1. في مقاله المعاد نشره على هذا الموقع يعرض السيد جون ويست لمسألة توزيع الثروة النفطية على شكل حصص للعراقيين. حيث يرى أن ذلك يقود إلى” … تقدم هائل نحو تحقيق العراق للأهداف التنموية للألفية، بالقضاء على الفقر في العراق والمساعدة في إيجاد خدمات صحية مخصصة للفقراء. كما أنها سوف تمثل حافزاً مستمراً للنمو الاقتصادي الشامل، والتنوع الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على الوقود النفطي… وتؤدي إلى نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتأسيس خدمات مالية شاملة، ودعم رأس مال الاقتصاد العراقي على مستوى محلي واسع والانتقال لاتجاهات جديدة غير مسبوقة”.
2. بالإضافة إلى ذلك يرى السيد وست أن هذا الإجراء سيقود إلى خدمات أفضل للمواطنين وسيحل مشاكل التمويل للقطاع الخاص وينقله نقلة نوعية ويحل مسألة السلام الإجتماعي في العراق والمساعدة في مشاكل الخلاف بين العرب والأكراد.
3. ولكن ليس هناك آليات مقترحة في هذا المقال أو حساب أو مناقشة جادة فيما كيف يمكن أن تتحقق كل هذه الأهداف من خلال توزيع الدولة للرواتب على المواطنين بدون تقديم عمل مقابل. هل تحقق هذا الأمر في أي دولة نفطية أخرى؟ المنطقة الوحيدة التي توزع الحصص على السكان هي ألاسكا ولم يتطرق الكاتب كيف تحققت كل هذه الأمور في ألاسكا. النرويج التي يفوق حجم أصول صندوقها السيادي الأساسي وهو صندوق الحكومة التقاعدي حوالي 560 مليار دولار لاتوزع الحصص ولا أي دولة نفطية أخرى.
4. عدا عن إشارة عابرة ليس هناك دور في مقال السيد وست لصندوق سيادي. القاريْء يخرج بإنطباع أن التوزيع يكون من خلال الموازنة العامة. ماذا يختلف ذلك عن تضخم النفقات الجارية ومن ثم الاستخدام الحكومي الآن؟
5. في ظل غياب سياسات تنويعية لحفز وإسناد الانتاج الزراعي والصناعي المحلي سوف تقود زيادة الدخول الموزعة أما الى ارتفاع معدلات التضخم أو الى تسرب أغلب القوة الشرائية الى الخارج بدلاً من أسناد النموالمستديم في القطاعات الانتاجة والخدمية الوطنية وتحسين نوعية الانتاج.
6. كيف يمكن أن تحفز الأفراد الذين يتلقون دخلا” مضمونا” بالعمل الجاد والخلاق لأجل تحقيق التنويع. ألا يجعل هذا الإجراء جميع الأفراد وعوائلهم موظفين لدى الدولة؟
7. عدا عن بعض البيانات النفطية وبيانات الفقر المستقاة من مصادر دولية ليس في المقال ما يبين معرفة وثيقة بظروف العراق الاقتصادية والاجتماعية. فالمقال في الحقيقة يكرر وصفات جاهزة ذكرت قبل سنوات عن إمكانية التوزيع وتغيير هيكل الاقتصاد العراقي من خلال السوق. هل حدث ذلك في دول نفطية أو غير نفطية أخرى؟ كان ينبغي أن يبين في المقال بشكل مقنع كيف يؤدي توزيع رواتب شهرية على تطور الاقتصاد الوطني من خلال قطاع خاص داينمي هدفه الاستثمار وليس التريع النفطي. عدا ذلك يصبح الأمر نتائج غير موثقة وبدون أسناد معلوماتي أو اقتصادي تحليلي.
8. الاعتراض ليس على فكرة توزيع ثمار الثروة النفطية. وإنما التوزيع المباشر العام. الهدف هو توزيع الثمار بشكل مستديم خاصة في وقت ترتفع فيه نسبة من هم تحت خط الفقر ويتواجد فيه الفساد وتنخفض كمية ونوعية الخدمات العامة. الاعتراض نابع من حقيقة أن من غير الواضح كيف يمكن تحسين خدمات الدولة وتحقيق التنويع والنمو الاقتصادي بتوزيع الرواتب على الناس مباشرة من العوائد النفطية. وحتى إذا كان التوزيع المباشر لأسباب إجتماعية وشعبوية بحتة سوف يأتي وقت تنخفض فيه العوائد بحيث لا يمكن إدامة الأمر مما يولد أستياء” عاما”.
26/10/2011
*د. علي مرزا خبير اقتصادي عراقي اكتسب خبرة واسعة في قضايا إعادة الهيكلة والاصلاح الاقتصادي والتخطيط في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا. وله اهتمام خاص بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية, والبنى المؤسسية والسياسات التنموية في العراق والدول الأخرى المنتجة للنفط. ولقد قام بنشر البحوث وقدم أوراقا” حول العراق ودول الخليج في مؤتمرات علمية ومجلات مهنية. ولقد عَمِل سابقا في وزارتي النفط والتخطيط العراقية وككبير مستشارين في قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة.
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية