لقد كان لي شرف المشاركة بوفد دولة السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي خلال الزيارة الرسمية الى الصين، بمعية مجموعة من زملائي في مجلس الوزراء والمحافظين والمستشارين، وفيما يلي أهم ما ورد من مشاركاتنا في حلقاتها المتعددة بين الفترة ١٩-٢٣ أيلول ٢٠١٩:
١- هدف هذه الزيارة التأريخية هو لتأطير علاقة استراتيجية بين العراق و الصين، على جميع الأصعدة، تكون امتداداً للعمق الحضاري المشترك بين بلدين عريقين وشعبين حميمين يتمتعان بعلاقات ضاربة في عمق التأريخ، ابتداءً من طريق الحرير ووصولاً الى مستقبل مبادرة الحزام و الطريق في عصرنا الحالي.
٢- لطالما اُستخدِم النفط العراقي في تمويل الحروب، ثم فترة النفط مقابل الغذاء في سني الحصار، وكذلك النفط في ترسيخ الريعية بغياب رؤية بناء الدولة، لكن بقيادة السيد عبد المهدي وحكومة الاقتصاد المختصة: ثبتنا شعار النفط مقابل البناء والإعمار والاستثمار، حيث الصين خيارنا الأساسي كشريك استراتيجي على المدى البعيد،
٤- لقد بدأنا الإطار المالي بمبلغ عشرة مليارات دولار مقابل كمية محدودة من النفط، تكون الصندوق الأساس لتمويل مجموعة من مشاريع البنى التحتية، لكن حجم التمويل الصيني مرشح للصعود بتنامي الانتاج النفطي العراقي ليُوظف بطريقة مغايرة لسياسة الماضي من خلال البناء والاستثمار وتفعيل مجلس الاعمار خصوصاً ان مهمة اعادة الاعمار تحتاج الى مئات المليارات اذا ما اردنا للعراق ان يكون دولة مزدهرة نباهي بها العالم ولشعبنا الرفاهية مع ضمان حقوق الأجيال في العيش الكريم،
٤- ذهبنا الى الصين بحثاً عن السرعة في التنفيذ، والكفاءة في الاداء، و الجودة في الانتاج، والمنافسة في العروض، والتقدم التكنولوجي وشراكة استراتيجية صادقة ومتوازنة طويلة الأمد.
٥- كانت مدينة خيفي الصناعية أولى محطاتنا في ١٩ أيلول حيث شاركنا بالمؤتمر العالمي للصناعة، للإطلاع على أحدث ما وصلت اليه التكنولوجيا في جميع مجالات الحياة، ثم تبعتها زيارة الى المركز التجاري للصين – شنغهاي – حيث التقينا كبريات الشركات واطلعنا على مشاريع النقل العملاقة، و في ختام الجولة حللنا في العاصمة بكين للمشاركة في المنتدى العراقي-الصيني الثالث حيث كان رئيس الوزراء ضيف الشرف، ولقاء الشركات الصينية العملاقة و عقد اجتماعات معمقة تبعتها توقيع الاتفاقيات التجارية و المذكرات الرسمية بين البلدين حيث كانت اولى ثمارها توقيع مذكرة تمويل محطة صلاح الدين الحرارية والتي ستدخل الخدمة في صيف عام ٢٠٢٠ بطاقة إنتاجية تصل الى ١٢٦٠ ميگا واط تخدم سكان المناطق المحررة. هذا بالإضافة الى عقد الاجتماعات الحكومية مع الجانب الصيني على مستوى رئاسة الجمهورية و رئاسة مجلس الدولة و رؤساء المقاطعات، والتي كانت إيجابية حيث بادَلَنا الجانب الصيني ذات الاهتمام بثقل الزيارة و جدية البرنامج الحكومي والتوجه القيادي الناضج و الواعد للحكومة العراقية، خصوصاً بعد مرور عام على الحكومة بنتائج إيجابية وملموسة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، محلياً و إقليمياً وعالمياً،
٦- في موضوع تطوير ملف الطاقة، طرحنا رؤيتنا لعراق عام ٢٠٣٠، وأولويات البداية على أسس سليمة، وكيفية توظيف الشراكة العراقية-الصينية في إحداث نهضة تكنولوجية ترفع من واقع الانتاج وتطوير شبكات النقل والتوزيع بأنظمة ذكية لتحديث شبكتنا الوطنية لترتقي الى تحديات المستقبل وجعل العراق سوق كهرباء واعدة ورابحة محلياً وإقليمياً، وكذلك تطوير الربط المشترك مع دول الجوار وصولاً الى شمال أفريقيا و اوربا. هذا يتطلب تطوير المنظومة الكهربائية وتأمين الخطة الوقودية التقليدية مسنودة بمشاريع الطاقة المتجددة، بما يواكب النمو السكاني والتوسع الاقتصادي، وبمشاركة فاعلة بين الشريك الصيني و القطاع المحلي بشقيه: العام والخاص، مع حفظ التوازن في دور الشركات الأوربية والأمريكية والإقليمية.
٧- كما ركزنا على الاستثمار في المحتوى المحلي من خلال تطوير الكفاءات العراقية وبناء مراكز التدريب والتطوير والبحث العلمي ونقل التكنولوجيا وبناء المصانع وورش الصيانة ومراكز الاعمال التي ترفد إعداد منظومة الطاقة الوطنية على أسس رصينة ومستدامة، مع خلق فرص عمل تستوعب الشباب في مشاريع القطاع الخاص والمختلط، وتنهي أزمة البطالة ونمطية الاعتماد على التعيينات الحكومية،
٨- هذا و كان لزملائي الوزراء والمحافظين ذات النشاطات و الجولات الماراثونية في مفاوضاتهم ومباحثاتهم مع الجانب الصيني في المجالات كافة التي ركزت على ملفات الاعمار الاتحادية والمحلية.
ختاماً، لعل شهادتي مجروحة في تقييم هذه الرحلة التي تعرض لها المحللون والنقاد بين مادح و قادح حتى قُبَيل إقلاع الطائرة من مطار بغداد الدولي، لكن قليلاً من حسن الظن مقروناً ومشروطاً بتحمل المسؤولية التضامنية: حكومةً وشعباً، لبناء الوطن واستعادة هيبة الدولة سيكون مستقبلنا زاهراً ومزدهراً لا محال، وستشكرنا الأجيال اذ ستكون الحَكَم عما فعله الآباء في إعادة امجاد مهد الحضارات، بلاد الرافدين
٢٤ أيلول ٢٠١٩
(*) وزير الكهرباء العراقي
https://www.facebook.com/651525908345725/posts/1366578080173834?sfns=mo
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية