أكد لؤي الخطيب رئيس معهد العراق للطاقة، وزميل مركز بروكنجز الدوحة، أن مسيرة القطاع النفطي خصوصاً والطاقة إجمالاً في العراق ما زالت تواجه تحديات حقيقية بسبب تناقض الرؤى للأحزاب المشتركة في الحكومة، والتي ظاهرها حكومة توافقات سياسية وباطنها وزارات غير منسجمة في ما بينها لانعدام الرؤية الاقتصادية الاستراتيجية الموحدة، مرجعا ذلك إلى تحديات المرحلة السياسية الانتقالية التي يمر بها العراق. وشدد الخطيب في حوار مع الوطن على أن أزمة نفط كردستان الأخيرة مع الحكومة العراقية هي أزمة قانونية ودستورية، فالحكومة الاتحادية في بغداد ترى أن صلاحيات تطوير الحقول النفطية وعمليات التسويق والتصدير محصورة بيد وزارة النفط الاتحادية استناداً للقوانين المركزية النافذة بحسب للمادة 130 من الدستور العراقي، في حين ترى حكومة إقليم كردستان أن للإقليم حق تطوير الحقول وتسويق النفط والغاز دون العودة إلى الحكومة الاتحادية.
وقال إن أي انخفاض في إيرادات النفط من إقليم كردستان سيؤدي إلى كارثة اقتصادية تؤثر سلباً على مجمل مسؤوليات الدولة العراقية، مشيرا إلى أن الحكومة التركية ستضع نفسها موضع المساءلة القانونية إذا ما سمحت بتصدير نفط الإقليم عبر أراضيها.. وإليكم مزيد من التفاصيل:
نبدأ بالحدث البارز وهو الإشكال الأخير الذي ثار بين حكومة المالكي من جهة وحكومة إقليم كردستان العراق من جهة أخرى حول إيداع عائدات النفط الخارج من أراضي كردستان في ميزانية الحكومة العراقية.. ما هي رؤيتك لهذه الإشكالية؟
– اختلاف الرؤى في هذا الملف دستوري قانوني بحت وليس خلافا سياسيا. فالحكومة الاتحادية في بغداد ترى أن صلاحيات تطوير الحقول النفطية وعمليات التسويق والتصدير محصورة بيد وزارة النفط الاتحادية استناداً للقوانين النافذة بموجب المادة 130 من الدستور العراقي وحتى تشريع قانون اتحادي جديد يحاكي الممارسة الفدرالية في هذا الباب، في حين ترى حكومة إقليم كوردستان أن للإقليم حق تطوير الحقول وتسويق النفط والغاز دون العودة إلى الحكومة الاتحادية وذلك استناداً لقانون 22 من سنة 2007 الذي شرعه الإقليم، إلا أن الحكومة الاتحادية في بغداد تجد هذا القانون غير دستوري لاصطدامه مع معطيات المادة 112 من الدستور العراقي والتي توجب إدارة الملف النفطي اتحادياً بمشاركة الأقاليم والمحافظات المنتجة مع الحكومة الاتحادية وبعد أن يتم تشريع قانون النفط الاتحادي. هذا هو الإشكال الأول. أما الإشكال الثاني فهو بما يتعلق بآلية إيداع الواردات المالية المتأتية من المبيعات النفطية، حيث بحسب القوانين النافذة، ترى بغداد أن جميع الواردات يجب أن تودع في الخزينة الاتحادية ومن ثم توزع بحسب تخصيصات الموازنة الاتحادية، كما يجب إيداع الواردات الناتجة عن تصدير النفط والغاز في صندوق تنمية العراق (DFI) في نيويورك لتستقطع منه التعويضات المتعلقة بغزو النظام السابق للكويت بمقدار 5 % قبل أن تصل المدخولات إلى الخزينة الاتحادية في العراق. وهذا ما لا ترغب به اربيل مطالبة بوضع حساب خاص في تركيا يكون تحت سيطرتها لاستقطاع كلف الإنتاج وأرباح الشركات يتبعها استقطاع حصة الإقليم المقدرة بـ 17 % قبل أن تصل المبالغ المتبقية إلى وزارة المالية الاتحادية.
وبرأيك.. ما هي أفضل الطرق لحل هذه الإشكالية؟
– رأيي في هذا الصدد يوافق الآلية المتبعة من قبل الحكومة الاتحادية حيث إن تسويق النفط يجب أن يبقى من مسؤولية شركة تسويق النفط التابعة لوزارة النفط الاتحادية إلى حين تشريع قانون النفط والغاز الاتحادي وتأسيس مجلس النفط والغاز الاتحادي الذي سيحدد الآلية الاتحادية التي تنسجم مع الدستور الاتحادي، وبالتالي سيكون لأي إقليم أو محافظة منتجة للنفط والغاز الدور الفاعل في عملية الإدارة والتسويق في قطاع النفطي من خلال العضوية التنفيذية في هذا المجلس الاتحادي، وبحسب المسارات الدستورية. علماً بأن أي صيغة قانونية اتحادية لإدارة القطاع النفطي لن تُمَررَ في مجلس النواب دون الاتفاق على صيغة دستورية لتمرير قانون توزيع الواردات الاتحادية، وهذا في اعتقادي هو القانون الأهم لضمان حقوق كامل الشعب العراقي.
وبرأيك.. هل انقطاع الإيرادات النفطية من كردستان يهدد الحكومة العراقية، بحيث تكون عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها؟
– بالطبع، بل سيؤثر على جميع الأطراف الحكومية، الاتحادية وكذلك المحلية. فواردات النفط ما زالت تشكل 95 % من الخزينة الاتحادية وبالتالي أي انخفاض حاد في الإنتاج أو الأسعار سيؤدي إلى كارثة اقتصادية تؤثر سلباً على مجمل مسؤوليات الدولة العراقية. وسيكون عام 2014 من أصعب السنين التي ستواجه العراق بسبب محدودية الإنتاج النفطي الذي يعتمد على ضمان 12 % من إنتاج إقليم كردستان وتوقعات في هبوط أسعار النفط بسبب ظهور أسواق منافسة وتوفر الإنتاج غير التقليدي للنفط والغاز مما سيقلل من الاعتماد على دول أوبك فضلاً عن احتمالية عودة إنتاج النفط الإيراني إلى مستوياته الأولى بعد تقليل العقوبات الدولية.
هدد مؤخرا وزير النفط العراقي عبدالكريم لعيبي باتخاذ إجراءات قانونية والرد بإجراءات تجارية قوية ضد تركيا وأي شركات أجنبية تشترك فيما أسماه «تهريب» النفط العراقي.. كيف يمكن وقف هذه المهزلة التاريخية «سرقة النفط العراقي»؟ وما هي الإحصاءات التي لديك عن سرقة النفط العراقي منذ انهيار نظام صدام؟
– علينا أن نميز بين موضوع تهريب النفط والموقف القانوني للحكومة الاتحادية تجاه تصدير النفط من إقليم كردستان العراق دون موافقة الحكومة الاتحادية. ففيما يخص عمليات تهريب النفط الخام من محافظة البصرة فهذه قد انتهت بسبب تحسن الوضع الأمني في جنوب العراق إلا أن عمليات تهريب المشتقات مازالت قائمة بحسب بعض التقارير ولكن بشكل محدود جداً. أما في ما يتعلق بمبيعات النفط الخام في إقليم كردستان فلا توجد أرقام محددة لكن مئات الحوضيات المحملة بالنفط تتجه يومياً إلى تركيا وإيران، حيث تصف الحكومة الاتحادية هذه الممارسة بالتهريب لأنها خارج نطاق سيطرتها إدارياً وتجارياً. وبالتالي فإن النفط الذي يُباع محلياً أو يُصَدَر خارج البلاد دون علم وزارة النفط الاتحادية يُصَنَف كنفط مهرب، علماً بأن كل العمليات النفطية في إقليم كردستان هي خارج سيطرة الحكومة الاتحادية، لذا فإن الافتقار إلى أي أدلة ثبوتية ستعيق الحكومة الاتحادية من ملاحقة المهربين. وإذا تم تصدير النفط من إقليم كردستان عبر الأنابيب إلى الأراضي التركية فإن هذه العملية ستوفر الأرضية والسند القانوني التي ستتحرك في إطارها الحكومة الاتحادية تجاه الشركات المستوردة للنفط وقد تضع الحكومة التركية في موقف قانوني حرج لأن العلاقات الدولية والتجارية بين العراق وتركيا تحكمها اتفاقيات نافذة تشترط حفظ الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والالتزام بالقوانين المركزية لكلا الدولتين، وهذا ما دفع بوزارة النفط بالتحضيرات القانونية في حال حصولها على أية معلومات تفيد ببيع النفط المصدر من إقليم كردستان العراق خارج السياقات الاتحادية.
كشفت مصادر صحفية عن أن الحكومة العراقية تعكف حاليا على إعداد خطة لتحويل مسار خط أنابيب النفط إلى سوريا أو «إسرائيل» بدلا من تركيا.. فهل هذا الإجراء هو بديل الحكومة لمعاقبة كردستان؟ وما حدود تأثيرها على الوفاق الوطني في العراق؟
– هذه المصادر غير دقيقة، فالعراق لا يستغني عن المنافذ الشمالية إلى تركيا عبر إقليم كردستان، فهي بالتالي حدوده العملية إلى الأسواق الأوروبية. أما المنافذ الأخرى والمطروحة على الطاولة فهي خط أنابيب عبر الأردن على المدى المتوسط وكذلك خط أنابيب عبر سوريا على المدى البعيد، إلا أن الاعتماد الأساسي للعراق هو على المنفذ الجنوبي حيث الطاقة التصديرية ستصل قريباً إلى ستة ملايين برميل يومياً، وهذا كفيل بحماية الكم الهائل من تصدير الخام العراقي خاصة وان أغلب الإنتاج سيذهب إلى الأسواق الآسيوية الواعدة.
بعد اكثر من 10 سنوات على احتلال العراق.. ما زالت التقارير تتحدث عن سرقة النفط العراقي لحساب الولايات المتحدة وأطراف أخرى إقليمية.. ما هو تعليقك؟
– هذه التقارير غير دقيقة، فالعراق يعتبر من ابرز دول المنطقة الذي بادر ليكون عضواً في مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية، وهذا الارتباط يحتم عليه أن يكشف عن كامل الإنتاج النفطي والكميات المصدرة والأسعار المعتمدة والجهات المستفيدة، علماً بأن الولايات المتحدة الأميركية لا تستورد أكثر من 25 % من التصدير العراقي في حين أن 55 % من التصدير يذهب إلى آسيا والمتبقي إلى أوروبا وأسواق اخرى.
ما حجم الاستثمارات النفطية في العراق؟
– من الصعب وضع رقم محدد لهذا القطاع المهم بسبب تراكمية الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في قطاع الطاقة والتداخل بين القطاعات الصناعية والخدمية كافة، ولكن بحسب الخطة الاستراتيجية الوطنية للطاقة، فإن الساحة الاستثمارية في العراق قد تستوعب أكثر من 1300 مليار دولار قبل عام 2025، من ضمنها 650 مليار دولار في قطاع الطاقة إجمالا علماً بأن نصف هذه التقديرات قد تذهب إلى القطاع الاستخراجي لتتجاوز حدود الـ 300 مليار دولار بهدف الوصول إلى إنتاج الذروة وادامة الإنتاج بمعدل 9.1 مليون برميل يومياً ابتداءً من عام 2020.
هناك من يرى أن فرص الاستثمار في مشاريع الطاقة والغاز في العراق موجهة فقط للشركات العالمية على حساب الشركات العربية والمحلية.. هل تتفق مع تلك الرؤية؟
– هذه النظرة بعيدة عن الواقع. فالحقول النفطية العراقية حقول عملاقة بالوصف العالمي وتحتاج إلى تمويل ضخم وتكنولوجيا متطورة واعتماد أساليب إدارية ومالية غاية في التعقيد، وبالتالي فإن توجه الحكومة الاتحادية لجذب الشركات العالمية لهذه الحقول كان نابعاً عن رؤية مسؤولة، لكن هذا لم يمنع إناطة بعض الحقول والرقع الاستكشافية وبناء محطات الطاقة لبعض الشركات عربية من دول مجلس التعاون الخليجي.
وأين قطاع البتروكيماويات والطاقة الكهربائية والتصفية من هذه الاستثمارات؟
– هنا بيت القصيد، فبالرغم من تقدم مسيرة الاستثمارات وعمليات التطوير في القطاع الاستخراجي للنفط وكذلك الزيادة الإنتاجية للطاقة الكهربائية والذي ما زال دون سد الطلب المحلي إلا أن مسيرة باقي القطاعات ما زالت متعثرة بسبب تناقض السياسات الحكومية التي ظاهرها حكومة شراكة وطنية وتوافقات سياسية وباطنها وزارات غير منسجمة فيما بينها مما سبب غياب الرؤية الاقتصادية الاستراتيجية الموحدة، وهذا يعود إلى الحالة السياسية الانتقالية التي يعاني منها بلد مثل العراق.
التقارير الدولية عن النفط العراقي في أغلبها تحدث عن وجود فساد داخل قطاع النفط… برأيك كيف يمكن التعامل مع هذا الفساد المتصاعد؟
– هنالك تقارير دولية تتحدث عن الشفافية والفساد ولكن لا علاقة لها بقطاع النفط، لأنني كما ذكرت سابقاً بان بيانات هذا القطاع محكومة بضوابط مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية وقد أوفى العراق بهذا الجانب ليستحق العضوية في هذه المبادرة علماً بأن العراق هو الدولة العربية الوحيدة التي كشفت عن كل بياناتها كمنتج للنفط. أما عن تدني مستوى العراق في المؤشرات العالمية التي تعني بالشفافية وملفات الفساد إجمالاً فهذا صحيح، والسبب هو المرحلة الانتقالية التي يمر بها العراق حيث تحول النظام من دكتاتوري مركزي اشتراكي شمولي إلى ديمقراطي اتحادي تجاري يعتمد اقتصاد السوق كسياسة عامة، وتبعات هذا التحول تحتم الاصطدام بملفات الماضي وتبعاته.
هناك اتهامات موجهة لحكومة المالكي بأنها تسخر قطاع النفط والطاقة لحساب إيران.. ما هي رؤيتك لهذا الوضع؟
– كما تفضلتم، المعلومات لا تعدوا أن تكون اتهامات، لكن الواقع يترجم غير ذلك، فالعراق بأمس الحاجة إلى كل ما تدره الواردات النفطية لسد العجز في الموازنات الاتحادية، لذا من غير المعقول أن العراق ما زال معتمداً على استيراد المشتقات النفطية والغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية فضلاً عن حاجته للقروض العالمية لسد العجز في الميزانية، في حين يُتهم بأنه يُسخِر مقدرات غير محدودة في الأصل إلى دول أخرى.
الصيف الماضي خرجت تظاهرات عارمة ضد حكومة المالكي بسبب نقص الوقود وانقطاع الكهرباء خاصة المحافظات الجنوبية.. هل سيكون هذا الأمر بداية لثورة حقيقية ضد المالكي؟
– حديث الثورات في العراق لا تحركه ملفات الخدمات، لاستحواذ أولوية الملف الأمني والحرب على الإرهاب على اهتمام الشعب. نعم، شحة الوقود وانقطاع التيار هو مسلسل صيفي تأقلم عليه الشعب العراقي لأن الطلب على الطاقة في تزايد بغض النظر عن أي زيادة ملحوظة، وذلك بسبب تعاظم الاستهلاك المحلي للطاقة وما تستوجبه عمليات اعادة الإعمار فضلاً عن الزيادة السكانية التي تقدر بـ 3 % سنوياً حيث بحسب التقديرات الدولية سترتفع النسمة السكانية إلى 50 مليون عراقي بحلول عام 2035. لذا فإن مشاريع الطاقة في العراق تحتاج إلى رؤية اقتصادية استراتيجية واعية تسابق الزمن، وكفيلة ببناء الدولة على أسس مؤسساتية واقتصاد متنوع الموارد ومنتج.
وما مدى إمكانية استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية في ظل الحاجة للكهرباء، أو إمكانية إعادة تشغيل مفاعل تموز الشهير؟
– مفاعل تموز قد دمر بالكامل ولا مجال لإسعاف ما تبقى من أطلاله ولعل افضل ما يمكن أن تعمله الحكومة العراقية هو تحريك ملف التعويضات ضد إسرائيل والذي لم يُفَعَل حتى هذه اللحظة، أما استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية فهي من المشاريع التي يرنوا لها العراق على المدى البعيد، لأن الأولوية هنا لتأمين الطاقة محلياً واقتصادياً في مجال التصنيع والتصدير خاصة وان العراق يملك مخزونات هائلة من النفط والغاز تؤهله أن يكون في مصاف الدول المنتجة كالسعودية وروسيا والولايات المتحدة بحلول عام 2020.
ننتقل إلى الملف السياسي.. كيف تقيم أزمة الأنبار الأخيرة؟ وهل حقا العراق أصبحت مرتعا للجماعات الإرهابية ومنها القاعدة؟
– أزمة الأنبار ظاهرها محلي وباطنها إقليمي. لقد بدأت الأزمة كحركة شعبية سلمية تطالب بتحسين ملف الخدمات والإفراج عن بعض المعتقلين، وكان لمطالب العشائر أن يُستجاب لها لولا دخول بعض الساسة والنواب ممن ينتمون إلى محافظات الأنبار والموصل وصلاح الدين على خط المطالب الشعبية بهدف تسييس المشهد وكسب الدعم الجماهيري تمهيدا لانتخابات مجالس المحافظات، لتتحول منصات الاعتصام ومناسبات الجمعة فيما بعد إلى فرصة للتحشيد الطائفي وإدراج مطالب غير دستورية بل وتعجيزية بهدف تغيير النظام في العراق. وتزامن ذلك مع انتقال المجاميع الإرهابية المتمثلة بداعش من سوريا إلى العراق وإيجاد حواضن لها. وأزمة الأنباز التي تشكل خط التماس الإقليمي الأول مع الأزمة السورية، ليست بأزمة محلية بل مشكلة إقليمية تسترعي انتباه دول المنطقة جميعاً للتعاون عليها وحلها، ابتداءً من تجفيف منابع الإرهاب الوافد إلى العراق وانتهاءً بالتعاون الاستخباراتي بين الجميع.
ما هي حقيقة الاتهامات الموجهة للمالكي بأنه ديكتاتور العراق الجديد؟
– يُعتبر العراق متقدماً على دول الربيع العربي بثمان سنوات. فالديمقراطية العراقية وان كانت ناشئة والشعب حديث عهد بها لكنها أفضل بكثير مقارنة بديمقراطيات المنطقة باستثناء لبنان. نعم هنالك ميول للتسلط والاستحواذ على مراكز القرار، وهذا يحدث بعد انهيار كل نظام دكتاتوري وبروز قوى سياسية متنافسة على الساحة، ولكن من اللامعقول التحدث عن عودة الدكتاتورية في دولة يمارس فيها المواطن حق التعبير عن الرأي.
*) الرئيس التنفيذي لمعهد العراق للطاقة
حوار– أحمد البيومي
الدوحة ٢٤ شباط ٢٠١٤
http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?d=20140224&cat=report1&pge=2
جاء في تعليقي السابق، النقطة 3- في اخر العبارة( بين 300-400 برميل يوميا)، والصحيح هو بين (300-400) الف برميل يوميا، اي سقط سهوا كلمة (الف) من العبارة. ارجوالمعذرة.
اتفق مع الاستاذ لؤي الخطيب ، بان الازمة بين اقليم كردستان العراق والحكومة الاتحادية في ملف النفط ، هي دستورية اكثر من كونها سياسية. فان المشكلة الاساسية في هذا الموضوع ، بالاضافة الى ما طرحه الاستاذ لؤي الخطيب، تتمحور ايضا بالاتي:-
1- هناك تعتيم تام على ملف النفط في داخل الادارة الفيدرالية .انعدام الشفافية، ونقص المعلومات والاحصايات بخصوص مشروعات النفط في الاقليم.
2- نقص المعلومات التفصيلية عن عقود المشاركة المبرمة مع الشركات الاجنبية العاملة في الاقليم.
3- عدم معرفة بشكل محدد معدلات انتاج النفط اليومي الذي قد يتراوح بين 300-400 برميل يوميا.
4- يتم تسويق النفط في الاقليم عبر ناقلات النفط الى تركيا وايران ، وكذلك عبر الخط المنجز بين الاقليم وتركيا،وهناك توجه وبقوة لانشاء خط اخر مع تركيا ، كما وتم كشف على خط اخر تحت التراب بطول 500 متر ممتد من حدود اقليم كردستان الى اراضي تركيا من قبل جنود الاتراك المتواجدين على الحدود بين تركيا والاقليم .
5- ليس لبرلمان كردستان العراق اي علم بما يجري في ملف النفط ,و قد ادعي آشتي هورامي وزير الموارد المالية في الاقليم عدة مرات من الاحزاب المعارضة ، وحتى من الاتحاد الوطني الشريك الاستراتيجي والمشارك في الحكم مع حزب الديمقراطي الكردستاني، للحضور الى البرلمان والكشف عن التفاصيل والمعلومات المتعلقة بملفات النفط ، ولم يتجاوب على ذلك، ولم يفلح البرلمان لحد اليوم لاستجوابه على اسئلة كثيرة بهذا الشان.
6- ان المسؤول عن ملف النفط في الاقليم، هما فقط،الدكتور آشتي هورامي وزير الموارد الطبيعية في الاقليم ، والسيد نيجرفان برزاني ،رئيس حكومة اقليم المنتهي ولايته.
7- التاكيد من الاحزاب المعارضة في الاقليم وجماهير واسعة من الشعب الكردستاني، بان هناك وبشكل ممنهج فساد الاداري والمالي في معظم مفاصيل ومستويات الحزبية والادارية للحزبين المتنفذين والحاكمين في الاقليم، وخاصة في ملف النفط.
ختاما، يؤكد الكورد بانهم غير راغبين بان يكون الإنتاج مركزيا في مناطق كوردستان كما كان سابقا ، ولا يرغبون ايضا ان تجري عمليات استكشاف في الاراضي الكوردية ، بل يقدمون سياسة اخرى في الاستكشاف والتطويرغير التي كانت متبعة سابقا.
هناك من يرى بان الازمة والمشاكل المتكررة بين الاقليم والحكومة الاتحادية ، يمكن حصرها ( من دون الدخول في التفاصيل)، كالاتي:-
أ- مشكلة توزيع الثروة،هناك اتفاق عام على توزيع الايرادات، الا ان البند 24 من قانون نفط الاقليم، يوضح، بانه في حال عدم التوصل الى اتفاق بين حكومة العراق وحكومة الاقليم لاتفاق حول تقاسم الثروات وإدارة النفط، فان حكومة الاقليم ستسير كلياً على العمليات النفطية، بما فيها السيطرة على الايرادات النفطية.
ب- حق منح العقود للشركات، يؤكد الجزء الثاني من البند السابع لقانون الكردي، ان وزير اقليم كردستان هو المسؤول عن التفاوض والموافقة على اية اتفاقات نفطية، وتنفيذها. كما تنص المادة 80 من القانون انه يجب مراجعة اية اتفاقات من قبل الحكومة العراقية تتعلق بالنفط في اقليم كردستان، وانه يجب (ادخال هذه الاتفاقات تحت سيطرة الحكومة الاقليمية).
ج- نقل النفط وتصديره، سيتم اما عبر الاراضي العراقية (خارج اقليم كردستان) أو عبر تركيا (الى ميناء جيهان) . بالنسبة الى تصدير النفط من اقليم كردستان، انه يجب نقل النفط عبر انابيب النفط العراقية، وحتى تصديره عبر الشاحنات بكميات قليلة يجب ان يكون بالتعاون مع دول الجوار.
د- سعر النفط ، من المعروف ان سعر برميل النفط يتحدد عالميا على ضوء عوامل كثيرة. ان منظمة الدول المصدرة للنفط”اوبك” تلعب دورا كبيرا في تحديد كمية الانتاج والتسويق واسعار النفط . بما ان العراق عضوا في هذه المنظمة ، فعليه ان مسالة انتاج وتسويق واسعار النفط العراقي يتم مركزيا من قبل الحكومة العراقية التي تتعامل معها “اوبك”. لذلك ستواجه الادارة الفيدرالية في الاقليم مشاكل وصعوبات في السعر، كالتي تواجهها في عملية تسويق وتصدير النفط،، ويجب ان يتم عبر الحكومة المركزية في بغداد.
مع المودة والاحترام