الناشط المدني- موجها كلامه الى الخبير – استاذ علمت من صديق بأنك كنت أحد اعضاء فريق عمل كُلف بدراسة تجارب بعض الدول في اقامة المناطق الحرة.
الخبير – هذا صحيح كان ذلك قبل أكثر من (٢٩) تسعة وعشرين سنة.
الناشط – اود ان تحدثني عن المناطق الحرة وعن انطباعاتك عن المناطق الحرة التي قمتم بزيارتها.
الخبير – لحسن الحظ كان فريقنا يتألف من خبراء من وزارة التجارة ووزارة المالية والبنك المركزي العراقي والشعبة الدولية في مصرف الرافدين وديوان الرقابة المالية وقمنا بزيارة بعض المناطق الحرة في مصر وسنغافورة وايرلندا.
الناشط المدني- هل يمكن ان اعرف طبيعة الانشطة في هذه المناطق الحرة؟
الخبير- كما هو معروف ان الاستثمار أحد اهم العوامل المحققة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية او التنمية المستدامة، لذلك نلاحظ ان هناك نوع من المنافسة بين مختلف الدول المتقدمة والنامية لجذب وتنشيط الاستثمار، وتحاول جميع الدول تحسين بيئتها الاستثمارية من خلال اقامة المناطق الحرة.
الناشط المدني- كيف تعمل المناطق الحرة على جذب الاستثمارات الاجنبية والوطنية؟
الخبير – في البداية كانت المناطق الحرة تقام في مراكز التجارة الدولية وبمساحات صغيرة، وطبعا يلعب الموقع الجغرافي للمنطقة الحرة دورا كبيرا في استقطاب أكبر عدد من المستثمرين خاصة الاجانب لأنه يتيح لهم التواجد في قلب التجارة الخارجية والمبادلات الدولية.
الناشط- هل افهم من ذلك ان الموقع الجغرافي عامل اساسي لإقامة المنطقة الحرة؟
الخبير – نعم الموقع الجغرافي، ولكن ذلك لا يكفي اذ يجب تعزيز الموقع الجغرافي ببنيات تحتية كافية ومجهزة تجهيزا عصريا بحيث تكون مؤهلة لاستقبال الرساميل والمستثمرين علما بان بعض هذه البنيات التحتية ذات طابع تقني كتوفير شبكة الاتصالات ومنها ذات طابع مادي كالطرق والنقل والمباني.
الناشط المدني – كيف وجدتم المناطق الحرة التي قمتم بزيارتها؟
الخبير – المناطق الحرة جزء من الاقليم او الدولة وتعتبر السلع المنتجة فيها خارج المنطقة الكمركية وغير خاضعة للرسوم والضوابط الكمركية وهي – كما شاهدناها – على نوعين: مناطق حرة تجارية تخزن فيها البضائع بصورة رئيسية دون ان يتم تصنيعها او معالجتها قبل تصديرها، والنوع الثاني مناطق حرة صناعية حيث يجري فيها تصنيع السلع لأغراض التصدير.
الناشط المدني – اي النوعين من المناطق الحرة أفضل برأيكم؟
الخبير – لمعلوماتكم توجد أكثر من (٥٠٠) خمسمائة منطقة حرة في العالم وهذه المناطق تلعب دورا رئيسيا في عولمة اقتصاديات الدول المختلفة التي تشهد اقتصادا حرا.
بدأت المنطقة الحرة بصورتها الحديثة في شانون Shannon بإيرلندا عام ١٩٥٩ والتي غيرت النمط السائد للمناطق الحرة في العالم من النشاط التجاري الى الصناعي، يكفي ان تعلم بان المنطقة الحرة (شانون) أكبر مصدر للبرمجيات في العالم (للبرامج والخدمات المتعلقة بالبرمجيات software).
الناشط المدني – يبدو ان للمناطق الحرة فوائد كثيرة.
الخبير- نعم، بالإضافة الى اقامة المشاريع الصناعية والتجارية والخدمية في المناطق الحرة فإنها تنشط المؤسسات المالية والمصرفية وخاصة شركات التامين والنقل. ومن الناحية الاجتماعية، تساهم في الحد من البطالة وتوفر فرص عمل للعاطلين. ولكن يجب على الحكومات المضيفة تشريع القوانين للمحافظة على التوازنات البيئية وعدم السماح للمشاريع الصناعية بطرح النفايات الصناعية الخطيرة على أراضيها.
الناشط المدني – كيف تنظر الى توجه العراق لإنشاء المناطق الحرة؟
الخبير – تأسست هيئة المناطق الحرة في العراق عام ١٩٩٨ كان الهدف حسب راي المتواضع للإسهام في فك الحصار عن العراق. طبعا لم تكن هناك دعوة للحرية الاقتصادية. ومارست المناطق الحرة عملها سنة ٢٠٠٠ وفي عام ٢٠٠٣ جرى تخصيص ثلاث مناطق حرة تابعة الى هيئة المناطق الحرة في نينوى وخور الزبير والقائم في محافظات نينوى والبصرة والانبار. ويلاحظ المتابع انه ليس لهذه المناطق الحرة دور مؤثر في الاقتصاد العراقي لعدم وجود البيئة الاستثمارية لحفز المستثمرين الاجانب وجذبهم الى مناطق العراق الحرة – نحتاج الى قوانين خاصة في المناطق الحرة بعيدا عن البيروقراطية، وبيئة استثمارية حاضنة في ظل السيادة الكاملة للدولة.
الناشط المدني – حسب الدستور العراقي فإن الاقتصاد العراقي يتجه نحو اقتصاد السوق الحرة فهل ان اقامة المناطق الحرة في العراق يساعد على تكيف الشركات التجارية مع اقتصاد السوق؟
الخبير – نعم؛ إن نشوء ونمو وتطور المناطق الحرة يتوقف على مدى توفر الخدمات المساندة كخدمات المطارات والسكك الحديد وخدمات النقل البحري ومكاتب الشحن والتخليص الكمركي وليس بإمكان المستثمرين العاملين في المناطق الحرة ممارسة عملهم في الاستيراد والتخزين والتصنيع واعادة التصدير دون وجود خدمات تأمين وخدمات مصرفية وخدمات اتصالات حديثة.
الناشط المدني- شكرا جزيلا
* خبير اقتصادي ومستشار تجاري سابق لغرفة تجارة بغداد
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بأعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 1 تموز 2017
فاروق يونس: حوار افتراضي بين ناشط مدني رئيس جمعية مجتمع مدني وخبير اقتصادي
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية
التأمين في المناطق الحرة
مصباح كمال
نشر الأستاذ فاروق يونس حواراً افتراضياً شيّقاً ومفيداً بين ناشط مدني وخبير اقتصادي حول المناطق الحرة (موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين: فاروق يونس*: حوار افتراضي بين ناشط مدني رئيس جمعية مجتمع مدني وخبير اقتصادي). وقد ضمَّ الحوار فقرة ذكر فيها التأمين على لسان الخبير جواباً على سؤال عن فوائد المناطق الحرة منها: تنشيط “المؤسسات المالية والمصرفية وخاصة شركات التأمين والنقل.”
وذكر التأمين أيضاً في ختام الحوار جواباً على أطروحة أن اقامة المناطق الحرة في العراق يساعد على تكيف الشركات التجارية مع اقتصاد السوق:
الخبير – نعم؛ إن نشوء ونمو وتطور المناطق الحرة يتوقف على مدى توفر الخدمات المساندة كخدمات المطارات والسكك الحديد وخدمات النقل البحري ومكاتب الشحن والتخليص الكمركي وليس بإمكان المستثمرين العاملين في المناطق الحرة ممارسة عملهم في الاستيراد والتخزين والتصنيع واعادة التصدير دون وجود خدمات تأمين وخدمات مصرفية وخدمات اتصالات حديثة.
حسب المعلومات المتوفرة فإن المناطق الحرة الثلاث في خور الزبير والقائم ونينوى لا تضم شركات تأمين عراقية أو فروع لشركات تأمين أجنبية، إذ أن الموقع الرسمي للهيئة العامة للمناطق الحرة (http://freezones.mof.gov.iq/) يخلو من إشارة لوجود شركات تأمين في هذه المناطق. وقبل سنوات (كانون الثاني 2012) أكد الخبير الاقتصادي باسم أنطوان لجريدة الحياة بمناسبة قيام الهيئة العامة للمناطق الحرة وضع خطة لاستحداث مناطق حرة جديدة وإحياء المناطق القائمة (مصباح كمال “البلاد تخلو من شركات التأمين الرصينة: مناقشة لرأي اقتصادي”، مجلة التأمين العراقي: http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/03/belittling-iraqi-insurance-companies.html):
عدم إمكانية تسمية المناطق التي استحدثها النظام السابق بالمناطق الحرة بالمعنى الحقيقي، فالعراق لا يملك البيئة المناسبة لقيام تلك المناطق من حيث القوانين التي تحمي نشاطها والقوانين المشجعة على الاستثمار ودخول الأموال من الخارج. وقال: «لا يملك العراق الخبرات الكافية لإدارة تلك المناطق ولا البنية التحتية مثل المصارف التي تعمل بأنظمة حديثة، كما أن البلاد تخلو من شركات التأمين الرصينة». وسأل: «كيف ستعمل المناطق الحرة والأجهزة الأمنية حتى الآن غير قادرة على وضع حد لنشاط عصابات ومافيات السلب؟ من سيحمي الأموال التي سيستثمرها رجل الأعمال المحلي أو العربي أو الأجنبي؟”
بعد وزن الأمور خلال الفترة من 2102، عندما قيَّم الأستاذ باسم أنطوان أوضاع المناطق الحرة، وخالفته في مسألة وجود شركات تأمين رصينة، وحتى الوقت الحاضر فإننا لم نشهد تطوراً حقيقياً في هذه الأوضاع. لذلك فإن ما أكَّد عليه يظل صحيحاً.
كما أن مجلس إدارة الهيئة العامة للمناطق الحرة لم يحدد “الاجراءات الخاصة بأمور التأمين في المناطق الحرة” كما تقضي بذلك الفقرة 6 من المادة 4 من القانون رقم (3) لسنة 1998، قانون الهيئة العامة للمناطق الحرة.
يعني هذا، إن صحَّت المعلومات المتوفرة، بأن الهيئة لم تنجز الكثير لما هو مطلوب منها بموجب القانون سواء في مجال التأمين أو غيره. يعني ذلك أنها متخلفة مقارنة بما هو موجود في الأردن والإمارات العربية المتحدة (المنطقة الحرة في جبل علي تضم شركتين للتأمين) وغيرها من البلدان العربية. ولكي نكون منصفين علينا أن نذكر بأن موقع الهيئة يذكر توقيع عقدين مع شركتين محلتين (لا تضم الكثير من التفاصيل) تعملان في التجارة العامة في خور الزبير– أي أن الشركات المصنعة غائبة في الوقت الحاضر. كما أن الخراب الذي صنعه داعش في غرب العراق ونينوى قد أوقف عمل هاتين المنطقتين، وقد يمضي وقت طويل قبل أن تستطيعا تحقيق شيء من الجاذبية للاستثمار. والأمل معقود على تعزيز دور الدولة الاتحادية في “وضع حد لنشاط عصابات ومافيات السلب” التي ذكرها الأستاذ باسم أنطوان، وكذلك الفساد المالي والإداري، لجذب الاستثمار الصناعي والتجاري للمناطق الحرة بفضل مزايا هذه المناطق.
أتمنى أن يقوم أصحاب الاختصاص بتقديم مشروع لإدماج دور المناطق الحرة ضمن مشروع إعادة بناء المناطق المنكوبة بعد دحر داعش منها، مثلما أتمنى على شركات التأمين العراقية التفكير جدياً بسبل التواجد في المناطق الحرة.
مصباح كمال
14 تموز 2017