تنبهت دول العالم في وقت متقدم بخطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها مما يقوض مؤسسات الديمقراطية وقيمها والقيم الاخلاقية والعدالة وصلة الفساد مع سائر ارجاء الجريمة وخصوصا الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية بما فيها غسيل الاموال وامست هذه الدول على قناعة بأن اكتساب الثروة الشخصية بصورة غير مشروعة يمكن ان يلحق ضررآ بالمؤسسات الديمقراطية والاقتصادات الوطنية وسيادة القانون وقد وضعت في اعتبارها ان منع الفساد والقضاء عليه هو مسؤولية تقع على عاتق جميع الدول بالتعاون مع افراد وجماعات خارج نطاق القطاع العام مثل المنظمات الغير حكومية ومنظمات المجتمع المدني …. ولذلك فقد سارت معظم دول العالم بالانضمام الى العديد من الانشطة والاتفاقيات الدولية التي تحد وتمنع هذا الفساد ولكون الفساد أفة عالمية وسرطان يسري في جميع المجالات وخاصة الرخوة منها بالتعاون بين أفراد ومافيات وشركات وهمية مع موظفين عمومين غايتهم الاثراء وسرقة المال العام من ثروات شعوبهم وعلى حساب الفقراء منهم ودافعي الضرائب …. والموضوع الذي يهم كل عراقي هو انضمام العراق لأتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم (35) لسنة (2007) المنشور بالوقائع العراقية المرقمة (4047)لعام (2007) بالاضافة الى نص الاتفاقية المنشورة بالوقائع العراقية المرقمة (4093) لعام (2008) والتي تهدف بشكل عام لترويج وتدعيم التدابير الرامية الى منع ومكافحة الفساد مع تيسير ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في مجال منع ومكافحة الفساد بما في ذلك مجال أسترداد الموجودات والاموال بالأضافة الى تعزيز النزاهة والمسائلة والادارة السليمة للشؤون والممتلكات العمومية.
بالرجوع الى مواد الاتفاقية المنشورة بالوقائع العراقية المنوه عنها اعلاه نجد ان للعراق بوابات ومنافذ قوية يمكن ان يستغلها استغلالآ كبيرآ بالتعاون مع مختلف دول العالم في متابعة وحجز واستعادة الاموال المسروقة والمهربة ولا يخفى على الجميع ان شكل هذه الاموال يمكن ان يكون في شكل أرصدة في البنوك العالمية او شراء عقارات وأسهم وغيرها او الدخول الى ساحات العمل العالمية المختلفة بهدف غسيل هذه الاموال …. ومن ضمن بنود هذه الاتفاقية العالمية فأن على جميع هذه الدول الموقعة عليها ان تقدم كافة مجالات التعاون ومنها المجال الجنائي والتسهيلات اللازمة للدولة المطالبة بأموالها المنهوبة والمسروقة بما فيها محاكمها والسجلات المصرفية والمالية والتجارية ولا يجوز للدولة الطرف ان ترفض الامتثال لأحكام هذه الفقرة بحجة السرية المصرفية…أضافة لذلك عالجت الاتفاقية في بعض بنودها موضوع الاشخاص المطلوبين اللذين ينتمون الى جنسية البلد المطلوب منه التسليم وبذلك لن يفلت من العقاب مزدوجي الجنسية.
لا يخفى على جميع العراقيين ان العراق الان بأمس الحاجة الى استعادة أمواله المنهوبة ليعيد بناء مؤسساته وبناه التحتية والخدمية وغيرها لذا فأن الفرصة الذهبية الان مؤاتية جدآ في ظل الانفتاح والتعاون الدولي معه في ظل حكومة الدكتور حيدر العبادي الذي يسعى جاهدآ بالعمل في كافة المجالات في تضميد جراح فترة الثمان سنوات العجاف السابقة وما قبلها ايضآ والفساد الذي استشرى ونخر جسم وهيكل الدولة العراقية وكان من نتائجه تنامي وتغول الارهاب ودخول داعش وإحتلال محافظات عراقية غالية علينا جميعآ بدأت تعود الينا ولكن بدماء طاهرة وتضحيات كبيرة من مختلف أطياف الشعب العراقي …. لذا علينا جميعآ إستغلال هذه الفرصة الذهبية والانفتاح على كل دول العالم بشأن إستعادة أموالنا التي قد تحولت الى ارصدة مليارية وعقارات وأبراج في كل انحاء العالم وان نستغل علاقاتنا الواسعة مع الولايات المتحدة الامريكية التي اذا اراد مسؤوليها التعاون مع العراق حقآ لإستعدنا معظم اموالنا من خلال دعمهم لنا بالطلب من كافة الدول التعاون مع العراق وخاصة ان امريكا قد تكون مسؤولة مسؤولية أخلاقية كبيرة في تنامي ونهب ثروات العراق من خلال احتلالها ومباركتها لنصب الكثير من الفاسدين العراقيين على مقدرات بلدنا ومنهم بعض الامريكان اللذين دارت حولهم شبهات الفساد الكبيرة في العراق واختفاء مليارات الدولارات من صندوع اعمار العراق بشهادة مكاتب التدقيق الامريكية والعالمية …. ولا يخفى على الجميع بأن امريكا تستطيع متابعة حركة عملتها من خلال ارقام كل دولار صادرمن الحكومة الامريكية الفدرالية بأساليب غاية في التطور والسرية بحكم سطوتها على معظم دول العالم وخاصة بعد أحداث تفجير مركز التجارة العالمي وهي على إطلاع ايضآ على أرصدة وعقارات جميع سياسينا والاشخاص الذين تدور حولهم الشبهات وهم كثيرون مع الاسف الشديد ولكن هذا الموضوع قد يكون غير مهم لها مادام الموضوع لايتعلق بأستخدام هذه الاموال للارهاب…ولكن في نفس الوقت يمكن أن يكون تأثير تحرك العراق مؤثرا عليها أذا سار بأجراءات قانونية سليمة ومدروسة وفق الاتفاقية المنوه عنها أعلاه .
أستنادا لما ورد أعلاه فأن الارادة والصلابة في المطالبة بالاموال العراقية من قبل الحكومة العراقية ومن خلفهم مختلف أطياف الشعب العراقي ومنظمات المجتمع المدني يمكن ان تفتح كثير من الابواب الموصدة وأن خطوة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة وبالامكان الاستعانة بشركات عالمية متخصصة في مجال المعلومات وملاحقة الاموال المنهوبة بالتعاون مع كافة الدول الموقعة على الاتفاقية المنوه عنها اعلاه وهي معظم دول العالم (165) دولة ومنها بعض الدول العربية المهمة الموجودة فيها هذه الاموال والعقارات وكلي أمل ان اسمع اي فعل أو عمل بناءا على هذه المذكرة لكل قارئ لها أو أي جهة حكومية أو غير حكومية وأن نتكاتف جميعا من أجل عراقنا الغالي علينا جميعا من أجل أعادة أموالنا المنهوبة وفضح كل ناهب وسارق وأني أجزم أن هؤلاء سوف يكونوا مرعوبين من أي حركة في هذا الاتجاه وبالامكان مثلا فسح المجال أمامهم لفترة قصيرة بأعادة هذه الاموال الى الخزينة مثلا مقابل التخفيف من عقوبة الجريمة التي أرتكبوها بحق جميع أفراد الشعب العراقي والله من وراء القصد.
(*) مستشار قانوني مساعد سابق في وزارة الخارجية العراقية
الاراء الواردة في هذا المقال وفي كل المواد المنشورة على موقع شبكة الإقتصاديين العراقيين لاتعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير وانما عن رأي كاتبها وهو الذي يتحمل المسؤولية العلمية والقانونية لوحده
كلام رائع و مهم جدا في هدا الوقت الحساس الدي يعيشه عراقنا الحبيب الجريح. نامل ان تصل هده الدعوة وتتظافر الجهود لارجاع اموال العراق الى اهله والقضاء على الزمرة الفاسدة المتورطة في هده الافعال. جزاك الله خيرا وكثر من امثالك.
أشاركك الرأي أستاذ حسين بأن محاربة الفساد و تضييق الخناق على الفاسدين هو المفتاح الأكثر فاعلية للقضاء على الإرهاب و تجفيف منابع الجريمة في المجتمع لأنه, أي الفساد , هو السبب في توقف عجلة النمو و التطور الإقتصادي في العراق و السبب في تدهور القيم الفاضلة و إضمحلالها حيث بات الشباب و الأجيال الناشئة أمام أحد طريقين: الموت البطيء في ظل البطالة و العوز المادي و المعنوي أو الإنجراف إلى عالم الظلام و الرذيلة و الإرهاب للحصول على بعض المردود المادي في ظل تراجع القدوات الحسنة و ظهور الحواسم و اللصوص و المرتشين اللذين يصولون و يجولون متشدقين بغنائمهم السوداء النتنة. ولكن صبراً, فإن الله يمهل ولا يهمل و الأمثلة و الشواهد على ذلك ليس بعيدة عن أذهاننا. دمتم