باختصار شديد، إن أسوأ سياسة اقتصادية يمكن أن يمارسها اقتصاد ما هي تلك التي ترتكز على السياسة النقدية فقط، بحيث تبقى هذه السياسة تصول وتجول مع إهمال بقية السياسات الاقتصادية الكلية (تجارية، مالية، تنموية، استثمارية) وإصابتها بالشلل، وهنا تكون السياسة الاقتصادية في منتهى الهشاشة، ويصبح البلد في وضع هش في كل شيء. وأبسط مثال على ذلك هو أني كلما أسال زميلي مستشار الموارد المائية صباح كل يوم ممازحا طبعا (قل لي راح نغرق لو راح نموت عطش؟) فيضحك ويقول سؤال محير! في إشارة إلى سدود دول الجوار التي ابتلعت مياه أنهرنا، وسدنا الذي يهددنا بين الحين والأخر، وربما يراد لنا أن نهدد دائما في زمن الفزاعات وتنظيمات المرتزقة، لبلد لا يراد له الاستقرار، فيبقى الاقتصاد ليس أولوية له.
إن أضعف وأسوأ سياسة نقدية هي تلك المرتكزة على سعر الصرف فقط تريد أن تخلق التنمية وتحقق المعجزات من خلاله فقط (كمن عنده شيش حديد واحد ويريد أن يبني به برج مثل برج خليفة)، وأهمل وما يزال يهمل وظائف السياسة النقدية الأخرى ولم يمارس إصلاحاً مصرفياً حقيقياً ولم ينظر إلى حجم الائتمان في تمويل التنمية الذي تمارسه تلك المصارف، بل ولماذا تمارس الائتمان اصلا؟ ولو كنت أنا شخصياً صاحب مصرف، لا سامح الله، لدافعت عن المزاد بكل قوة لأنه منجمٌ من ذهب فُتح وما عاد يغلق، فأي مصرف مغفل ذلك الذي يترك المنجم ليمارس الوظائف الطبيعية للمصارف ويقوم بالإقراض وإدارة المخاطر في ظل بيئة عالية المخاطر ولديه منجم مفتوح؟
ففي فترة الترهل المالي قبل 3 سنوات عندما كان المال يدار بأسوأ أسلوب خالٍ من أية حرفية او اختصاص وكانت وما زالت وزارة المالية هي الحلقة الأضعف لأي توجهات إصلاحية، كان من يدخل المزاد من المصارف وشركات الصيرفة يحصل على نقطتين أو ثلاثة ربح من هذا المنجم عن كل دولار. واليوم، في زمن العسر المالي والركود الضاغط والمخاطر الأكبر، صار يحصل من هذا المنجم على 10-12 نقطة ربح عن كل دولار، فكيف يمكن أن نطبق المنطق الاقتصادي بجعل السياستين المالية والنقدية توسعيتان في زمن الركود.
من العسير أن يحصل ذلك، طالما لا تتوفر النوايا، أو النوايا المتوفرة فاسدة، فيكون كل شيء في الاقتصاد بالمقلوب، ونشجع المصارف على المزيد من الانطواء على نفسها والدوران في فلك البنك المركزي والمزيد من الانكماش المالي في زمن الركود، تتعاظم رؤوس الأموال لمن يرضعون من ضرع المزاد، ولكن لا تنمو طبقة رأسمالية في العراق، لأن أموالهم تستثمر في الخارج، دولاراتهم تنمو في الخارج، معاملهم تشيد في الخارج، فرص العمل يخلقوها لأبناء الخارج، لا يملكون في العراق سوى الحقائب التي تعبئ من المرضع (مزاد البنك المركزي). لو كانوا رأسماليين في العراق لوجدنا الأبراج والمصانع والمشاريع الكبيرة والخدمات تقام في العراق. إنهم رأسماليون في الخارج وفي العراق هم رضع من إيرادات النفط التي هي ملك الشعب العراقي دستوريا، ويريدونه أن يبقى صحراء وفوهة للرضاعة حسب، وتنمو بدلا عنهم طبقة الفقراء والعاطلين ليكونوا قنبلة موقوتة تهدد العراق بفوضى عارمة.
عندما أقول إن السياسة النقدية قامعة للقطاع الحقيقي ومشجعة للقطاع التجاري، يقول الكثير إن البنك المركزي فتح نافذة تنموية بـ 6 ترليون دينار، طبعا هو إجراء صحيح وأنا ادعمه واشكره عليه، ولكن لم ينفذ من المبلغ سوى بعض الأجزاء العشرية، ومنه ما عاد بطريقة أو أخرى وحُقن في المزاد لشراء المزيد من دولارات المنجم الرخيصة. لماذا لم تنفذ المبادرة؟ لأن العوامل المكملة لها لم يعمل عليها البنك المركزي ولا الجهات المعنية بالسياسات الأخرى، فسعر الصرف المُغالى به للدينار والمزاد المفتوح بديلا جاذبا، بينما بيئة الإقراض بديلا طاردا، والمصارف عاجزة لأن أنظمتها بالية، وكلف الإنتاج في القطاع الحقيقي مرتفعة ولذلك طاقته الاستيعابية لامتصاص استثمارات مالية ضيقة، وكان بالإمكان أن تنخفض تلك الكلف لو كانت المشاريع الاستثمارية في البنى التحتية على مدى العقد المنصرم أقيمت فعلا وفق معايير اقتصادية، ونفذت بشكل صحيح وخفضت الكلف للقطاع الخاص بدلا من أن يذهب جلها لجيوب الفاسدين أو لإرضاء الناخبين. كما أن منتجات القطاع الحقيقي مطرودة من السوق بفعل الإغراق واستباحة أسواقنا دون اي مستوى يذكر من الحماية الكمركية، وعندما طبق قانون التعرفة مؤخراً رغم أن نسب التعرفات في الجداول دون الطموح، ومع ذلك نفذ بشكل أعرج، لأن إقليم كردستان المحروس لا يلتزم بتطبيقه، والموظفين الفاسدين في المنافذ الحدودية يجنون لجيوبهم أكثر مما يجنون للدولة ومعظم التجار يشترون الذمم دون حياء ودون أدنى شعور وطني، والمنتجون المحليون مطرودون من المعادلة، والسلوك الاستهلاكي لشعبنا الكريم يفضل كل ما هو أجنبي على كل ما هو محلي، في شعب يشعر بالعيب من استخدام منتجه، ومؤسسات دولة تشتري كل مستلزماتها أجنبية رغم أنها مالكة لمصانع تنتج هذه المستلزمات، كتلك التي تطبخ كل يوم وترميه في القمامة وتشتري طعامها من الجيران. الا يدرك هذا الشعب المستهلك انه بذلك يساهم في جعل أبنائه (عطَّالة بطَّالة) دون فرص، وليس أمامهم الا الهجرة أو الغرق في بحر ايجة أو يستدرجه الإرهاب ليصبح ذبَّاحاً أو يؤسس عصابة خطف وسرقة أو يصبح شرطي لمحاربة الإرهاب ويهجر مزرعته أو معمله أو مشروعه مغلق لأن ليس عليه طلب ولا ينافس امام المستورد. إنه تفكك منظومة السياسات الاقتصادية الكلية، لأن ورائها محاصصة سياسية مقيتة تضع كل مسؤول في الموقع الغلط، ولَّدت مافيات ومصالح خاصة يصعب تفكيكها، أسموها أجدادنا (الما يعرف تدابيره حنطته تأكل شعيره)، واسميها سوء الإدارة للملفات الاقتصادية.
ونحن ولله الحمد على أبواب الانتصار العظيم في الموصل، علينا أن نستثمر هذه الطاقات الإيجابية الجبارة ونعيد هيكلة الكثير من المؤسسات الاقتصادية من حيث تنظيمها الإداري، ومنهجها المالي، وأولويات الإنفاق، وإدارة الدومين العام المهمل، ومن حيث المتصدين للقرار الاقتصادي فيها، وتمكين المختصين النزيهين الحريصين أصحاب الرؤيا، دون أن نبرد حالاً، ونثمل مجددا بنخب انتخابات جديدة.
(*) رئيس منظمة اقتصادنا للتنمية المستدامة
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بأعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 23 شباط 2017
http://iraqieconomists.net/ar/
ممتن لجوابكم الشافي و العلمي الذي ازلت به كل حيرة و شك كان في قلبي حول الموضوع. شكرا لكم مرة اخری استاذي!
منذ عشر سنوات وانا شخصيا اعتقد ان السياسة النقدية الانكماشية غير متوافقة مع السياسة المالية التوسعية ، وان سعر الصرف المغالى فيه للدينار دمر القاعدة الانتاجية في العراق وخلق ضغوط انكماشية كبيرة، وهذا ليس اجتهاد مني وانما النظريات الاقتصادية هي من تقول ذلك ، لم اطالب بتعويم الدينار كما فعلت مصر مع الجنيه ، ولكن طالبت منذ سنين بالتدرج في رفع قيمة الدولار لان الدولار الرخيص مشجع للمستورد وطارد للمنتج المحلي وكان د.مظهر ضد هذا التوجه عندما كان مستشار محافظ البنك المركزي ومن ثم نائب له واخيرا عمله في مكتب رئيس الوزراء بعقد استشاري ، فاذا اردنا وظائف لابنائنا في القطاع الخاص علينا ان نخفض قيمة الدينار مقابل الدولار ، فما قيمة وضع تعرفة كمركية لحماية المنتج المحلي من جهة ، وجعل الدولار رخيص امام الدينار لحماية المستورد من جهة اخرى ، ان الاثرين متناقضين ، اي ان اثر الاجرائين ياكل كل منهما الاخر وكانما لم نفعل شيء ، اي ان سعر الصرف المغالى فيه ابتلغ هامش الحماية الذي وفرته التعرفة الكمركية فبقي المنتج المحلي مطرود من السوق وبقيت القطاعات الانتاجية معطلة ونستورد كل شيء واولادنا بلا عمل .
المعارضين يعتقدون ان ارتفاع سعر صرف الدولار سيجعل المستورد غالي الثمن يحمل معه معدلات تضخم اعلى ، والحقيقة انا لا انكر ذلك الاثر في الامد القصير الا انه سرعان ما يزول في الامد المتوسط والطويل ، بل ان الاثر المحمود المرتقب هو ارتفاع اسعار المستورد وما لم ترتفع تلك الاسعار يكون الاثر لتخفيض قيمة الدينار دون جدوى ، ودون معنى ، ولا يحقق الهدف ، الهدف ان نجعل المستورد غالي الثمن كي يتجه الطلب المحلي نحو المنتج المحلي فيحصل الانتاج وتدور المكائن ويتم تشغيل العمالة وتوزع دخول اكثر لعوامل الانتاج ، وعندما تصبح الزيادة في الدخول الموزعة لعناصر الانتاج نتيجة التشغيل مدفوعة بارتفاع الطلب على منتجاتها اكبر من الانخفاض الحاصل في الوهلة الاولى في القوة الشرائية للافراد نتيجة ارتفاع اسعار المستورد من السلع والخدمات ، فان الاثر الايجابي لتخفيض قيمة الدينار يكون قد بدأ فعلا ، وهذا قد يستوجب فترة من 6 اشهر الى سنة في اغلب الانشطة الانتاجية ، حيث ان طول الفترة المطلوبة للتكيف يعتمد على درجة مرونة القطاع الانتاجي ودرجة استجابة العرض المحلي للطلب المحلي المتجه اليه ، وحيث ان خطوط الانتاج في الغالب متوفرة الا انها متوقفة عن العمل نتيجة السياسة الاقتصادية الداعمة للمستورد ، حيث هنالك اكثر من 70 الف معمل متوقف في بغداد فقط ، فان من السهولة بمكان اذا ما توفر الطلب على انتاج هذه المعامل ان تعاود انتجها وتعيد تشغيل عمالها بعد ان يرتفع سعر المستورد وتصبح منتجاتنا المحلية منافسة .
مصر خير مثال ، فرغم ان اقتصادها هش جدا ، ومستوى دخول الناس منخفضة ، تم تعويم الجنيه ، حيث ارتفع سعر الدولار من :1دولار = 700 جنيه ، الى 1 دولار = 2000 جنيه خلال سنتين ، وصحيح ان الافراد انخفضت قوتهم الشرائية بحدود 40% الا انهم يعلمون ان هذا علاج مر عليهم ان يتحملوه فترة من الزمن كي يشفى الاقتصاد ، ونحن في العراق كلما اردنا ان ناخذ بهذا الدواء تعالت الاصوات وجعلت الفقراء شماعة للوقوف بوجهه ، قد يخفي ذلك مصالح شخصية لا ارغب في التطرق اليها خاصة وان ارباح الحيتان الداخلين الى المزاد يفترض ان لا تتاثر.
عبرت مصر الفترة او تكاد تعبرها بالكامل تحركت عجلة الانتاج وعاد المستثمرون لمعاملهم طالما ان المواطن المصري لم يعد قادر على شراء المستورد لارتفاع سعره فتوجه للنتاج المحلي ، فتحت المعامل ابوابها واستعادت تشغيل العمال والخريجين وانخفضت البطالة وصار الاقتصاد يمر بمرحلة انتعاش تتزايد تدريجيا ، ونحن لازلنا نتناحر في النقاشات البيزنطية ، عارضني د.مظهر في 2008 وفي 2010 وفي 2012 وفي 2013 حيث كانت الموازنات متخمة بنفس الحجة ان الاسعار سترتفع ، طيب انا اصلا اريد الاسعار للسلع المستوردة ترتفع والا فان الهدف لا يتحقق وهو اثر جانبي لعلاج اساسي ، فهل يعقل لمريض السرطان رفض العلاج بالكيمياوي لان شعره سيتساقط ،لو عملنا بالعلاج منذ ذلك الحين لشفي اقتصادنا ولاستعاد شعره الذي تساقط ، ولازال المعارضين لليوم والاقتصاد في احوج ما يكون الى الانقاذ والتشغيل يتحججون بنفس الحجة ، بل يشجعون على الذهاب الى الاقتراض الخارجي لكي نستمر بضخ الملايين يوميا في المزاد لكي نحافظ على عذرية الدينار من ان تخدش ، فقدنا عذرية الاقتصاد الكلي من اجل ذلك ، ولازالوا متشبثين ، وقد تكون هنالك اسباب عاطفية اجهللها ، وربما اتجاهلها ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
د. عبدالحسين المحترم، تقديري لمقالكم. سؤالي هو حول وجودكم كمستشار في هيئة المستشارين في مكتب رئیس الوزراء مع زملاء لكم في نفس الهیئة مثل الدكتور مظهر محمد صالح الذي یحمل افكارا مغايرة لكم بالكامل فيما يخص السیاسة النقدية و سعر الصرف. كيف یتم هذا التباين في الآراء في هیئة واحدة المفروض عليها تقدم رؤیة واحدة لاقتصاد البلاد لكي يطبقها رئيس الوزراء؟ بمعنی آخر دعني اسٲل سؤالا مشابها لسؤالكم للمستشار في الموارد المائية، هل نثق بهيئة المستشارين في تخلیصنا من الطوفان او ان الطوفان آت لا محالة؟ و لكم كل التقدير
عزيزي استاذ مصطفى
ارجو ان تخاطبني باسمي : فاروق
ولو ادعيت باني دكتور لكنت في خانه مزوري الشهادات
اطلعت على الرابط الذي ارشدتني اليه واذكر اني كنت عضوا في مجلس اداره الموسسه العامه للتنميه الصناعيه( الملغاه)
خالص تحياتي
ششكرا جزيلا لكل الاخوة الذين ابدوا ملاحظات محط احترامنا بالتاكيد ..واود ان ابين الاتي :
– الحماية الكمركية لها اهداف عديدة ، قد يكون الهدف تمويلي ،او حمائي ، او اجتماعي منع السلع الضارة اجتماعيا وتقليل الفوارق ، او صحي ، او بيئي، ونحن في هذا الظرف نحتاج تحقيقي هدف حمائي للمنتج المحلي وهدف تمويلي.
– المقال كان يركز على اهمية تناسق منظومة السياسات الاقتصادية الكلية لكي لا تلغي احداهما اثر الاخرى ، ففي الوقت الذي نفرض تعرفات كمركية لحماية المنتج المحلي وتحريك الاقتصاد (سياسة مالية) ، نجعل سعر صرف الدينار مغالى فيه فيكون قامع للمنتج المحلي وجاعل كل ما مستورد رخيص (سياسة نقدية) فتلغي السياسة النقدية بتاثيرها السلبي اثر السياسة المالية الحمائي .
– بعض الملاحظات غردت بعيدا واعتبرت ان فرض التعرفة مخالف لاقتصاد السوق في حين ان البلدان المنظمة الى WTO يطلب منها ان يكون لها جداول تعرفات كمركية ولها الحق في حماثية صناعاتها الناشئة .
– اعتقد ان هنالك صراع واضح بين التاجر والمنتج في الاقتصاد العراقي ولكل مريديه وانصاره ومنظريه ولكل اجندته ايضا ، وانا من انصار توفير كل ما بوسعه جعل الاقتصاد منتج لكي نستوعب ابنائنا في اعمال تخلق دخول ولا نبقى امة طاردة للاستثمارات تبيع النفط وتستهلك كل شي وتبقى امة هشة وعرضة للازمات والمصائب.
أ.د.عبدالحسين العنبكي
اخي العزيز الاستاذ مصطفى
اشكرك جزيل الشكر على اراءك السديده في اجابتك على ملاحظاتي البسيطه واود ان ابين ما يلي
١- كان اسلوب حمايه الصناعه الوطنيه في العراق حمايه كميه ( كليه بمنع استيراد السلع
التي ينتج ما يماثلها محليا او حمايه كميه جزءيه ) وهذا الاسلوب من الحمايه يتنافى مع حريه التجار
٢- اتبع العراق ايضا اسلوب الحمايه السعريه من خلال التعريفه الكمركيه وهذا الاسلوب لا اعتراض عليه من قبل الكات
٣- اتبع العراق اسلوب الحمايه الداءميه وليس الحمايه الموقوته لمده معينه بحيث اذا لم تستطع الصناعه الوقوف على قدميها بوجه المنافسه الاجنبيه يلغى قرار الحمايه
٤- لم يكن لدى العراق سابقا وليس لديه حاليا سياسه تنميه صناعيه – مشاريعنا الصناعيه معظمها ورش تجميع ليس هناك خطوط انتاجيه لاعاده تصنيع مدخلات الانتاج المستورده ولذلك انهارت معظم المشاريع وخاصه في النشاط الخاص بعد فرض الحصار الجاءر وهذا ما اعلنه وزير خارجيه امريكا قبل فرض الحصار ( بان امريكا عازمه على اعاده العراق الى ما قبل عصر الصناعه)
٥- لم تكن ملاحظاتي السابقه عن الحمايه في العراق خلال المده منذ تاسيس الدوله العراقيه عام ١٩٢١ وحتى الاحتلال الامريكي عام ٢٠٠٣c
٦- يبدو ان هناك توجه نحو حمايه الصناعه وحمايه الزراعه
وحمايه المستهلك وحمايه الاقتصاد العراقي عموما من الاغراق ومن سعي الشركات المتعدده الجنسيه من السيطره على ثروات الدول الناميه والمتقدمه والساءره على طريق النمو والمتناميه عن طريق العولمه والسوق الحره
ارجو لك – اخي العزيز مصطفى دوام العطاء والتقدوم في جميع اعمالكم
مع خاص الموده والتقدير
اشكر امانيك الطيبه استاذي الكريم الدكتور فاروق ولي الشرف في الحوار معكم وارجو مراجعه الرابط ادناه
http://www.gdid.gov.iq/index.php?name=Pages&op=page&pid=80
شكراً للدكتور العنبكي على مقاله الذي حاول فيه تسليط الضوء على أهمية التنسيق بين السياسات الإقتصادية لضمان عملها كوحدة متكاملة ، إدراكاً منه للعلاقات المتبادلة بين السياسات الجزئية في الأهداف والأدوات لتشكل في مجملها ما يمكن تسميته سياسة إقتصادية ، وإن الإجراءات التصحيحية لمعالجة إشكاليات معينة في سياسة جزئية محددة لايمكن تسميتها سياسة إقتصادية ، بل أكثر من ذلك فإنها ستكون عاجزة عن تحقيق الإصلاح المنشود بسبب التأثيرات التبادلية مع سياسات جزئية أخرى لم تؤحذ بنظر الإعتبار عن مناقشة الاجراءات التصحيحية في سياسة جزئية منفردة .
وهذا موضوع في غاية الأهمية يغفل عنه القائمين على إعداد السياسة الإقتصادية ، حيث يجب أن تلتزم السياسة الإقتصادية مباديء أساسية كقواعد عامة لايمكن الإستغناء عنها ، وعدا ذلك فانها ستبقى تتخبط في حلقة مفرغة من الاجراءات التصحيحية تحبط بعض أدواتها ما يمكن أن تنجزه أداة أخرى في سياسة جزئية أخرى ، ومن المباديء الأساسية هو مبدأ التناسق الذي ركز عليه الدكتور العنبكي في مقاله … مثال بسيط على ذلك
ان مستوى الدخل هو دالة بالانفاق الحكومي وكمية النقود
ومستوى الاسعار هو ايضا دالة بالانفاق الحكومي وكمية النقود
فاذا كان مستوى الدخل اقل من مستوى الدخل المستهدف ، فان الحكومة تستخدم زيادة الانفاق الحكومي بالمستوى المطلوب لبلوغ مسنوى الدخل المستهدف ، وسينعكس ذلك في ارتفاع مستوى الاسعار
واذا كانت السلطات النقدية ترى ان مهمتها تنحصر فقط في استقرار الاسعار فانها ستستخدم اداتها المتمثلة تقليل عرض النقود لكي تعود الاسعار الى مستواها السابق ولكن هذا الاجراء من السلطات النقدية سيؤدي الى تخفيض مستوى الدخل الذي سعت الحكومة لرفعة الامر الذي يدفع الحكومة الى اجراءات انفاق توسعية من جديد وهكذا يكون الاثر النهائي هو تقلبات متتالية تاخذ بالاتساع بسبب عدم التناسق بين اداتي السياسة النقدية .
عزيزي استاذ مصطفى
انت تقول ان ( الحمايه التجاريه تفرض لاسباب غير اقتصاديه )
استاذي العزيز ما العيب في ذلك؟ الطفل حديث الولاده يحتاج الى الحمايه واذا كان الطفل ضعيف البنيه يوضع حاضنه لعده ساعات او ايام ومثل هذا تحتاج الصناعه الوليده الى الحاضنه لحمايتها من اثار البيءه الخارجيه الضاره لحن يشتد عودها وتقول في تبريرالحمايه ( في حاله واحده وهي ان تكون مدخلات الانتاج او بعضها متوفره داخل البلد وليس لها قيمه تجاريه ) ما تقوله صحيح لكن انظر الى الصراع الامريكي الصيني ما هي المشكله ؟ لدى امريكا وفره في مدخلات الانتاج ولا تستطيع حمايه انتاجها ماذا تفعل؟ تطلب من الصين اعاده النظر في سعر عملتها الرخيصه لحمايه المنتجات الامريكيه – العراق لديه موارد بشريه يعني راس مال بشري وهناك مءات الخبراء الاجانب يعملون في العراق وينافسون الخبراء العراقيين المهندسيين والجيولوجيين والاقتصاديين والاداريين وغيرهم دون وجه حق اليس
من المصلحه الاقتصاديه حمايه ثورتنا البشريه؟
مصطلح الحمايه التجاريه مفهوم واسع يشمل كل شيء له قيمه وقابل للاتجار من السلع والخدمات فالصناعه تجاره والنقل تجاره والرياضه تدخل ضمن الخدمات التجاريه والقيود السعريه على الواردات من السلع المضره بالصحه او غير الضروريه للاستهلاك البشري قيود اقتصاديه مرغوبه لحمايه الانسان الذي هو اثمن راس مال
خالص الود والتقدير
استاذي الدكتور فاروق المحترم
اشكر اهتمامك بما اكتب فقط اسمح لي ان اوضح التالي
اولا بخصوص الحمايه التجارية للصناعه الوليده .. استاذي عشت في زمن تجربه التنمية الصناعية في عهد النظام السابق والحديث عنها يدمي القلب بما فيها من فوضى وهدر في الموارد .. والنتيجة ان نصف المصانع توقفت بعد فرض الحصار الاقتصادي بسبب انقطاع تزويد هذه المصانع بالمواد الاوليه المستورده من قبل الدوله وانقطاع الاستيراد بتحويل خارجي ( وما ادراك ما هذا الاستيراد ) والنصف الثاني توقف بعد السقوط بسبب رفع الرسوم الكمركيه عن السلع المستورده .. الخلاصه هو بناء بلا اساس انهار بانهيار الحماية التجاريه والدعم الحكومي .. ومساله ان هذا الانتاج يحتاج الى الرعايه حتى ينمو ويقف على قدميه .. فاقول واعتذر استاذي ان ما يبنى على الدعم يبقى معتمدا عليه ومتى ما ذهب الدعم ينهار .. والاجدى من ذالك هو ان يبنى الانتاج على اسس متينه
ثانيا بالنسبه للموارد البشريه .. قد ذكرت استاذي ان القوى العامله هي احد مدخلات الانتاج وقد ذكرت امثله على ذالك ولو كانت هنالك سلع تنتج محليا وتحتاج الى الايدي العامله بغزاره وان انتاجها في الداخل يحتاج الى حمايه تجاريه فهنا تصبح الحماية التجارية ضروره .. وقد ذكرت ايضا بالحرف ( الحقيقة اذا توفرت مدخلات الانتاج الرخيصه محليا لا حاجه للحمايه التجاريه لان القيمه المضافه سوف تعوض عنها الا في حاله الحاجه الى رفع القيمه المضافه لرفع العائد لمصادر هذه المدخلات محليا ) وقد قصدت هنا حمايه متسوى اجور القوى العامله المحليه من ان تكون ارخص المدخلات ..
ثالثا .. فيما يخص الاسباب الاخرى للفرض الكمارك .. تعرف استاذي ان فرض التعرفه الكمركيه على السلع الفاخره وسيله لتقليل الفوارق بين الطبقات ولتوسيع الطبقه الوسطى وهذا ما قيل لنا طبعا .. والحقيقه انها تعزز الفوارق بين الطبقات لانها تصنف الاستهلاك وتجعل التمتمع بالسلع الفاخره على محدودي الدخل حلم صعب المنال .. والوسيله الوحيده لتقليل الفوارق بين الطبقات هي تقنين الاستيراد وتحديد الانتاج .. يعني ان نعود الى زمن الاشتراكيه الرائع عندما كنا نفتح اعيينا متعجبين ونحن في الدراسه الابتدائيه على زميل ابوه كان موفدا في الخارج وجلب لابنائه حاجات بخمس وعشر دولارات والتي لا يوجد مثلها في الاسواق العراقيه . . او ان نعود الى زمن ( امشي نشوف شكو نازل بالاوردزي ) لان الناس يملكون المال ولا سلع في السوق .. يعني باختصار يصبح العراقيين (مثل السماجه بنص الشط وعطشانين) قد يحن البعض الى هذا الزمن والله اعلم اذا كان افضل .. ويبقى الموضوع اختيار المجتمع الذي من المفروض ان يترجم الى برنامج سياسي يتبناه حزب يساري على الاكثر ( على فرض ان العمليه السياسيه عندنا تسمع بهذا )
السبب الاخر سياسي .. ان نفرض الجمارك على سلع الدول التي لا تزعجنا ونرفعها عن سلع الدول التي نحبها .. سياسه عفى عليها الزمن .. ولكنها ما زالت تتبع من قبل الدول الكبرى
وسبب استراتيجي .. مثل فرض الجمارك على المنتجات الالكترونيه والميكانيكيه ودعم انتاجها في الداخل من اجل تاسيس قاعده صناعيه في الداخل تسمع بانتاج السلاح ليصبح البلد اقوى واكثر استقلالا وتاتي دوله كبرى لتمحوه من الخارطه وتعيده الى العصر ما قبل الصناعي .. والنتيجه كما ترى استاذي ولا حول ولا قوى الا بالله
الاساتاذ العنبكي المحترم
الحماية التجاريه تفرض لاسباب غير اقتصادية الا في حاله واحده وهي ان تكون مدخلات الانتاج او بعضها متوفره داخل البلد وليس لها قيمه تجاريه اما باقي الاسباب في اما سياسيه او اجتماعيه او استراتيجية وليس لها علاقه بالاقتصاد لا بل يمكن ان تكون مضره اقتصاديا ( وهي اساليب عفى عليها الزمن على كل حال ) .. والحقيقة اذا توفرت مدخلات الانتاج الرخيصه محليا لا حاجه للحمايه التجاريه لان القيمه المضافه سوف تعوض عنها الا في حاله الحاجه الى رفع القيمه المضافه لرفع العائد لمصادر هذه المدخلات محليا
حل مشكله البطاله وقلنا هذا اكثر من مره هو عن طريق قطاعين هما الخدمات والبناء وان الزراعه والصناعه وقد درسنا هذا في كتب المرحله المتوسطه لم تعد مصدرا لفرص العمل بعد دخول المكننه الا في بعض الصناعات الحرفيه مثل المنتجات الجلديه والملابس والاثاث وغيرها وهي محسوبه من ضمن مدخلات الانتاج الرخيصة اذا توفرت الايدي العامله الماهره بغزاره ..
بالنسبه للزراعه وهنا الطامه الكبرى .. نعم ان مدخلات الانتاج هي الارض والماء ولكن الكمارك سوف ترفع اسعار هذه المتجات على المستهلكين من سكان المدن الذين هم الان 70 بالمائه من السكان لصالح سكان الريف الذين هم 30 بالمائه هذه اولا وثانيا ان الارض العراقيه ملوثه اشعايا ولم يتم اجراء مسح شامل لمعرفه مدى التلوث في الاراضي الزراعيه وهنا تكمن خطوره الرجوع الى الاعماد على المنتجات الزراعيه المحليه من دون التاكد من مشكله التلوث الاشعاعي
وقد طرحت اكثر من مره ايجاد بدائل للفلاحين من خلال مشاريع حكوميه لانتاج المواشي وشرحت الفكره بالتفصيل وارسلتها الى بعض المسولين ولا من مجيب
الاصرار على الاستمرار في انتاج السلع في الداخل مع ارتفاع الكلفه هي خساره للبد تعادل او تفوق خسائر مزاد العمله وقد ضربت مثلين هما انتاج اليوريا وانتاج السمنت وان الطاقه فقط التي يستهلكها انتاج هذه السلع فقط هي تعادل في بعض الحالات ضعف كلفه استيرادها هذا اذا لم نحسب اجور العاملين والصيانه والنقل والمواد الاوليه .. الخ .. واضف الى ذالك ان انتاج السمنت مثلا هو مصيبه كبرى لانه من اهم اسباب التلوث المسرطن وان الدول الاوربيه نقلت انتاجها الى دول العالم الثالث مثل مصر والهند لانها لا تستطيع ان تتحمل ضرائب التلوث في بلدانها ومنها الشركه الفرنسيه الي استثمرت في مشاريع سمنت الفرات الاوسط ..
قبل تطبيق قانون الكمارك كنت قلت لك برد على مقال سابق ان تطبيق الكمارك في هذه الضروف غير ممكن عمليا وارجو منك مراجعه الرد في الرابط ادناه .. وقد صدقت توقعاتي .. وعلينا ان نواجه الحقيقه ان الحكومه غير قادره .. في مساله جبايه اجور الكهرباء مثلا الان تحاول وزاره الكهرباء ان تخصص قطاع التوزيع ضمن سياسه الخصخصه كما يقولون والسبب الحقيقي ان الحكومه غير قادره على جبايه اجور الكهرباء فخصصتها وهنا اتذكر مساله ان بعض الحكومات عندنا في بلدان اخرى عندما كانت غير قادره على فرض الامن كانت تلجا الى الاستعانه ببعض الاشقيائيه ( الفتوات ) لفرض الامن وهو بالضبط نفس حال الحكومه الان في قطاع الكهرباء
قلت واكرر .. دعم الاستثمار في الداخل بروس اموال خارجيه او داخليه ياتي من خلال نظام سياسي مستقر وامن مستتب وقضاء مستقل .. ودعم الانتاج يتم من خلال توفير مدخلات انتاج رخيصه واهما الطاقه من خلال تطوير حقول الغاز المصدر الرخيص الوحيد للطاقه المتوفر داخل البلد .. وحل مشكله البطاله من خلال تحرير الخدمات ( الصحه والتعليم ) مع الابقاء على مجانيتها وتطبيق سياسه في قطاع الاسكان تظمن توفير فرص عمل وحل مشكله السكن بنفس الوقت وتشجيع الاستثمار الخارجي ايضا .. وحل مشكله تنويع مصادر الدخل هو من خلال مشاريع البتروكمياويات الصناعه الوحيده التي تعتمد على مواد اوليه متوفر داخل البلد وتظمن الانتاج الكمي مع ادخال الكبريت والمعادن الاخرى في هذا المشاريع … وابوك الله يرحمه
ان محاوله تطبيق سياسه اقتصادية معينه خاطئه لحل مشاكل اجتماعيه وسياسيه وامنيه .. يذكرني بمثل البيضه والدجاجه .. يا سيدي ليست البطاله السبب الوحيد لانتشار الجريمه .. ضعف الحكومه هي السبب الاساسي وبعدها تاتي الاسباب
فقط اريد ان اذكر مساله توقع العراق على اتفاقيه دوليه لحمايه المستثمر وهي من المسائل الايجابيه وهناك بعض الايجابيات ذكرتها في ردود سابقه وان شاء الله يبقى الامل واستغفر الله ان كنت اخطات في ما كتبت
http://iraqieconomists.net/ar/2016/01/31/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D8%B7%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%BA%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%AC%D8%B2-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B2%D9%86%D8%A9-2016-%D9%85%D9%86-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%AA/
عند غياب طبقه سياسيه واعيه ورشيده في بلد مثل العراق , لابد ان يتلازم ذلك مع اهمال متعمد في تبني سياسه اقتصاديه اجتماعيه تنموية رصينة, بالتالي اصبح اكتناز المال وترحيله للخارج جاده وسبيل وحيد لا صحاب النفوذ الحزبي في تعزيز مواقعهم من دون ان يتحولوا الي فئه رسماليه رائده لبناء البلد .كله تولد من الفجوات والتركيز الوحيد علي اهميه البنك المركزي وادواته العرجاء وتصعيد دوره في اداره الاقتصاد , مما قاد الي هدر الموارد وتعمق الفساد المالي والاداري في البلد من ناحيه ,الفشل السحيق في اعتماد تنميه شامله تؤمن الرفاه للجميع وليس فقط لنخبه مختاره في المجتمع من ناحيه اخري
بروفيسور عبد الحسين العنبكي اجد – وهذا راي ان اهم ما جاء في مقالك هو سوالك لزميلك مستشار الموارد الماءيه الذي اعتبره سوال محير ( الله لا يحير عبده) السوال ( قل لي راح نغرق لو راح نموت عطش؟)
استاذي العزيز انت تعلم علم اليقين ان ازمه المياه من اهم المشاكل التي تواجه الاقتصاد العراقي كون العراق بلد زراعي وان المياه اهم مرتكزات التنميه – الفلاحون والمزارعون في العراق مازالوا يمارسون الطرق التقليديه في الري فهدرون المياه بدلا من استخدام الري بالتنقيط او الرش وليس لدينا ارشاد ماءي سواء في مجالات الزراعه اوالصناعه او الشرب طبعا زميلك مستشار الري يعرف حاجه العراق الى بناء السدود وانشاء البحيرات لخزن المياه وهو معذور لانك كنت مازحا ليس جادا في طرح السوال كما تقول ومع ذلك لعله يدلي بدلوه حول شحه المياه في العراق وفي نهري دجله والفرات
مع خالص التقدير
عند غياب طبقه سياسيه واعيه في بلد مثل العراق لابد ان يتلازم ذلك مع الاهمال المتعمد في تبني سياسه اقتصاديه تنمويه شامله رصينه وهكذا اصبح الاكتناز المالي الجاده الوحيده بسبب التركيز علي البنك المركزي واداواته العرجاء في اداره وتييبر الجهد التنموي. كله قاد الي هدر الموارد والفشل السحيق في اعتماد تنميه حقيقه