إزاء الأوضاع الصعبة التي يشهدها الاقتصاد العراقي حالياً بسبب انخفاض أسعار النفط يمكن القول بأن الإشكالية تكمن أساساً في سوء إدارة الموارد الاقتصادية خلال الفترة السابقة، إبتداءً من عدم توفّر رؤية اقتصادية واضحة وما يتبعها من الفشل في رسم السياسات الاقتصادية الكفوءة المالية منها والنقديّة، فضلاً عن ضعف التنسيق بينهما، أو في تدنّي مستوى كفاءة التنفيذ بشكل عام وما رافقه من ضعف كفاءة وفساد معظم مؤسسات الدولة، ليصل الاقتصاد الوطني إلى ما وصل إليه من تعميق الاختلالات الهيكليّة وترسيخ ريعيته والهدر الكبير في الأموال الضخمة للموازنات خلال السنوات التي أعقبت عام 2003 التي جرى إعدادها لتصبح أبواب للإنفاق فقط بدلاً من أن تكون أداة مهمة للسياسة المالية بهدف الاصلاح الاقتصادي.
والحال ليس أفضل بالنسبة للسياسة الضريبيّة أو السياسة الاستثمارية أو سياسة الأجور أو السياسة النقديّة، لتنكشف أوجه الخلل أمام مشكلة انخفاض أسعار النفط الذي يُعدُّ المصدر الرئيس لتمويل الموازنة، واقتران ذلك بهشاشة القطاعات الاقتصادية الأخرى لاسيّما القطاع الصناعي والزراعي وتضاؤل مساهمتها في الناتج المحلّي الاجمالي، وتزايد النفقات العسكرية لمواجهة تنظيمات داعش الإرهابية، الأمر الذي اضطر الحكومة لإعداد موازنة العام الحالي بنسبة عجز تصل الى ما يقارب 12% منه.
ومع كثرة الحلول المقترحة لمواجهة الأزمة وافتراض تبنيها من صنّاع القرار فإنها تبقى تتمحور ضمن إطار الإجراءات التصحيحية التي لا ترقى الى ما يمكن تسميته بالسياسة الاقتصادية، كونها تعالج المشكلات بشكل مجتزئ من دون الأخذ بنظر الاعتبار العلاقات التبادلية بين الأدوات المستخدمة لإحداث الإصلاح في السياسات آنفة الذكر التي ينبغي التعامل معها آنياً سواءً مع واقع الحال أو المقترحات المطروحة لإحداث الإصلاحات في أي منها. ويبقى التساؤل مطروحاً حول قدرة مؤسسات الدولة على تنفيذها، سواء تعلق الأمر بضغط النفقات التشغيلية أو تعظيم إيرادات الموازنة وتنويع مصادرها، فضلاً عن أن معظم تلك الحلول، على أهميتها، هي برامج إصلاح تتطلب فترة قد تمتد لسنوات. فزيادة مساهمات القطاعات الاقتصادية غير النفطيّة في تكوين الناتج المحلّي الإجمالي لا يتم خلال فترة يمكن معها المساهمة في معالجة أزمة ماليّة نعيشها آنيّاً، وكذلك الأمر في معالجة مشكلة البطالة الظاهرة منها والمقنّعة وترهل الجهاز الإداري للدولة أو خصخصة شركات القطاع العام أو الإصلاح الضريبي وتطوير القطاع المصرفي وسوق الأوراق الماليّة وبيئة الأعمال. كما أن بعض تلك الإصلاحات تستوجب غطاءً تشريعياً. وكلّ ذلك يستوجب مؤسسات كفوءة لتنفيذه في الوقت الذي نعاني فيه من عدم كفاءة المؤسسات وانتشار الفساد في معظم مفاصلها، الأمر الذي يجعل منها برامج اصلاح اقتصادي تتطلب تغييرا جذريا في المنظومة التشريعية والمؤسسية وما يتطلبه ذلك من فترة زمنية طويلة نسبياًلمواصلة القراءة
لمواصلة القراءة يرجى تنزيل المقال كملف بي دي أف سهل الطباعة. انقر على الرابط التالي
Abdul Hadi Jabbar Al-Aboudi – The Iraqi Economy – Crises and Prospects-final editing
(*) نائب رئيس منظمة اقتصادنا للتنمية المستدامة
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بأعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 18 تموز 2016
د. عبد الهادي العبودي: الاقتصاد العراقي بين الأزمة والحلول
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
احسنت د.عبدالهادي فجل ما يعاني منه الاقتصاد العراقي هو الفساد المالي والاداري وسوء ادارة اموال البلد والبقية اهون في معالجتها اذا ما تمت معالجة الفساد واتباع الجكم الرشيد