النظام الأبوي البطريركي
يعود مصطلح بطريركي Patriarchat, Patriarchy في أصوله الى اللغة اليونانية ويعني”حكم الأب”، أي هيمنته على العائلة والتسلط عليها بحيث يكون القرار بيد الذكر”البطريرك” فقط باعتباره رب البيت ورئيس القبيلة. كما استعمل المصطلح بمعنى ديني أيضا حيث سمي”القديس” Pater “أبانا” في الكنيسة الارثودوكسية فيما بعد.
ويشكل النظام الأبوي-البطريركي بنية اجتماعية وسيكولوجية متميزة ومتجذرة في الذاكرة الجمعية تطبع العائلة والقبيلة والسلطة والمجتمع في العالم العربي وتكون علاقة هرمية تراتبية تقوم على التسلط والخضوع اللاعقلاني التي تتعارض مع قيم الحداثة والمجتمع المدني واحترام حقوق الانسان نتجت عن شروط وظروف تاريخية واجتماعية واقتصادية وعبر سلسلة من المراحل التاريخية والتشكيلات الاجتماعية والاقتصادية المترابطة فيما بينها حيث ترتبط كل مرحلة منها بمرحلة تسبقها حتى تصل الى مرحلة النظام البطريركي الحديث الذي هو نمط معين من التنظيم الاجتماعي والاقتصادي السابق على الرأسمالية الذي يختلف في بناه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية عن بنية النظام العربي البطريركي الذي اتخذ نوعا متميزا باعتباره مجتمعا تقليديا يقابل المجتمع الحديث الذي يتصف بالتقدم العلمي والتقني الذي من خصائصه قابليته على مقاومة التغير لبنيته الأصلية منذ العصر الوسيط حتى الآن وقابليته على الاستمرار للحفاظ على قيمه التقليدية كالانتماء الى القبيلة والطائفة والمنطقة وارتباطه بالبيئة الصحراوية التي افرزت نظاما ابويا بطريركيا ذكوريا سيطر على المنطقة العربية قرونا عديدة وما يزال.
وإذا كانت أغلب المجتمعات السائدة في العالم اليوم، ديمقراطية كانت أم اشتراكية أم رأسمالية أو غيرها، هي مجتمعات أبوية بطريركية، فان المجتمع العربي هو أكثر أبوية من غيره من المجتمعات، لأنه مجتمع تقليدي ماضوي راكد ويفتقد الى القوة الداخلية التي تحركه.
وعلى الصعيد الاجتماعي يهيمن النظام الأبوي على العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي تغلب عليها الانتماءات القبلية والطائفية والمحلية، لأن المجتمع الأبوي هو نوع من المجتمعات التقليدية التي تسودها أنماط من القيم والسلوك وأشكال متميزة من التنظيم. وهو يشكل لذلك، كما قلنا، بنية نوعية متميزة تتخذ أشكالا مختلفة من بينها بنية المجتمع الأبوي العربي، الذي هو أكثر ذكورية من غيره من المجتمعات وأشد تقليدية وأكثر محاصرة لشخصية الفرد وثقافته وترسيخا لقيمه واعرافه الاجتماعية التقليدية وتهميشا للمرأة واستلابا لشخصيتها، لأنه ذو طابع نوعي وخصوصية وامتداد تاريخي يرتبط بالبيئة الرعوية الصحراوية والقيم والعصبيات القبلية التغالبية. فمن المعروف أن العالم العربي هو أعظم موطن للبداوة مثلما هو أكثر مناطق العالم تأثرا ومعاناة في الصراع بين قيم البداوة وقيم الحضارة، كما أشار إلى ذلك علي الوردي في كتابه “طبيعة المجتمع العراقي”، ذلك الصراع الذي ما يزال يؤثر في بنية الثقافة والشخصية العربية.
لمواصلة القراءة يرجي تنزيل البحث كاملاً. انقر على الرابط التالي:
ابراهيم الحيدري – الهيمنة الذكورية في المجتمع والسلطة-نهائي
إبراهيم الحيدري: الهيمنة الأبوية الذكورية في المجتمع والسلطة
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
يبدو لي أن حال قطاع التأمين أفضل بقليل منه في البنك المركزي العراقي. ففي ظل طغيان القيم الذكورية نستكشف بقع ضوء صغيرة. فقد تم مؤخراً تعيين سيدة لإدارة شركة التأمين العراقية، وهي شركة عامة. وهناك سيدة هي المدير التنفيذي ومنذ سنوات لإحدى شركات التأمين الخاصة. ومن المعروف أن السيدات العاملات في شركة إعادة التأمين العراقية لهن الدور الأكبر في ديمومة الشركة رغم ما يعتورها من ضعف، ويمثلن الشركة في الاجتماعات خارج العراق. ويبدو لي أن قطاع التأمين العراقي يفرد دوراً أفضل للنساء، وهو استمرار لتقليد سابق وخاصة في شركة التأمين الوطنية تحت إدارة الأستاذ عبد الباقي رضا (1966-1978) التي عاصرتها. لكن هذا الحال لا يغير الصورة الكبرى التي عرضها لنا الأستاذ إبراهيم حيدري فالاستثناء يثبت القاعدة.
مع التقدير.
حضرة الخبير الاقتصادي المتميز الدكتور مظهر محمد صالح المحترم
تحية وسلاما
شكرا جزيلا على تعليقكم القيم حول مقالنا اعلاه الذي يعبر عن فهم واسع وعميق لهيمنة النظام الابوي وتداعياته العديدة على المجتمع والفرد والدولة وان المثل الذي اوردتموه حول رفض ترشيح سيدات لتولي منصب في الجهاز المصرفي دليل واضح على اضطهاد المرأة اضطهادا نوعيا وقانونيا وعرفيا وان هذا الاضطهاد ليس بجديد وجذوره تمتد الى القيم البدوية.
والحقيقة فان العراق اليوم يمر بردة حضارية ارجعته الى الوراء الى ما قبل تأسيس الدولة العراقية، حيث حدث عجز وتراجع ونكوص اجتماعي واقتصادي وسياسي وثقافي ظهر بوضوح في تفكك النسيج الاجتماعي والاخلاقي والعائلي وما نعانيه من تدهوروخراب على كل المستويات. فالهيمنة الابوية الذكورية ساعدت على تنمية دور القبيلة والطائفة وجعلتهما بديلا للمؤسسات القانونية ودخول القبيلة والطائفة في اللعبة السياسية القائمة الى جانب سوء التعامل مع المرأة والفصل العشائري والصحوات والعنف الثقافي وغيرها كثير.
مرة اخرى شكرا على اهتمامك بالموضوع، مع تقديري واعتزازي .
ابراهيم الحيدري
الاستاذ الفاضل الدكتور ابراهيم الحيدري المحترم
دمتم قلما وفكرا اجتماعيا للعراق والانسانية
وتذكرت ردود الافعال القوية عندما رشحت الدولة ثلاث سيدات عراقيات لتولي مناصب وظيفية متقدمة في الجهاز المصرفي الحكومي قبل اشهر قليلة
وتطلعت بتمعن ردود افعال المجتمع الذكوري بشأن التعين انفاً والتي جاءت بتصرفات وتبريرات تعبر عن روع عصر المجتمع الذكوري الجديد الذي نحيا فيه للاسف الشديد
دمتم لي عزيزا الاستاذ الدكتور ابراهيم الحيدري والعمر المديد لكم
مظهر محمد صالح
استاذى الفاضل بروفيسور ابراهيم الحيدرى المحترم
اشكرك جزيل الشكر على تفضلك بالاجابة على ملاحظاتى —
فيما يخص معنى كلمة ( الامة ) فقد وردت هذه الكلمة فى القران اثنتين وستين مرة تسعا واربعين مرة بالافراد وبالجمع ثلاث عشرة مرة اما السور التى ذكرت فيها الكلمة فكانت خمسا وعشرين سورة
وجاء فى الاية 49 من سورة الانعام ( وما من دابة فى الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ) اى جماعات مثل البشر فالطير امة والجن امة والانس امة — امم امثالكم اى خلق مثلكم —
لم اجد معنى الامة فى القران بمعنى الشعب بل يقول المفسرون والذين يقومون بتاْويل معنى الامة بانها وردت بمعانى مختلفة بمعنى الملة او العقيدة او الجماعة او الزمن فى قوله تعالى ( ولئن اخرنا عنهم العذاب الى امة معدودة ليقولن ما يحسبه يوم ياْتيهم مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) كما وردت كلمة الامة فى القران بمعنى الامام او القدوة ( ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) الاية 120 سورة النمل
لذلك هل يصح ان نقول بان الاسلام جاء بمفهوم الامة بالمعنى الدارج الان ؟ ام ان امة الاسلام هو المسلمون المتمسكون باهداب الاسلام مثلا المسلمون فى الصين
ساحول الاطلاع على كتابكم ( النظام الابوى واشكالية الجنس عند العرب )
كان الدكتور على الوردى كما هو معروف لا يقطع براْى فى اى نظام اجتماعى الا بعد دراسته من قبله او من قبل علماء اخرين فكيف توصلتم الى الراْى القاطع بان اغلب الانظمة المعاصرة ابوية ؟ لم تذكروا المراجع او المصادر التى استندتم اليها اما القول بان المقال هو مجرد ملاحظات سريعة فهذا يا استاذى العزيز عذر يصح قبوله فى الاحاديث بين العلماء اما المقال فانه يكتب للخواص والعوام سواء بسواء وداعيكم من العامة بغير اختصاص كما يعرف من يقراْ ملاحظاتى
ابارك لكم ابحاثكم العلمية الرصينة ودمتم بموفور الصحة والعافية
شكرا جزيلا للاستاذ الكريم فاروق يونس على التعليق العلمي الذي يدل على قراءة متمعنة للمقال. وأود الاشارة الى ان هذا المقال هو مجرد ملاحظات سريعة حول بنية النظام الأبوي. ومن يريد التعمق في الموضوع فينبغي الرجوع الى كتابنا”النظام الأبوي واشكالية الجنس عند العرب، دار الساقي،بيروت 2003 ،الذي شرحنا فيه ما تطرقنا اليه في المقال المذكور.
بالنسبة الى الملاحظة الاولى، فان الاسلام حاول تغيير البنية القبلية فجاء بمفهوم الأمة بدل مفهوم العصبية القبلية(يرد مفهوم الامة الاسلامية كثيرا في القران والحديث)، إلا ان النظام الابوي بقي مهيمنا على المجتمع الاسلامي وما يزال، لان العصبية القبلية أقوى من العصبية الدينية .
اما بالنسبة للملاحظة الثانية، فالحقيقة والواقع هي ان أغلب المجتمعات المعاصرة، رأسمالية او ليبرالية اوديمقراطية وحتى الاشتراكية هي مجتمعات ابوية بطريركية يسيطر عليها الرجل في السلطة والثروة والنفوذ وفي جميع مجتمعات العالم شرقا وغربا، حيث لا تشارك المرأة إلا بجزء صغير في السلطة عموما.
أما بخصوص التغيرات البنيوية التي حدثت في القرن العشرين فقد أشرت اليها بايجاز في هذه المقاله.
مع شكري وتقديري واعتزازي
فى هذا المقال القيم هناك بعض الفقرات يبدو انها بحاجة الى مزيد من التحليل والتوضيح لاهميتها وعلاقتها بصلب البحث :
– قول الكاتب ان ( الاسلام حاول تغيير البنية القبلية وجاء بمفهوم الامة بديلا لمفهوم العصبية القبلية )
– قول الكاتب ( ان اغلب المجتمعات السائدة فى العالم اليوم —– هى مجتمعات ابوية بطريكية ) كيف ؟
لم يشر الكاتب الى التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التى شهدتها المجتمعات العربية منذ منتصف القرن العشرين خاصة فى موضوع الاسرة من ممتدة الى نووية وعلاقات القرابة — الخ
مع خالص تقديرى واحترامى