Download PDF
أولاً – المقدمة
بعد تركي العمل الوظيفي في قطاع النفط نأيت بنفسي أن أبتعد، ولو لبعض الوقت، عن الخوض في ترهات الكتابة واجترار فضلات اعلام القطاع المفبرك والموجه بتحوير الحقائق وقلبها نحو خدمة مصالح المجموعات والفئات ذات العلاقة. وقد أردت في مثل هكذا قرار أن أوفر لنفسي فسحة من الوقت أقوم خلالها بالمراجعة الشاملة وتقييم فترة عملي وما رافقها من ضغوط واشكالات عديدة ومختلفة علّني أجد بعض الاسباب او الدوافع وراء ما كنت أخوض به من مجابهات وموجات متعاقبة من المعاكسة وحتى التهميش ومحاولات التسقيط، حيث تولّد عندي خيط رفيع من الظن أو الشك بأن اسلوبي في الاندفاع العالي والحدية في تناول الامور ربما تكون غير مقبولة لدى الطرف الاخر في الدائرة العليا من المسؤولية وعليه فمن الأفضل أن يكون هناك تشخيص لمثل هكذا سلوكيات وأساليب. لكن أعاود في المراجعة الشاملة والاستنتاجات الواضحة بأن أساليب الاندفاع الزائد والحدّية في طرح الامور ناتجة من حرصي على تحقيق منجزات كبيرة وذا نفع عالي وواسع للبلد وأهله وكذلك قطاع النفط، فأطروحاتي كانت شديدة الوضوح وخالية من أي مصالح شخصية وما الى ذلك، فلماذا تقابل ليس بالرفض فقط بل بسلسلة من حلقات ظالمة ومحرقة فيها كل أشكال التحريف والتزييف وما أنزل الله بها من سوء وتحريف في الحقائق؟
بعد الذي حدث أثبتت الأيام والوقائع صحة مواقفي وصواب نهجي واستقامة المبادئ التي كنت متمسكاً بها وأعمل بجوهرها، وهي الرابط الأساس مع الخالق عزّ وجل وتعاليم ومبادئ الدين الاسلامي الحنيف وما جاء به الامام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في أقواله المأثورة ( قيمة المرء بعمله ) و ( الولايات مضامير الرجال ).
ثانياً- الادارة الكفوءة مفتاح التطور وطريق النجاح
قبل الخوض في مفردات الموضوع أعلاه ولكونه يمثل صفحة تجسد بوضوح تام الكيفية التي تمارسها الادارات العليا في تناول الامور المهمة والنتائج المتأتية من قراراتها فإما أن تكون على المسار الصحيح وتأتي بفوائد جمة وثمار هائلة، أو تكون على المسار الخطأ وفي هذه الحالة تكون النتائج على عكس ذلك.
من المفيد هنا التطرق، ولو بإيجاز، عن الدور المهم لقرارات الادارات العليا والتي هي اللاعب الاساس والمحرك الفعال في سفر التطوير والنجاح ورفع الأداء وخلق بيئة خصبة وظروف صحية وصحيحة تنمو فيها المهارات وترتقي الكفاءات وتنتهي في نهاية المطاف بمحصلة تدفع بتطوير العمل ووضعه على مسار السكة الصحيح. لقد شهد العالم ومنذ قيام الثورة الصناعية حقب كثيرة ومختلفة في طبيعتها ساد فيها العديد من الاختناقات والفجوات مع التراجع في برامج العمل وأدائية الفرد، وأثبتت الوقائع أن الحلول المثلى لمثل هكذا اشكالات تكمن في توفير ادارات متمرسة وكفوءة. ومنذ المراحل الأولى للثورة الصناعية تطورت اختصاصات الادارة بشتى الاتجاهات وتوسعت باضطراد بمرور الزمن حتى أصبحت علوم ” الادارة الصناعية ” من الاختصاصات التي تعتني بها الدول الصناعية والدول المتقدمة واعتمادها على نطاق واسع في معظم الجامعات والمعاهد والمؤسسات الاكاديمية والتطبيقية، وكانت بريطانيا وألمانيا ودول اوروبا الاخرى الرائدة الاولى في الاهتمام بهذا الاختصاص تلتها الماكنة الرأسمالية الامريكية حيث حظى اختصاص وعلم الادارة باهتمام كبير ومتميز وادخل عليه العديد من صفحات التطور والتطوير وكانت ولا زالت النتائج باهرة.
أما اليابان فقد استفادت من خبرات أوروبا وأمريكا مجتمعة ساندها في ذلك طبيعة وسلوكية شعب اليابان وعاداته الموروثة من العهد الاقطاعي والمتمثلة في الطاعة المطلقة والولاء شبه الأعمى، والعمل الدؤوب. وقد قفزت اليابان بطفرات عالية في تطوير هذا الاختصاص، ومن الجدير بالذكر أنه حتى في الزمن القريب فإن ما شهدته ثورة التطوير والتقدم والاعمار والعمران في ماليزيا والامارات العربية المتحدة كان للإدارة الكفوءة والمتمرسة والناجحة الدور الاساس والمهم في تحقيق تلك الانجازات.
ثالثاً – خلفية مشروع استخلاص ( 2 ) مليون لتر بنزين يومياً من غاز يحترق في حقل نهران عمر
خلال الفترة 2004 – 2006 شهد قطاع النفط الاستخراجي نشاطات واسعة وطفرات عالية في تحقيق برامج الاعمار وتكللت تلك النشاطات بنتائج مثمرة كان أبرزها الانفتاح على العالم الخارجي ومد الجسور مع معظم شركات النفط العالمية للوقوف على آخر مستجدات التطوير، والتطوير في صناعات النفط والغاز، وأبرمت اتفاقيات تعاون مع العديد من الشركات العملاقة انبثقت على ضوئها لجان مشتركة “Steering Committees ” والتي أثمرت أعمالها بالحصول على العديد من الفوائد للقطاع في مجالات التدريب والتطوير واجراء الدراسات المكمنية والحصول على معونات كثيرة بلا مقابل في مجالات عدة. وكنت في حينها أشغل رئاسة الجانب العراقي في لجنة ائتلاف شركات توتال الفرنسية وشيفرون الامريكية. وفي الجانب الآخر تميزت تلك الفترة بتفاقم ظاهرة شحة المشتقات النفطية وعلى الأخص مادة البنزين نتيجة الفوضى الممنهجة التي خلقتها سياسات المحتل من خلال فتح كل مجالات الاستيراد وفتح منافذ الحدود على مصراعيها لدخول أعداد هائلة من السيارات والعجلات والمركبات بكل أنواعها القديمة والجديدة، وعليه وبهدف معالجة الاختناقات والشحة الحادة من البنزين والمشتقات النفطية الاخرى فقد تم اللجوء الى الزيادة في معدلات استيرادها من الخارج، وقد كانت تلك الزيادات تتفاقم وتنمو باستمرار وباضطراد وأصبحت أفضل وأخصب بيئة لنمو بؤر الفساد والسرقة والخراب حيث أن جزءً كبيراً من الكميات المستوردة يتم ايصالها عند أرصفة الرسو في الميناء من دون تفريغ الحمولة ثم يصار الى ابحارها وارجاعها ثانية للعراق بهدف البيع والتسويق. وهكذا تستمر كرة الجليد من الفساد بالكبر والاتساع، في حين أن الجزء من كميات المشتقات التي يصار الى تفريغها ومن ثم ضخها في الانبوب الناقل تتعرض هي الأخرى الى أعمال سرقة ونهب ممنهج ومخطط من مواقع على امتداد الخط.
ولّدت هذه الحالة الشاذة بؤر فساد متعددة ومتنوعة مكونة من عصابات ومجموعات مسلحة حتى أن البعض منها على اتصال وتنسيق بمستويات عليا من دائرة المسؤولية. وأخذت تلك الظاهرة تنفلق وتتشعب باتجاهات مختلفة وذا طبيعة خطرة قد تدفع البلد ككل الى منزلقات نحو أتون القاتل الاقتصادي وعواقب لا تحمد عقباها.
وفي خضم هذا الجو المشبع بسُحب السوء والفساد والخراب كان لابد من عمل شيء ولو بأدنى قسط من الجهد بهدف تقليص مساحات الفساد والإفساد والخراب والتخريب الاقتصادي والحد من تفاقم الاستشراس والمعترك الشرس الذي أخذ ينهش في جسد البلد، وغياب أدنى قيم ومعايير السلوك الانساني أو الوطني أو حتى الشرعي. وسط كل هذه التلاطمات والارهاصات ظهرت أمامي، وبصورة فجائية وتلقائية، فكرة اعادة مشروع استخلاص البنزين من شعلات غاز محطة نهران عمر والذي في حالة تنفيذه سيوفر كميات من مادة البنزين تصل الى حوالي 30% من اجمالي الكميات قيد الاستيراد وما فيها من مردودات اقتصادية عالية إذا ما أخذنا في الحسبان سعر لتر البنزين المستورد الواحد يعادل أكثر من دولار في ذلك الوقت. وبعد المراجعات والرجوع الى بعض أوليات المشروع توصلت الى قناعة تامة بوجود كل المبررات وكل الامكانيات الخاصة بالمشروع وعلى أثر ذلك تقدمت بطلب الى شركة توتال للقيام بدراسة المشروع. وعلى الرغم من اعتذارهم بداية الامر إلا أن الاصرار أدى في نهاية المطاف الى الموافقة، وبالفعل، اكتملت جوانب الدراسة وأعمال تصاميم المشروع خلال فترة امتدت لأكثر من عام تخللها العمل الدؤوب والمثابرة والمتابعة وقد جاءت بنتائج باهرة فاقت بكثير توقعاتنا وحساباتنا ومن أبرزها:
1- المشروع يتكون في الأساس من وحدة ميكانيكية تحوي على منظومات تسخين وتبريد وتعمل بتقنية محددة في اسس عمليات هندسية – كيمياوية.
2- المؤشرات الاولية تشير بمعقولية كلف الاستثمار فيها.
3- طاقة وسعة الوحدة في المرحلة الاولى تصل الى استخلاص معدل (2 ) مليون لتر بنزين / يومياً من الغاز الذي يحترق في الاصل.
4- هناك مجال في تصعيد طاقة الوحدة لاستخلاص البنزين الى ( 8 ) مليون لتر بنزين / يومياً بعد توفر الغاز وتوسيع مكونات الوحدة.
5- الكميات المستخلصة من منتوج البنزين تصبح جاهزة للاستخدامات موقعياً بعد اضافة بعض من المواد الكيمياوية ( أثيلات الرصاص ) او ارسالها عبر انبوب الى مصفى البصرة لتمزج مع بقية منتوج البنزين المستخرج هناك.
كانت نتائج الدراسة تمثل قمة الفخر والاعتزاز بل والابتهاج لما تحمل من مزايا متناهية وبمنتهى الاهمية للبلد والوزارة والصالح العام، وستحد ولو لبعض الشيء من تفاقم مستويات التشريس في ماكنة الفساد وتوابعها، ناهيك عن المنافع الاقتصادية الكبيرة الناتجة من تقليص كميات استيراد المادة وبالتالي الحفاظ على مبالغ من العملة الصعبة لصالح البلد.
بادرت برفع المشروع يرفقه كتاب مفصل الى السيد الوزير للموافقة في المضي بالمشروع وكنت خلال تلك الفترة أشغل منصب مستشار للوزير.
وبعد الاخذ والرد والكم من الاستفسارات، حصلت الموافقة على المضي بتنفيذ المشروع من قبل نفط الجنوب، ولكن وبعد فترة وجيزة وخلال مرحلة التهيئة والاعداد لمفاتحة الشركات الاختصاص ورد توجيه عاجل من السيد الوزير بإيقاف العمل بالمشروع من دون حتى الاشارة للأسباب.
ومن المفارقات التي تثير الاستغراب، أنه عند أحد زيارات السيد الوزير الى البصرة، قام بافتتاح مشروع رفع طاقة الانتاج في محطة انتاج حقل نهر عمر من ( 10 ) ألف برميل / اليوم الى ( 50 ) ألف برميل / اليوم، وهو مشروع قمنا بإنجازه بصورة كلية اعتماداً على الجهد الوطني وما متوفر من منشآت فائضة وحتى مشطوبة قمنا بتأهيلها. خلال تلك الزيارة شكى بعض من العاملين في المحطة من مضايقات الاهالي من سكنة المنطقة بالقرب من المحطة لهم بسبب هدير الصوت العالي وقوة اللهب الصادرة من شعلات الغاز فالتفت السيد الوزير نحوي وتساءل عن الامكانيات المتاحة لمعالجة الظاهرة وبصورة تلقائية كانت اجابتي تحوم حول مشروع استخلاص البنزين من الشعلات والذي سيساعد حتماً الى تقليص صدى الصوت العالي ويخفض من قوة دفع الوهج المنبعث من شعلات الغاز. عندها اشار الى الاسباب وراء عدم المضي بالمشروع فكانت اجابتي بأن العمل بالمشروع قد توقف بناءً على توجيهات صادرة منه شخصياً. وحصل تبادل في الآراء وسجالات من هنا وهناك، أعقبها توضيح من السيد الوزير بأن المصدر والدافع في الايعاز بإيقاف العمل بالمشروع هو السيد وكيل الوزارة لشؤون المصافي في حينها، وتوقف عند هذا الحد.
في الحقيقة والواقع لم أجد ولحد الآن أي مبرر يذكر في دفع السيد وكيل الوزارة المذكور في اقناع الوزير او تقديم المشورة له بإيقاف العمل بالمشروع! وكل الذي أعرفه أن السيد الوكيل المذكور يتمتع بمجال ضيق ومحدود وخبرة قليلة في مفردات صناعة النفط والغاز.
وهكذا كنس هذا المشروع الصغير في حجمه الكبير في فوائده مثله مثل العشرات من المشاريع الاستراتيجية المهمة، كنس تحت زولية الغطرسة الادارية وقراراتها المضطربة وقلة الدراية عندها.
رابعاً:مشروع استخلاص البنزين GASOLINE RECOVERY PRODUCT
بدأ التفكير جدياً في مشروع استخلاص البنزين من الغاز المتحرر لحقل نهر عمر منذ عام 1979 – 198 وتمت المباشرة به من قبل شركة ميتسوبيشي اليابانية باستغلال الغاز المتحرر ذو الجودة العالية والغني بالمركبات الخفيفة بعد إدخاله بمعاملات حقلية وتحويله على منتوج بنزين يرفد البلد بالاحتياجات (مصفى مصغر). وكانت طاقة الوحدة آنذاك مليون لتر يومياً إلا إن العمل توقف إبان الحرب.
في هذا السياق نطرح تصوراتنا في هذا المجال الرائد والمبني على اساس استثمار الغاز الهائل في الحقل وتحويله إلى منتوج بنزين ليكون نقله نوعية في هذا المضمار:
الهدف من المشروع:
طاقة المشروع:180 مقمق من الغز المعزول يوميا
نسبة الـH2S في الغاز أقل من150 PPM
أقصى نسبة للماء في الغاز 210 PPM/MOL
وصف لأهم العمليات في المشروع:
يأتي الغاز المتحرر والناتج من خزانات الجريان والمرحلة الرابعة ويدخل إلى عازلة استخلاص المقطرات، ثم يدخل إلى كابسة لرفع الضغط إلى ضغط المرحلة الثالثة ثم يجمع مع الغاز المتحرر من المرحلة الثالثة ويتم تمريرة عبر عازلة عمودية لاصطياد المقطرات والماء ويدخل إلى كابسة الضغط الواطئ ويتم رفع الضغط فيه إلى ضغط المرحلة الثانية. ويتم تبريد الغاز المكبوس عبر مراوح التبريد ويجمع الغاز المنتج من المرحلة الثانية ويدخل إلى عازلة عمودية أخرى ثم يدخل على كابسة الضغط العالي ويتم رفع الضغط الكلي إلى ضغط المرحلة الأولى ثم يجمع مع الغاز المتحرر من المرحلة الاولى ويدخل إلى عازلة أفقية لاصطياد المقطرات والماء حيث يتم إرجاع المقطرات والماء إلى وحدة المعاملة.
أما الغاز الكلي المنتج الصافي، والخالي من الشوائب والماء، فإنه يدخل إلى المبادلات الحرارية ثم يدخل إلى عازلات أفقية وكابسات، ثم يدخل الى برج الاستخلاص الرئيسي ويتم تجميع البنزين من البرج في خزانات التجميع. اما الغاز المتبقي فيتم ارساله الى الشبكة او الفلير flare stack
وتكون طاقة الوحدة بمعدل4330 B/D أي بمعنى أكثر من ثمانية ملايين لتر بنزين يومياً عند معاملة176 مقمق من الغاز يوميا. يوضح كميات الغاز المعاملة وكميات البنزين المستخلصة والمكونات:
(*)مهندس أستشاري نفطي والمدير العام السابق لشركة نفط الجنوب
حقوق النشسر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. شبكة الاقتصاديين العراقيين. 2 كانون الاول / ديسمبر 2015
المهندس جبار اللعيبي: بين قرارات مضطربة ودراية متدنية – استمر حرق (2) مليون لتر بنزين يومياً
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
أنا أعلم معاناة مسؤول لشركة عملاقة مثل نفط الجنوب في ظل ظروف أمنية صعبة وضعف حكومي واضح ووضع مسؤولين في هرم الوزارة محدودي الخبرة والكفاءة ولا يملكون غير علاقات مشبوهه مع الأحزاب الفاسدة.. وقد أشار الأستاذ جبار اللعيبي الى الخسارة الكبيرة في أستغلال الكارولين الطبيعي لتحويله الى بنزين بدل أستيراده بملايين الدولارات ولكن بسبب نصيحة من وكيل وزير لا يفهم شيئا وأنا أعرفه كوني عملت تحت أمرته كمدير عام لمصافي بيجي.. لقد عمل هذا الوكيل وأسمه “أحمد عبد الأمير الشماع” على تدمير قطاع المصافي وقتل كل مشروع يؤدي الى زيادة الأنتاج ومنها المشروع الذي تحدث عنه الأستاذ اللعيبي من أجل أستمرار الأستيراد للمنتجات النفطية لا بل وأرسل لي كتاب رسمي عام ٢٠٠٩ يطلب فيه أيقاف أحدى المصافي العاملة وأصر على ذلك وهددني بكل الوسائل لتنفيذ الأمر ولم ينفع معه شكواي للوزير حينها .. وقد حصل على كل ما يريده من الشركات الأجنبية من “كرين كارد” في أمريكا وعمل مع أقامة وعقارات في دبي وأكثر ما فعله هو صرف ٦٠٠ مليون دولار على تنفيذ دراسات FEED لأربعة مصافي مفترضه وأخذ عمولته منها وتم رميها في مزبلة الوزارة .. لقد كان الشماع فعلا أغبى مسؤول مر على قطاع المصافي وأفسدهم ولكن للأسف خرج متقاعدا وهو الآن يعيش أحلى أيام عمره بأمان..
قرأت بشغف مقالة الأخ جبار لعيبي واذ اتعاطف كثيرا مع معاناته في فترة صعبة من وضع شركة نفط الجنوب اتذكر كم قرأت في الصحف الأجنبية في حينه عن محاولات نفط الجنوب الجادة للقيام بإعادة الحياة لحقولها واستقرار انتاجها والاعتماد على الجهد الوطني بصورة رئيسة دون اغفال الحاجة للانفتاح على الشركات العالمية.
اود بصورة خاصة التعليق على مسألة استرجاع 2 مليون لتر من الغازولين الطبيعي من حقل نهر عمر واقول بان هذا المشروع – في الظرف الذي اقترح فيه – كان يجب ان ينفذ في ضوء الاستيرادات الكبيرة والمكلفة لمنتوج الغازولين في ذلك الوقت ولحد اليوم.
ان استرجاع الغازولين الطبيعي في الحقل وقبل انشاء مجمعات معالجة الغاز امر طبيعي ويسمى المنتج عالميا – مكثفات حقلية – تجمع لوحدها وتصدر بصورة مستقلة او تضاف الى النفط الخام لتحسين نوعيته اذا كانت كمياتها متواضعة.
من هذا المنطلق كان المفروض استعادة الغازولين الطبيعي اينما كان ذلك ممكنا والتصرف به بشكل يتناسب مع الحاجة. نعم كما يقول الأخ جبار يمكن بإضافة مادة الرصاص او المزج مع غازولين المصافي او المستورد تحسين نوعيته بعض الشيء حيث للضرورة احكامها.
قد يكون الاعتراض على المشروع تم بحجة رداءة الغازولين واضراره بالمعدات وانخفاض درجة اوكتينه وهذه كلمة حق لا يجب ان تمنع من استخلاصه والاستفادة منه بشكل اخر.
هنا اود ان اقول ان استخلاص ما يمكن من الغازولين الطبيعي من جميع الحقول يحول دون حرقه مع الغاز المهدر وفي هذا فائدة اقتصادية وبيئية كبيرة.
وبودي لو قامت الوزارة بتعديل اقتراح الأخ جبار بتجميع الغازولين الطبيعي في مستودعات شركة غاز الجنوب واضافته الى المنتج منه في تلك الشركة وتصديره كذلك ومن ثم استيراد ما يعادله من الغازولين الجيد عالي الاوكتين. هذا الحل الوسط والفني كان فعلا سيقلل الاستيراد الصافي علما بان الفرق بين اسعار الغازولين والنفثا – ومنها الغازولين الطبيعي – ليس كبيرا وقد لا يتجاوز خمسة الى ستة دولارات للبرميل.
كان وكيل وزارتي عبد المنعم السامرائي – رحمه الله – يقول لي دائما – الحماس نصف الانجاز – ولكن يبدوا ان البعض فقد الحماس تماما.
تحية وتقدير للزميل جبار…. الموضوع مازال مهملا ولعل الضائقة المالية الحالية تكون دافعا لإعادة تفعيله من خلال القروض الميسرة المتوفر للعراق حاليا، خصوصا وأن إنتاج الغاز الحلو لا تقتصر على نهر عمر، فالرميلة تنتج كميات هائلة من الغاز الحلو أيضا، وحتى الغاز الحامض يمكن تحليته بكلف قليلة نسبيا، وما أشد حاجتنا لبنزين السيارات المحسن.
الاستاذ المهندس جبار اللعيبى كما يفهم من مقاله انه مدير manager مهمته التخطيط ومتابعة التنفيذ والبحث عن نقاط القوة فيعززها ونقاط الضعف فيعالجها لكن المشكلة التى واجهها هى وجود القادة الادارين leaders مثل وكيل الوزارة والوزير الذين يعتبرون انفسهم مسوْولين عن اصدار الاوامر وعلى الجميع الالتزام بتنفيذها ويوْكد الاستاذ جبار اللعيبى القول ( منذ الثورة الصناعية تطورت اختصاصات الادارة ويقصد management وليس leadership
انا مع الاستاذ جبار اللعيبى الادارة العلمية لم تدخل العراق لحد الان لا فى القطاع العام ولا فى القطاع الخاص وهذا احد اسباب تخلف العراق شئنا ام ابينا
ولكن من سينصف المخلصين ؟
مع التقدير