كلمة رئيس هيئة التحرير الدكتور صالح ياسر*
الاستاذ الدكتور محمد سلمان حسن.. ماذا عسانا أن نقول في حضرة غيابك؟ نِمْ قريرا في محبة الناس الطيبين وأنت المتألق دوما برصانة العلم والوطنية الأصيلة !
في هذا العام 2014، تحل الذكرى السادسة والثمانون لميلاد الاستاذ الدكتور محمد سلمان حسن، حيث وُلد في بغداد، محلة حمام المالح عام 1928، كما تحل أيضا الذكرى الخامسة والعشرون لرحيله. إن الرحيل المأساوي لهذه الشخصية الوطنية والديمقراطية المستقلة خسارة كبيرة لبلادنا وشعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية، فقد كان الفقيد في طليعة المثقفين العراقيين الديمقراطيين، الذين وهبوا حياتهم للدفاع عن قضية الفكر الحر والكلمة الشجاعة وحرية الوطن واستقلاله، كما انه مفكر اقتصادي عراقي مرموق، ويعد واحدا من اهم الاقتصاديين في العراق المعاصر.
يتكئ الأستاذ د.محمد سلمان حسن على تراث علمي وأكاديمي ووطني ثري، تركه لنا، وفيه من الدروس الكثير. فقد بقيَ طيلة حياته، على قصرها، يربط بقوة بين العمل الأكاديمي ونبض الحياة بتناقضاتها واشكالياتها الملموسة، دارسا وناقدا ومساجلا، لا يساوم على مبادئه وأفكاره، مستندا على الدوام إلى منهج علمي صارم. لقد انحاز الأستاذ محمد سلمان حسن، على الدوام، إلى قضايا الناس البسطاء والكادحين، مدافعا عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية، حالما بعراق متحرر من كل أشكال الهيمنة والاستغلال.
في 17 كانون الثاني عام 1989 رحل عنا الفقيد محمد سلمان حسن بعد معاناة طويلة من المرض نتيجة عسف النظام الدكتاتوري السابق، ويمكن اعتبار ممارسات ذلك النظام بمثابة عملية اغتيال بطيئة، نتيجة مقارعة الفقيد لذلك النظام وعدم التسليم لممارساته القمعية والارهابية.
لقد ترك الدكتور محمد سلمان حسن عشرات البحوث والمقالات والدراسات الاقتصادية بتكليف من هيئات ومنظمات عربية ودولية، اضافة الى ترجماته وكتبه، ومحاضراته في المحافل الوطنية والدولية. واحتضنت مجلة (الثقافة الجديدة) وغيرها من الدوريات الاقتصادية والاجتماعية المحلية والاجنبية الكثير من دراساته وأبحاثه القيمة، حول جوانب مختلفة من الاقتصاد العراقي.
واليوم وفي مثل هذه الظروف العصيبة التي تتهدد بلدنا وشعبنا والازمة البنيوية العميقة التي تعيشها البلاد، نتيجة نظام المحاصصات السيئ الصيت، ما احوج البلاد الى نخب سياسية وفكرية تضم في اوساطها رجالا مثل فقيدنا الاستاذ الدكتور محمد سلمان حسن، الذي كانت قضايا الحرية والديمقراطية والسيادة الوطنية في مقدمة ما ناضل واستشهد من اجله، ذاهبا في رحلته الابدية، مرفوع الهامة، ولم يصافح الايدي الخشب ولم يخضع لسلطان الدكتاتورية. ولهذا ظل فقيدنا موضع حب واحترام قطاعات واسعة من مجتمعنا وقواه الوطنية والديمقراطية، وكل محبي الحرية والعدالة والمناضلين من اجل وطن ديمقراطي وحر ومستقل وسيد نفسه.
واحتفاءً بالذكرى السادسة والثمانين لولادة المفكر الاقتصادي الكبير والشخصية الوطنية والديمقراطية العراقية المرموقة الاستاذ محمد سلمان حسن، والذكرى الخامسة والعشرين على رحيله المأساوي تكرس (الثقافة الجديدة) هذا الملف لهذه المناسبة، اعترافا منها بدور الراحل في اثراء الفكر الاقتصادي وقضايا التنمية في بلادنا وغيرها، وايضا بدوره في ترسيخ مبادئ الديمقراطية والسلم والعدالة الاجتماعية، وبناء دولة ديمقراطية عصرية. إنه باق بين أجمل أقلام وطننا المسكونة بـ «جنون» الحرية والعدالة والمساواة والكرامة.
وننتهز هذه المناسبة لنتوجه بالشكر الجزيل للأساتذة الكرام الذين لبّوا دعوتنا مشكورين وحرصوا على التفاعل الايجابي مع هذه الدعوة وأرسلوا مساهماتهم الى الملف.
كما لا ننسى دور الاستاذ يسار محمد سلمان حسن، الذي تفاعل ايجابيا مع دعوتنا لفكرة اعداد ملف عن والده، ودعم الفكرة، محفزا اخرين على المساهمة؛ فله الشكر الجزيل على كل ما بذله من جهود طيبة.
(*) تشكر هيئة تحرير موقع شبكة الإقتصاديين العراقيين الدكتور صالح ياسر على تفضله بتوفير النسخة الالكترونية الكاملة للملف الخاص بالعدد 369-369 سبتمبر 2014 وعلى السماح لنا بأعادة نشره على موقعنا
thank you for your efforts publishing all this on your site