منشورات السفير العربي 2020
ما هو الفساد، من هو الفاسد؟
ليس الفساد عرَضاً يمكن معالجته بذاته وبتدابير تخصه، بل هو موظّف لتمكين الحاكم /الحكام، ولاستدامة سلطتهم وهيمنتهم. وهو قد يكون أشد فعاليةً من القمع متنوع الأشكال الذي ينهال على المجتمع، ومن الإخضاع بالتدجين، وبتيئيس الناس من التغيير، كام بإفقارهم. يتغلغل الفساد في كل مكان ويُرشِك معه بدرجات متفاوتة عدداً واسعاً من الناس، أو يقودهم إلى التواطؤ معه، أو – على الأقل – إلى القبول به لتيسري حياتهم. كام توجد شرائح اجتماعية تستفيد منه بشكل خاص لأنها مُستمالةٌ إلى السلطات القائمة بفضل اعتبارات أيديولوجية أحياناً، أو لانتامءات قبلية أو مذهبية .
تناولت أبحاث كثرية مسألة الفساد باعتبارها مؤشراً على الحكم غير الرشيد، وعلى انعدام الشفافية، وكإخفاق في نظم المراقبة والمحاسبة، أو كضعف في سلطة القانون. وقد شاع هذا التأطر لمسألة الفساد داخل الخطوط النظرية والمعاير الدولية التي رسمتها منظمات مثل البنك وصندوق النقد الدوليين، أو منظمة “الشفافية العالمية” الخ.. التي ركزت على المحسوبية والسرقة وملء جيوب المتنفذين، أو اقترحت إجراءات لحماية المبلّغين عن الفساد، وتحسين القدرة على الوصول للمعلومات، وإفساح المجال للمجتمع المدني، وإرساء المحاسبة المجتمعية… وقدّم ذلك كله قاعدة بيانات كبرية ومفيدة.
لكن ذلك لوحده قاصرٌ، لأنه لا يلتقط دينامية الفساد ووظيفته. فلا بد أن لكل تلك المظاهر صلة فيام بينها، ما يعطيها معنىً، ويجعلها “نُظْمة”. سعت هذه الأبحاث التي أشرف عليها “السفير العربي” وننشرها هنا، لتفحص هذه الفرضية، وكذلك لتعيين الظروف التي تجعل الفساد مزدهراً.
وهناك بالطبع علاقة طردية بين استشراء الفساد، وانهيار مشروع التحرر الوطني – أو هزيمته –
والذي لا يمكن اعتبار منجَز التخلص من الاستعمار القديم تحققاً مكتمالً له. وقد ترافق هذا النكوص مع الخصخصات الواسعة، التي كانت باباً جديداً للفساد.
وكذلك يُلاحَظ تواري آليات اتخاذ القرار الحقيقية خلف الإخراج الشكلي للقرارات، في ما نراه مجالس وزراء أو برلمانات. أو اللجوء إلى المراسيم. وهي التغطيات القانونية للممارسات الفاسدة
انقر على الرابط التالي لتحميل الكتاب بصيغة بي دي أف
كتاب السفير العربي – الفساد في الجزائر والعراق
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية