المحور الأول : – مدخل مفاهيمي حول معنى الإصلاح وما يثيره من تساؤلات إشكالية
يشير المعنى القاموسي اللغوي الى ان الإصلاح مشتق من الصلاح ، وهو ضد الفساد ، وعند القول اصلاح الشيء نعني به إزالة الفساد عنه ، وعند القول ان فلان من أصحاب المفاسد لا المصالح ينبغي تحديد أي الاعمال التي تبعث على الفساد ، او التي يرتشح منها الفساد ؟ بل وما هو الفساد أصلا ؟ ومن وجهة نظر من؟ – الأفكار الدينية ، وأي منها ؟ الأفكار السماوية وأفكار الرسل والانبياء ، وأي منهم ؟ الأفكار الدينية من غير الرسل والانبياء ، وأي منهم ؟ الأفكار الوضعية، وأي منها في مدارسها واتجاهاتها التي لا تعد ولا تحصى ؟ ام من وجهة نظر الفكر الرأسمالي الحاكم والسائد على معظم بقاع الأرض ووفق منطق حركة رأس المال ، ولأي مرحلة منه ؟ – فلكل دين ولكل فلسفة ومدرسة واتجاه وجهة نظرها الخاصة في موضوعة الفساد والصلاح ، التي تستمد مبرراتها من حاجات المرحلة التاريخية .
فعلى سبيل المثال يشير الفكر الاغريقي وتحديدا الفيلسوف ارسطو طاليس الى ان عبودية اليوناني فسادا، وليست من طبيعة الأشياء، أما عبودية غير اليوناني فليست فسادا لأنها من طبيعة الأشياء. ويشير الفكر التوراتي الى أن اقراض الغير بربا ليس فسادا، اما اقراض اليهودي بربا فأعتبره فسادا ونهى عنه ” لا تقرض اخاك بربا” ، وبينما يشجب الدين المسيحي الربا ويحرمه الدين الإسلامي ، يعتبر الربا احد المصادر الرئيسية للتراكم البدائي لرأس المال والتراكم الرأسمالي منذ بواكير نشأة الرأسمالية تجارية ماركنتيلي، وبينما يقف الفكر المسيحي موقفا متشددا حانقا من التجارة ، ويرى ” ان دخول الجمل من سم الخياط أقرب من دخول التاجر الى الجنة ” حسب القديس اوغسطين ، و ” ان التاجر مجرم ابن مجرم ” حسب القديس جيروم ، نجد ان الفكر الإسلامي يبارك التجارة ( ولكن وفقا لقيود ونواهي ) على عكس موقف الفكر المسيحي، وينهي عن اكتناز الذهب والفضة ويبشر الذين يكنزون الذهب والفضة بعذاب اليم ” الذين يكنزون الذهب والفضة فبشرهم بعذاب اليم يوم تكوى بها جباههم وجنوبهم هذا ما كنزتم فذوقوا لأنفسكم ما كنتم تكنزون ” ويؤكد على انفاق الأموال وحتى النزر اليسير منها في سبيل الله بدلا من اكتنازها ” يسألونك ماذا ينفقون قل العفو ” والعفو هو كل ما زاد عن الحاجة ، وهنا تجدر الإشارة الى ان هذا التحريم لاكتناز الذهب والفضة واعتباره من المفاسد يعود، ليس الى ما يسببه من حجب للأموال عن العمل والاستثمار – حسب التفسير الرأسمالي للإسلام – لان الاستثمار والتوظيف لا يمت للإسلام بصلة أصلا ، بل لأن جوهر الكسب في الإسلام، كما في المسيحية ، وحتى عند سبنيوزا ، هو كسبا روحيا وليس كسبا ماديا . وان التراكم في الإسلام هو تركيم اعمال نافعة ، قيم استعمالية ، قوتية، حاجوية نافعة ، وليس تركيم قيم تبادلية / استغلالية/ استثمارية.
لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي لتحميل ملف بي دي اف
اشكالية الاصلاح والطروحات الاشكالية- عبد الجبار العبيدي – محررة 1
أستاذ علم الاقتصاد المتقاعد – كلية الإدارة والاقتصاد- جامعة بغداد
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية