لقد أدى التقدم العلمي والتكنولوجي الحديث إلى تقدم التجارة، فغدت العمليات التجارية تبرم أو تنفذ عبر وسائل الاتصال الالكتروني، مما دفع شركات التأمين إلى مواكبة التطورات الحديثة والأخذ بالمعطيات الجديدة التي دخلت الأسواق العالمية متمثلة باستخدام الوسائل الالكترونية، من خلال عرض خدمات التأمين الكترونياً والابتعاد عن العمليات التقليدية.
إن استخدام شبكات الانترنيت لعرض خدمات التأمين فكرة حديثة على الدول النامية وتتطلب وعيَ وإدراك أهمية التجارة الالكترونية على التنمية الاقتصادية ومنها قطاع التأمين الالكتروني الذي أحدثَ نقلة نوعية في عمل هذا القطاع ومواكبة تطورات العصر. في العراق، لم يلق التأمين القدر الكافي من الاهتمام أصلاً إذ لازال التأمين يمارس بأسلوب تقليدي محض، وهذا قصور واضح بعدم اهتمام شركات التأمين بتطبيق التأمين الالكتروني في تسويق خدمات التأمين.
لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي
أثر وسائل الاتصال الإلكتروني في مجال التأمين-IEN
التكنولوجيا الإلكترونية ومكانتها في النشاط التأميني
مصباح كمال
(1)
تكمن أهمية هذه المقالة في إثارتها لموضوع لم يلقَ عناية إدارات شركات التأمين العراقية. ولا أذكر أن أحد العاملين في هذه الشركات قد كتب عنه سوى مقالة للسيد مصطفى نوري صادق بعنوان “التأمين وتكنولوجيا المعلومات” نشرها سنة 2008 عندما كان يعمل في القسم الفني في شركة التأمين الوطنية (يمكن قراءة هذه المقالة في مدونة مجلة التأمين العراقي http://misbahkamal.blogspot.com/2008/11/blog-post_17.html) بيَّن فيها تدني استخدام الكومبيوتر ومجالات الاستفادة من التسهيلات العديدة لتسريع العملية التأمينية.
(2)
إن قطاع التأمين العراقي يحتل مرتبة متدنية مقارنة مع قطاع التأمين في أسواق التأمين العربية، خاصة وان البعض منها قد قطعت أشواطاً متقدمة في استخدامات الكومبيوتر والإنترنيت. وتأتي سوق التأمين في الإمارات المتحدة على رأس هذه الأسواق، إذ نشأت فيها شركات إلكترونية جديدة توفر منصات لخدمات تأمينية مختلفة ومن بينها خدمة المقارنة بين أغطية التأمين التي توفرها شركات التأمين بحيث يستطيع المؤمن له المرتقب اختيار ما يراه مناسباً من بين هذه الأغطية. هذه الشركات هي بمثابة شركات وساطة رقمية digital brokers تجمع بين طالبي التأمين والشركات المجهزة لحماية التأمين. وقد شاع استخدام هذه المنصات الإلكترونية منذ بداية القرن الواحد والعشرين وتعرف باسم aggregator.
(3)
ومن منظور اقتصادي فإن نشوء مثل هذه الشركات يؤشر على تطور قنوات توزيع المنتج التأميني. ففي الأسواق المتقدمة هناك قنوات عديدة: البيع المباشر للمنتج التأميني من قبل شركة التأمين إلكترونياً، البيع من خلال وسطاء التأمين، البيع من خلال المنصات الإلكترونية، البيع من خلال البنوك.
وقد كتبتُ سابقاً إن تأثير تكنولوجيا المعلومات والفضاء السِيبراني في ازدياد ووصل الأمر إلى ان جباية أقساط التأمين وتسديد التعويضات وحتى التفاوض بين الوسيط ومكتتب التأمين صار يتم عن بُعد من خلال التواصل الإلكتروني.
إن ترحيب شركات التأمين بالتقدم الحاصل في مجال الاتصالات الإلكترونية له بُعد اقتصادي آخر يتمثل بتقليص تكلفة المعاملات transaction costs التي تدخل في العملية التأمينية. ولكن هل انعكس هذا التقليص على تسعير المنتج التأميني؟ لا أظن ذلك طالما أن الدافع الأساسي للإنتاج ما زال يقوم على مبدأ تعظيم الربح.
والملاحظ أن تحقيق الكفاءة وتسريع الإجراءات جلب معه تهميش لا بل تغييب العلاقة والتواصل البشري. وقد يتطور الذكاء الصناعي ليقضي على هذه العلاقة.
(4)
إن شركات التأمين العراقية لم تقترب بعدُ من الإمكانيات التي توفرها التكنولوجيا الإلكترونية. وهي تكتفي، في الغالب، على تأسيس موقع إلكتروني لها تعرض فيها معلومات عن منتجاتها وخدماتها. وهي بهذا لم تتجاوز المقترب التقليدي في الإعلان والدعاية الورقية المطبوعة. إن من شأن الثورة الإلكترونية، بعد إدخال أنظمتها لسوق التأمين العراقي، تسهيل الوصول إلى شرائح جديدة ومختلفة من طالبي التأمين المرتقبين. ويقوم هذا التوقع على مشاهدة تظاهرة الآلاف في مئوية الانتفاضة يوم 10 كانون الثاني 2020 فهم يمثلون وعداً لتأسيس عراق أفضل، فبعد استقرار الأوضاع وعندما يحصل العديد من المنتفضين والعاطلين المعطلين وغيرهم على عمل دائم، عندها يستطيعون التعامل من خلال هواتفهم النقالة مع بعض متطلبات حياتهم ومنها التأمين، مع تعزيز ثقافة التأمين، مثلما تعاملوا بنشاط في تنظيم الانتفاضة.
شكراً للسيدة إسراء على إثارة موضوع الاتصالات الإلكترونية. آمل أن يلتقط العاملون في قطاع التأمين العراقي مضمون مقالتها والكتابة عنها عسى أن تساهم في اقناع إدارات شركات التأمين على تبني بعض التطبيقات الإلكترونية في مجال توزيع المنتج التأميني، وإدخالها في صلب العملية التأمينية في الاكتتاب والتعويض وإعداد البيانات (التي يمكن أن تكون مصدراً لدراسة وتحليل سلوك المستهلك تجاه مؤسسة التأمين).
مصباح كمال
13 كانون الثاني 2020