الصناعة الوطنية

أ.م.د. مدحت كاظم القريشي: السياسة الصناعية والتنمية في البلدان النامية ( بين المؤيدين والمعارضين)

Download PDF

مستخلص

لجأت البلدان المختلفة، وخاصة النامية منها، منذ منتصف القرن الماضي الى استخدام السياسة الصناعية من اجل توسيع القاعدة الصناعية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية الى امام. وقد تحققت نتائج ملموسة في العديد من البلدان الاسيوية فيما لم تتحقق مثل هذه النتائج في بلدان امريكا اللاتينية وافريقيا. وقد تراجع التأييد لتطبيق السياسة الصناعية منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي بسبب النتائج السلبية الناتجة عنها ثم عودتها مجدداً في الفترة الاخيرة.

ويهدف البحث الى تحليل ومناقشة السياسة الصناعية ومدى الحاجة الى استخدامها في البلدان النامية، ويركز على مناقشة افكار وطروحات المقاربتين المختلفتين ازاء السياسة الصناعية، الاولى تمثل موقف المعارضين للسياسة الصناعية والثانية تمثل موقف المؤيدين لها. والمعارضون للسياسة الصناعية هم الليبراليون الجدد في الولايات المتحدة الامريكية والذين يؤكدون على دور السوق في تحقيق التنمية ويشيرون الى التأثيرات السلبية للسياسة الصناعية، فيما يؤيد السياسة الصناعية كتاب ومنظرون اقتصاديون عديدون وذلك بسبب وجود العولمة وقواعد منظمة التجارة العالمية والطبيعة المتغيرة للاقتصاد العالمي والتي تخلق صعوبات ومعوقات امام البلدان النامية وتضعف تأثير السياسة الصناعية.

ومن خلال التحليل والمناقشة للطروحات المختلفة والشواهد ينتهي البحث الى التوصية بأستخدام السياسة الصناعية المصاغة بعناية كوسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلدان النامية وتجاوز التأثيرات السلبية عليها، مع الدعوة الى تعديل سياسات وقواعد منظمة التجارة العالميةوالنظام الاقتصادي العالمي بما يتلاءم مع حاجة البلدان النامية لتنمية التصنيع وتعزيز التنمية الاقتصادية.

المصطلحات الرئيسية الواردة في البحث:

السياسة الصناعية، الليبرالية الجديدة، منظمة التجارة العالمية، الحماية، السياسة التجارية، التنمية الاقتصادية، التصنيع، البلدان النامية، الملكية الفكرية، تفاهم واشنطن، العولمة،التجمعات الصناعية، العناقيد الصناعية، فشل السوق، فشل الحكومة.

مقدمة: ( Introduction )

تسعى البلدان النامية بمختلف الوسائل والسبل لتحقيق التنمية الأقتصادية سواء من خلال اقامة البنية التحتية الملائمة أو تشجيع الأستثمار (العام والخاص) أو تنويع بنية الأنتاج وتحقيق النمو الأقتصادي. ونظراً لأهمية ودور القطاع الصناعي في عملية التنمية فإن هذه البلدان تعتمد الأستراتيجيات والخطط التنموية وتحديد السياسات الصناعية الملائمة. ولأهمية السياسات المذكورة فإن البحث هنا سيركز على تحليل ومناقشة وتقييم الجوانب المختلفة للسياسة الصناعية (Industrial Policy) الملائمة للبلدان النامية سواء الأيجابية منها أو السلبية في ظل البيئة الأقتصادية والتجارية العالمية السائدة والتجارب السابقة للبلدان المختلفة.

وقد لجأت العديد من البلدان، في منتصف القرن الماضي، في معظم مناطق العالم الى توسيع القاعدة الصناعية وتطوير القطاعات الرئيسية فيها من خلال تطبيق السياسة الصناعية، ولاتزال السياسة الصناعية تلعب دوراً في قرارات السياسة العامة للبلدان وتؤثر في سلوك الوكالات التنموية. وقد تحققت نتائج ملموسة في العديد من البلدان (بما فيها بعض البلدان العربية) في أقامة الصناعات المختلفة إلا أنه في عقد الثمانينيات تغيرت الفكرة السائدة عن السياسة الصناعية إذ أن المقاربات التقليدية للسياسة الصناعية قد أدت الى سوء توزيع العمل ورأس المال فيما بين الصناعات المختلفة ولم يتحقق التحسن المتوقع في النمو طويل الأمد في الأنتاجية الكلية، ولذا اعتبر البعض بأن السياسة الصناعية أضافت تكاليف كثيرة على الأقتصادات المعنيةأنعكست بشكل فساد وأنظمة مالية ضعيفة، فضلاً عن أنها تعمل على إعادة توزيع الموارد بين الصناعات بالشكل الذي لا يتطابق مع إشارات السوق وبذلك تعمل على تشويه السوق.

وفي العقود الأخيرة إزدادت الحاجة الى السياسة الصناعية في مختلف البلدان، وخصوصاً النامية منها، وذلك بسبب ظاهرة العولمة وظهور منظمة التجارة العالمية وكذلك الطبيعة المتغيرة للأقتصاد العالمي. وقد أدت كل هذه العوامل الى ظهور صعوبات أمام البلدان النامية في سعيها للتكيف مع البيئة الجديدة وتضاءلت قدراتها وقابلياتها من جراء القيود التي جاءت بها قواعد التجارة الدولية الجديدة والمشروطية التي تفرضها المؤسسات التمويلية الدولية على البلدان النامية التي تروم الأقتراض منها. وقد تركت سياسات الليبرالية الجديدة أثرها على الأقتصاد العالمي. ويؤكد الليبراليون الجدد بأنه لا مكان الآن للسياسة الصناعية في التنمية وأن التجارة والتنمية يجب أن يتركا لعمل قوى السوق وأن تحرير التجارة هو المعول عليه لتغيير هيكل المحفزات لصالح الصادرات وجذب الأستثمارات الخاصة الى المجالات التي يمتلك فيها البلد ميزه نسبية تقود الى التصنيع والنمو(1).

اهمية البحث:

         تتأتى اهمية البحث من اهمية السياسة الصناعية ذاتها كونها اداة مهمة من ادوات تنفيذ السياسة التنموية، ولهذا كلما كانت تلك السياسة الصناعية ملائمة وفعالة كلما تحققت الاهداف التي تسعى السياسة المذكورة الى تحقيقها والعكس صحيح.

تساؤلات البحث:

         هناك بعض التساؤلات التي يثيرها البحث ويحاول الاجابة عليها وأهمها:

  1. هل هناك حاجة لأستخدام السياسة الصناعية.
  2. ما هي مبررات استخدام السياسة الصناعية وما هي الانتقادات الموجهة اليها؟
  3. ما هو الموقف المطلوب من السياسة الصناعية في البلدان النامية في ظل قواعد منظمة التجارة العالمية والواقع الاقتصادي العالمي؟

هدف البحث:

         يهدف البحث الى مناقشة وتحليل دور وتأثير السياسة الصناعية على التنمية الاقتصادية وخاصة في البلدان النامية ومن ثم الوصول الى الموقف الملائم من السياسة الصناعية للبلدان المذكورة.

المنهجية وهيكلية البحث:

         يعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي وبالاستناد الى النظرية الاقتصادية ونظريات التنمية بشكل خاص. ولتحقيق الهدف سوف نتناول الموضوعات الآتية:

‌أ.      تعريف السياسة الصناعية.

‌ب.   مقاربتان مختلفتان للسياسة الصناعية.

‌ج.    المبررات للسياسة الصناعية.

‌د.     الأنتقادات الموجهة للسياسة الصناعية.

‌ه.      السياسة الصناعية في ظل قواعد منظمة التجارة العالمية.

‌و.     أستنتاجات وتوصيات.

1.تعريف السياسة الصناعية ( Definition of Industrial Policy)

         هناك تعريفات عديدة ومختلفة لمصطلح السياسة الصناعية(2)، فمن جهة يعرف (Reich,R) المدافع الكبير عن السياسة الصناعية في الولايات المتحدة بأنها منظومة من الأجراءات الحكومية مصممة لدعم الصناعات التي تمتلك أمكانات تصديرية وخلق فرص العمل ودعم البنية التحتية للأنتاج. وهناك من يستخدم تعريفاً أوسع مثل (Pinder,J) بحيث يشمل كل السياسات المصممة لدعم الصناعة بما فيها محفزات الاستثمار المالية والنقدية والأستثمار المباشر وبرامج التجهيز ومحفزات للبحوث والتطوير     Research and Development (R&D)  وسياسات دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة.

         إن مثل هذا التعريف يشمل الدعم المباشر لتأسيس وتحسين البنية التحتية المادية والأجتماعية والسياسية والتجارية وسياسة المنافسة وإجراءات منع تشكل الأحتكار. وبالمقابل هناك تعريف يستخدم المفهوم الضيق للسياسة الصناعية (Johnson,C) الذي ينظر اليها على أنها تلك النشاطات الحكومية الهادفة لدعم التنمية في بعض الصناعات للمحافظة على التنافسية الدولية. وهناك توجه آخر والذي يعتمده (Lardsmann,M) الذي يؤكد في تعريفه على المحتوى الأنتقائي، حيث يقول أن السياسة الصناعية هي تلك التي تفرق وتختار بين الصناعات والقطاعات ووكالات التنمية وأنها مصممة لكل صناعة مختارة وكل قطاع ضمن الأقتصاد الوطني. وهناك من يصف السياسات الصناعية بأنها أجراءات حكومية تدعم عملية خلق القدرات الأنتاجية والتكنولوجية في الصناعات التي تعتبر أستراتيجية لأغراض التنمية القومية. والبنك الدولي من جهته يعطي تعريفاً عملياً للسياسة الصناعية حيث يؤكد على أن السياسة الصناعية تمثل جهود الحكومة لتغيير الهيكل الصناعي بهدف تشجيع النمو المستند الى الأنتاجية(3).

ومن جهة اخرى هناك تعريف آخر للسياسة الصناعية(4) يرتبط بمقاربة مختلفة للسياسة الصناعية، وهو بمثابة تركيب يجمع بين أفكار ونظرية شومبيتر(5) (Shumpeter) والنظرية التطورية والنظرية الهيكلية (SES)  Schumpeterian, Evolutionary and Structural  ، والتي تدعو للتدخل في القطاعين العام والخاص في التنمية الصناعية، وطبقاً لهذه المقاربة فإن السياسة الصناعية هي منظومة من الأدوات (أجراءات وأشكال من التدخل المباشر في النشاط الأقتصادي) بحيث تستطيع الدولة من خلالها تشجيع وتطوير نشاطات أقتصادية محددة.

وعليه فإن السياسة الصناعية، وإن أختلفت مفاهيمها في التوسع أو التضييق، فإنها بمثابة وسيلة لتحقيق الهدف التنموي ببناء طاقة أنتاجية وتصنيع.

إن عملية تطبيق السياسة الصناعية تعتمد على مجموعة من الأدوات المختلفة ومنها:-

‌أ)      إقامة الصناعات الأستراتيجية الأساسية وغيرها من قبل الحكومة مباشرة.

‌ب)   تأسيس أو تشجيع أقامة التجمعات الصناعية (Conglomerations) وهذه تعني اتحاد عدد من الصناعات مع بعضها بمؤسسة واحدة.

‌ج)    أستخدام وسائل الحماية المختلفة السعرية وغير السعرية لتشجيع الأستثمار الصناعي.

‌د)     تقديم الحوافز الضريبية والمالية في مجالات أستثمارية معينة.

‌ه)      توفير التمويل الميسر قصير ومتوسط وطويل الأمد للأستثمار الصناعي.

‌و)     تأسيس البنى التحتية وتقديم مختلف الخدمات التي تحتاجها الصناعة بما فيها إقامة ما يعرف بالعناقيد الصناعية(6) (Industrial Clusters) وهي عبارة عن تجمع مصانع متتشابهة في مكان واحد قرب مصنع كبير وبما يشبه عناقيد العنب، فضلاً عن دعم جهود البحث والتطوير وتأسيس ودعم المصارف وتطوير مؤسسات تسويق الصادرات وتوفير المعلومات للقطاعين العام والخاص.

وتلعب الحكومة ادواراً عديدة في مجال السياسة الصناعية. فهي منتج مباشر، ومستهلك ( من خلال تأمين فرص التسويق للصناعات الستراتيجية). ومنظم ( من خلال تحديد مستوى الانتاج لبعض النشاطات واخيراً كوكيل مالي ومستثمر ( من خلال التأثير على سوق الأتمان وتشجيع توزيع الموارد المالية).

وتجدر الاشارة الى ان هناك نوعين من السياسة الصناعية، الأول السياسة الصناعية العمودية (Vertical Industrial Policy) والثاني السياسة الصناعية الأفقية (Horizontal Industrial Policy). فالسياسة العمودية هي التي تطبق الأجراءات المختلفة على قطاعات معينة (منتقاة) في حين أن السياسة الأفقية هي التي تطبق الأجراءات ذاتها على جميع القطاعات الصناعية. وعليه فإن السياسة العمودية تستهدف التأثير على أنتاج صناعات معينة في حين تركز السياسة الأفقية على تحسين نوعية المستلزمات في عملية الأنتاج والتي تفيد جميع الصناعات، وأن مثل هذه الأجراءات تشمل تشجيع التعليم والتدريب المهني وبناء البنى التحتية وتشجيع تدفق ونقل التكنولوجيا ودعم البحوث والتطوير وضمان حقوق الملكية والتطبيق القانوني للعقود(7). والسياسة الأفقية لا تتطلب الكثير من البنى التحتية والمؤسسية بل تتطلب عدداً قليلاً من الوسائل والأدوات مثل إجراءات الدعم وتكديس رأس المال البشري وإجراءات عامة لدعم النشاطات الأنتاجية كما أنها تتضمن محفزات للبنية التحتية وتطوير بنية الأعمال.

ويشار الى انه حتى السياسات الأفقية قد يكون لها تأثير مختلف على القطاعات المختلفة وبالتالي يكون لها تأثير مشابه للسياسة العمودية، ولهذا يصعب التفريق بين السياسة العمودية والسياسة الأفقية أحياناً.

2. مقاربتان مختلفتان تجاه السياسة الصناعية

                              (Two Different Approaches to Industrial Policy)

هناك مقاربتان مختلفتان تجاه السياسة الصناعية، الأولى تعارض أستخدام السياسة الصناعية وتبناها الليبراليون الجدد (Neoliberals) في الولايات المتحدة الأمريكية، والثانية تؤيد أستخدام السياسة الصناعية ويتبناها المعارضون لطروحات الليبراليين الجدد والذين يتبعون المنهج الذي يجمع بين أفكار شومبيتر وأفكار النظرية التطورية والنظرية الهيكلية.

إن فحوى المقاربة الأولى تمثلت في الأفكار التي تضمنها ما يعرف بـ تفاهم واشنطن (Washington Consensus) والمؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسة التمويل الدولية. (IFC) (International Finance Corporation) الامريكية وغيرها، وكذلك قواعد منظمة التجارة العالمية (WTO). أما المقاربة الثانية فيمثلها مجموعة من كبار الكتّاب الأقتصاديين من أمثال(Reading, Das Gupta, wade,R ,  Lall,S, Stiglits,J  ,  Rodrik,D) وهؤلاء يشيرون الى العوامل العديدة التي تؤكد الحاجة الى أستخدام السياسة الصناعية.

وتجدر الاشارة الى إن تفاهم واشنطن يعكس مجموعة من السياسات الخاصة التي تفرض على البلدان النامية التي تقترض من المؤسسات التمويلية الدولية المذكورة أعلاه لتعزيز تأثير قوى السوق الحر الداخلي على حساب الدور والوظائف الأساسية للدولة(8)

وفي أدناه شرح مختصر لأبرز الأفكار لكل من المقاربتين المذكورتين(9):

‌أ.      الليبراليون الجدد (المعارضون للسياسة الصناعية)

                          (Neo – Liberals (Opposed to Industrial Policy)

ظهرت منذ الثمانينات تغيرات في الفلسفة الأقتصادية السائدة والتي كانت تميل لصالح الليبرالية الجديدة والتي لا تؤيد التدخل الحكومي في النشاطات الأقتصادية أكثر مما تستدعيه الحاجة الى الأستثمارات في التعليم والصحة والأمن. وطبقاً للمقاربة التقليدية التي يتبناها هؤلاء فإن السياسة الصناعية ليس لها مكان في التنمية الأقتصادية، وحجتهم في ذلك أن تنمية البلد يجب تركها الى عمل قوى السوق، وأن حرية التجارة هي المعول عليها لتقييد هيكل المحفزات لصالح الصادرات وجذب الأستثمارات الخاصة (بما فيها الأجنبية) الى الحقول التي يتمتع بها البلد بميزة نسبية تساعد على التصنيع والنمو. وهذه الطروحات والنظريات والأفكار هي التي يتبناها النظام الرأسمالي والنظرية الاقتصادية المعروفة لجميع الأقتصاديين وغيرهم.

واخيراً فأن الاستراتيجية التنموية التي سادت في بداية الثمانينات قد عكست طروحات تفاهم واشنطن والتي تستند على الشكوك الاساسية تجاه قدرة قطاع الدولة على التدخل الفعال لتطوير قطاعات محددة. كما اعتبرت بأن قدرة الدولة محدودة لتحديد اي المنتوجات سوف يكون لها تأثير على النمو والتحول الهيكلي. وبذلك فأنهم يقولون بأن القطاع الخاص هو المعّول عليه لتشخيص القطاعات الواعدة وتطويرها.

ب‌.   المؤيدون للسياسة الصناعية   (Supporters of Industrial Policy)

ان اصحاب هذه المقاربة يرفضون فرضية التكيف الآلي لقوى السوق ويعترفون بالدور الاساسي الذي يلعبه التغير التكنولوجي في التنمية. ولهذا فأن السوق لا تضمن بالضرورة توزيع الموارد الاقتصادية للنشاطات التي تتمتع بالعوائد المتزايدة. وطبقاً لهذه المقاربة فأن التدخل الحكومي ضروري لخلق المحفزات التي تجعل من الممكن البحث عن الامكانات التكنولوجية ودعم تراكم القدرات الانتاجية والمعرفة(10).

ويؤكد المؤيدون للسياسة الصناعية بأن مساحة السياسة الصناعية في البلدان النامية مقيدة ليس من تأثيرات قواعد منظمة التجارة العالمية فحسب بل أيضاً من تأثيرات شروط المؤسسات المالية الدولية والمانحين الثنائيين. ويؤكد (Stiglitz,J) وهو الاقتصادي الامريكي والحائز على جائزة نوبل للأقتصاد ومن المؤيدين للسياسة الصناعية بأن الحجة ضد السياسة الصناعية تستند على قراءة ساذجة للنظرية الأقتصادية وقراءة خاطئة للتاريخ الأقتصادي. فالفلسفة النظرية وراء تفاهم واشنطن والسياسات التجارية التي تمليها المؤسسات المالية الدولية ومنظمة التجارة العالمية كل هذه ليست ملائمة للتصنيع والتنمية في البلدان النامية. فالحجة النظرية ضد تدخل الدولة في الأنتاج والتجارة تستند أساساً على فرضية الأسواق التنافسية وبأنها تعمل بشكل جيد وليس هناك حالة فشل السوق وأن فشل الحكومة هو السائد، وهذه الآراء ليست منسجمة مع واقع الأمور بل أنها بمثابة تجريد نظري عام.

ولا بد من الاشارة الى مفهوم فشل السوق والذي يحدث عندما لا تستطيع السوق تحقيق الحلول الكفوءة، وذلك عندما لا توجد الاسواق التنافسية او ان الاسواق التنافسية غير كاملة (imperfect) ولا سيما عندما يكون هناك عدم تناسق في المعلومات او وجود وفورات الحجم او العوامل الخارجية (externalities). كما يحدث فشل السوق ايضاً عندما تكون قرارات الاستثمار معتمدة على بعضها وتتطلب تنسيقاً. ان وجود هذه الحالة يبرر التوجه نحو استخدام السياسة الصناعية.

اما فشل الحكومة فيحدث عندما تكون قرارات الحكومة لا تحقق الامثلية وبالتالي يؤدي الى سوء توزيع السلع والموارد الاقتصادية عن الحالة التي تتحقق بدون التدخل(11).

 

ويشير البعض ومنهم( Rodrik,D ) بأن السوق لوحدها لا تجلب معها التصنيع ذلك لان فشل السوق يسود ولهذا فأن التدخل الحكومي يصبح مطلوباً وكذلك التعاون بين القطاعين العام والخاص. وهناك آخرون يطالبون بمقاربة جذرية للسياسة الصناعية. فعلى سبيل المثال يشير( LaLL,S ) الى السرعة والتعقيد للمتغيرات التكنولوجية وكذلك العولمة والفشل في بناء القدرات التكنولوجية ويستنتج بأن تطوير القدرات التنافسية تتطلب تدخلا حكومياً مباشراً وغير مباشر( انتقائي ووظيفي ) لمواجهة فشل السوق والذي يخلق عوائق امام بناء القدرات للتصنيع والتنمية. وقد ظهر العديد من المناصرين للسياسة الصناعية في الولايات المتحدة الامريكية والذين يبررون استخدامها بالاستناد الى مجموعة من العوامل ابرزها: ان الاقتصاد الامريكي يمر بحالة انخفاض طويل الامد ويحتاج الامر الى تدخل حكومي، وان البلاد تخسر العديد من الصناعات الى غيرها، وتعاني من هروب رأس المال، وان هناك اجزاء كبيرة من الاقتصاد الامريكي ليست تنافسية في النظام الاقتصادي العالمي. ومن جملة هؤلاء المناصرين   (Walter Mondale) , (Robert Reich) وقبلهم (John Keneth Galbraith) وآخرون(12).

  3. المبررات لاستخدام السياسة الصناعية : Justifications for Industrial Policy

         بعد موجة المعارضة الشديدة لاستخدام السياسة الصناعية من بعض الاوساط، عادت السياسة الصناعية من جديد لتصبح الموضة السائدة وذلك في اعقاب الازمة المالية العالمية ، حيث ادت الازمة الى اعادة النظر في الدور الاقتصادي الذي تلعبه الحكومات واكتسب التدخل الحكومي في الاقتصاد قدراً من الشرعية، ويتوقع ان يتعزز هذا التوجه (13) وفي الولايات المتحدة الامريكية تم انفاق المليارات من الدولارات لدعم تصنيع السيارة التي تعمل بالهيدروجين، وتقوم فرنسا بأقتراض الملايين من اليورو لدعم ما تعتبره صناعات النمو. وهكذا تقوم اغلب بلدان العالم بأستخدام السياسات الصناعية على نحو او آخر ومن بينها الصين وسنغافورة والبرازيل وتشيلي وبريطانيا وغيرها. وهناك العديد من المبررات الاقتصادية التي تستخدم لتبني السياسة الصناعية واهمها (14) :

‌أ.      ان من اكثر المبررات وضوحاً لاستخدام السياسة الصناعية العمودية هي حجة الصناعة الناشئة وذلك بأستخدام الحماية التجارية الانتقائية وان مضمون هذه الحجة معروفة ولا يتسع المجال لشرحها هنا. ويؤكد البعض بأن وجود حالة وفورات التعلم في العمل(Learning by doing) فيما بين الصناعات يعزز بشكل كبير حالة التدخل لصالح الصناعات الناشئة.

‌ب.   ان السوق الدولية متركزة بشكل اكبر من السابق، والانتاج العالمي والتجارة الدولية والتكنولوجيا اصبحت تخضع الى هيمنة الشركات متعددة الجنسية وتسارعت التغيرات التكنولوجية، واصبح الانتاج مكثفاً للمعرفة. كل هذه العوامل تؤثر سلباً على آفاق التنمية في البلدان النامية مما يفرض الحاجة لدى البلدان المذكورة للتدخل الحكومي.

‌ج.    ان وجود حالة فشل السوق (market failure ) تعيق وظيفة الاسواق الحرة وتمنع قدرة البلدان على تحقيق الاهداف التنموية ، ولهذا فأننا نحتاج في مثل هذه الحالة الى تدخل الدولة للتغلب على فشل الاسواق واستخدام السياسة الصناعية. ولهذا فأن وجود حالة فشل السوق يعتبر مبرراً تقليدياً لاستخدام السياسة الصناعية العمودية.

‌د.     أدت العولمة الى توسيع نشاطات المصانع العالمية الكبيرة، حيث انها تقوم بتحديد مواقع المراحل الانتاجية المختلفة للمنتج المعين في بلدان مختلفة من خلال فروعها وشركائها، فالمصنع العالمي يتمتع بعدد من المزايا (بالمقارنة مع المصانع الاصغر حجماً في البلدان النامية) حيث يمتلك مزايا محلية مرتبطة بالتكنولوجيا وبالتجربة والمعلومات عن الاسواق والتسويق والتوزيع ووفورات الحجم على مستوى المصنع. ويمكن للمصنع الكبير ان ينتفع من خدمة الشبكات مع الشركاء والتعاون مع المصانع الاخرى والحصول على المستلزمات الانتاجية من مصادر رخيصة، فضلاً عن تمتعه بأمكانيات توسيع السوق ومزايا التجمعات واتفاقات التراخيص والعقود طويلة الامد في الشراء والتجهيز والمشروعات المشتركة(16) . كل هذه المزايا للمصنع الكبير متعدد الجنسية تجعل المصانع الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية غير قادرة على المنافسة على قدم المساواة مع المصانع الكبيرة مما يجعلها بحاجة الى الرعاية والدعم والتدخل الحكومي.

‌ه.      وفضلاً عما تقدم يشير المؤيدون لاستخدام السياسة الصناعية الى ان هناك مجالاً للتدخل عندما تكون الاسواق يشوبها التشوه (distortion) وغياب شروط المنافسة، أو عندما تكون السوق ليست كاملة (imperfect) اي غياب شروط المنافسة الكاملة (17).

‌و.     ومن المبررات الاخرى هي ان التدخل الحكومي استند على مقولة العامل المفقود في البلدان النامية ( هو رأس المال والتكنولوجيا والريادة والتي لا تظهر من خلال قوى السوق لوحدها ) ولهذا فأن الحكومة تحتاج الى وسائل عديدة لتحقيق النمو. ان اسواق رأس المال غير الكاملة لا يمكن لها ان تولد ما يكفي من المدخرات او توزيعها بشكل كفء دون ان يكون هناك شكل من اشكال التدخل في السوق(18).

‌ز.    تفضل البلدان النامية عادة سياسة التعامل مع الصناعات كبيرة الحجم الامر الذي ينعكس سلبياً على الصناعات الصغيرة، والمتوسطة. ولهذا فأن تدخل الدولة هنا يمثل مجالاً من مجالات السياسة الصناعية التي يمكن ان تأخذ بنظر الاعتبار تأثير مثل هذه السياسة على الصناعات المذكورة ضمن اطار الاهداف التنموية(19).

‌ح.    وأخيراً يشير بعض المنظرين الاقتصاديين امثال ((Rodan,R) , (Nurkse,R بأن البلدان النامية تحتاج الى دفعة قوية وان التنمية تتطلب تغييراً لان قوى السوق لوحدها لا يمكن ان تؤدي الى اعادة توزيع الموارد نحو النشاط الصناعي من قطاعات الزراعة والمواد الخام. لهذا يتطلب الامر تغيير هيكل الحوافز لتحقيق هذا الهدف(20).

مبررات السياسة الافقية: (Justifications for Horizontal Policy)

لقد اكتسبت السياسات الصناعية الافقية تأييداً واسعاً في السنوات الاخيرة بأعتبارها مقاربة فعالة للتغلب على حالة فشل السوق. فمن خلال تسهيل الوصول الى المعلومات وتعزيز الاطر القانونية والمؤسسية وبناء القدرات وتوسيع وتطوير البنى التحتية يمكن للحكومات ان توفر البيئة المطلوبة لتشجيع التنمية الصناعية. ومن اهم المبررات لاستخدام السياسات الافقية الآتي(21):

              1.          ان السياسات الافقية تميل الى تقليل التشوهات التي تتولد من جراء استخدام السياسات المعمودية، لانها تعزز المنافسة وتدعم الاقتصاد الوطني.

              2.          ان السياسة الافقية تعمل على تسوية الارضية لجميع الصناعات وفي عين الوقت فأنها تميل الى اضعاف الحوافز التي تدفع للبحث عن الربح والتخلص من مرض الفساد ، فضلاً عن انها تعزز حالة الشفافية وتدعم الانسجام الاجتماعي . وكما ان السياسات الافقية تساعد على تقليص مشكلة سيطرة الحكومة وفشلها وتبعد المشكلات التي تساعد على ادامة استخدام السياسات العمورية.

              3.          واخيراً فأن السياسة الافقية هي اسهل في مجال التكيف الى ظروف السوق المتقلبة لان منافعها لا يتم قطفها من قبل مجموعات محددة والتي يمكن ان تعمل على ادامة الوضع القائم.

4. الانتقادات الموجهة الى السياسة الصناعية: Criticisms to Industrial Policy

         هناك العديد من الانتقادات التي توجه ضد استخدام السياسة الصناعية وخصوصاً العمودية منها، واهمها:

‌أ.      ان استخدام السياسة الصناعية يخضع دائماً للجدل والنقاش وذلك بسبب تأثيرها على اعادة توزيع الموارد فيما بين الصناعات بطرق لم تكن متوافقة مع اشارات السوق مما يجعلها مشوهة لاشارات السوق فهي غير كفوءة وتجعل اداء الصناعة ضعيفاً (22).

‌ب.   ان تفضيل بعض الصناعات أو القطاعات على غيرها يشجع السلوك الربحي لدى بعض مجموعات المصالح للتأثير على السياسة العامة ويعملون على تثبيت سياسات الدعم لاغراض ومنافع شخصية.

‌ج.    ان عودة أفكار المدرسة النيوكلاسيكية كان لها تأثير على عملية التصنيع اذ انها حاولت ربط السياسة الصناعية المشوهة مع الاداء الضعيف. وبالنسبة الى الذين يبررون التدخل الحكومي استناداً الى حالة فشل السوق فأن اتباع المدرسة المذكورة يرون بأن احتمال فشل البيروقراطية أسوأ من فشل السوق.

‌د.      ويشار ايضاً الى ان استخدام القيود الكمية على المستوردات دفع المصانع الى التنافس على اجازات الاستيراد للحصول على الربح الناتج عنها مما يؤدي الى اهدار (squandering)   الموارد على النشاطات غير المنتجة والباحثة عن الريع (23).

‌ه.      وهناك من يقول بأن الصناعات الناشئة التي تحصل على الحماية لن تنضج ابداً.

أما الأنتقادات التي توجه الى السياسة الصناعية الأفقية فأهمها(24):-

‌و.     إن بعضاً من السياسات الأفقية بطبيعتها طويلة الأمد في تأثيراتها وخاصة التعليم والبحوث والتطوير.

‌ز.    في العديد من الحالات إن فشل السوق وفشل التنسيق له طابع خاص بقطاع معين ولا يمكن التوجه له من خلال المقاربات الأفقية.

‌ح.    إن المنافع من أستخدام السياسة الأفقية تميل الى الأنتشار بين المجموعات والقطاعات وأنه ليس سهلاً تحريك المنتفعين من السياسة الأفقية ولهذا فليس هناك جهات مؤثرة تدعو الى هذه السياسة.

  5.    السياسة الصناعية في ظل منظمة التجارة العالمية(25): (Industrial Policy under WTO)

هناك العديد من العوامل التي أثرت سلباً على فعالية وتطبيق السياسة الصناعية وأهمها قواعد منظمة التجارة العالمية والعولمة والطبيعة المتغيرة للأقتصاد العالمي والمؤسسات التمويلية الدولية والتي تفرض شروطاً صعبة لاقراض البلدان النامية وسياسات اللبراليين الجدد والتي تم ذكرها آنفاً إلا أن تأثير منظمة التجارة العالمية على السياسة الصناعية كان أكبر وأهم. ولهذا سوف نتعرض في هذا الجزء بأختصار الى التأثير السلبي لمنظمة التجارة العالمية على السياسة الصناعية من خلال العديد من الوسائل والأجراءات الواردة في قواعد المنظمة المذكورة.

لاشك أن تأسيس منظمة التجارة العالمية والأتفاقيات التي نجمت عنها والتي حررت التجارة متعددة الأطراف قد تركت تأثيراتها السلبية على السياسات الأقتصادية عموماً والسياسة الصناعية على وجه الخصوص. فنظام الحصص لم يعد يمثل أداة لهذه السياسة، وأن أنظمة الحماية الجمركية وأشكال الدعم المقدم للقطاع الصناعي قد خضعت لقواعد المنظمة المذكورة حيث تم تخفيض التعرفة الجمركية وتم منع القيود الكمية( نظام الحصص) على الاستيرادات. كما ان تزايد الاتفاقيات الثنائية او الاقليمية قد أدى الى انحسار المساحة العامة للسياسة المتاحة للبلدان النامية. ويشار هنا بأن الاتفاقيات المذكورة تعمل على توسيع مساحة القوانين والانظمة فوق ما هو موجود في قواعد منظمة التجارة العالمية (26) ان مثل هذه الاجراءات بطبيعة الحال تركت تأثيرات سلبية على السياسات الصناعية وخصوصاً في البلدان النامية.

وهناك جوانب عديدة اخرى للتأثيرات السلبية لمنظمة التجارة العالمية على المنتجات الصناعية وعلى النشاط الصناعي عموماً وبالاخص في البلدان النامية والتي تتعلق بالعديد من الاتفاقيات العامة ومنها اتفاقية المنسوجات والملابس، والأتفاقية المتعلقة باجراءات الأستثمار ذات الصلة بالتجارة Trade Related Investment Measures (TRIMS)، والأتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية ذات الصلة بالتجارة Trade Related Aspects of Intellectual Property Rights (TRIPS) والأتفاقية العامة للتجارة في الخدمات General Agreement on Trade in Services (GATS) إضافة الى أتفاقيات أخرى ذات تأثير أقل.

         ان اتفاقية المنسوجات والملابس الجديدة الزمت جميع البلدان الأعضاء بالمنظمة التخلص من كافة القيود التجارية وبالأخص نظام الحصص خلال المدة (1995- 2005). ولهذا لم يعد مسموحاً لهذه الدول تطبيق أية معاملة تمييزية ما بين المصدرين، سواء بالنسبة للتعرفة جمركية أو القيود الادارية على المستوردات من السلع المصنعة. إن من شأن ذلك أن يعمل على تخفيض مستوى الحماية التي تتمتع بها البلدان النامية وأضعاف قدرتها التنافسية إزاء البلدان الأخرى.

         اما الاتفاقيات المتعلقة باجراءات الاستثمار ذات الصلة بالتجارة (TRIMS) فقد حددت قائمة بالاجراءات والسياسات التي تتعارض مع الاتفاقيات التجارية مثل تفضيل السلع المحلية على السلع المستوردة لدفع عملية التنمية الصناعية لدى البلدان النامية لكن المنظمة الدولية ترى ان مثل هذه الاجراءات لا تنسجم مع قواعد التجارة لذلك تمنعها.

         ان الدول النامية تعتقد بأن القائمة التي حددتها المنظمة يجب ان لا يتم توسيعها لتشمل اجراءات اخرى. كما ان فترة التحول للبلدان الاعضاء من البلدان النامية يجب ان تمدد لكي تكون مناسبة. وعليه فأن الاتفاقية المذكورة تعد ضد مصالح البلدان النامية.

وبخصوص الأتفاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة (TRIPS) فهي تتكون من ثلاثة أجزاء تشمل المعايير والتطبيق وفض المنازعات. إن هذه الأتفاقية تضمنت تغيرات كبيرة في التشريعات الوطنية والتي صممت لتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية وليس لتسهيل الوصول الى المعرفة ( know- how) ، وبطبيعة الحال فأن لها تأثيراً أيجابياً على نشاطات الأبتكار المحلي. إلا أن لهذه الأتفاقية ايضاً تأثيرات سلبية على البلدان النامية لأنها تؤدي الى أرتفاع أسعار الأبتكارات المحمية والمنتجات، وأنها تقيد أمكانات أنتشار التكنولوجيا لأن البلدان النامية لا تملك ميزة نسبية في مجال الأبتكار. ولذلك فإن محاولاتها لتطوير بعض القطاعات ضمن قواعد منظمة التجارة العالمية تعني أن عليها الأعتماد على نقل وأنتشار التكنولوجيا من البلدان الأجنبية ودفع الأتاوات المطلوبة لذلك مما يؤدي الى أرتفاع تكاليف انتاجها ويضعف مستوى التنافسية لديها.

والأتفاقية الأخرى هي الأتفاقية العامة للتجارة في الخدمات (GATS) والتي تتضمن قواعد للتجارة في الخدمات وهذه بطبيعة الحال تؤثر على مساحة وفعالية السياسة الصناعية في البلدان النامية. إن قواعد الأستثمار الأجنبي في الخدمات هي جزء من نظام التجارة متعددة الأطراف. إن تأثير هذه الأتفاقية يتمثل في ضمان حرية الوصول الى السوق مما يجعل من الممكن تطوير قطاعات التصدير، كما أن تطبيق هذه القواعد يعزز المنافسة في الأسواق. والبلدان النامية لها مصلحة في التصدير لكن المنافسة الأجنبية الشديدة تجعل من الصعوبة على البلدان النامية تحقيق تنافسية تصديرية في المجالات التي تمتلك فيها ميزة نسبية.

وهناك الأتفاقية الخاصة بالأعانات والأجراءات المضادة(Subsidies and Countervailing Measures) والمعروفة أختصاراً بـ(SCM) والتي تمنع استخدام الاعانات الموجهة لدعم الصناعة المحلية وتوسيع الصادرات ولذلك فهي تعزز من فرض العقوبات على أستخدام الأعانات والأجراءات المضادة وذلك للتعويض عن أية أضرار تسببت للبلدان من جراء المستوردات المدعومة.وينطبق ذلك على المنتجات غير الزراعية.وتجدر الأشارة الى أن الاعانات كانت وسيلة رئيسية لحماية الصناعات الناشئة وتوسيع الصادرات في العديد من البلدان النامية وخاصة في شرق اسيا. ولهذا فأن لهذه الاتفاقية اثراً ضاراً على الانتاج الصناعي والصادرات الصناعية في البلدان النامية. ان العمل بأجراءات (SCM) يعتمد على توفير الأثباتات بأن الأعانات لها تأثير سلبي على تجارة عضو آخر في المنظمة.

وهناك أيضاً الأجراءات التي تتضمن قيوداً فنية على التجارة من خلال التلاعب والتشدد بنظم المقاييس والجودة وأجراءات الحماية الصحية والبيئية للبلد العضو في المنظمة. الامر الذي يسبب العديد من الصعوبات بوجه البلدان النامية ويعيق صادراتها.

وعلية فإن البلدان النامية لا يمكن لها أن تستخخدم الأعانات لتحقيق ميزة تنافسية أزاء البلدان المتقدمة، وأن أجراءات الأستثمار ذات الصلة بالتجارة ليست في صالحها، كما أن أجراءات حماية الملكية الفكرية والتي تفرض على البلدان النامية الحصول على التراخيص وبراءات الأختراع بعد دفع الأتاوات الخاصة بها الأمر الذي يضيف لها اعباء مالية جديدة على المنتجات الصناعية في البلدان النامية التي تستخدم هذه البراءات وبالتالي فأن البلدان النامية ترى بأن هذه الاتفاقية ليست في صالحها. ومن هنا فإن قواعد منظمة التجارة العالمية تقيد وتضبط تدخل الحكومات لدعم وتشجيع الصناعة وبالتالي تؤثر سلباً على هذه البلدان وعلى فرص تطورها الصناعي(27).

         يتضح مما سبق بأن قواعد منظمة التجارة العالمية تقيدّ وتضبط تدخل الحكومات لدعم وتشجيع الصناعة وبالتالي تؤثر سلباً على البلدان النامية وتحرمها من أمكانيات اللجوء الى الحماية والدعم وتحملها تكاليف أضافية من جراء أستخدام التراخيص وبراءات الأختراع وكل ذلك من شأنه أن يضعف من تأثير السياسة الصناعية للبلدان النامية بشكل خاص.

  1. 6.    استنتاجات وتوصيات (Conclusions and Recommendations)

أولاً: الأستنتاجات  (Conclusions)

    1.          إن الحاجة الى السياسة التجارية تستند الى حقائق السوق الدولية وشروطها لكل بلد. فالأسواق العالمية الحالية مشوهة وتتباين في توزيع الدخول والأصول فيما بين الدول المتقدمة والدول النامية، وزيادة تركز السوق وتوسع الفجوة التكنولوجية والتي تؤدي الى طول فترة التعلم.

    2.          لاشك أن السوق له دور فاعل يلعبه في عملية التصنيع والتنمية لكنه غير كاف لوحده لتعجيل النمو وتوسيع الطاقة الأنتاجية وتشجيع الميزة النسبية ورفع القدرة التكنولوجية. لهذا فهناك حاجة للتدخل الحكومي وأن آلية السعر بطيئة لخلق السوق وتطوير العوامل غير السعرية. لذا فإن عمل الحكومة يكمل دور السوق ولا يستبدله، وخاصة في الحقول التي لا يستطيع القطاع الخاص أو غير مستعد للأستثمار فيها بسبب وجود المخاطر العالية أو لوجود بعض الصناعات التي تواجه وفورات خارجية.

    3.          يعتقد الكثير من الأقتصاديين بأن الدعم للصناعة الناشئة لا يمكن تجنبه.

    4.          إن التدخل الحكومي يكون ضرورياً عندما تكون المنافسة لوحدها لا تستطيع دفع المنشأت الأنتاجية نحو الأبتكار والأستثمار لرفع مستوى الأنتاجية.

    5.          إن الحجة النظرية ضد تدخل الدولة في الأنتاج والتجارة تستند أساساً على فرضية وجود الأسواق التنافسية التي تعمل جيداً، وليس هناك حالة فشل السوق، وأن فشل الحكومة هو السائد.

    6.          إن مهمة رفع سوية (upgrade) الهيكل الصناعي طبقاً للميزة النسبية الدينامية لا يمكن أن تتم من خلال قوى السوق لوحدها وأن البلد يمكن أن يطور الصناعة التي يختارها من خلال العمل الحكومي.

    7.          إن المقترحات الصادرة عن الدول المتقدمة ضمن قواعد منظمة التجارة العالمية ليست ملائمة للتنمية في البلدان النامية لأنها تدفع بأتجاه تحرير التجارة بشكل عمومي لكنها لا تطبق نفس المعادلة في تخفيض معدلات التعرفة الجمركية. فالتخفيض يكون لدى البلدان المتقدمة من مستويات منخفضة لمعدلات التعرفة الجمركية بالمقارنة مع البلدان النامية التي تخفض معدلاتها من مستوى مرتفع نسبياً، وبذلك يكون حجم التخفيض لدى هذه الأخيرة أعلى بكثير من مثيلاتها في البلدان المتقدمة.

    8.          إن السياسة التجارية ما هي إلا وسيلة من وسائل تحقيق الهدف التنموي العام للبلد بما فيها طاقة أنتاجية وتصنيع. وفي ظل قواعد منظمة التجارة العالمية فإن آلية السيطرة والرقابة على السياسات الصناعية لدى البلدان النامية تكون محدودة، إذ أن هذه القواعد تقيد نقل التكنولوجيا، وتحد من قدرة هذه البلدان على فرض متطلبات الأداء في المصانع الأجنبية وتعّرض الخدمات المحلية للمنافسة الشديدة، كما تمنع هذه القواعد البلدان النامية من أستخدام الأعفاءات والاعانات لدعم الصناعات المحلية رغم ان قواعد منظمة التجارة العالمية لا تزال تسمح بأستخدام التدخل الحكومي في مجال السياسة التجارية على شكل اعانات انتقائية لتشجيع نشاطات البحوث والتطوير (R&D) المحلية وكذلك التنمية الاقليمية والنشاطات الصديقة للبيئة.

    9.          ان للسياسات الصناعية امكانات كبيرة لتشجيع التنمية الاقتصادية، لكن هذا الاحتمال يمكن ان يتحقق فقط اذا كانت البيئة السياسة الصناعية صحيحة وملائمة. ويستنتج من ذلك بأن السياسة الصناعية قد تكون مرغوبة اجتماعياً وقد تحفز النمو الاقتصادي والتنمية وان فشل السياسة الصناعية في العديد من الحالات في افريقيا في الستينات يعود الى انها اندفعت بدافع الرغبة في الحفاظ على السلطة السياسية وهذا غير متوافق مع شروط النمو الاقتصادي(28)

  1. وبالعودة الى تساؤلات البحث المذكورة في بداية الورقة فنبين الاتي:

‌أ.      ان هناك حاجة لنوع ملائم من السياسة الصناعية في البلدان النامية اذا اريد تحقيق النمو الصناعي والتحول الهيكلي في البلدان المذكورة.

‌ب.   ويدعم هذا التوجه مجموعة من المبررات التي سيقت لاستخدام السياسة الصناعية.

‌ج.    ان الموقف المطلوب من السياسة الصناعية ينعكس في مجموعة من التوصيات التي ادرجت أدناه والتي تركز على الحاجة لاستخدام السياسة الصناعية الملائمة للاوضاع الداخلية في البلدان المعنية، سواء العمودية منها أو الافقية وبالاسلوب الذي يحقق اهدافها، على ان يتم التركيز على السياسة الافقية للتغلب على فشل الاسواق اذ انها تقلل من التشوهات في السوق وتشجع المنافسة المفتوحة والشفافية.

ثانياً: التوصيات (Recommendations)

    1.          يجب ان تكون السياسة التجارية ذات توجه تنموي ومتخصصة بتلبية احتياجات البلد ومستندة الى حقائق السوق الدولية وتسمح للتغيرات الحاصلة في الادوار المتغيرة للسوق والمصانع والحكومات في تنسيق النشاطات الاقتصادية المتغيرة عبر الزمن.

    2.          ينبغي ان تكون السياسات الصناعية انتقائية ( selective) ودينامية ويمكن التنبؤ بها وبطبيعتها وان تعطي اهتماماً للدور المكمل للعوامل غير السعرية مثل القيود الادارية والفنية على الاستيرادات في مقابل العوامل السعرية مثل الضريبة الجمركية التي تؤثر على اسعار الاستيرادات بشكل مباشر.

    3.          ان توفير الحماية للصناعات المختارة يجب ان لا يمنح بدون شروط وبدون حدود وعلى الحكومة ان تصر على الاداء مقابل الحوافز وان تعاقب الصناعيين في حالات يكون فيها اداؤهم دون المستوى المطلوب.

    4.          يجب ان تتغير الفلسفة العامة لمنظمة التجارة العالمية لانها تعاني من تناقضات ومعايير مزدوجة مضرة بالبلدان النامية.

    5.          ان السياسات التجارية يجب ان تسمح لمستويات مختلفة من التنمية والتصنيع للبلدان المختلفة في كل فترة من الزمن كقاعدة وليس كأستثناء وان تعامل الصناعات حسب وضعها وحاجتها وتطورها. وان متطلبات الاداء التصديرية وفقرات المحتوى المحلي يجب ان يسمح لها في العلاقة بين الدول المضيفة والشركات عبر الوطنية. وبالمقارنة فأن بعض الحماية للملكية الفكرية مطلوب لكن متطلبات ( TRIPS) يجب ان تتغير حتى لا تخلق عوائق شديدة أمام انتشار التقنية الجديدة للشركات في البلدان النامية.

    6.          ان التنمية الصناعية يجب ان تبدأ على اساس انتقائي، حيث ان بعض السلع الاستهلاكية التي تواجه طلباً واسعاً في السوق الداخلي والتي تتضمن تأثيرات التعلم كبيرة الحجم يجب ان يتم اختيارها كمجموعة اولى من الصناعات لبناء الطاقات الانتاجية، على ان تتم حماية صناعة المنتجات النهائية لصناعات مختارة، وان المستلزمات المستوردة لهذه الصناعات يجب ان تكون حرة اي غير خاضعة للتعرفة الجمركية.

    7.          اللجوء الى استخدام السياسة الصناعية الافقية قدر الامكان لما لها من مزايا عديدة على السايسة الصناعية العمودية في مقدمتها تقليل تشوهات السوق وتشجيع المنافسة المفتوحة والشفافية ومزايا اخرى، ولهذا فقد شهدت هذه السياسة دعماً كبيراً في السنوات الاخيرة.

    8.          واخيراً على المجتمع الدولي السعي لتحقيق نظام اقتصادي دولي اكثر عدالة وسياسات تأخذ بنظر الاعتبار حاجة البلدان المختلفة ومستويات تنميتها وعلى مراحل مختلفة من التنمية وان لا تركز على مصالح البلدان الصناعية المتقدمة والشركات متعددة الجنسية.

الهوامش والمراجع : Footnotes and References

          1.        ويشار هنا الى ان هذه العملية لها محدداتها في تعزيز التصنيع في البلدان النامية، كما انها تزيد من المخاطر لهذه البلدان وتعرضها الى قرارات المصانع العالمية لاعادة توظيفها من بلد لآخر.

انظر:

Mehdi Shafaeddin, Is Industrial Poticy Relevant in the 21st century?,
TWN Trade and Development Series No. 36, 2008, P11. www.twnside.Org.sg
 
2.        Wilson Peres and Annalisa Primi, Theory and Practice of Industrial Policy,
Evidence from the Latin American Experience , PP7-9. www.eclac.org/ddpe/noticias  (بدون سنة نشر)
 
3.        Bijit Bora, Peter Lioyd and Mari Pangestu, Industrial policy and the WTO, United Nations Conference on Trade and Development, 2000,p1.
4.        Wilson Peres and Annalisa Primi, op.cit, pp 9-15.
 

          5.        ان شومبيتر هو اقتصادي الماني صاحب نظريات في الابتكار (innovation) وفي التنمية وله دراسات حول انماط النمو الرأسمالي والتي تمثل بداية لتحليلات التنمية الصناعية وهو يرى بأن التنمية هي بمثابة عملية تراكمية وتمر بتقلبات مستمرة وغير مستقرة. ان افكار شومبيتر تؤكد على دور المنافسة فيما بين المنتجين، وان الاختلافات في القدرات التكنولوجية والتنظيمية هي التي تحدد التنافسية فيما بين البلدان والقطاعات الانتاجية والمصانع. والتنمية لدى شومبيتر تتضمن استبدال الوحدات الانتاجية غير التنافسية بوحدات اكثر تنافسية ومستوى تكنولوجي أعلى وبحجم اكبر. والابتكار لدى شومبيتر يتضمن ظهور منتجات جديدة وعمليات انتاج جديدة ومصانع جديدة.

انظر في ذلك:

(UNDP) Regional Centre in Colombo, Who’s Afraid of Industrial Policy , Asia-Pacific Trade and Investment Initiative (بدون سنة نشر) . p9-10 .

          6.        يعني مصطلح العناقيد الصناعية مجموعة من المصانع الصغيرة والمتوسطة في نشاط معين تتجمع حول مصنع كبير وتعمل تحت قيادته. ان تطور العناقيد الصناعية يمكن ان يسهل مهمة زيادة الانتاجية من خلال توفير الخدمات العامة ( Overhead) من قبل المنظمين، فضلاً عن التفاعل فيما بين المصانع التي اختارت الدخول في العنقود الصناعي، كالتفاعل بين كتاب البرامج ومصّنعي القطع (chips). ولهذا فأن العناقيد الصناعية يمكن ان تمثل بديلاً عن الاعتماد على المشتري أو على الشبكات التي يقودها الصناعيون. وقد لاقت هذه الوسيلة الصناعية قبولاً واسعاً في وسط امريكا اللاتينية. كما طبقت في المكسيك والبرازيل.

انظر:

Wilson Peres and Annalisa Primi, op.cit, P37.

وكذلك:

 Howard Pack and kamal Saggi, The Case for Industrial policy: acritical survey, 2001,p8, www.dfid.gov.uk/pubs/files/itd/industrial-policy.pdf
7.        Mustapha K.Nabli and others, The political Economy of Industrial. Policy
in the Middle East and North Africa, ECES Conference, Cairo,
Egypt, November 13 ,2005,p 4-5.

          8.        ان تفاهم واشنطن مصطلح ظهر في 1989 من قبل (Johu Williamson) لوصف مجموعة من السياسات الخاصة التي اعتبرت معياراً لحزمة من الاصلاحات لمعالجة ازمة البلدان النامية الاقتصادية، والحزمة احتوت على سياسات تشمل التثبيت الاقتصادي ( Stabilization ) الكلي والانفتاح الاقتصادي على التجارة والاستثمار الاجنبي وتوسيع واطلاق قوى السوق في الاقتصاد الوطني. وبعد ذلك اخذ المصطلح يستخدم بشكل واسع ليعني التوجه العام نحو مقاربة تعتمد على السوق وترفض التدخل الحكومي.

انظر في ذلك : Wikipedia  في شبكة الانترنيت.

          9.        للمزيد من التفاصيل انظر :

Mehdi Shafaeddin, op.cit, p9 -15.

          وكذلك:

UNDP,Who’s Afraid of Industrial Policy? Asian Pacific Trade and Investment Initiative, UNDP Regional Centre in Colombo. P8(بدون سنة نشر).
10.        Wilson Peres and Annalisa Primi., op.cit,p16-18.
11.        Ibid,p18.
Also,Irfan ul Haque,Rethinking Industrial Policy ,UNCTAD Discussion Papers, No.183, April 2007, p4-5.
12.        Richard B.Mckenzie, Industrial policy, The concise Encyclopedia of Economics(بدون سنة نشر) . www.econlib.org/library/Enc/ Industrial policy.html.

      13.        وفي استفتاء اجرته مجلة الايكونومست اللندنية أعرب نحو 72% من المصوتين عن ثقتهم بفضائل السياسة الصناعية. كما ان السياسة الصناعية تلقى استحساناً لدى الساسة القادرين على محاباة الجماهير الانتخابية. قارن في ذلك جستين بيفولين، السياسات الصناعية تفيق من سباتها، بروجيكت سنديكت، 2010، ترجمة ابراهيم محمد علي. www.project-syndiicate.org

      14.        للمزيد من التفاصيل انظر :

Mustapha Nabli and others, op-cit., p 6-8?.

وكذلك:

ESCWA,Impact of industrial Policies on the Competitiveness of Small and Medium-sized Enterprises,United Nations, New York,2007,p ix.

      15.        انظر :

Howard Pack and Kamal Saggi,op.cit.,p8.
16.        Mehdi Shafaeddin, op.cit.,p3
17.        Howard Pack and Kamal Saggi, op.cit.,p3.
18.        Helen Shapiro, Industrial policy and Growth, DESA Working Paper No. 53,
August 2007,p1.
19.        ESCWA, Impact of Industrial policies on the Competitiveness of Small and Medium-Sized Enterprises, op.cit.,pix.
20.        Mustapha Nabli and others , op.cit.,pp 10-11.
21.        Ibid.
22.        ESCWA, Impact of industrial Policies ,op.cit.,p1. Also,Helen Shapero, op.cit,p2
23.        Helen Shapiro,op.cit.,p2.Also,Mustapha k. Nabli,op.cit.,p8.
24.        Mustapha Nabli and others , op.cit.,p 10-11.
25.        Bijit Bora, Peter Lioyd and Mari Pangestu., op.cit,p19-25

   وكذلك: د. احمد الكواز، السياسات الصناعية، سلسلة جسر التنمية العدد الثالث، شباط8، 2010.  ص9-19.

 
26.        UNCTAD, Rethinking Industrial Policy, Discussion Papers, No. 183, April 2007, p4-5.
27.        Mehdi Shafaeddin , op.cit.,p10

وكذلك:

Bijit Bora, Peter Lioyd and Mari Pangestu., op.cit.,pp 21-22

  1. Robinson, James A. , Industrial Policy and Development: Apolitical Economy Perspective, May 2009,p16.

وهناك العديد من المراجع ذات العلاقة والمفيدة التي تمت قراءتها والاستفادة منها ولم يتم الاشارة اليها في متن البحث نذكرها ادناه لغرض الاستفادة منها لمن يشاء واهمها الآتي:

    1.          بوسكين مايكل ، السياسة الصناعية تعود الى الحياة، الصحيفة الاقتصادية الالكترونية، 2011.

    2.          Bretton Woods,The World Bank and Industrial Policy : Hands off or Hands on? December 2012 . www.brettonwoodsproject.org/art-571554.
3.          Hart, Jeffrey A. Can Industrial Policy Be Good Policy?(بدون سنة نشر)
4.          Maio, Michele Di, Industrial Policy in Developing Countries: History and Perspectives, Maggio,2008.
5.          Rodrik, Dani, Industrial Policy: Don’t Ask WHY, ASK How, Middle East Development journal, vol 1, No 1(2009)
6.          Rodrik , Dani, Normalizing Industrial Policy, Commission on Growth and Development Working Paper no.3, Washington, DC., 2008.

    7.          زان، جيمس، انجاح السياسة الصناعية ، بروجكت سنديكيت، 2011، ترجمة أمين علي.

www.project-syndicate.org

(*) رئيس قسم العلوم المحاسبية والمصرفية / كلية المنصور الجامعة

(**) البحث نشر في مجلة العلوم الاقتصادية والادارية في جامعة بغداد, العدد 76 المجلد 20 لسنة 2014

Industrial Policy and Development in Developing Countries

(The Proponents and the Opponents)

Abstract
This paper aims to discuss and analyse the role and importance of implementing industrial Policy to promote industry and enhance economic development in developing countries. The paper discusses the economic justifications for using industrial policy as well as the criticisms leveled against it, for this purpose it analyses the ideas of two different approaches to industrial policy. The first held by the neo-liberals in the USA , who oppose the use of industrial policy and emphasise the role of the market in attaining economic development. The second, represented by many economists who support the use of industrial policy to promote industry and accelerate economic development, they justify their stand by pointing to the negative impact on developing countries of Globalisation and the rules of World Trade Organisation.
The paper concludes, in the light of the analyses, that there seems to be a need for using a carefully designed industrial policy in developing countries to achieve economic development, as well as modifying the rules of WTO to cater for the special needs of those countries.
 Keywords:
Industrial Policy, Newliberalism, World Trade Organisation, Protection,Trade Policy, Economic Development, Industrialisation, Developing Countries, Intellectual Property Washington Consensus, Globalization, Conglomeration, Industrial Clusters, market Failure, Government Failure.
(*) Head of Accounting and Banking Sciences Department \Mansour University College

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (6)

  1. Avatar
    م. جاسم الارتوشي:

    تحية حارة للاستاذ الدكتور مدحت القريشي، يمكن القول بأنني قد قرأت اغلب ما كتبه الدكتور وانا من المؤيدين لأفكاره وخاصة ما يتعلق بحماية المنتوج المحلي عن طريق السياسة التجارية الموجهة…. وياريت الحكومة ان تسيطر بشكل رسمي على كافة المنافذ الحدودية وتمنع اي سلطة خارجة عن الحكومة من تجاوز هذه المنافذ كي تستفاد الحكومة من العوائد الكمركية من جهة وتحمي منتجاتها من منافسة المنتجات الاجنبية

  2. Avatar
    safia safia:

    سلام عليكمم انا صفية طالبة مدرسة عليا السنة القادمة 2018 مقبلة غلى التخرج ان شالله واخترت موضوع لمذكرة التخرج حول * استراتيجية وسياسات التنمية الصناعية في اوربا * من فضلكم من لديه معلومات عن هذا الموضوع فلا يبخل عليا بذلك وجزاكم الله خيرا رمضان مبارك

  3. Avatar

    مشكور دكتور مقال رائع جدا وفي مستوي التطلع

  4. Avatar

    السلام عليكم : استاذي الكريم د مدحت انا بصصد انجاز اطروحة عن الاستراتيجية الصناعية والتنمية الاقتصادية وارجو المساعدة بقدر المستطاع

  5. د .مدحت القريشي
    د .مدحت القريشي:

    عزيزي الاخ الاستاذ فاروق يونس
    تحياتي لك وتقديري وشكرا على اهتمامك بما ينشر من مقالات وعلى تعليقاتك على مقالاتيولديك دائما ما تضيفه من معلومات واراء قيمة والتي تعكس اطلاعك وثقافتك الواسعة .انني اتفق معك فيما ذهبت اليه بانعدام السياسات الاقتصادية المطلوبة والموجود هو سياسة الاسياسة وينطبق عليها تماما مذكرته انت من بيت الشعر الرائع وهو متى يستقيم الظل والعود اعوج .مدحت القريشي .

  6. فاروق يونس
    فاروق يونس:

    هذا اخى الدكتور مدحت القريشى الذى عرفته مدافعا عن حماية الصناعة الوطنية فى جميع ابحاثه منذ عدة عقود من الزمن
    واليوم يكرر توصيته بان تكون السياسة التجارية ذات توجه تنموى وان توفر الحماية لصناعات مختارة ولكن يجب ان لا تمنح بلا شروط وان تكون مستندة الى حقائق السوق الدولية وتسمح للمتغيرات الحاصلة فى الادوار المتغيرة للسوق
    لكن للاسف الشديد ان العراق يفتقر الى :
    – السياسة الصناعية و الى
    – السياسة التجارية و الى
    – السياسة الزراعية
    ولا يسعنى الا ان اقول : :
    متى يستقيم الظل والعود اعوج
    اتمنى لاستاذى مدحت القريشى الصحة والسعادة والمزيد من العطاء خدمة لوطننا الحبيب

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: