الرئيسيةالسياسة النقديةالمكتبة الاقتصادية

د. أحمد ابريهي علي *: كتاب (الاقتصاد النقدي – وقائع ونظريات وسياسات)

تقديم

جاء الكتاب حصيلة مراجعات وأبحاث في موضوعات النظرية النقدية المتعارف عليها في مناهج التعليم الجامعي، شاملا لأسعار الصرف والاحتياطيات الدولية، معتنيا بعمليات الصيرفة المركزية والسياسات النقدية وأدواتها. وتعرض النماذج النظرية في حوار مع الوقائع التي تكشف عنها البيانات والممارسات الفعلية، لتعميق المحتوى الموضوعي للتحليل والاختبار. ويتوجه خاصة الى طلبة الدراسات العليا والمشتغلين في الاقتصاد  النقدي والمالي على نطاقه الأوسع. ولا يدّعي الإحاطة والتكامل، بل ينطلق من أن المعرفة القائمة تتجاوزها الأحداث ومحاولات التنظير الجديدة بصفة دائمة. ولذلك فإن التخصص الاقتصادي النقدي لا يتعدى مهارات البحث في هذا الميدان المعقد والخبرات المتجددة من مواصلة تلك الجهود.

بدء الكتاب في فصله الأول بعرض الفهم النظري للنقود ومسار تطوره منذ العهد التجاري والنشأة الكلاسيكية الأولى. وتناول وظائف النقود وشرح آليات خلقها وكيف تعبر عنها الميزانيات العمومية للبنك المركزي ومجموع الجهاز المصرفي، وفيما إذا كانت تتغير نتيجة لعمل مجمل النظام الاقتصادي أم معطاة من السلطة النقدية، ودوال الطلب عليها والحوار المدرسي حولها والاختبار الإحصائي لنماذجها النظرية والأطروحات المعتبرة في الوسط الأكاديمي لتفسير سلوكها، ونظريات الفائدة، تفسيرها وتبريرها، وأسعارها. ومراجعة الفرضيات الأساسية عبر المقارنة بين الكينزيين والمنحى الكلاسيكي بمقارباته المتباينة والأطروحات البديلة.

ويتواصل البحث النظري، في الفصل الثاني، لدراسة التوازن السلعي – النقدي التقليدي ونموذج النقود في دالة المنفعة والنقود في الانتاج ومستحدثات الكينزية الجديدة ومدرسة التوقعات العقلانية. ويعالج دوال التضخم والسياسة النقدية، وتحليل العلاقة بين التضخم والفائدة والنقود. وآراء المدرسة النمساوية في منشأ الاضطراب. ويقارن بين دوال التوازن السلعي- النقدي  التقليدية والصيغ اللاحقة ضمن الاقتصاد الكلي الحديث، وموقف الكلاسيكية الجديدة  من فاعلية السياسات. ويراجع مفهوم التوازن الديناميكي غير اليقيني وتفسير التقلبات بالصدمات وعلاقة هذه التصورات النظرية بالتوقعات ذات النظرة الأمامية ودورة الأعمال الحقيقية في مقابل دورة النقود. واعتنى الفصل الثاني بالتضخم ومنحنى فيليبس التقليدي، ثم الجديد المدعم بالتوقعات وعلاقته بمعادلة السياسة النقدية. وأخذ الجدل بين حيادية النقود وفاعليتها فسحة تناسب أهميته في التفاعل مع التحليل الكمي، ويتكامل مع الفصل السابق والجزء الأول من الفصل الثالث ضمن النطاق المتعارف عليه أكاديميا للنظرية النقدية.

ويولي الفصل الثالث عناية كافية بعمليات السوق المفتوحة بصفتها الأداة الرئيسة للسياسة النقدية، وتناول  ضمن هذا السياق السيطرة على السيولة والتعقيم ودور الاحتياطيات الالزامية والفائضة.  وكانت الأهداف المعتادة للسياسة النقدية ومنها خاصة الاستقرار مدار البحث بالعلاقة مع سعر الفائدة وقنوات البث النقدي. ودرس الائتمان المصرفي في ضوء الأزمة الأخيرة؛ واستقرار الأسواق المالية وكفاءتها والسياسات الممكنة للتأثير في أدائها نحو الاستقرار. وأفرد الفصل الثالث مبحثا واسعا لاستقلال البنك المركزي ودوره الرقابي واحتمالات تعارضه مع الوظيفة الأساسية للسلطة النقدية. وعرض تصورات للتنسيق بين المهام التقليدية للسياسة النقدية ووظيفة الوقاية من الأزمات والتصدي لتكوين الفقاعة. ويعرض، ايضا، مقاربات مغايرة  للتيار الرئيسي  في النظام المالي – النقدي. ويهتم  بالمضامين الإجرائية للسياسات، لفهمها بذاتها، والأبعاد المؤسسية لتعيين الأهداف واختيار الأدوات.

تناول الفصل الرابع البعد النقدي للدين الحكومي وإعادة تمويله مبينا تنقيده وأثره في بنية أسعار الفائدة والسيولة والاستثمار المالي، وشروط استدامته وهي من العناصر المهمة في الاستقرار. وراجع ازمة الديون السيادية الأخيرة  وصلتها بالقطاع المصرفي، والعلاقات المالية الخارجية للدول المدينة وبرامج الإنقاذ.

وعالج الفصل الخامس التوازن في ظل الانفتاح المالي بدءا من مفهوم الاحتياطيات الدولية في ميزان المدفوعات ومنهج المرونات السعرية لحركة ميزان المدفوعات في سياق منسجم. ثم النموذج النقدي لتغير الاحتياطيات الدولية وسعر الصرف. والتوازن السلعي – النقدي في النموذج المفتوح وفاعلية السياسات المالية والنقدية تبعا للاختلاف في أنظمة سعر الصرف. وخصص مبحثا، بقدر من التفصيل، للنظر في الاحتياطيات الدولية، وذلك في ضوء دراسة تكوينها ومسار تطورها في العالم والتجارب الفعلية للدول، وضغوطات سوق الصرف، وانماط التدخل، وحجمها وإدارتها.

 

وقدم الفصل السادس العراق حالة دراسية للاقتصاد النفطي في دراسة سلوك المتغيرات النقدية والودائع والائتمان وأسعار الفائدة والتضخم، وسوق الصرف وسعر الصرف الحقيقي مدة الحصار وما بعد عام 2003. واضاف مؤشرات تساعد على فهم حركة القطاع المالي للاقتصاد النفطي وفي ضوء التجربة الدولية. وبحث في مالية البنك المركزي وتنويع الاحتياطيات وتجربة محاكاة لسلوك سعر الصرف عند ربطه بسلة من العملات مقابل التثبيت الثنائي مع الدولار الأمريكي.

 

وتوخى الكتاب في طبعته الثانية تيسير مادته للتعليم من خلال أبحاث ومراجعات متأثرة بتجربة الباحث واهتماماته يقدمها لزملاء الاختصاص والخبرة وطلبة الدراسات العليا. وإذ تقتضي الدراسة التفاعلية لمباحث الكتاب استحضار القارئ لمبادئ الاقتصاد الكلي والنقود فقد جاء التذكير بها مقتضبا، وإتاحة الحيز الكافي لفهم نماذج التنظير المتداول والفرضيات التي تستند إليها بالمناقشة والاختبار. ومحاولة استقراء جدارة الأطروحات النظرية البديلة بمدى محاكاتها لأنماط الحدوث وتفسير الوقائع، ومقارنة فاعليتها المحتملة في السياسات عند النظر إلى العمليات النقدية من داخلها. وعلى سبيل المثال، نجد أن السيطرة على عرض النقد  تتطلب استقرار المضاعف النقدي الذي لا تؤيده الوقائع ارتباطا بتغير الحجم النسبي للسيولة الفائضة. وغالبا ما يسمح البنك المركزي لعرض النقد بالتلاؤم الآني مع احتياجات المصارف. والتي لها دور كبير في تكاثر النقود او تقليصها من خلال عمليات الائتمان بالتفاعل مع أوضاع قطاع الأعمال وهذه الوقائع والسياسات تدعم الاعتقاد بأن النقود متغير تابع لعمل النظام الاقتصادي أكثر مما هو محدد مسبقا من البنك المركزي. ولعجز الموازنة العامة دور في خلق النقود مع استجابة البنك المركزي لمتطلبات تمويله حفاظا على أسعار الفائدة ضمن المديات المقبولة.

(*) باحث وكاتب اقتصادي عراقي، نائب محافظ البنك المركزي الاسبق وعضو مجلس ادارته حاليا

لتحميل النسخة الالكترونية من الكتاب كملف بي دي اف انقر على ارابط التالي

Book Ahmed Ibraihi-Monetary Economy

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: