جدل اقتصاديملف جولات التراخيص وعقود الخدمة

حمزة الجواهري: حوار مع الدكتور فاضل عباس مهدي حول السياسة النفطية وعقود الخدمة

لتنزيل ملف بي دي أف انقر هنا

أرجو أن يسمح لي الأساتذة بالإجابة عن هذه التساؤلات بالقدر الذي استطيع تقديمه، لأنه، وكما نقول، “وفوق كل ذي علم عليم”.

السؤال الأول: هل ان تصدير الإقليم للمكثفات مقبول من قبل وزارة النفط، ام عليه أشكال؟

الجواب: بالتأكيد غير مقبول من قبل كل أطراف الحكومة ومؤسساتها، وغالبا ما أعلنت الحكومة على لسان مسؤوليها أو متحدثيها الرسميين عن عدم مشروعية هذا التصدير، واعطوه اسمه الحقيقي “تهريب النفط”.

السؤال الثاني: لمن دفعت عائدات تصدير هذه المكثفات، للخزينة المركزية ام لموازنة الإقليم؟

الجواب: لم تُدفع هذه الأموال لا للحكومة الإتحادية ولم تدخل موازنة الاقليم، وللتأكد من ذلك نرجو مراجعة كتاب الأستاذ فؤاد الأمير الثاني حول عقود كوردستان الموسوم ب ملاحظات حول “الجديد في عقود النفط والغاز، الموقعة من قبل حكومة إقليم كردستان، والسياسة النفطية للإقليم“، كما وأن هذه الأموال لم تُستغل لتسديد مستحقات الشركات العاملة في كوردستان، حتى تلك الشركة التي أنتجت هذه المكثفات وهي شركة دانة غاز وشركائها في إئتلاف بيرل الذي تشكل في عام2009، وكل ما نعرفه عنها هو ما ورد بتصريح رئيس حكومة الإقليم نجرفان برزاني من أنها استغلت لبناء مدارس ومستشفيات في الإقليم، لكن لم ير سكان الإقليم هذه المستشفيات ولا المدارس، إلا تلك التي بُنيت وفقا لميزانية الإقليم.

السؤال الثالث: هل يمكن القول بان عقود الخدمة التي عقدتها وزارة النفط لمدة ٢٠ عام او ما ينيف عن ذلك، هي عقود خدمة ام عقود مشاركة؟

بالتأكيد أنها عقود خدمة، لأنها لا تعمل على أساس المشاركة بنسبة، بل بأجر مقابل إنتاج البرميل، فمهما طالت المدة أو قصرت، لا شأن لها بنوع العقد، فبعض عقود الخدمة قد يمتد إلى عشر سنوات، وآخر لمدة لا تزيد على شهر واحد، فالمدة وقيمة العقدContract Value تُحدد ضمن شروط العقد، وليس لها حدود تتعلق بالمدة أو القيمة، وأحيانا تكون مفتوحة لسنين غير محددة، ويمكن انهائها ببلاغ يسبق الإنهاء بفترة زمنية، إذا كان الأمر لا يتعلق بتوظيف مالي له علاقة بالعقد، لأن الشركة الخدمية يجب أن توظف أموالا للشراء، كأن تكون معدات أو توظيف ناس أو شراء مواد ضرورية لاستيفاء شروط العقد.

باختصار شديد إن عقود الخدمة متنوعة ولا توجد حدود زمنية تخضع لها كل العقود، بل لكل عقد فترة زمنية محددة تتعلق بحجم التوظيفات المالية المتعلقة بالعقد وطبيعة الخدمة.

بالنسبة لعقود الخدمة التي إعتمدتها الوزارة كانت لها مدة طويلة، والسبب بذلك هو أن فترة التطوير للحقل قد تطول لتصل إلى عشرة سنوات لبلوغ إنتاج الذروة، وتبقى هناك مشاريع تطويرية أخرى ضرورية مكمّلة للتطوير الأساسي، كأن تنشئ الشركة منظومة لضخ الغاز، أو منظومة لضخ غاز ثاني أوكسيد الكربون، أو لضخ البولمرات، كنوع من الإنتاج المعزز لرفع نسبة الاستخلاصRF لبعض المكامن النفطية التي تم تطويرها، لأن لا يمكن الوصول إلى قناعة بهذا النوع من التطوير إلا بعد دراسة ممكنية مبنية على اساس من تحليل المعطيات التي تراكمت لسنوات من خلال المراقبة المكمنية والإنتاج والتحاليل والدراسات الجيولوجية والبترولوجية، ونتائج لدراسات أخرى متعددة تجتمع نتائجها كلها في دراسة التمثيل المكمني الرقمي، وهو محاكي رقمي عملاق يستفيد من كل هذه المعطيات العلمية ليضع تصورا لعدة سيناريوهات افتراضية مختلفة لإنتاج المكمن، وذلك للوصول إلى أفضل اسلوب لإنتاج المكمن، وبالتالي للوصول إلى أعلى معامل استخلاص للمكمن، ومن ثم يترجم هذا الأمر على أرض الواقع من خلال مشاريع إعادة التطوير المتعددة التي لا تنتهي إلا بإنتاج آخر قطرة من النفط الموجود في المكمن النفطي، بمعنى آخر، حتى التطوير الذي يعتمد على هذه الدراسة يجب أن يخضع لإدارة مكمنية محكمة لمراقبة أداء المكمن بعد كل هذه الجهود.

أما إذا كان لدينا عددٌ من مكامن مطوّرة في الحقل، فلكل مكمن دراسات من هذا النوع وإدارات خاصة به، فهندسة المكامن تُخصّص قسما خاصا للمكمن، والجيولوجيا تُخصص قسما خاصا لنفس المكمن، وهكذا باقي الإختصاصات المتعلقة بالجس البئري أو الدراسات الجيوفيزيائية، كالمسوحات ثلاثية الأبعاد ورباعية الأبعاد، وكذا باقي التخصصات ذات العلاقة بالمكامن والصخور الحاوية للنفط.

في الواقع لا يُشكل هذا العرض السريع جدا لطبيعة عمليات التطوير الصورة كاملة عن عمليات التطوير التي تجري على أرض الواقع، فهناك متخصصون يعملون لعشرات السنين، للتوصل إلى أفضل طريقة للإنتاج، وبالتالي الى أعلى معامل إستخلاص لكل مكمن من المكامن على حدة.

إن السبب وراء هذه الاستفاضة، والتي أراها تشكل اختصار شديد جدا لموضوع كبير جدا، بل غاية بالكبر والسعة، ويتصور كثير من الناس أن باستطاعة الشركات أن تقوم به خلال فترة لا تزيد على خمس سنوات، لكن هذا التصور غير واقعي ولا عملي، خصوصا وإن الحقول العراقية أكبر من عملاقة، واصغر حقل تم تطويره يعتبر كبير بالأعراف الهندسية، فإذا عرفنا أن الوقت المطلوب للوصول إلى إنتاج الذروة لوحده بحاجة إلى عشر سنوات، فما هو الوقت المطلوب لباقي الأمور للوصول إلى أعلى معامل استخلاص؟ فقد نحتاج إلى أكثر من خمسة عشر عام من استمرار الإنتاج والدراسات والمراقبة الحقلية المستمرة والمتواصلة للمكامن أيضا ، وذلك للوصل إلى أعلى معامل إستخلاص.

حقيقة إن الجديد في عقود الخدمة هذه هو أنها استفادت من عقود الخدمة التقليدية ومن هيكلة عقود المشاركة بعد أن رفعت عنها المشاركة وتركت الهيكلية نفسها تقريبا، وهذا هو الذي يعتبر جديدا بهذه العقود، وهنا نستطيع اعطائها تعريف هو “”أنها عقود خدمة تشبه هيكلية العقد المعروف بعقد المشاركة بالإنتاج””، لكن أُضيف لها عدة عناصر جيدة، وهي أولا الأجر الذي يتناقص مع تقدم الوقت والإنتاج، وثانيا الإدارة المشتركة من خلال نسبة الشريك العراقي المتمثلة بالربع، والثالث هو هيئة الإدارة المشتركة التي يكون تركيبها من ثمانية أشخاص، اربعة منهم من وزارة النفط وأربعة من الشركة الخدمية، وإن واحدا من الأربعة ممثلين للشركة الخدمية يكون عراقيا، لأن الشركة تؤسس وربعها مملوك للعراق، فالنتيجة هي أن يوجد في هيئة الإدارة المشتركة، خمسة عراقيين وثلاثة أجانب، لكن القرارات يجب أن يوافق عليها الجميع، وفي حال الخلاف تتدخل الشركات الأجنبية الأم والوزارة ممثلة بوزيرها وكادر الشركة التي تحمل صفة الشريك العراقي. وهناك شيء آخر جديد وهو أن الشركة يجب أن يتزايد عدد موظفيها من العراقيين مع الوقت وفقا لجداول زمنية، وصولا إلى نسب قد تزيد على95% في نهاية المطاف، وهذه الشروط غير موجودة في عقود المشاركة بالإنتاج. وأخيرا، بالنسبة للغاز، فيتم  تسليمه للعراق بالكامل، كناتج عرضي بعد معالجته، ولهم الحق باستعمال جزء بسيط منه للعمليات البترولية. أما استعادة أموال التطوير فيتم استعادتها من عائدات الفترة الأولى للإنتاج كما هو الحال في عقود المشاركة، على وفق نسبة محددة من عائدات الإنتاج، كما وتستعيد الشركة كُلف الإنتاج التي لا تزيد على دولارين في معظم الأحول، كما وتأخذ أجرها عن كل برميل منتج بعد الوصول إلى نسبة 10% من نقطة الشروع.

حقيقة إن الشركات ما كنت لتقبل بهذا النوع من العقود لولا أنها، أو حكوماتها، تواجه شبح قلة العرض مقابل الطلب المتزايد، فقد كان العالم يقترب حثيثا نحو هذا الواقع الجديد وقد أكدت جميع الدراسات هذه الحقيقة، ففي حال رفضهم للعرض العراقي الشحيح بالمنافع، فإنهم سيفقدون فرصة توفير إمدادات نفطية كافية تضمن استقرار أسواق الطاقة لعقود قادمة طويلة، وقد يرتفع سعر البرميل إلى أكثر من200 دولار، وسيصحب ذلك إنهيارات اقتصادية لدول عديدة. وعلى هذا الأساس قبلت الشركات بهذه العقودة التي اعتبروها مجحفة وغير منطقية كما وصفوها بعد جولة التراخيص الأولى، لكن بضغط من حكوماتهم قبلوا بالأمر الواقع، فلو كانوا سيصرفون من جيوبهم على إنتاج النفط العراقي فإن ذلك أفضل لهم بكثير من الحالة التي كانت تنتظر أسواق النفط والاقتصاد العالمي وأسعار أعلى من200 دولار للبرميل، لذا نلاحظ أن الشركات التي قبلت ووقعت هذه العقود هي جميعها تعود ملكيتها كلا أو جزءا إلى حكومات بلدانها، ولم تدخل الشركات الخاصة أو غير المملوكة من قبل حكوماتها مطلقا لهذه الساحة الخطرة بكل شيء، ماليا وأمنيا واجتماعيا.

وهكذا نستطيع القول أنها نوع جديد من العقود سمي بعقود الخدمة، لكنها طويلة الأمد للضرورة الموضوعية، وليس البعد السياسي، ولو لم يكن سوق النفط العالمي يواجه شبح عدم القدرة على توفير الطاقة لما أصبحت أمرا واقعا ولم تنجح على الاطلاق، ربما هي الصدفة التي خدمت العراق لتكون هذه العقود حقيقة، على أرض الواقع، أكثر من منصفة للعراق، ولم يكن أحد يصدق أنها ستكون مقبولة.

السؤال الرابع: هل لوزارة النفط القدرة الفنية لمتابعة هذا العدد الهائل من العقود التي أبرمتها مع الشركات؟

الجواب: لنفترض جدلا أن الوزارة غير قادرة على هذه الإدارة، فما الذي تستطيع عمله وهي لا تمتلك الكوادر البشرية الكافية لتطوير الحقول العراقية، ولا الخبرة والتكنولوجيا، كنتيجة لعزل العراق عن العالم لعدة عقود من الزمن، ولكون العراق في حينها، لايمتلك المال الكافي لعمليات التطوير، بمعنى أنها مضطرة غير باغية لقبولها دخول الشركات العالمية مرة أخرى للعراق حتى لو كان الدخول حميدا كهذا. أضيف لما تقدم، إن الإرتقاء بمستوى الكوادر النفطية العراقية لا يمكن أن يأتي من خلال شهادة جامعية فقط أو من خلال دورات تدريبية فقط أو من خلال وحي يوحى لهم وهم نيام، فالأمر بحاجة إلى عملية تتضافر فيها كل هذه النواحي مع التدريب على أرض الواقع، فالفترة الأولى تعتبر مدرسة للكوادر العراقية التي تعمل مع هذه الشركات وتلك التي تراقب وتشارك من خارج الشركات. فهذه العملية تحتاج إلى سنين طويلة، لنستطيع القول أن لدينا كوادر مجربة وقادرة وكافية لعمليات تطوير الحقول في المستقبل، وهكذا تكون هذه العقود قد حققت عدة أهداف في آن واحد وبضربة حجر واحدة. نعم لا أختلف مع من يقول أن فيها الكثير من الهدر في الوقت ، وأن الشركات سوف تتحايل للحصول على عوائد أكبر، وأكثر من هذا وذاك هو الانتقاص للسيادة في بعض الأحيان.

أما مسألة القدرة على إدارة العقود، أنا شخصيا كتبت مسلسل من12 حلقة، عبارة عن كتاب تم نشره على صحيفة المدى ونشر أيضا على موقعي الخاص يتحدث عن الجانب المظلم للقمر، أو الإخفاق بإدارة عقود النفط هذه خلال المرحلة الأولى، وقد استجابت الوزارة بشكل إيجابي للنقد الذي قدمته من خلال الكتاب، أرجو مراجعته على موقعي الخاص. لكن المهم هو أننا نتعلم ونصحح ونتقدم وننتقل إلى مستوى أعلى يوما بعد آخر.

السؤال الخامس: هل لدى الوزارة القدرة الفنية لمنع تجاوزات الشركات المتعاقد معها في حسابات الكلف؟

عموما إن الوزارة تعمل على أساس الأسعار العالمية، يضاف لها ما يفرضه الواقع العراقي، حيث أن كلف التأمين عالية جدا، لكون العراق مازال يعتبر منطقة حرب وفقا لإعّرق شركات التأمين، وكذلك لشركات الأمن الخاصة التي تعمل على حماية الكوادر، إضافة إلى الأسعار العالية، بل والمبالغ بها، لذوي الخبرة من المهندسين والفنيين وباقي الاختصاصات من الخبراء الأجانب، ففواتير الشركات المتعلقة بأجور هؤلاء المتخصصين تعتبر خرافية وغير مقبولة، لكن يجب أن تدفع، وهذا هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع كلف الإنتاج إلى دولارين للبرميل الواحد في حقل الرميلة الذي أخذناه كمثال، في حين كان يجب أن يكون بحدود دولار وثمانية سنتات. أما كلف المشاريع التطويرية، فإنها تعتمد الأسعار العالمية، كما اسلفنا، مضافا لها كلف أخرى تتعلق بالتأمين العالي، وكلف النقل العالية، وكلف توفير الأمن لها والعاملين على إنشائها التي تعتبر عالية هي الأخرى، فمثلا، كلفة بناء انبوب لنقل النفط قد ترتفع بنسبة25% عن الأسعار العالمية للأسباب آنفة الذكر، وهكذا لاحظت شخصيا أن هذا الأمر يقل عن هذه النسبة إذا كانت المعدات ليست بحاجة إلى بعض تلك الاضافات على الكلف العالمية.

ولو عدنا إلى أرض الواقع، فإن المصروفات لتطوير حقل الرميلة الذي تقوم به شركة بي بي والشركة الصينية، فإنها تتراوح ما بين مليار إلى مليارين سنويا. لنفترض انها مليار وستمائة مليون دولار سنويا، متضمنة كلف التطوير والإنتاج وأجر الشركات، مع العلم أن كلفة إنتاج النفط تقريبا هي دولار لكل برميل في حقل الرميلة، بعد استقطاع نسبة الشريك العراقي25% وإستقطاع الضرائب بنسبة35%، وهذه تسترجع بعد الوصول إلى مستوى إنتاج10% من نقطة الشروع، فإذا عرفنا الآن أن إنتاج حقل الرميلة بلغ حوال مليون وأربعماءة وخمسون ألف تقريبا، صعودا من مليون وستون ألف برميل يوميا تقريبا، أي بزيادة عن نقطة الشروع بحدود400 ألف برميل يوميا، فإن الكلف تسترجع من نصف عائدات ال400 ألف برميل يوميا، أي200 ألف برميل يوميا، والتي تقدر عائداتها اليومية بحدود20مليون برميل، ولو كان معدل المصروف خلال هذه السنة هو مليار وستمائة مليون دولار، متضمنا كل شيء، فإن قيمة هذه الكمية من النفط تستطيع تسديد الكلف بحدود80 يوم، ولكن بعد أن تصل الزيادة إلى مليون برميل، فإن هذه الكلف ستسترجع خلال32 يوم فقط من السنة، أي كلما زاد الإنتاج مع الوقت تستطيع الشركات اخذ مستحقاتها خلال فترات أقصر. وبعد اكتمال عمليات التطوير الأولية ستكون هناك مشاريع أخرى كل عام، لاستكمال عمليات التطوير التي لا تنتهي حتى نهاية الإنتاج، ولكن بحدودها الدنيا، فقد تشكل أقل من ربع المصروفات للفترة الأولى للتطوير، وتفضلالشركات دائما الحصول على مستحقاتها كنفط خام وليس كأموال.

عموما المشاريع تتم مراجعتها من قبل الهيئة المشتركة التي توافق عليها، وتنحصر صلاحياتها كحد أقصى50 مليون دولار للعقد، وإذا زاد عن ذلك فهو من صلاحيات الوزارة والشركة الوطنية، أو الشريك العراقي، وهذه الصلاحيات تصل إلى100 مليون دولار للعقد الواحد، أما مازاد على ذلك فإنه من صلاحية مجلس الوزراء. وللموافقة على العقد والكلف تتم مقارنتها بالأرقام العالمية لمشاريع مماثلة. وتتم عملية تقييم أخرى من خلال برنامج يتضمن الأسعار القياسية العالمية لكل منشأة، مهما كان نوعها، تدخل في هذه الصناعة.

السؤال السادس: لقد تعاقدت الوزارة مع الشركات ضمن جولات التراخيص على أسس افتراضية، قد لا تكون لها علاقة بجيولوجيا المكامن المختلفة، حول الوصول الى plateau للإنتاج وبالحد الأدنى من الكلف لإنتاج البرميل الواحد. ثم تبين ان اغلب الشركات، ان لم تكن كلها ، كانت قد بالغت بأهداف تطوير الانتاج كي ترسى العقود عليها، فهل هذا الأسلوب هو لصالح الحفاظ على امثل انتاج من المكامن في الأمد الطويل؟.

الجواب: أبدا، فقد تم التعاقد بناءا على معادلة تعتمد على معطيات كثيرة وتعتبر احد اسرار وزارة النفط، لكنها أثبتت أنها تمنح الشركات أقل بكثير مما كانت تتوقع الحصول عليه، فجميع الحقول التي طرحت بجولات التراخيص تعتبر أنها تتوفر على معلومات جيدة وكافية لوضع ثوابت ومتغيرات المعادلة التي تحدثنا عنها.

أما موضوع سقف الإنتاج، حقيقة ما كان يجب أن يكون هذا العامل مضافا لتحديد الفائز بجولات التراخيص، لأن العقود نفسها تفرض على الشركات تقديم دراسات ومن ثم اعادة التطوير لتحقيق أعلى معامل استخلاص، فكيف يمكن اعتماد هذا المعيار للتنافس وبنفس الوقت نطلب من الشركات تحديده بشكل علمي من خلال العقد؟ وهذا ما اعتبره تناقض غير مقبول.

عموما فقد انتهى هذا الموضوع بعد اعادة النظر بمستويات ذروة الإنتاج لأسباب اقتصادية في هذه المرحلة بعد الدراسات العديدة التي قامت بها جهات يعتد بها مثل بوز اند كومباني ووكالة الطاقة الدولية وود كروب وغيرها، وقد تم التفاوض مع الشركات لتخفيض انتاج الذروة بنسبة قد تصل إلى25% أي الربع.

أما كلف الإنتاج فقد تكلمنا عنها في مواقع مختلفة من الموضوع، لكن، عموما، تعتبر الزيادات عن الكلفة الطبيعية قليلة نسبيا، وذلك بسبب غزارة الإنتاج من معظم الحقول العراقية.

ملاحظة الدكتور فاضل عباس مهدي: ان الإفراط في الحديث من قبل بعض الزملاء عن الإنجاز المفترض به عظيما في جولات التراخيص هذه يجب ان يستند على اكثر من متغيرين اثنين، فانا اخشى ان تكون هذه العقود التي أبرمت بعجالة واضحة مدخلا لاستنزاف المكامن.

الجواب: حقيقة إن هذا الموضوع لا يمكن تغطيته بعجالة كما فعلت في هذه الاجابات السريعة، ولو أردنا الذهاب أبعد فإننا سنصل إلى نتيجة مقاربة جدا لما حاولت الوصول إليه، لكن لابأس يمكن لأي من الأخوة في الشبكة القيام بهذه الدراسة الموسعة وأنا استطيع توفير الكثير من معطيات دراسته، ولكن ليس كلها.

أما ملاحظته الثانية: ولن أتحدث هنا عن حاجة العراق لإنتاج ١٢ مليون برميل يوميا في ٢٠١٧، كما تعاقدت عليه وزارة النفط ومن ثم تراجعت عنه لحسن الحظ فقد كتبت عن ذلك في العام ٢٠١٠، كما تعرف منتقدا سياسة الإفراط بإنتاج النفط.

الجواب: أعتقد أننا متفقون جميعا مع الدكتور فاضل حول هذه النقطة، ومعظم الدراسين وجدوا نفس ما توصل إليه الدكتور فاضل، ومعظم هذه الدراسات جاءت من قبل مؤسسات علمية يعتد بها.

أطيب التحيات للزميلات والزملاء الكرام مع شكري الجزيل وامتناني للدكتور كامل العضاض على المراجعة اللغوية

*) حمزة الجواهري: خبير نفطي عراقي – 25/10/2013

الملحق:

1)    مداخلة وأسئلة الدكتور فاضل عباس مهدي رداً على تعليق الاستاذ الخبير النفطي فلاح الخواجة

On Friday, October 25, 2013 5:40 AM, Fadhil Mahdi <famahdi95@gmail.com> wrote:

صديقي العزيز فلاح

أرجو ان تسمح لي بطرح التساؤلات التالية:

اولا هل ان تصدير الإقليم للمكثفات مقبول من وزارة النفط ام عليه أشكال؟

ثانيا لمن دفعت عائدات تصدير هذه المكثفات، للخزينة المركزية ام لموازنة الإقليم؟

ثالثا، هل يمكن القول بان عقود الخدمة التي عقدتها وزارة النفط لمدة ٢٠ عام، او ما ينيف عن ذلك، هي عقود خدمة ام عقود مشاركة؟

رابعا، هل لوزارة النفط القدرة الفنية لمتابعة هذا العدد الهائل من العقود التي أبرمتها مع الشركات؟

خامسا، هل لدى الوزارة القدرة الفنية لمنع تجاوزات الشركات المتعاقد معها في حسابات الكلف؟

سادسا، لقد تعاقدت الوزارة مع الشركات ضمن جولات التراخيص على أسس افتراضية قد تكون لا علاقة لها بجيولوجيا المكامن المختلفة حول الوصول الى  plateau  الى سقف للإنتاج وبالحد الأدنى من الكلف لإنتاج البرميل الواحد

ثم تبين ان اغلب الشركات، ان لم تكن كلها ، كانت قد بالغت بأهداف تطوير الانتاج كي ترسى العقود عليها، فهل هذا الأسلوب هو لصالح الحفاظ على امثل انتاج من المكامن في الأمد الطويل؟

ان الإفراط في الحديث من قبل بعض الزملاء عن الإنجاز المفترض به عظيما في جولات التراخيص هذه يجب ان يستند على اكثر من متغيرين اثنين فانا اخشى ان تكون هذه العقود التي أبرمت بعجالة واضحة مدخلا لاستنزاف المكامن.

ولن أتحدث هنا عن حاجة العراق لإنتاج ١٢ مليون برميل يوميا في ٢٠١٧ كما تعاقدت عليه وزارة النفط، ومن ثم تراجعت عنه لحسن الحظ ، فقد كتبت عن ذلك في العام ٢٠١٠ كما تعرف منتقدا سياسة الإفراط بإنتاج النفط

أطيب التحيات لك ولجميع الزملاء والزميلات الكرام

فاضل عباس مهدي

2)     تعليق الاستاذ الخبير النفطي فلاح الخواجة على المقال المشترك لـ د. بارق شُبَّر وحمزة الجواهري المنشور على موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

On Thursday, October 24, 2013, Falah Alkhawaja wrote:

أعزائي
مبادرة ممتازة ولكن اسمحوا لي بالاختلاف بعض الشيء:
1.ﻻيمكن تجاوز حقائق، اﻻقليم أعلن عدة مرات عن تصديرالمكثفات الى تركيا وايدأت ذلك الشركات المعنية فلماذا تحذف هذه من الدراسة. هذا ﻻ يخدم اﻻتجاه العلمي أو البلد.
2.كثر الحديث عن الخبزوالخبازة…ترى من هي الخبازة؟؟ ؟ غير وزارة النفط؟؟أهناك أفضل من العقود التي وقعتها؟
3 . لماذا لم تنشر الشبكة مقال اﻻستاذ حمزة كما هو؟ هل نحتاج الى تعديلات حتى لا تتأثر أفكارنا؟ ؟!!

مع التحيات،
فلاح الخواجة

3)     المداخلة الثانية للخبير النفطي الاستاذ كريم الشماع

Von: Karim Alshamma [mailto:alshamma2003@yahoo.com]
Gesendet: Freitag, 25. Oktober 2013 12:39
ألإخوة الاعزاء جميعاً – تحية طيبة

بقولي ( إعطي الخبز لخبازه), كنت أقصد بعض البرلمانيين ألذين نراهم يغردون يوميا من خلف المايكرفونات عن شؤون النفط والإقتصاد  وكأنهم ( بتاع كلو).!! في حين لايعرفون عنها أكثر من مواقع قدمهم. أما وزارة النفط فيؤخذ عليها حالة الإنغلاق والعزلة عن النخب المتنوعة الإختصاص في الخارج والداخل, وكأنهم يغفلون (أو يتغافلون)عن دورهم في القضايا الوطنية.  أما الإعلام النفطي فطالما شكى من عدم تعاون كوادر الوزارة معه. لذا لا نرى اي تواصل له معنا .

ولكم مثالا على ذلك : إلتقيت الدكتور الشهرستاني في مؤتمر ببغداد عام 2008 واقترحت عليه أن يجتمع بخبراء النفط عند مروره بعمان. وفعلا دعى السفيرحوالي 30 منا إلى السفارة, حيث استمع الوزيرإلى ملاحظات كل واحد منا. شعرت حينها تفاجئ الشهرستاني بمستوى النقاش ومهنيته, إذ استمر لعدة ساعات, أبدى بعدها سروره وإعجابه بما تم طرحه. كما زاد من دعم الخبراء للمواقف النفطية الوطنية للوزارة في مجابهة تجاوزات الإقليم على الثروة النفطية.

أخيرا أقترح أن تبادر مجموعتكم الأقتصادية إلى التنسيق مع القيادة النفطية ببغداد واستغلال تواجدهم في دول الخليج وعمان ولندن وسواها لهكذا لقاءات .فهناك العديد من المختصين في هذه المدن يمكنهم الحضور والمشاركة.                                                كريم الشماع – 25 تشرين أول 2013

4)     مداخلة الاستاذ فارق يونس

On 24 Oct 2013 22:28, “Farouk Younis” <farouk1935@gmail.com> wrote:

اساتذتى الاعزاء

لا خلاف حول صحة المثل القائل ( اعطى الخبز لخبازة ) بل هناك من لا يتردد فى التصريح بالمثل بصيغته الكاملة وهى ( اعطى الخبز لخبازه ولو اكل نصفه )

هناك مشكلتان :

المشكلة الاولى يثيرها الخباز واعنى هنا الباحث الاقتصادى وهى مسئلة فى غاية الاهمية مفادها

ضرورة توفير المعلومات

ان تتوفر المصداقية  فى هذه المعلومات

ان يتم نشر هذه المعلومات من قبل وزارات التخطيط والمالية والتجارة والبنك المركزى بصورة دورية

نشر المعلومات بصورة مفصلة واستكمالها سنة بعد اخرى فعلى سبيل يتطلب نشر اقيام الاستيرادات C & F    و –CIF

توضيح دور الدولة ودور القطاع الخاص  ووضع معايير لدور كل منهما

اما المشكلة الثانية فتتمثل  فى تخوف الجهات ذات العلاقة من بحث مشاكلها سواء كان البحث على مستوى الاقتصاد الكلى ام مستوى الاقتصاد الجزئى

والمطلوب

على سبيل المثال ان تاخذ هذه الجهات ماخذ الجد ما يقوله الدكتور بارق شبر والاستاذ حمزة الجواهرى ( ان زيادة الدخل القومى وارتفاع معدل دخل الفرد من اقل من 1000 دولار فى عام 2004 الى اكثر 6000 الاف دولار عام 2013  الا ان هذا التغير لم يشمل هيكلية الاقتصاد العراقى الاحادية الجانب والمشوهة ) كما جاء فى مقالهما

و الاخذ بما يقوله باحث اخر ( ان النمو وحده لا يوءدى تلقائيا الى الحد من الفقر )

نعم للمثل الشعبى – انطى الخبز لخبازه

ولا للمثل الشعبى ( سوى زين وذب بالشط)

5)     المداخلة الأولى للاستاذ كريم الشماع

On Thursday, October 24, 2013 11:29 AM, Karim Alshamma <alshamma2003@yahoo.com> wrote:

ألأخوين د بارق   وحمزة

أبارك لكم المبادرة النوعية في تعاملنا مع الأحداث وألنشريات

أقترح أن يستمر هذا النهج في استعادة الموضوعية والمهنية في طرح الأمور

 وأنا على ثقة من أن كافة الخبراء سوف يساهمون حسب اختصاصهم وخبرتهم

لقد آن الأوان أن تكون للحقيقة حرمة بل وقدسية

وأن  يعطى الخبز لخبازيه ؟؟؟؟

تمنياتي بالتوفيق

كريم الشماع –  24 أكتوبر2013

الاصل: مقال د.بارق شُبَّر وحمزة الجواهري 

On Tuesday, October 22, 2013 3:38 PM, “info@iraqieconomists.net” <info@iraqieconomists.net> wrote:

الاعزاء اعضاء واصدقاء شبكة الإقتصاديين العراقيين طابت اوقاتكم

يسعدني ان اقدم لكم نتيجة مثمرة لأول عمل مشترك بين خبير نفطي وهو زميلنا المهندس حمزة الجواهري وخبير إقتصادي الموقع ادناه . ارجو ان تحضى هذة التجربة بالقبول منكم وان تصبح نموذجاً للبحث العلمي في العراق، ومن دون ان ندعي ان عملنا يوفي بالكامل بالمعايير العلمية. اشكر الزملاء الذين ساهموا في مراجعة المقال وبالاخص الزميل د. كامل العضاض والزميل د. علي مرزا

مع التقدير

بارق شُبَّر

New post on Iraqi Economists Network | شبكة الاقتصاديين العراقيين

د. بارق شُبَّر وحمزة الجواهري *: لنبعد الإقتصاد العراقي عن المزايدات السياسية والدعايات الإنتخابية

     على مدى العقود الماضية، وبالتحديد منذ إجرءآت التأميم التي أجهضت الصناعة الوطنية الفتية للقطاع الخاص في عام 1964، إبتلى الإقتصاد العراقي بالصراعات الايديولوجية المقيتة والتي كبلت مسيرته التنموية المستدامة وحولته الى إقتصاد ريعي عاجز عن توفير فرص عمل انتاجية كثيفة الانتشار لتحويل الانسان العراقي الى عنصر منتج يساهم في تطور المجتمع ورقيه. وفي ظل هيمنة الدولة الريعية على المورد الاقتصادي الرئيسي والتحكم في توزيعه اصبحت الدولة بمثابة “الغنيمة” ، التي تتصارع القوى السياسية على خطفها. وبالرغم من التغيير في النظام السياسي في عام 2003،  لم تتغير طبيعة الصراعات السياسية التي تهدف الى الإستحواذ على السلطة والثروة بدلاً عن صياغة برامج تنافسية في سبيل اصلاح وإعادة بناء الإقتصاد الوطني المخرّب على مدى العقود الماضية. وعلى الرغم من تحقق إرتفاعات ملحوظة في انتاج وتصدير النفط الخام والتي أدت الى زيادات كبيرة في الانفاق العام وإرتفاع ملحوظ في معدل دخل الفرد، من اقل من 1000 دولار في عام 2004 الى اكثر من 6000 في عام 2013 ، إلا ان التغيير لم يشمل هيكلية الإقتصاد العراقي الأحادية الجانب والمشوّهة، مع غياب رؤية إستراتيجية واضحة للتنمية المستدامة مع استمرار التخبط في  القرارات السياسة الإقتصادية التي تعجز عن استعمال أدوات علم الإقتصاد الحديث وكل هذا يجري في ظل غياب مرجعية إقتصادية علمية تستند اليها هذه القرارات.

      وعلى خلفية تغييب علم الاقتصاد الذي يوفر الأدوات العلمية الناجعة لإدارة الإقتصاد الكلي ولتحقيق النمو المستدام، وفي ظل غياب الثقافة الاقتصادية لدى الطبقة السياسية ولدى شرائح واسعة من المجتمع العراقي، تأسست شبكة الإقتصاديين العراقيين في نهاية عام 2009، كتجمع مهني مستقل، وبعيد عن الإستقطابات السياسية يهدف الى لمّ شمل الكفاءآت الاقتصادية والنفطية العراقية وحشد طاقاتهم الإبداعية  نحو دراسة وتحليل القضايا الرئيسة من خلال البحث العلمي والموضوعي في سبيل تقديم مقترحات لحل المشاكل الهيكلية في الإقتصاد العراقي ، فضلاً عن السعى نحو نشر الثقافة الإقتصادية على مختلف الصعد. ومنذ التأسيس نتابع وبقلق متزايد محاولات الكثير من الساسة لتحوير وسوء استخدام البيانات والارقام الإقتصادية التي تمثل حقائق على الارض، ولو بدرجة نسبية، من اجل تجييرها لإجنداتهم السياسية ولدعاياتهم الإنتخابية بهدف الوصول للسلطة، بدلاً عن  صياغة برامج إنتخابية شفافة لإصلاح وتطوير الإقتصاد الوطني لتعبر بذلك  عن جديتها إتجاه  تحسين ورفع مستوى المعيشة للمواطنين . ومن المؤسف ان نرى أن بعض وسائل الاعلام والكثير من العاملين الشباب فيها يفتقرون الى الخلفية الإقتصادية المهنية ويتماهلون في التحقق من دقة و صحة البيانات والارقام التي يصرح بها السياسيون. وفي هذا الاطار نود الإشارة الى بعض الأمثلة من الواقع العراقي:

أولاً: هيكلية الموازنة العامة ونسب الانفاق

     صرحت عضوة اللجنة المالية البرلمانية، السيدة النائب ماجدة التميمي، في حديث إلى صحيفة (المدى)، إن “الإحصائيات النهائية المصدقة من قبل وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، لنسب إنجاز الوزارات والجهات الحكومية والهيئات المستقلة والمحافظات من  تنفيذ موازنتها السنوية لعام 2012، تدل على أن معدل الانفاق بلغ 41.27 %” ،[1]. ثم تواصل السيدة عضو اللجنة المالية النيابية تصريحاتها بالقول ، أن “وزارات الاتصالات والمالية والعمل والشؤون الاجتماعية والكهرباء، قد جاءت في ذيل قائمة نسبة انفاق الموازنة، بواقع 6 و7.61 و10.92 و11.6 بالمئة على التوالي”، مبينة أن “وزارات حقوق الإنسان والاعمار والإسكان والهجرة والمهجرين والتخطيط، تصدّرت قائمة إنفاق تلك الموازنة، بواقع 93 و78.75 و76 و72 بالمئة على التوالي” في حين أن “كلاً من اللجنة البارالمبية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وديوان الرقابة المالية، جاءت في اسفل قائمة انفاق الدوائر الحكومية والهيئات المستقلة، بواقع 4 و16 و21.3 بالمئة على التوالي”. ومن ثم تعكس السيدة عضو اللجنة المالية النيابية هذا التحليل على وضع الانفاق العام في المحافظات ،بالقول أن “محافظات نينوى، ديالى والديوانية، جاءت في أسفل قائمة إنفاق موازناتها للعام 2012 المنصرم، بواقع 7.3 و24 و30 بالمئة على التوالي، مستطردة؛ أن “محافظات الأنبار ونينوى وكركوك تصدّرت قائمة إنفاق المبالغ المخصصة لها، بواقع 99.8 و99 و88 بالمئة على التوالي”.(نفس المصدر السابق)

     إن قارئ هذة التصريحات المطّلع على منطق حسابات المالية العامة، يستنتج بان موازنة عام 2012 ينبغي ان تكون قد حققت فائضا كبيرا بسبب إنخفاض الإنفاق الفعلي عن المخطط وهذا قد يُعد إنجازاً ايجابياً ، على خلاف العجز الذي يجبر الحكومة على الاقتراض ، وهذا في الحالة التي يكون فيها الإنفاق العام في الموازنة العامة قد حقق اهدافه، أي نفّذ نسبة عالية من مشاريعه الإستثمارية، وإن السياسة المالية والنقدية تقتضي ذلك. ولكن واقع الحال هو إن نسب الإنفاق التي إعتمدتها صاحبة التصريح هذه لم تدرك بأنها نسب تعود الى إجمالي الإنفاق العام بشريحتيه الاولى، وهي تخصيصات الإنفاق الجاري والتي بلغت 80 ترليون دينار (مخطط)، أي حوالي % 70 من الإنفاق الإجمالي، و الثانية وهي تخصيصات الإنفاق الإستثماري والتي بلغت 37 ترليون دينار (حولي 30%) من إجمالي الموازنة العامة لعام  2012 .  ومن الواضح ان السيدة النائب أهملت الاشارة بوضوح الى انها تقصد بتصريحاتها أن هناك  قصور أو تقصير في إنفاق التخصيصات الإستثمارية في الوزارات وفي المحافظات وتركت الإنطباع لدى القارئ غير المطلع على الامور الإقتصادية، بأن التقصير يشمل اجمالي انفاق الموانة العامة في 2012 . ولايعفي السيدة النائب احتمال غياب المهنية لدى الصحفي كاتب الخبر من مسؤوليتها في التحقق من دقة الارقام التي تصرح بها قبل وبعد نشرها في الاعلام.

     نود الاشارة الآن الى إن تدني نسب إنفاق التخصيصات الإستثمارية حقيقة معروفة منذ سنوات واكدت عليها حديثاً وزارة المالية  في كتاب صادر عنها في بداية هذا العام إلى اللجنة المالية في مجلس النواب، يوضح النسب التي أنجزت بها المحافظات تخصيصاتها ضمن برنامج تنمية الأقاليم للعام 2012 المنصرم” ،وبما يشير الى تدني واضح في صرف هذه التخصيصات في ست محافظات، أولها نينوى التي بلغت نسبة إنجازها 4.6% والبصرة 26% وديالى 19.1% والديوانية 25.1% وكربلاء 31.1%، في حين أن بعض المحافظات سجلت أعلى نسبة من الصرف ومنها الأنبار التي حققت انجازاً بنسبة 99.8% وصلاح الدين 99.4%”[2]. كما نود الاشارة الى ان العديد من زملائنا سبق لهم وأن اشاروا في منتدى الحوار العلمي لشبكة الإقتصاديين العراقيين الى أسباب هذا التدني في نسب الإنفاق الإستثماري، وفي مقدمتها ضعف القدرات الإدارية والتنظيمية  وغياب الكفاءآت في الاجهزة الحكومية المترهلة، فضلاً عن تدني مستويات الطاقة الاستيعابية للإستثمار بسبب تخلف البنية التحتية وانتشار الفساد الإداري والمالي.

     وهنا لا بد من التوضيح بان الإنجاز المادي على الأرض لا يمكن ان يقاس بنسب الإنفاق المالي فقط والذي هو متدني بالاصل  ولا بد من  مقاييس مادية لنسب إنجاز المشاريع ومتابعة التنفيذ على الأرض وليس من خلال أرقام الإنفاق المالي فحسب. ويشير هنا زميلنا د. فاضل عباس مهدي الى انه قام أخيرا باحتساب نسبة تكوين راس المال الثابت الى الناتج المحلي الإجمالي من أرقام الجهاز المركزي للإحصاء لعام ٢٠١٠ وهي اخر أرقام منشورة ، فكانت النسبة ١٨.٤ بالمائة فقط لا غير، بما في ذلك اقليم كردستان. وإذا ما أخذنا التفاوت في وتيرة التنمية بين إقليم كردستان وبقية العراق فعلى الأغلب فان معدل الاستثمار في باقي العراق لن يزيد عن ١٤ او ١٥ بالمائة لعام ٢٠١٠. وتفسرهذه النتائج الرقمية لعام ٢٠١٠ برأي الزميل د. فاضل ملاحظات الكثيرين عن التخلف البالغ والمفجع في مسيرة التنمية في بلادنا، فالبلدان سريعة النمو لا تقل فيها معدلات الاستثمار عن ٣٠ بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهناك أقطار بلغت النسبة فيها، ٣٥ بالمائة ناهيك عن الصين ذات الـ ٥٠ بالمائة [3]، فهي استثناءٌ فريدٌ يفسر لنا سر ديناميكية هذا الإقتصاد الصاعد على الساحة الدولية.

ثانياً: الصادرات والعائدات النفطية:

     وبعد أيام قليلة صرحت السيدة عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، النائب ماجدة التميمي مجدداً  كلآتي:

“خسرنا 45 مليار دولار وازداد عجز الموازنة إلى الثلث بسبب تقديرات الشهرستاني”.

(المصدر: صحيفة المدى عدد 2916 الصادر يوم 13 تشرين الأول 2013 )

     نحن لسنا معنيون بالدفاع عن نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة أو أي شخص اخر في الدولة، إنما نحن معنيون بالبحث عن الحقيقة الموضوعية وبالدفاع عن عملية بناء المؤسسات الإقتصادية  في العراق الجديد.

وفي هذا الصدد نورد الحقائق الآتية:

1.  إن صحيفة المدى ذاتها كانت قد نشرت أخبار جميع التفجيرات التي استهدفت خط جيهان التركي والتي قامت بها في معظم الأحيان مجاميع مسلحة خارج العملية السياسية يعتقد انها تابعة لحزب العمال الكردستاني ومجموعة القاعدة ، كما وأن السيدة النائب ليست بعيدة عما تنشره وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة حول هذا الموضوع، وبالتالي تكون قد إطلعت على جميع أخبار الخط الذي أصبح شبه معطل، فما أن يبدأ التصدير به بعد إصلاحه، حتى يتم تفجيره مرة أخرى، وأحيانا بنفس اليوم. هذه التفجيرات قد تسببت بخسارة تصديرية للعراق تقدر بأكثر من250 ألف برميل يوميا خلال السنة الجارية، لكن لا الصحيفة أشارت لهذه ولا السيدة النائب، مما يدعونا الى التساؤل عن أسباب هذا التجاهل.

2.  من المعلوم أن السيدة النائب كانت قد صوتت على ميزانية العام 2013  قبل ستة أشهر تقريبا والتي تضمنت مادة تُلزم حكومة إقليم كوردستان بتصدير نفط عبر الأنبوب الذاهب إلى ميناء جيهان التركي بكمية نفط تم تحديدها بـ 250 ألف برميل يوميا، وصحيفة المدى تعرف تماما ما جاء بقانون الميزانية لعام 2013 أيضا، لكن الإقليم لم يلتزم بهذه المادة في الميزانية وإمتنع عن تنفيذ ذلك بالمطلق مبرراً ذلك، بوجوب دفع مستحقات الشركات العاملة في كوردستان، تلك المستحقات التي حسب علمنا لم تنكرها الحكومة الإتحادية، لكنها طالبت بمستندات صرف هذه الأموال لكي يتم تسديدها على وفق القانون والأصول المعمول بها في الدولة العراقية. وتقول بعض المعلومات أن الإقليم إمتنع عن تقديمها، بل راح يبيع النفط بأسعار مخفضة للخارج ونقله بالحوضيات. كما تشير وسائل إعلام مختلفة الى مشروع مد أنبوب لنقل النفط إلى تركيا، تقيمه سلطة الإقليم، على الرغم من عدم موافقة الحكومة الإتحادية التي تعتبر أن إقامة مثل المشروع مخالفة صريحة للدستور.

3.   على وفق تقديراتنا يبلغ الفارق بين المخطط والفعلي من الصادرات النفطية حوالي 500 ألف برميل يوميا. وعلى هذا الاساس يقدر الزميل د. علي مرزا قيمة التراجع في الصادرات النفطية الفعلية خلال هذا العام بحوالي 18  مليار دولار وليس 45 مليار كما قدرتها السيدة النائب، محسوبة على أساس سعر  فعلي للنفط مقداره 100 دولار للبرميل. ولا نفهم كيف توصلت السيدة النائب احتساب مبلغ 45 مليار دولار كعجز بدلا عن 18 مليار دولار.[4] كما لم توضح السيدة النائب لماذا تعتبر هذا العجز خسائر لنا بالرغم من أن النفط لايزال في باطن الارض بسبب فقدان فرصة أستخراجه وتصديره. هذا مايخص على الاقل النفط الذي يتم إستخراجه من شركات النفط التابعة لوزارة النفط الاتحادية. أما النفط المستخرج من قبل الشركات العالمة في اقليم كردستان فمن غير المعروف فيما اذا كان قد استخرج وتم تسويقه بطرق غير شرعية، وفي هذة الحال، يمكن إعتبار هذا الجزء من النفط المستخرج خسائر للاقتصاد العراقي. اما الخسائر الحقيقية للاقتصاد العراقي والتي لاتذكرها السيدة النائب فتكمن في الاضرار التي سببتها التفجيرات الارهابية المتكررو لخط جيهان التركي..

     في الواقع إن الأسباب آنفة الذكر هي التي أدت إلى العجز في تصدير النفط الخام والتي لا تعني كلها وبالضرورة خسارة مادية للعراق لأن النفط الخام لايزال موجوداً في باطن الارض. والاصح هو القول بأن العراق خسر فرصة تصديرية بمقدار 500 الف برميل يومياً خلال عام 2013، كما خسر فرصة تحقيق عوائد من التصدير بقيمة 18 مليار دولار وليس 45 مليار. وبخصوص الإتهامات الموجهة الى نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة بسوء تقديراته لكميات النفط المتوقع تصديرها، نود الاشارة الى ان التوقعات المستقبلية بغض النظر عن الاشخاص الذين يقومون بها وفي جميع الاقتصادات الدولية تكون، في معظم الاحيان، مشوبةً بتأثير عامل اللايقين، ونفترض ان السيدة النائب تعرف ذلك جيداً.

*) د. بارق شُبَّر، خبير وباحث إقتصادي دولي، المهندس حمزة الجواهري، خبير نفطي

الهوامش

[1]  انظر موقع المدى برس بتاريخ 9/10/2013

http://www.almadapress.com/ar/NewsDetails.aspx?NewsID=19505

[2]  نفس المصدر السابق

[3]  مداخلة د. فاضل عباس مهدي في منتدى الحوار الالكتروني لشبكة  الإقتصاديين العراقيين بتاريخ 14/10/2013

[4]  د. علي مرزا في رسالة اللكترونية خاصة الى كاتب المقال بتاريخ  17/10/2013

حقوق النشر محفوظة لشبكة الإقتصاديين العراقيين – تشرين الأول/أكتوبر 2013

كل المقالات المنشورة على الموقع لاتعكس بالضرورة رأي شبكة الإقتصاديين العراقيين والكتاب لوحدهم يتحملون المسؤولية القانونية

 

 

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: