يعتبر سوق التأمين في العراق من الاسواق القديمة وكان في مقدمة أسواق التأمين في العالم العربي، بعد السوق المصري، وإن كان قد بدأ بإدارة اجنبية بحتة، حيث كان يدار من قبل شركات او فروع او وكلاء شركات انكليزية او إيطالية او هندية او شركات تأمين من الدول العربية الشقيقة ومن جنسيات مختلفة. لقد كانت جميع أعمال التأمين محتكرة من قبل هذه الشركات. وكانت الحكومة العراقية بشكل خاص والقطاع الخاص، والمتمثلة على الغالب بالشركات الأجنبية، والتي كانت اغلبها انكليزيه، تغطي احتياجاتها من الخدمات التأمينية لدى هذه الشركات حصراً. كانت بعض هذه الشركات اصلاً حائزه على وكالات لشركات تأمين اجنبية.
بعد نمو وتزايد النشاط الاقتصادي بمختلف جوانبه، التجاري والصناعي والخدمي والزراعي، وتزايد الطلب على خدمات التأمين وخاصة فيما يتعلق بممتلكات وخدمات الجهات الحكومية، وما نتج عن ذلك من نفقات عالية على شكل اقساط تدفع لشركات التأمين وتحول إلى خارج العراق على شكل عملات اجنبية، ارتأت الحكومة في سنة 1950 ضرورة تأسيس شركة تأمين وطنية تتولى حصراً تغطية حاجاتها فأصدرت قانون رقم 56 لسنة 1950 والذي بموجبه تم تأسيس شركة التأمين الوطنية برأسمال مليون ديناراً عراقياً. وتبع هذا القانون عدة تعديلات. وقبل هذا التاريخ تم تأسيس شركة تامين باسم شركة تأمين الرافدين برأسمال -/100,000 ديناراً (مائة ألف ديناراً) على ان تكون 60% رأسمال أجنبي و40% رأسمال عراقي.
بعد ممارسة شركة التأمين الوطنية أعمالها تم تأسيس أكثر من شركة عراقية برؤوس اموال وطنية. بالإضافة إلى هذه الشركات الوطنية كانت هناك 32 فرعاً او وكالة تأمين لشركات اجنبية تعمل معاً في ذلك الوقت وحتى عام 1959.
نظراً للنشاط المتزايد في قطاع التأمين، وخاصة بعد تأسيس شركة التأمين الوطنية والتي لعبت دوراً مهماً في هذا المضمار، اصبحت الضرورة تقتضي تأسيس شركة وطنيه اخرى تقوم بعمل مختلف عن سابقاتها في تعزيز وزيادة احتفاظ العراق من الاقساط المنتجة داخل العراق وعدم تحويلها إلى الخارج عن طريق اعادة التأمين التي كانت هذه الشركات تقوم بها، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على اقساط واردة من الدول الأخرى. لذا صدر في سنة 1960 قانون تأسيس شركة اعادة التأمين العراقية رقم 21 لسنة 1960. وقد جاء هذا التطور بعد الغاء قانون شركات التأمين وتعديلاته رقم 74 لسنة 1936 ونظام اجازات وكلاء التأمين رقم 25 لسنة 1936 وتشريع قانون جديد للتأمين برقم 49 لسنة 1960.
إن هذه الاجراءات شجعت رؤوس الأموال الوطنية على تأسيس شركات تأمين عراقية وتقليص عدد فروع ووكالات الشركات الأجنبية وذلك بسبب ما تضمنه هذا القانون من التزامات جديده منها: زيادة الضمانات، وحصر الوكالات لشركات التأمين بالعراقيين، وعدم جواز ممارسة أي شركة أجنبية للعمل ما لم تؤسس لها فرعاً أو وكالة داخل العراق مع الأخذ بمبدأ المقابلة بالمثل. كان من نتائج هذا الإجراء زيادة عدد شركات التأمين الوطنية إلى 9 شركات تأمين عراقية بينها شركه التـأمين الوطنية وشركة إعادة التأمين العراقية.
بموجب القانون رقم 99 لسنة 1964 تم تأميم جميع شركات التأمين السبع العاملة في العراق وصفى فروع ووكالات الشركات الأجنبية، تبع ذلك لاحقاً قرارات دمج الشركات المؤممة السبع بشركتي التأمين الوطنية وشركه التأمين العراقية. وبعد قرارات الدمج بقيت في السوق 3 شركات تأمين حكومية فقط هي شركه التأمين الوطنية وتخصصت بأعمال التأمين العام، وشركه التأمين العراقية وتخصصت بأعمال التأمين على الحياة، وشركه إعادة التأمين العراقية وتخصصت بأعمال اعاده التأمين. وارتبطت هذه الشركات بالمؤسسة العامة للتأمين التي ألغيت سنة 1987 وعلى إثر ذلك تمَّ ربط هذه الشركات بوزارة المالية مباشرة.
في عام 1998 أصدر مجلس قياده الثورة المنحل قراره رقم 192 في 3/12/1998 والذي بموجبه تم إلغاء قانون شركات ووكالات التأمين المرقم 49 لسنه 1960. ضمَّ هذا القرار عدة فقرات تنظيمية لقطاع التأمين في العراق وتم بموجبه إصدار تعليمات رقم 12 لسنه 1999 لتنظيم أعمال التأمين وإعادة التأمين في العراق. ولحق هذا التعليمات قانون تنظيم اعمال التأمين رقم (10) لسنه 2005.
لقد تأسست أول شركه مساهمة خاصة باسم شركة دار السلام للتأمين في منتصف عام 2000 وتبعتها عدة شركات خاصة حتى بلغ عددها حتى يومنا الحاضر 30 شركة من القطاع الخاص و3 شركات حكومية بالإضافة إلى ستة وسطاء تأمين.
مع ارتفاع سعر برميل النفط وزيادة مدخولات العراق كان من المتوقع أن يتزامن مع هذا الارتفاع انتعاش سوق التأمين في العراق ولكن العكس هو الذي حدث إذ أن معدل الأقساط المحققة قبل سنه 2000، وبالتحديد خلال عام 1980 كان 500,000,000 دولار سنوياً ومعـــدل أقساط الإعادة 360,000,000 دولار وانخفض هذا المعدل إلى 217,000,000 دولار سنوياً في عام 2015 كإجمالي لأقساط التأمين وتبعه انخفاض أقساط الإعادة أيضاً بنسبة 70% وهي نسبة عالية جداً. والمفروض أن تصل أقساط التأمين في العراق في سنة 2015 إلى أكثر من 3,000,000,000 لا ان تنخفض إلى 217,000,000. أما أسبابها فهي عديدة وأهمها:
1-عدم اهتمام ورعاية الأجهزة الحكومية المختصة بهذا القطاع وإهماله كلياً
2-ضعف الوعي التأميني لدى المواطنين.
3-صدور قوانين خاصة بالتأمين لا تخدم هذا القطاع بشكل صحيح.
4-خروج الكوادر التأمينية الكفؤة إلى خارج العراق أو عزوف البعض منهم للعمل في هذا القطاع بسبب الشيخوخة وعدم وجود البدائل.
5-ضعف ديوان التأمين في العراق وعدم تفعيل دورة بشكل صحيح.
6-جمعية التأمين العراقية ضعيفة جداً ولا تقوم بأية انشطة حقيقية، وتدار من مسؤولين حكوميين بالرغم من أنها تأسست وفق قانون الجمعيات كإحدى منظمات المجمع المدني.
وأخيراً، ولكي نتمكن من خلق سوق تأمين عراقي وأن يعود إلى سابق عهده يستوجب تذليل أو تجاوز الصعوبات المذكورة وأن يتعاون كوادر التأمين جميعاً لتحقيق هذا الهدف.
* المدير المفوض، شركة دار السلام للتأمين
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 6/8/2016
http://iraqieconomists.net/ar/
ميرزا مجيد خان: سوق التأمين في العراق
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
التأمينات الإلزامية وتطور قطاع التأمين
يثير الزميل وميض الجراح، صاحب خبرة في أكثر من سوق للتأمين، في تعليقه أطروحة التأمينات الإلزامية كركيزة أساسية لنمو شركات التأمين وازدهار قطاع التأمين، وبالتالي المساهمة في التنمية الاقتصادية. وهي أطروحة تستدعي تدخل الدولة من خلال التشريعات المناسبة. ويذكر على سبيل المثل “التأمين الالزامي للسيارات الذي يستهدف حماية الطرف الثالث وتأمين المسؤوليات المهنية لحماية المتعاملين مع اصحاب المهن على اختلافها وتامين المنتجات الصثناعية لجماية المستهلك. يضاف إلى ذلك التأمينات المرافقة لنشاط المصارف.”
لا شك بأن التأمينات الإلزامية والتأمينات الأخرى تشكل مصادر طلب جديد على الحماية التأمينية أو قل تعزيزاً لطلب قائم لكنه ضعيف على بعض أنواع التأمين (كتأمين المسؤولية المهنية للمهندسين).
تاريخياً كان هناك طلب للتأمين الإلزامي من حوادث السيارات بموجب قانون التأمين الإلزامي عن المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات رقم (205) لسنة 1964، إلا أن هذا القانون ألغي بموجب قانون التأمين الالزامي من حوادث السيارات رقم (52) لسنة 1980 الذي اعتبر جميع السيارات في أراضي الجمهورية العراقية مشمولة تلقائياً بالتأمين (المادة 1). وبذلك انتهى دور شركات التأمين في التأمين على المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات، وأنيطت وظيفة تسوية المطالبات بالتعويض لشركة التأمين الوطنية. وهذا الوضع ما زال سائداً.
ترى هل أن الزميل وميض الجراح يدعو إلى العودة لقانون 1964 أو ما يقترب منه؟ أي فتح المجال أمام شركات التأمين للتنافس على تأمين المسؤولية المدنية (الأضرار البدنية بما فيها الوفاة وربما الأضرار التي تلحق بممتلكات الغير) الناشئة عن حوادث السيارات.
أطروحة إلزامية التأمين كركيزة لنمو شركات التأمين، كما وصفها الزميل وميض، صحيحة، تؤيدها تجربة العديد من أسواق التأمين العربية عندما تدخلت الدولة بتشريع قوانين للتأمين الإلزامي للمسؤولية المدنية تجاه الغير الناشئة من حوادث السيارات، والتأمين الصحي، والتأمين الهندسي على المشاريع الإنشائية وغيرها. ولكننا لو استحضرنا تاريخ تطور نشاط التأمين في الغرب نرى بأن صناعة التأمين كانت تتقدم باستمرار قبل أن تتدخل الدولة لجعل بعض أشكال التأمين إلزامياً (كتأمين المسؤولية المدنية تجاه الغير الناشئة من حوادث السيارات في بريطانيا سنة 1930 وتأمين مسؤولية رب العمل تجاه العاملين سنة 1969). كما أن التأمين الإلزامي للمسؤولية المدنية من حوادث السيارات لم تخلو من شكوى شركات التأمين من تدخّل المشرع في تحديد سقف لأقساط التأمين (ليبيا والأردن كمثال).
وساهمت الجمعيات المهنية في الغرب في تطوير الطلب على التأمين من خلال جعل العضوية في الجمعية مشروطاً بتأمين المسؤولية المهنية ومنها مسؤولية المحامين والمحاسبين والمعماريين والأطباء وغيرهم.
إن تعليل ضعف قطاع التأمين العراقي، منذ الحصار الدولي (1990) وحتى الوقت الحاضر، لا يمكن أن يُفسّر بغياب التشريعات المُلزمة للتأمين فقط. في ظني أن القضية بحاجة إلى المزيد من الرصد والتحليل لقوانين التأمين النافذة، وتصرفات مؤسسات الدولة فيما يتعلق بالتأمين، والواقع الاقتصادي والاجتماعي، والموقف من مؤسسة التأمين، وتفعيل ديوان التأمين وجمعية التأمين العراقية.
لنتذكر هنا أن إحدى حكومات ما بعد 2003 ضمّنت برنامجها فقرات صريحة عن التأمين. فقد نصّ البرنامج الحكومي لسنة 2014:
اعتماد نظام التأمين الصحي للمواطنين كافة وتطبيق نظام طبيب الاسرة.
جعل التأمين على المُنْتَجْ والمسؤولية المهنية فيما يتعلق بالسلع والخدمات المنتجة اجبارياً وذلك لحماية حقوق المستهلك.
توفير مظلة فاعلة من التأمين الزراعي تحمي المزارعين من الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية.
(للتعرف على التفاصيل ومناقشتنا لها أنظر: مصباح كمال، التأمين في المنهاج الحكومي – قراءة أولية، الثقافة الجديدة، العدد 370، تشرين الثاني 2014، ص 51-63. يمكن قراءة المقالة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين باستخدام هذا الرابط:
http://iraqieconomists.net/ar/2014/12/09/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d9%87%d8%a7%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d9%8a/
نحن الآن في سنة 2018 ولم تتجسد هذه الفقرات في تشريعات تأمينية. انتظار تدخل الدولة في العراق لجعل بعض فئات التأمين إلزامياً لتطوير النشاط التأميني لا فائدة منه. يتوجب على قطاع التأمين المبادرة لإحداث تحول حقيقي في بنية السوق، وفي تعظيم أقساط التأمين، وكشف العوامل المعرقلة للنمو.
وقد كتبنا غيرّ مرّة حول ضرورة وضع سياسة لقطاع التأمين العراقي بدلاً من الانتظار لما ستقدم عليه الدولة. مثلما دعونا إلى إعادة النظر بقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، وكذلك شرط التأمين في قانون الاستثمار الاتحادي والإقليمي لضمان التأمين مع شركات مسجلة في العراق ومجازة من ديوان التأمين، والحد من شروط تعامل الشركات العالمية العاملة في العراق مع شركات التأمين العراقية (تحويلها إلى شركات واجهة صرفة) مما يتطلب إعادة النظر في شروط التأمين في العقود الموقعة مع هذه الشركات، وتشجيع الدمج بين شركات التأمين الصغيرة في رأسمالها وكوادرها الفنية، وغيرها من الإجراءات الداعمة لتطوير قطاع التأمين.
نتمنى مشاركة أوسع من المعنيين في قطاع التأمين إذ أن القضية التي أثارها الزميل وميض الجراح تستحق جهداً فكرياً مشتركاً من الجميع.
مصباح كمال
16 شباط 2018
تحية طيبة للسادة المشاركين في التعليقات اعلاه
مع احترامي للآراء المطروحة فإن الركيزة الاساسية لجميع اسواق التأمين الرصينة هي التشريعات الموجبة للتأمين كالتأمين الالزامي للسيارات الذي يستهدف حماية الطرف الثالث وتأمين المسؤوليات المهنية لحماية المتعاملين مع اصحاب المهن على اختلافها وتامين المنتجات الصثناعية لجماية المستهلك. يضاف إلى ذلك التأمينات المرافقة لنشاط المصارف في بناء البنية الاقتصادية للدول من تمويل الماكن والمصابع والتجارة حيث تشترط المصارف توفر التامين المناسب حماية لحقوقها.
بوجود الركيزة اعلاه تنمو شركات التامين وتتوفر لها الموارد التي تمكنها من صرف الاموال على تسويق منتجاتها بالشكل الذي نشاهده في الاسواق المتقدمة ، كما تستطيع ان توفر لموظفيها التدريب اللائق الذي كانت توفره الدولة سابقا.
اما حال سوق التأمين العراقي اليوم فهو محزن بسبب غياب جميع الاسس اعلاه من غياب التشريعات الساندة وضعف اداء المصارف وانعدام المتطلبات الضرورية لتغطية معظم المنشأت العائدة للقطاع الخاص وأخيرا تواضع المستوى الفني لمعظم الكوادر التأمينية العاملة حاليا لاسياب عديدة معروفة لا داعي لتكرارها.
ندعو الله ان يجد هذا السوق المغبون طريقه وان يحتل مكانته التي يستحقها.
وميض الجراح
قطاع التأمين في العراق: عربة تمشي على عجلة واحدة
أظن أن الكابتن مهند ناجي الجبوري تعمَّق في رصد وضع قطاع التأمين ليتحفنا بوصف القطاع كعربة عرجاء تسير على عجلة واحدة منذ سنة 1980. وكأنه بهذا التوصيف أراد أن يختصر الكلام عن نواقص ومعاناة هذا القطاع. لكنني أتمنى عليه أن يكتب المزيد عن الأسباب التي تقف وراء تكلّس تطور قطاع التأمين العراقي خاصة وان المبادرات التي أفردها للنهوض بالقطاع من وهدته تحمل لبنات أفكار قابلة للتطوير.
أود هنا أن أعلق باختصار على المبادرات التي تقدم بها، وسأتناولها حسب تسلسلها بعد إعطاء عناوين لها. من رأي أن هذه المبادرات تحتمل الكثير من التحليل وإبراز للتفاصيل، وقد قمتُ في الماضي بدراسة بعضها.
1- التثقيف والدعاية
وهو ما تقوم به معظم شركات التأمين العاملة في العراق (أزيد من ثلاثين شركة) وبدرجات متفاوتة. لكن المهم، كما يقول الكابتن مهند الجبوري، هو إيصال رسالة التأمين “لأكبر شريحة اجتماعية تتناسب خدمات التأمين مع إمكانياتها وتطلعاتها.”
وهذا يتطلب تحديد الشرائح الاجتماعية ذات التطلعات (للحفاظ على وضعها المالي عند مجابهتها لآثار ضرر أو خسارة طارئة ما خصَّ منها حياتها أو أموالها) وذات الإمكانيات المالية المناسبة والتي تمنحها القدرة على الإنفاق على شراء أشكالٍ من حماية التأمين. أي ان الجهد لا يمتد إلى الشرائح الفقيرة إذ أن شراء حماية التأمين بالنسبة لها هو ترف لا يسعفه ما تحققه من دخل.
أترى أن الكابتن مهند الجبوري يدعو شركات التأمين إلى القيام بدراسات عن الشرائح ذات التطلعات الاجتماعية والإمكانيات المالية لإشاعة التأمين؟
2- سياسة تسويقية لتوسيع سوق التأمين
ليس معروفاً إن كانت جميع شركات التأمين العاملة في العراق لها سياسة تسويقية مكتوبة. ربما كانت شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية رائدتين في هذا المجال. المعروف أن شركة التأمين الوطنية، أيام إدارتها من قبل الأستاذ عبد الباقي رضا، كانت تضم قسماً متخصصاً بالتخطيط والتسويق بإدارة المرحوم د. سليم الوردي. وما زال هذا القسم، رغم تغيير الاسم، عاملاً.
لست مقتنعاً بأن شركات التأمين الخاصة، باستثناء اثنين أو ثلاث منها، تمتلك القدرات اللازمة لوضع خطط لتسويق المنتج التأميني.
3- ربط مستوى الأقساط مع الإمكانيات المالية للمواطن
طالما أن شركات التأمين هي مؤسسات رأسمالية تسعى إلى تحقيق الربح وتوزيعه على المساهمين فإن أطروحة ربط مستوى الأقساط مع الإمكانيات المالية للمواطن غير قابلة للتحقيق. إضافة إلى أن تحديد الأقساط مسألة فنية تتعلق بخصائص الأخطار المؤمن عليها، وتجربة الخسارة المتراكمة لدى شركة التأمين، ومدى توفر حماية إعادة التأمين.
ربما انصرف ذهن الكابتن مهند إلى قيام شركات التأمين بصياغة وثائق للتأمين، في فروع معينة للتأمين، يمكن للمواطنين من ذوي الدخل المتوسط الإقدام على شرائها. أو أنه ربما كان يفكر بالتأمين متناهي الصغر للفئات الفقيرة.
4- تأسيس شركة إعادة تأمين كبرى
قطاع التأمين حالياً لا يتحمل تأسيس شركة إعادة تأمين كبرى لأن حجم أعمال التأمين المكتتبة صغير جداً. إضافة إلى ذلك، هناك شركة إعادة التأمين العراقية التي تتكفل بإعادة تأمين شركات التأمين العاملة، وهو ما كانت تقوم به في الماضي (منذ سنة 1960) وما زالت (توفر حماية إعادة التأمين لأزيد من عشرين شركة). بفضل خدمات الإعادة العراقية فإن شركات التأمين الصغيرة، وهي شركات تابعة للقطاع الخاص، تستطيع مزاولة العمل التأميني المباشر.
كانت شركة إعادة التأمين العراقية في الماضي شركة إعادة تأمين رائدة في مجال عملها، إذ كانت تكتتب بأعمال شركتي التأمين العامتين، التأمين الوطنية والتأمين العراقية، وكذلك أعمال التأمين في الدول العربية و”دول العالم الثالث.” هي الآن شركة ضعيفة لكنها قادرة على تلبية مطالب شركات التأمين العاملة لإعادة التأمين الاتفاقي والاختياري.
5- إعادة النظر برسوم إصدار رخصة مزاولة العمل
ينصرف ذهن الكابتن مهند الجبوري هنا إلى القواعد التنظيمية لمزاولة العمل المقرّة قانوناً (قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005) ويقوم ديوان التأمين بضبط التزام الشركات بها.
هذه القواعد ليست مجحفة لأنها تستهدف ضمان وجود موارد مالية كافية لشركة التأمين كي تستطيع مزاولة العمل دون إضرار بحقوق المؤمن لهم، أي شركات تتمتع بملاءة مالية كافية، وتستطيع تعويض حملة وثائق التأمين دون أت تتعرض للانهيار. إن تقليل الرسوم من شأنه أن يزيد من عدد الشركات في سوق تأمين عانت من تدهور تدريجي منذ سنة 1980، ويزيد بالتالي من حدة المنافسة غير الفنية. ربما يعلم الكابتن مهند الجبوري أن بعض شركات التأمين القائمة لا تعدو أن تكون ما يسميه البعض، من باب التهكم والإدانة، بدكاكين التأمين.
ما هي ضرورة تأسيس شركات جديدة وأزيد من ثلاثين شركة عاملة حالياً غير قادرة على تحقيق نقلة نوعية في حجم أقساط التأمين المكتتبة، أو المستوى الفني في تقديم الخدمات لجمهور المؤمن لهم؟
6- مساهمة المصارف في الاستثمار في قطاع التأمين
بعض شركات التأمين العائدة لقطاع الخاص تتمتع بمساهمة مصارف في رأسمالها. لكن معظم هذه الشركات ليست مدرجة في سوق الأوراق المالية كي تتشجع المصارف إلى شراء وتداول أسهمها. لعل الكابتن مهند الجبوري كان يفكر بدور للمصارف في قطاع التأمين مُمثلاً بما يُعرف بالتأمين عبر المصارف، وهو ما يمكن أن يساعد في انتشار وثائق التأمينات الفردية.
7- تدريب الكوادر في قطاع التأمين
تقوم جمعية التأمين العراقية بتدريب مجموعات من العاملين في شركات التأمين لكن تقييم فعّالية هذا التدريب ما زال بانتظار من يقوم به. كما تقوم بعض الشركات بتدريب لأفرادها داخل أو خارج العراق ولكن بحدود ضيقة. ويظلّ التدريب المستمر مطلباً أساسياً للارتقاء بمستوى الأداء. وقد كتبنا مثلما كتب آخرون عن هذا الموضوع.
أشكر الكابتن مهند ناجي الجبوري على تعليقه الذي وفرّ فرصة لكتابة تعليقي. أملي أن يقوم العاملون في قطاع التأمين العراقي بالكتابة عن هموم صناعتهم وتنويرنا بما غاب عنا وتصحيح ما أخطأنا فيه.
مصباح كمال
2 شباط 2018
لعل الظروف القاهرة و الأستثنائية التي مر بها العراق منذ سنة 1980 حتى هذه اللحظة كان لها الأثر البالغ في تدهور كافة قطاعات الزراعة و الصناعة و التعليم و الخدمات. و لعل قطاع التأمين ليس بمأمنٍ مما حدث. لكن ذلك لايمنع من أن ننهض من جديد من أجل أحياء هذا القطاع الحيوي و بروح و رؤية جديدة تتجاوز العقبات. و طرح أفكاراً جديدة تتناسب مع الظرف لخدمة المواطن. ان قطاع التأمين في العراق في صورته الحالية لا يعدو كونه عربة تمشي علو عجلة واحدة, و لابمكن ان تنهض الا من خلال المبادرات التالية:
1. التثقيف و الدعاية بين ابناء الشعب من اجل ايصال الرسالة لأكبر شريحة اجتماعية تتناسب خدمات التأمين مع أمكانيانها و تطلعاتها.
2. اتباع سياسة تسويقية و ضمن خطة تسويقية فاعلة و شرسة من اجل توسيع سوق التأمين.
3. فرض أقساط مناسبة تتماشى مع أمكانية المواطن.
4. على الدولة أن تقوم بتأسيس شركة تأمين كبرى تتكفل بأعادة التأمين للشركات العاملة.
5. على الجهات المسؤولة عن أصدار رخص الشركات ان تقلل من الرسوم المفروضة و التقليل من قيمة الضمان البنكي المفروض على الشركات الناشئة
6. مساهمة البنوك و المصارف في الأستثمار في قطاع التأمين, او تسهيل شروط منح خطاب الضمان البنكي للشركات الناشئة
7. القيام بتدريب كوادر في قطاع التأمين و بشكل دوري.
مع تحياتي لأستاذنا الكريم
الاستاد الفاضل ميرزا مجيد خان
ليس هناك وجه للمقارنة بين عامى 1980 و 2015
كان التامين فى 1980 قطاع عام بيد الدولة اما اليوم (2015 ) فالقطاع الحكومى صغير والقظاع الخاص الاهلى ( العراقى ) ضعيف
القطاع الاجنبى يستحوذ على حصة الاسد من اقساط التامين كيف ؟
الاستيراد الان CIF بمعنى ان المستورد العراقى يدفع اقساط التامين للبائع الاجنبى لماذا ؟ لان القانون رقم 10 لسنة 2005 الذى ينظم اعمال التامين يسمح بدلك – لماذا لا تكون عقود الاستيرا د ِِِِCFRلاجراء التامين من قبل الشركات العراقية ؟
فى حالة انضمام العراق الى منظمة التجارةالعالمية ستشتد المنافسة غير العادلة بين شركات التامين الاجنبية العاملة فى البلد حتى لو لم تسجل فى العراق وبين الشركات العراقية فى القطاعين العام والخاص لصالخ الشركات الاجنبية القوية
واذا لم توفر الحماية القانونية لقطاع التامين العراقية فان من المحتمل تناقص حصته فى سوق التامين العراقية
هكذا هو منطق سوق المنافسة الحرة —
( ومن لم يمت بالسيف مات بغيره —– تعددت الاسباب والموت واحد )
مع خالص تقديرى للكاتب المحترم