مقدمة
Download PDF Adnan Farhan-Toward an active rolle of Iraqi and Arab Think Tanks
أدت الثورة العلمية التي كانت احد نتاجات الثورة الصناعية الحديثة الى ظهور مراكز الأبحاث والدراسات، وارتبطت هذه المراكز في بداية نشأتها بمراكز المؤسسات العلمية والجامعات، وتمثل هذه المراكز الدعامة الاستراتيجية التي تسند خطوات البحث العلمي واكتشاف اتجاهات المجتمع في القضايا الرئيسة والحساسة التي تهم هذا المجتمع لهذا أطلق على هذه المراكز ” خزانات التفكير Think Tanks”. ويعتمد صناع القرار على مختلف مستوياتهم على تلك المراكز التي تشكل مصدرا أساسيا للمعلومات والتوصيات خصوصا في الدول المتقدمة، اذ أن تعدد مراكز الأبحاث والدراسات يفتح المجال أمام تنوع الآراء والطروحات التي تعالج المشاكل التي يمر بها المجتمع ومؤسساته بمختلف مستوياتها. ان الدور الأساسي لهذه المراكز يتركز على تحليل الواقع وتقديم رؤى مستقبلية من أجل النهوض بواقع جديد، أو تطوير الواقع الحالي الى مستويات اعلى وفق طرق علمية وأكاديمية بعيدة عن الارتجال.
أولا : نشأة مراكز الأبحاث والدراسات وأنواعها:
تتجلى قيمة وجودة البحث العلمي عبر ما يَنتج من أفكار وما يَطرح من آراء وما يَقدم من بيانات ومعلومات تخدم الدولة والمجتمع ، تؤدي إلى خلق منتج معين جديد، او لتحسين نوعية هذا المنتج في المنشآت الصناعية، سواء في القطاع العام ام الخاص. او ان يؤدي هذا البحث الى إضافة معلومات جديدة بشأن الظواهر العلمية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية تساعد صانع القرار في اتخاذ إجراءات عملية مدروسة تفضي الى تحقيق معدلات عالية في مؤشرات التنمية المستدامة.
وتعرّف مراكز الأبحاث والدراسات على أنها “تلك الجماعات أو المعاهد المنظمة بهدف إجراء بحوث مركزة ومكثفة. وتقدم الحلول والمقترحات للمشاكل بصورة عامة وخاصة في المجالات التكنولوجية والاجتماعية والسياسية والإستراتيجية، أو ما يتعلق بالتسلح”.
كما يعرّفها هوارد ج وياردا Howard J Wiarda بأنها عبارة عن “مراكز للبحث والتعليم، ولا تشبه الجامعات أو الكليات، كما أنها لا تقدم مساقات دراسية؛ بل هي مؤسسات غير ربحية، وإن كانت تملك “منتجا” وهو الأبحاث. هدفها الرئيسي البحث في السياسات العامة للدولة، ولها تأثير فعال في مناقشة تلك السياسات. كما أنها تركز اهتمامها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والسياسة العامة، والدفاع والأمن والخارجية. كما لا تحاول تقديم معرفة سطحية لتلك المسائل؛ بقدر مناقشتها والبحث فيها بشكل عميق، ولفت انتباه الجمهور لها”. وينتهي هواردHoward بالقول: “إن هذه المراكز، هي مؤسسات بحثية هدفها الأساسي توفير البحوث والدراسات المتعلقة بالمجتمع والسياسات العامة، والتأثير في القضايا الساخنة التي تهم الناس” .
وتقسم مراحل تطور مراكز الأبحاث والدراسات الى خمسة مراحل هي:
المرحلة الأولى: تبدأ من عام 1910 وهو العام الذي شهد ظهور أول المراكز البحثية في الولايات المتحدة الي عام 1930 وهي المرحلة التي تلت الحرب العالمية الأولى، فقد ظهر أول مركز أبحاث بشكله الحديث، في الولايات المتحدة؛ وذلك من خلال تأسيس معهد كارنيغي للسلام في عام 1910 Carnegie Endowment for International Peace. وتلا ذلك إنشاء معهد بروكينغز في عام 1916Brookings Institute، ثم معهد هوفرHoover Institute في عام 1918، ومؤسسة القرن Century Foundation في عام 1919.
المرحلة الثانية: تنحصر بين عامي 1930 وعام 1951 وهي حقبة الحرب العالمية الثانية وظهور منظمة الأمم المتحدة وبعض المنظمات العالمية، كما تأسس معهد أنتربرايز الأميركي لأبحاث السياسات العامة AEI في عام 1943 ثم معهد دراسات الشرق الأوسط في أميركا في عام 1948،. وأُنشئت مؤسسة راند Rand Corporation في عام 1948.
المرحلة الثالثة: بدأت عام 1951 وفي تلك الفترة تشكلت حوالي (91%) من مراكز البحوث في أوربا وأمريكا علما بأن حوالي (58%) منها تشكل في العقدين السابع والثامن من القرن العشرين، اذ تأسس المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية IISS في لندن في عام 1958، ومركز أبحاث فض النزاعات في جامعة ميتشغان في عام 1959، ومعهد ستوكهولم لأبحاث السلام في السويد SIPRI في عام 1966.
المرحلة الرابعة : تمتد من عام 1989 وهو العام الذي شهد نهاية الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة، الى عام 2000 وهو عام بداية عصر العولمة.
المرحلة الخامسة: بدأت من عام 2001 وهي مستمرة الى وقتنا الحالي وهي المرحلة التي أطلق عليها الحرب العالمية على الارهاب وتكريس اعتبارات الأمن القومي الأمريكي على اعتبار أن مسألة الأمن القومي والحرب على الارهاب أصبحا الشغل الشاغل للولايات المتحدة.
وتعد المرحلة الثالثة هي المميزة اذ في ظلها نشأت النسبة الأكبر من مراكز الأبحاث والدراسات، اذ بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبدأ الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق والغربي الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، وقد بدا أن الحرب بين المعسكرين هي حروب أفكار وان المنتصر في هذه الحروب الفكرية سيكون هو المنتصر على جميع المستويات، فبدأ ظهور مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية وتوفير التمويل الكافي لها بحيث استطاعت هذه المراكز بالفعل أن تقود الدول التي أولت اهتماما كبيرا لها الى آفاق بعيدة من التفوق الذي وصل الى حد السيطرة التامة والانفراد بقيادة العالم مثلما هو الحال في الولايات المتحدة.
هناك العديد من مراكز الأبحاث والدراسات التي تقسم وفقا الى طبيعتها العلمية كالصناعية والزراعية والفيزيائية والهندسية……الخ، ومراكز أبحاث تربوية وانسانية وتاريخية، ويمكن أن نجد بعض المراكز المتخصصة بحقل علمي واحد كمراكز بحوث الطاقة أو مراكز ابحاث الفضاء، أو الليزر أو غيرها، فضلا عن مراكز البحوث المتنوعة كمراكز أبحاث التاريخ أو البحوث الاقتصادية أو الاجتماعية بمختلف أشكالها.
كما أن عمل هذه المراكز قد يختص في اطار منطقة جغرافية معينة مثل المراكز التي تختص بالدولة التي يوجد بها المركز أو يمكن ان تعبر الحدود المحلية الى دولة أو مجموعة دول مجاور، أو قد تكون خارج الحدود الاقليمية كمراكز بحوث الشرق الأوسط أو شرق آسيا أو دول الخليج العربي.
وقد بلغ عدد المراكز البحثية في عام 2011 ما مجموعه 6545 مركزا موزعة حسب الشكل الآتي:
شكل (1)
توزيع مراكز الأبحاث في العالم لسنة 2011
المصدر:
James. G. McGann (dir.), 2011 Global Go To Think Tanks Report and Policy Advice, The Think Tanks and Civil Societies Program, International Relations Program, University of Pennsylvania, Philadelphia, 23/1/2012, p. 17.
الباحثون يعانون من حصول على البيانات اللازمة المهمة والموثقة من الجهات المختصة في معظم الدول العربية، ومنها العراق. شحة وضعف انتاج البيانات وبشكل دوري، وذلك بسبب انعدام الشفافية والافصاح والمسؤولية وسؤء الادارة عن ذلك، وتاخير اجراء الاحصاء السكاني والاقتصادي الشامل كما هوعليه الحال في العراق، وتقدم تقارير دورية بشكل منتظم وفي مواعدها لتكون في متناول الباحثين، والتي هي ضرورية لاجراء الابحات الكمية. ومن الصعب وضع سياسات عامة ومنها الاقتصادية يعتمد عليها بدون توفرهكذا البيانات.
مع التقدير
صباح قدوري
بالتوفيق استاذنه الغالي
ونحن نتنقل بين سطور المقال يفاجأنا الباحث بكم المعلومات وثرائها التي لاتترك اي سؤال يتبادر على ذهن المتلقي الا واجابها فيما يخص مجال الابحاث ومراكزها
الدكتور عدنان دخلت بنا الى عوالم مراكز البحث وانتقلت بنا من نشأتها واهدافها
المجالات التى تقدم فيها تلك المراكز انجازاتها ،
اوجه اختلافها عن المدارس والجامعات ، وكيف هي مراكز ((لا ربحيه )) لكنها تقدم الاكثر على المدى البعيد لما تطرحه من افكار وابحاث تنمويه في مختلف المجالات والتخصصات
انتقلت بنا بعد هذا الثراء الى مراحل تطورها الخمسه وكيف كان للوضع السياسي والحروب تأثير على تقسيمها الى تلك الحقب الزمنيه
استنتجت بعد عرضك لتلك المراحل كيف تفوقت المرحله الثالثه وهي مرحله الحرب البارده بين المعسكرين الشيوعي والراسمالي وكيف ان الفصل في هذه المعركه هي الافكار والابحاث !
لم تنسى في مقالك التنبيه ان لمراكز الابحاث والدراسات اشكال مختلفه تقسم حسب طبيعتها سواء كانت علميه صناعيه ، او انسانيه تاريخيه ….
اشرت في مقالك كيف ان هذه المراكز لاتزدهر الا بتمويل كافي يغطي احتياجات البحث
وكيف ان لشحة التمويل اثر كبير على مراكز الابحاث العربيه ولجوء تلك المراكز لجهات اجنبيه اثرت على مصداقيه نتاجها ، لذلك نبهت الى ضروره التمويل الذاتي لتلك المراكز من دولها
قارنت في هذا المقال بين مراكز الابحاث العربيه و العالميه
واشرت الى تدني انتاج المراكز العربيه مقارنه بمثيلاتها العالميه ووضعت هنا المسببات لتلك الهفوه وبعض الحلول واساليب النهوض بهذه المراكز
لم يفتك التطرق الى وضع الدراسات ومراكزها في العراق
وتواضع نتاجها اذا تعاني هذه المراكز ليس فقط من شحة التمويل بل التعقيدات والعراقيل التي تواجه الباحث وغيرها من الاسباب التي جعلتها في مراكز متأخرة !
وحتى تكتمل اركان دعني اقول (بحثك ) وليس ( مقالك ) قدمت التوصيات لمراكز ابحاث اكثر انتاجا وتأثيرا بحلول عمليه للمشاكل والسلبيات التي تقف امام تطور هذه المراكز
شكرا للمقال الممتع الغزير ومزيدا من التقدم والعطاء كما عودتنا دائما
د.رؤى الزبيدي المحترمة
شكرًا جزيلا لقراءتك المعمقة للمقالة ولملاحظاتك …ممتن جدا من حضرتك