مرّ على تغيير إدارة السلطة النقدية في العراق؛ بعد (اجتثاث) اثنين من كفاءاتها، بحدود الأربعة أشهر، وهو ما يمكن أن يمثل مناسبة بدء مراقبة أداء البنك المركزي، وفي أقل تقدير يمكن أن نرصد توجهاته الرئيسة.
أول الأسئلة التي يمكن أن نطرحها هنا هي، هل ثمة تغيرات (راديكالية) على سياسات البنك المركزي؟
والإجابة المبدئية عن ذلك، يمكن أن تقترب من النفي أكثر منها للإيجاب.
أقول ذلك لأني ؛ وغيري من المراقبين، لم نلحظ إجراء أي تعديلات على سياسات أسعار الصرف أو مزاد العملة ولا غيرها من السياسات، وهي ستراتيجية يبدو أن إدارة البنك الجديدة اتخذتها لأسباب، أولها كما تبرر، إن المحافظة على سعر صرف الدينار، يتم من خلال أحكام الرقابة أولا وذلك قبل البدء بأي حديث عن تبديل تعليمات مزاد العملة، حيث أشار إلى عدم وجود أي رقابة كفوءة في البنك المركزي!
إدارة البنك المركزي الجديدة؛ التي تأتي من خلفية (رقابية) متشددة، كان أول ظهور تلفازي لها، من على شاشة (رسمية)، وهو خطأ أظنها قامت بارتكابه، فهو يحوي إشارة خفية، بأن ثمة ميل لقناة السلطة الحاكمة، وهو أمر يتناقض مع مضمون (الاستقلالية) الذي لا بد أن يتحلى به المركزي. وكان الأجدر اختيار قناة حيادية.
ما عدا ذلك فان القيادة الجديدة لم تخبرنا بشيء عن مجمل السياسة النقدية، وكان الحديث، متركزا على أمر واحد وهو عبارة عن رسائل ملغزة فيها الكثير من الغمز، إلى السياسة القديمة وشخوصها ومؤيديها. ولغة التسقيط كانت واضحة، ووصلت إلى أقصى حدودها، بنفي وجود قاعدة بيانات بشأن مزاد العملة منذ 2003 والى الآن، وأي شيء آخر غير مزاد العملة، ما عدا رواتب الموظفين!
جلي أن السياسة الجديدة فيها الكثير من البوليسية، وتختلف عن السياسة المسالمة القديمة، والحديث كله دار حول مزاد العملة فقط، علماً أن سياسات البنك المركزي هي اشمل وأوسع من ذلك كثيراً.
اللغة التي استخدمت في الحوار، هادئة، لكنها فجرت أيضاً، خطاباً لم نعهده في لغة السياسة النقدية بتاتاً، مثل (معركة ننتصر فيها أو نرفع الراية البيضاء، سجن بعض الموظفين، بعضهم تخوفوا من الدخول للمزاد، بدأ صدام مباشر..).
بصراحة لسنا معنيين كثيراً، بالأمجاد الشخصية، مثل (الذهاب لصلاة الجماعة، أو الوقوف في طابور الصمون، أو مغادرة العراق من عدمها)، ولن نهتم كثيرا للايجابيات؛ التي نظن أنها من واجبات المسؤول، فالمحافظة على الدولار ومكافحة غسيل الأموال من مهام البنك المركزي وهي ليست (منة) ليمنّ بها علينا أحد، بل أننا نهتم أكثر بـالسلبيات، وتشخيصها، ومنعها من أن تتضخم.
واضح تماماً، من هذا الكلام أن (القيادة) النقدية الجديدة؛ على الأمد البعيد، يمكن أن تقوم بإجراءات أخرى بصدد تغيير سياستها النقدية، وهو ما سيتطلب منا الرقابة الدائمة والتحليل.
*) استاذ علم الإقتصاد في جامعة المستنصرية
عن جريدة المدى :العدد(2740) – الاحد 2013/03/03
http://almadapaper.net/ar/news/259746/القيادة-النقدية-الجديدة
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية