تقديم لرسالة الدكتور مصطفى رجب
كتبتُ أكثر من مرة بأن تاريخ التأمين في العراق لم يُبحث، والمحاولات القليلة التي قمتُ بها بهذا الشأن لا ترقى إلى مستوى البحث التاريخي الأكاديمي. وكان من بين هذه المحاولات مشروع للتحقق من جذور شركة إعادة التأمين العراقية الذي بقي معلقاً بانتظار الوصول إلى بعض المعلومات رغم تأكدي من الدور الأساس للدكتور مصطفى رجب بهذا الشأن. فقد ذكرتُ في الجدول رقم 2 في مقالتي “ممارسو التأمين العراقيين في المهجر” المنشور في مجلة التأمين العراقي (نشرت آخر نسخة منقحة منه بتاريخ 18 آب 2014)
http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2014/08/iraqi-insurance-practitioners-in_18.html
أن مصطفى رجب هو “من مؤسسي شركة إعادة التأمين العراقية وكان مديراً عاماً لها لعدة سنوات. ترك العراق وعمل في إدارة شركة تأمين إماراتية وطنية، وبعد تقاعده عن العمل صار يعمل استشارياً في مجال التأمين في دولة الإمارات العربية حيث يقيم.”
إن المعلومات المتوفرة عن شركة إعادة التأمين العراقية لا تتجاوز سنة التأسيس والقانون الخاص بالشركة والأطراف المساهمة في رأسمالها. وحتى كراس اليوبيل الذهبي لشركة إعادة التأمين العراقية العامة، 1960-1916 (بغداد: الشركة، 2016) لا يأتي على ذكر صاحب فكرة تأسيس الشركة والمؤسس الحقيقي لها.
مع بدء 2017 تبادلت بعض الرسائل مع زميلي جون ملكون وسمير عبد الأحد (نعمل معاً كهيئة طوعية غير ربحية باسم التجمع التأميني العراقي) حول اسم/أسماء الشخص الذي فكَّر بتأسيس شركة إعادة التأمين العراقية والمؤسس الحقيقي لها. كان رأي جون ملكون أن سؤال التعرُّف على صاحب فكرة تأسيس الإعادة العراقية يجب أن يوجَّه للدكتور مصطفى رجب، مضيفاً أنه “كان للمرحوم واركيس بوغوص دوراً في قيادة الشركة على الصعيد الدولي.” وكان رأي سمير عبد الأحد أنه لم يكن للمرحوم واركيس أي دور في الفكرة أو التأسيس، وأن الفكرة، في اعتقاده، “بدأت أولاً لدى الوزارة حيث اختير الدكتور مصطفى لإدارتها ووضع أساليب العمل واختيار الموظفين ومن ضمنهم المرحوم واركيس. مع ذلك أرجو التأكد من الدكتور مصطفى توخياً للأمانة.”
في تعليقي على ما ذكره سمير كتبت التالي: “اتفق معك بأن الفكرة بدأت لدى وزارة الاقتصاد ولكن دون أن نعرف من كان صاحب الفكرة. ليست هناك معلومات منشورة بهذا الشأن. ما يؤيد أن الفكرة بدأت لدى الوزارة ما قرأته مؤخراً في كتاب د. حافظ شكر التكمجي، مذكرات إنسان وتحديات الحياة والزمان (دون ناشر، 2016)، ورد فيه أن حكومة ثورة تموز 1958 عينته معاوناً لمدير الاقتصاد العام في وزارة الاقتصاد، وأن الوزارة حققت إنجازات كبيرة ومنها “ربط شركة التأمين بالوزارة [اعتقد أن الشركة المعنية هي شركة التأمين الوطنية]، وإنشاء شركة إعادة التأمين وأصبح مديرها العام الدكتور مصطفى رجب.” (ص 126-127). وبالطبع، فإن هذا الاقتباس لا يضم تشخيصاً أو معلومات تفصيلية يمكن الاستفادة منها لأغراض البحث التاريخي.
وهكذا توجهت إلى الدكتور مصطفى رجب مباشرة للتحقق من الموضوع. ومن بين ما كتبته في رسالتي له بتاريخ 30 كانون الثاني 2017 الآتي:
“… وجودك حاضر معي دائماً كلما جاء ذكرٌ لشركة إعادة التأمين العراقية أو عندما يُشار إلى من أسماهم أحد أصحابي بعمالقة التأمين في العراق وهو القائل بأننا نهلنا المعرفة التأمينية والمهارات العملية المرتبطة بها بفضلهم ولأننا كنا نعمل في ظلهم، وأنت من هؤلاء العمالقة إضافة إلى آخرين، مع حفظ الألقاب، كبهاء بهيج شكري وعبد الباقي رضا.
بودي أن أتابع التحقيق في موضوع تأسيس الإعادة العراقية معك، إن كنت لا تمانع في ذلك. ربما يسهل عليك الأمر لو أنني قمت بتوجيه مجموعة من الأسئلة لك بهذا الشأن. وعدا ذلك سأكون ممتناً لك لو كتبت شيئاً عن تأسيس الإعادة العراقية التي ارتبط وجودها وتطورها وتعزيز مكانتها داخل وخارج العراق بك لعقدين. آمل ذلك.”
وقد كان الدكتور كريماً معي فكتب رسالته أدناه. هي بمثابة الوثيقة التاريخية المكتوبة بتجرد وتواضع في عرض شديد الاختصار لخلفية تأسيس شركة إعادة التأمين العراقية ودوره الأساس فيها منذ لحظة ولادتها كفكرة. وفي ظني أن لديه الكثير الذي يمكن أن يقوله عن الإعادة العراقية، فهو صانعٌ ماهر لتاريخ هذه الشركة لحين ابتعاده عنها عام 1980 ولأنه شاهدٌ على قضايا التأمين في العراق. ومن رأي أن الدكتور مصطفى رجب ليس هو فقط المؤسس الفعلي لإعادة التأمين كنشاط اقتصادي متميز وإنما الرائد لمؤسسة إعادة التأمين العراقية. من المؤسف والمحزن أنه أسس وبنى ليأتي غيره، من داخل وخارج العراق، ليضعضع البنيان الناجح الذي اسمه شركة إعادة التأمين العراقية – “مدرسة” تخرج منها مجموعة خيرة من ممارسي إعادة التأمين انتشروا، كرائدهم الدكتور رجب، خارج العراق.
ويسرني أن أنقل رسالة الدكتور مصطفى رجب للقراء بعد الحصول على موافقته. آمل أن تلقى ما تستحقه من تعليقات نقدية وإضافات في سياق تحديد جوانب من التاريخ الاقتصادي لقطاع التأمين في العراق. فعندما قام بتأسيس الإعادة العراقية عام 1960 لم تكن هناك شركات متخصصة بأعمال إعادة التأمين في دول “العالم الثالث.” كانت هناك مللي ري التركية (1929)، وبالنسبة للعالم العربي، الشركة المصرية لإعادة التأمين (1957، باشرت العمل سنة 1958)، والشركة التونسية للتأمين وإعادة التأمين (1959). كان ذلك قبل تأسيس الأونكتاد (1964) التي أخذت وقتها تشجع على تأسيس الشركات الوطنية والمجمعات الإقليمية لتطوير صناعة التأمين وإعادة التأمين في هذه الدول.
مصباح كمال
9 شباط 2017
لمواصلة القراءة يرجى تنزيل ملف بي دي أف سهل الطباعة. انقر على الرابط التالي
Mustafa Rajab-Letter on the Origin of Iraq Re
عزيزي الأستاذ قيس
أشكرك على التوضيح المهم الذي عرضته في رسالتك. لقد جاء تعليقك متأخرًا سيع سنين بعد نشر تقديمي القصير لمقال الدكتور مصطفى رجب، ولكنك خيرًا فعلت لتصحيح ما كتبت. لقد كنتُ مخطئًا في تعميم القول وما جاء فيه لم أقصد به شخصك أو فؤاد عبدالله عزيز الذي تولى إدارة الإعادة العراقية (1998-2005) من بعدك. لقد كان قصدي منصبًا على من تولى إدارة الشركة بعد 2005، وهو ما درسته في العديد من مقالاتي حول إدارة وتسيير الشركة من قبل أشخاص هم دون المستوى الفني والمعرفي المطلوب وممن لا علاقة لهم بصناعة التأمين، سواء من داخل قطاع التأمين أو خارجه، احتلوا الموقع الأول في الشركة بفضل ارتباطاتهم الطائفية والمحاصصية. لذلك اعتذر منك ومن القراء عن عدم الدقة في التعبير.
أشكرك ثانية على تنبيهي، وأتمنى أن يستمر تقييم شركة إعادة التأمين العراقية، وقد كان لك ولزملاء آخرين دورهم في تقييم أداء الشركة (مناظرة حول أداء شركة إعادة التأمين العراقية قبل 2003، إعداد وتحرير مصباح كمال، مكتبة التأمين العراقي، 2023)، وقبلها كان لي مساهمة متواضعة (شركة إعادة التأمين العراقية: ما لها وما عليه، مكتبة التأمين العراقي، 2018).
مصباح كمال
10 تشرين الثاني 2024
اخي العزيز مصباح
مساء الخير
استلمت هذا اليوم المداخله المنشورة عام ٢٠١٧
ان توثيق تاريخ الاعاده العراقيه مهم جدا لذلك من الضروري ان تكون اية مداخله او اضافه مصاغه بشكل موضوعي ولكن مما لفت انتباهي هو اشارتك الى ان الدكتور مصطفى رجب قد اسس كيانا قويا (ولكن من جاء بعده من الداخل او الخارج قد ضعضع هذا الكيان).
الدكتور مصطفى اسس وقاد الشركه منذ التأسيس حتى ١٩٨٠ واستلمت ادارة الشركه من عام ١٩٨٠ حتى ١٩٩٨. كما تعلم خلال هذه الفتره كانت الحرب العراقيه الايرانيه التي استنزفت بعض الكوادر المهمه وابعدتهم عن العمل ثم فترة الحصار الاقتصادي والمقاطعه الاقتصادية ،وعلى الرغم من كل هذه الامور استطاعت الاعاده العراقيه من المحافظه على اسس وهيكلية ماتم بناوءه ولم يتضعضع ذلك البنيان
بل استمرت الاعاده العراقيه في توفير التغطيه المناسبه للسوق العراقيه والمحافظه على علاقاتها الخارجيه والايفاء بالتزاماتها الماليه والفنيه تجاه الاخرين.
هذا ما اردت ان اوضحه واثبته لمن يريد ان يراجع تاريخ الاعاده العراقيه للفتره ١٩٨٠ حتى ١٩٩٨ التي كنت خلالها مسوءلا عن ادارة الشركه.
مع خالص تحياتي
قيس المدرس