتوحة للجميع حيث يحصل موظفو القطاع العام على رواتب تنافسية، مثلما هو في القطاع الخاص. إلى جانب الشفافية وانخفاض نسبة الفساد الإداري والمالي.
وحتى استقلال سنغافورة عام 1965 لم يتوقع أحد ان تتحول هذه الجزيرة الصغيرة والنائية إلى حاضرة عالمية مزدهرة تضم أنجح شركة طيران في العالم وأفضل مطار جوي وأنشط ميناء بحري، وأن تحتل المرتبة العالمية الرابعة في متوسط دخل الفرد الحقيقي.
لقد بنت سنغافورة المصانع لا الإذاعات والعمل الجاد بدل الانشغال بوسائل الاتصال وأغلقت السجون لتفتح المدارس وطبقت القانون ولم تحول البلاد إلى سجون وبنت بيتا لكل مواطن بدل بيوت الصفيح فهل نأخذ الدروس والعبر ونتعلم منها في إعادة بناء العراق؟!
*) أكاديمي وباحث إجتماعي
عنوان مقال عالم الاجتماع العراقى الدكتور ابراهيم الحيدرى ( علينا ان نتعلم من سنغافورة ) يقصد علينا نحن العراقين لكن الخطاب جاء مطلقا ( والمطلق يجرى على اطلاقه ) فيكون المقصود اذا العراقيون ( حكومة و شعبا عليهم ان يتعلموا من سنغافورة ومع ذلك فان ما اريد التوكيد عليه هو الاستنتاج من محتوى البحث بان سنغافورة لم تكتفى بانشاء المصانع وتقديم الخدمات والاهتمام بالتعليم والصحة كما هو حال الكثير من البلدان النامية ومنها العرق بل الاهم من :ذلك هو التركيز على ما قامت به هذه الجمهورية الصغيرة منذ استقلالها عام 1965 ولم نقم به نحن فى العراق وكما يلى :
1 – ارسال ابنائها الى الدول الصناعية المتقدمة ثم العودة الى الوطن والعمل على تنفبذ اعمال صناعية وطنية
2- انتاج مجتمع امن ومستقر
3- التركيز على الثقافة والفنون
4- تكوين اشخاص قادرين على اختيار مواقعهم ووظائفهم وموْمنين بان الحياة تستحق العناء من اجلهم ومن اجل ابنائهم
5- تشييد نظام متكامل يقوم على مفهوم الجدارة بمعنى وضع الشخص المناسب فى المكان المناسب
6- بناء الانسان والاهتمام بالقيم الحضارية
7- بناء دولة اعتمدت بيروقراطية صغيرة الخحم ولكن ذات كفاءة عالية وعلى درجة كبيرة من المهنية والثقافة والتخصص
8- نظام رواتب تنافسية بين القطاعين العام والخاص
9- الشفافية وانخفاض نسبة الفساد المالى والادارى
كل ما ذكرته مستل من المقال القيم للدكتور ابراهيم الحيدرى
قد يسال القارىء الكريم لماذا هذا التلخيص ؟ جوابى لان ما بينه عالم الاجتماع الدكتور الحيدرى والملخص فى اعلاه غير معمول به فى العراق من جهة ولان التكرار يعتبر احد وسائل نقل وتثبيت المعلومات فى عقول الناس لاسيما اذا كانت هذه المغلومات موجه الى صناع القرارالذين يفضلون الايجازمن جهة اخرى